الجزيرة:
2024-07-05@23:35:29 GMT

لماذا لن يشجع الفلسطينيون مكابي حيفا؟

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

من التعقيدات التي خلّفها الاحتلال البريطاني هي موجات الهجرة إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية من مستعمرات بريطانية سابقة، والسؤال الذي عادة ما يُوجَّه للمهاجرين إلى المملكة المتحدة من الهنود والعرب والأفارقة هو: "لماذا أنتم هنا؟"، غالبا ما يُرد عليه بـ: "لأنكم كنتم هناك"، هكذا ببساطة.

ولأن المستعمِر والمستعمَر كليهما بشر، أو بمعنى أصح ليسوا "حيوانات بشرية" كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي (1)، بمعنى أنهم في نهاية اليوم كائنات تتفاعل فيما بينها؛ تتعاون تارة، وتتقاتل تارة أخرى، تتناظر مرة، وتتفق مرة، لذا، فكما أنها تستطيع أن يكره أحدها الآخر من باب الصراع لتحقيق القيم والمصالح التي يسعى لها كل طرف، فهي تستطيع كذلك أن تقع في الحب من باب المواءمة، بل وأن تتزوج.

نؤكد أن هذه المداخلة النظرية عن الانتماء المشترك الذي سيحدث بين طرف معتدٍ وطرف مُعتدى عليه، والحديث عن الكيفية التي سيتبلور بها وعي كليهما حتى يتمكنا من العيش معا، تنبع في الأساس من رغبة الفريقين في الإفلات من قبضة "الحيونة" -إن جاز التعبير- على السلوك البشري، وسيطرتها على إدراكه. بعبارة أخرى، حتى يحدث هذا فعلى البشر أن يقرروا أن يكونوا بشرا، أما مع "الحيوانات البشرية" التي تستخدم القنابل العنقودية تاركة وراءها ألغاما أرضية ستظل حتى بعد انتهاء الحرب (2)، أو تلك التي تقصف البراميل المتفجرة بالفسفور الأبيض لتزيد أجساد الأطفال اشتعالا، فهي تخضع لنظرية أخرى سنخوض فيها.

من آسيا إلى إنجلترا.. ومن غزة إلى إسرائيل كان غريبا ما حدث في مباراة سلتيك الأخيرة ضد أتلتيكو مدريد؛ إذ تزين ملعب الفريق الإسكتلندي بأعلام فلسطين. (الأناضول)

رجل باكستاني يصل إلى الأراضي الإنجليزية في الستينيات، يقابل سيدة كينية جميلة، ويتفقان على الزواج. ومثل أي مهاجر لا يريد أن يمر أطفاله بما مر به هو وزوجته من صعوبات، يقرر الأب أن الابن لا بد أن يتلقى تعليما جيدا في أفضل مدارس غلاسكو. بعد التخرج في الجامعة، ينخرط الولد في السياسة، يتدرج في المناصب، من مساعد برلماني إلى عضو في البرلمان الإسكتلندي، ومن وزير إلى رئيس وزراء إسكتلندا.

في 2019، بعد أن أصبح حمزة يوسف رئيسا لوزراء إسكتلندا (3)، يقابل نادية النقلة. نادية، بدورها، هي بنت ماجد النقلة، وهو رجل فلسطيني مهاجر وقع في حب ممرضة إنجليزية رقيقة اسمها إليزابيث. ثم في أكتوبر/تشرين الأول 2023، يسافر الفلسطيني والد زوجة رئيس وزراء إسكتلندا وقرينته إلى قطاع غزة لزيارة قريبه المريض، ليصبحا لاحقا جزءا من صفقة لدخول المساعدات إلى القطاع مقابل خروج الأجانب منه (4).

إذا تأملنا هذه القصة فربما نفهم ما حدث في مباراة سلتيك الأخيرة ضد أتلتيكو مدريد؛ إذ تزين ملعب الفريق الإسكتلندي بأعلام فلسطين، فما الذي دفع ممرضة إسكتلندية أن تتزوج من مهاجر فلسطيني لينتهي بها الأمر في غزة وهي محاصرة؟ ولماذا تدثر ملعب في "بريطانيا العظمى" بأعلام بلد عربي لم يذهبوا إليه قط؟

إجابة هذا السؤال تقع في تاريخ بريطانيا ذاته، فالمملكة المتحدة لم تكن دوما متحدة (5)، وإسكتلندا، التي تُعَدُّ حاليا أحد أربعة بلدان تُشكِّل معا هذه المملكة، كان لديها تاريخ طويل من الحروب مع إنجلترا، امتدّ من أوائل القرن الرابع عشر حتى نهاية السادس عشر، حتى إن جماهير سلتيك أظهرت أنها ما زالت تتذكر هذا كله بعد نعيها للملكة إليزابيث، عن طريق الهتاف في المدرجات بأغانٍ مُهينة استهدفت العائلة المالكة.

مع ذلك، تمكنت إنجلترا وإسكتلندا وأيرلندا الشمالية وويلز من تكوين دولة اتحادية تحت نظام ملكي دستوري، خوَّلها إنشاء اقتصاد موحد وجيش مشترك، وصولا إلى الرياضة التي قررت فيها الدول الأربع أن تخوض الألعاب الأولمبية تحت اسم بريطانيا العظمى. فكيف حدث هذا؟

إجابة الأسئلة أعلام فلسطين مرفوعة داخل ملعب الفريق الإسكتلندي "سلتيك" في مباراته الأخيرة ضد أتلتيكو مدريد. (الأناضول)

الاندماج، يُعرّف الكيميائيون الاندماج بأنه العملية التي تندمج على إثرها نواتان ذريتان خفيفتان لتكوّنا نواة ذرية واحدة أثقل وزنا. أما اجتماعيا وسياسيا، فالاندماج هو حالة الاستقرار التي تصل إليها جماعات مختلفة إثنيا ودينيا تقبع في منطقة جغرافية واحدة بعد تطور وعيها الجمعي، الذي يصل بها إلى تكوين قناعة مفادها أن الدولة التي تعيش فيها تلك الجماعات هي كيان "فوق-هوياتي" بإمكانه أن يتولى مسؤولية حماية حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن قوميتهم وأعراقهم وأديانهم.

لقد اندمجت في الدولة البريطانية في نهاية الأمر شعوب مختلفة لديها أسباب عدة لمعاداة هذه الدولة، ونحن هنا لسنا بصدد إجراء عملية تجميل للاستعمار الإنجليزي الذي تبنى القوة والقسر لفرض ثقافته ولغته، وجنى من مستعمراته أضعاف ما جنى من ثورته الصناعية، ولكننا نريد أن نفهم السبب الذي جعل الاستعمار الاستيطاني الصهيوني يفشل في الوصول إلى النتيجة ذاتها مع الفلسطينيين بعد مرور ثمانين عاما على الاحتلال.

بمعنى آخر، لقد نجح العرب إلى حدٍّ ما في تجاوز جرائم الاستعمار الإنجليزي، والآن يشجع المصريون ليفربول في البريميرليغ، فهل سيستطيع الفلسطيني أن يشجع مكابي حيفا يوما ما؟ وهل سيتمكن مشجع كرة القدم الفلسطيني في المستقبل من أن يقفز ويرقص ويهتف ويشعل "الشماريخ" ليحفز فريقَ كرة قدم إسرائيليا؟ كما يفعل الجزائريون الآن مثلا مع مارسيليا رغم الاستعمار الفرنسي والعداء القديم الذي راح ضحيته مليون جزائري؟

"نعرف ونتظاهر بأننا لا نعرف" نحن أمام جماعة بشرية تمتلك هوية دينية تحللت إلى موروث ثقافي، ومكون هذه الهوية الرئيسي هو ببساطة إثنية تقوم بإبعاد الفلسطيني بالأخص، وغير اليهودي بالأعم. (رويترز)

ينبغي الإشارة أولا إلى واقع أن إسرائيل هي الدولة الدينية الوحيدة في العالم. بمعنى أنها الدولة الوحيدة التي لا تزال حتى هذه اللحظة تمنح بشرا في أي مكان على الأرض جوازات سفرها بسبب ديانتهم (6). المفارقة هنا أن اليهود المتدينين في إسرائيل هم أقلية، مقابل أكثرية يرون أن اليهودية بالنسبة إليهم أقرب إلى مسألة عِرق وثقافة أكثر مما هي دين يُعتنق وطقوس تُمارس (7). هذا التناقض الواضح داخل المجتمع الإسرائيلي المشحون بإرث الاضطهاد في أوروبا منذ عهد قريب يجعل كثيرين يرون أن إسرائيل دولة تتغذى على "كراهية الفلسطينيين"، لأنها إذا لم تكره إسرائيلُ الفلسطينيين فستكره نفسها.

كان ذلك واضحا قبل اندلاع "طوفان الأقصى"؛ إذ قام العلمانيون والمتدينون الصهاينة بدهس بعضهم بعضا في الشوارع بسبب محاولة الحكومة الحالية التي تحوي عددا من الوزراء المتطرفين لتقليص صلاحيات المحكمة العليا (8)، حدث هذا بعد خفوت القضية الفلسطينية عن الساحة السياسية الإسرائيلية واطمئنان إسرائيل للتطبيع مع جيرانها العرب. إذن نحن أمام جماعة بشرية تمتلك هوية دينية تحللت إلى موروث ثقافي، ومكون هذه الهوية الرئيسي هو ببساطة إثنية تقوم بإبعاد الفلسطيني بالأخص، وغير اليهودي بالأعم، وإقصائه عن تلك الجماعة، ليس فقط لأن الفلسطيني سيئ من وجهة نظرهم، ولكن لأن إسرائيل بحاجة دائما إلى عدو.

إسرائيل/غزة – الدليل الإرشادي للرجل الأبيض هناك مشاريع قوانين إسرائيلية يبدو أن الغرض منها ليس منع الفلسطينيين من تملك الأراضي أو حتى طردهم منها، ولكن الهدف دوما يكون قهر الفلسطيني وإذلاله. (الأناضول)

في الواقع، فإن إسرائيل لم تلتزم حتى بالنموذج الإنجليزي-الفرنسي في الاستعمار، فبينما قام أحفاد سايكس وبيكو بانتهاج سياسات عملت على إضعاف القدرة المادية لسكان المستعمرات وتقويض إرادتهم، قامت إسرائيل بسحق الوجود المادي للفلسطينيين في غزة تماما، وبينما قام الفرنسيون والإنجليز باستغلال سكان المستعمرات في العمل لديهم، لم ترغب إسرائيل حتى في فعل ذلك إلا بنسب وشروط، لذلك فنسبة البطالة في قطاع غزة تُعَدُّ من النسب الأعلى في العالم.

بمعنى آخر، قام الاستعمار الإمبريالي بتجريد المستعمَرين من حقوقهم بوصفهم جماعات، مع إعطائهم مساحة لاحقا بوصفهم أفرادا يتمتعون بالحد الأدنى من الحقوق المدنية والسياسية، التي مكّنتهم -ولو نسبيا- من إنتاج مشاعر انتماء للمستعمِر وخداع أنفسهم بكونهم جزءا من كيان ما ربما يكون أكثر تطورا منهم، وهكذا في حالة الهجرة إلى أوروبا، يقوم مواطن العالم الثالث بترجمة التهميش الذي يتعرض له إلى تأطير أو تبرير تحت إطار التباين الثقافي بين العالم الثالث "المتخلف" والعالم الغربي "المتحضر".

أما استعمار إسرائيل الاستيطاني فلم يستطع حتى أن يمنح هذه الرفاهية للفلسطينيين على المستوى الفردي، إذ إن هناك مشاريع قوانين إسرائيلية يبدو أن الغرض منها ليس منع الفلسطينيين من تملك الأراضي أو حتى طردهم منها، فكل هذا ضروري لأجل التعاونيات الزراعية اليهودية، ولكن الهدف دوما يكون قهر الفلسطيني وإذلاله كفرد كما يقول الفلسطينيون أنفسهم. ومثال ذلك هو القانون الذي يمكّن العربي من شراء بيت في القدس في حالة جلبه لموافقة عشرة يهود من جيرانه، فما هذا الإصرار العجيب على الازدراء؟ ومَن الذي سيفعل ذلك أصلا؟ (9)

أطفال يقتلون أطفالا.. فأين المشكلة؟

بالطبع قام كلٌّ من الاستعمار الإمبريالي والاستيطاني، على حدٍّ سواء، بقتل السكان الأصليين واستهداف حياة المدنيين، ولكن حتى حينما فعل الإنجليز والفرنسيون ذلك، فإنهم لم يستهدفوا الأطفال -على الأرجح- كما فعلت إسرائيل. وحتى في سربرنيتشا، عندما قام الصرب بإبادة 6 آلاف طفل من البوسنة، فعلوا ذلك خلال حرب دامت ثلاث سنوات.

وكما أن التاريخ يعج بتصريحات خرقاء من مسؤولين كبار، لكن من الصعب أن نجد تصريحا كالذي أدلت به عضوة في الكنيست الإسرائيلي، تُدعى ميراف بن آري، عندما قالت منذ أسابيع إن أطفال غزة هم الذين جلبوا هذا إلى أنفسهم، مشيرة إلى قتل آلاف الأطفال منذ بدء العدوان على القطاع، لدرجة أن منظمات المجتمع المدني في غزة باتت تواجه صعوبة في عد الجثث (10).

My former boss MK @AidaTuma said in Knesset that no child, neither Jew nor Palestinian, is guilty and that no child should be a victim of this blood cycle.
MK Merav Ben-Ari, a member of Lapid’a party, responded: “The children in Gaza brought it upon themselves.“ pic.twitter.com/xIp3GgdbEB

— Nimrod Flaschenberg (@Nimrod_Flash) October 16, 2023

ربما تكون خطيئة الغرب الكبرى هي إنجابه لإسرائيل ثم دأبه على معاملة الصهاينة كأطفال لا يكبرون أبدا، فكانت المأساة أن الإسرائيليين يؤمنون في هذه اللحظة بعدم إمكانية محاسبتهم أبدا، لدرجة الجهر رسميا بتصريحات تقول إنهم يمكنهم إيذاء أطفال الآخرين دون الشعور بالذنب.

الشعب الإسرائيلي يُمنطِق قتل الأطفال الآن لأنه يؤمن في قرارة نفسه أنه طفل الغرب المشاكس، وإذا قام بإيذاء أطفال فلسطين، فالكبار لا يمكنهم التدخل بين الصغار إذا تشاجروا. حتى هؤلاء الرضع هم ليسوا رضعا في حقيقة الأمر، هم فقط إرهابيون لم يكبروا بعد، وفي حالة عدم ذبحهم، فمن المؤكد أن أجسادهم ستنمو، وعندها سيتحولون إلى "نازيين"، أو ما هو أسوأ.

ولأن الأمم لديها ذاكرة مثل الإنسان، فلن يتمكن الفلسطيني (الإنسان/الأمة) أبدا من نسيان ما فعلته إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولن يقدر في المستقبل على إنتاج أنماط ساهية تُمكِّنه من تناسي جرائم إسرائيل، بعدما ألقت الأخيرة كل العقد النفسية البشرية على غزة بطريقة عجيبة في شهر واحد. لذلك، فالفلسطيني الذي أظهرت الكاميرات عشقه لكرة القدم خلال كأس العالم الأخيرة لن ينجح في تشجيع مكابي حيفا. أولا لأن النادي الإسرائيلي سيظل نادي درجة ثانية مقارنة بنظرائه في أوروبا، وثانيا لأن من المحتمل جدا بعد ما أنجزته المقاومة أن يعود الفلسطينيون يوما ما إلى حيفا فور زوال إسرائيل، ليكون لهم فريق لكرة القدم يشجعونه بحماس.

———————————————————-

المصادر

وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن حصارا كاملا على غزة: لا كهرباء، لا غذاء، لا وقود تعريف القنبلة العنقودية السيرة الشخصية لحمزة يوسف رئيس وزراء إسكتلندا  أحماء حمزة يوسف يعودون إلى إسكتلندا بعد الهروب من غزة تاريخ إسكتلندا  لماذا أصبحت إسرائيل ملاذا آمنا للمليارديرات الروس؟ تقسيمة المجتمع الإسرائيلي الدينية إيهود أولمرت: إسرائيل تتجه نحو حرب أهلية تجاوز عتبة: السلطات الإسرائيلية وجرائم الفصل العنصري والاضطهاد آخر حصيلة للقتلى في غزة.. الصحة الفلسطينية تجدد أرقامها

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة التی ت

إقرأ أيضاً:

لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟

قالت صحيفة لوموند إن الإهانات والاعتداءات المنتظمة على المسلمين كثرت في السويد خلال السنوات الأخيرة، مدعومة بلغة عامة تجرّد الإنسان من إنسانيته في ظاهرة واسعة الانتشار، تتراوح بين الهجمات على المساجد، والإهانات الموجهة إلى النساء المحجبات، والتصريحات المعادية للإسلام في مكان العمل أو في الحي.

واستعرضت الصحيفة -في تقرير لمراسلتها الخاصة بسكوفدي آن فرانسواز هيفيرت- حادثة إلقاء جثة خنزير بري على مسجد سكوفدي الذي تم افتتاحه عام 2023، دون أن يشعر المعتدي أن كاميرات المراقبة التي نصبتها الجمعية الإسلامية البوسنية صوّرت الحادث.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هكذا وقف بايدن حجر عثرة أمام مكافحة المجاعة في غزةlist 2 of 2مشكلة خطيرة في التسلسل القيادي.. فورين بوليسي: من المسؤول عن الجيش الإسرائيلي؟end of list

ويقول ميرزا بابوفيتش (66 عاما) وهو موظف في الجمعية، "للأسف نحن معتادون على هذا النوع من الأمور"، مشيرا إلى رسم علامات معادية للإسلام أمام غرفة الصلاة القديمة، وإلقاء بقايا خنزير في موقع البناء، وتحطيم نوافذ إحدى الحاويات.

أكبر تهديد للسويد

وفي هذه المرة -كما تقول المراسلة- قرر الإمام سماجو ساحات عدم نشر القضية رغم تقدمه بشكوى "حتى لا تتم الدعاية لصاحبها ولا تقدم أفكارا للآخرين ولا تزيد من قلق اتباعه"، لكن الصحافة المحلية روّجت للموضوع الذي "حدث قبل أيام قليلة من حملة الانتخابات الأوروبية" التي رافقها عنف في الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين، كما يقول الإمام.

وكان زعيم اليمين المتطرف جيمي أكيسون قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أنه يريد تدمير المساجد، وحظر تشييد مساجد جديدة، ووضع الطوائف الإسلامية تحت المراقبة، كما دعا ساعده الأيمن ريتشارد جومشوف إلى حظر جميع رموز الإسلام في الأماكن العامة، مشبها إياها بـ"الصليب المعقوف".

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، يواصل مسؤولو الحزب المتطرف المشارك في الائتلاف الحكومي اليميني إدانة ما يصفونها بـ"أسلمة السويد"، زاعمين أن "السويديين على وشك أن يصبحوا أقلية في بلدهم"، في متابعة لمقولة جيمي أكيسون إن المسلمين يشكلون "أكبر تهديد للسويد".

غير أن مجموعات أخرى أصبحت الآن تستخدم هذا الخطاب قبيل الانتخابات الأوروبية، إذ قدرت زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي إيبا بوش، وهي الشخصية الثانية في الحكومة، أن السويد لديها "مشكلة كبيرة مع صعود الإسلام"، زاعمة أن المسلمين على استعداد "لرجم النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب ورمي الشواذ جنسيا من ناطحات السحاب".

دولة مختلفة تماما

هذه التعليقات صدمت الموظف في مصنع فولفو مسعود بابيتش (47 عاما) -حسب المراسلة- وهو غاضب من تصوير المسلمين باستمرار على أنهم "مجرمون أو إرهابيون" محتملون، مؤكدا أن ابنتيه توقفتا عن نشر صورهما على شبكات التواصل خلال المشاركة في أنشطة المسجد، خشية السخرية منهما في المدرسة أو التمييز ضدهما عند البحث عن عمل.

ويؤكد سماجو ساحات الذي فرّ من سراييفو أثناء الحرب عام 1995، أنه لم يعد يعرف السويد "إنها دولة مختلفة تماما"، ويتهم هذا الإمام -الذي يعمل في مستشفى سكوفد- الزعماء السياسيين "بإضفاء الشرعية على الإهانات والترهيب الذي يتعرض له المسلمون".

وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن مجلس منع الجريمة -كما تقول المراسلة- تم تقديم 234 شكوى بسبب أعمال معادية للإسلام عام 2022، لكن هذه الأرقام لا تعني الكثير، حسب المحللة ليزا والين، لأن قليلا من الناس يجرؤون على تقديم شكوى، مشيرة إلى أن وصول 160 ألف طالب لجوء معظمهم من الشرق الأوسط كان "النقطة التي أفاضت الكأس".

ويؤكد الخبير في الإسلام سيمون سورجينفري أن "الخطاب السياسي تغير في وقت قصير"، وأوضح أن النقاش حول الإسلام "ينوب عن نقاش أوسع حول مشاكل الهجرة والاندماج في السويد اليوم"، أما الإسلاموفوبيا فهي موضع تساؤل بالنسبة له، لأنها تقدم "كمفهوم ابتكره الإسلاميون لإسكات انتقاد الإسلام".

وعند استجواب رئيس الوزراء أولف كريسترسون في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 من قبل حوالي 15 منظمة إسلامية في غوتنبرغ، أكد أنه "يشعر بقلق عميق من شعور المسلمين بالتهديد في السويد"، في وقت يتحدث فيه المسلمون عن خطاب يجردهم من إنسانيتهم.

مقالات مشابهة

  • خطة نتنياهو بإبعاد السلطة وحماس عن حكم غزة سيناريو يرفضه الفلسطينيون.. فيديو
  • الفلسطينيون ينتفضون في مظاهرات ضد سرقة الاحتلال للأراضي وتحويلها لمستوطنات.. فيديو
  • الجامعة العربية تتخذ جملة من القرارات ضد إسرائيل وتستنكر عرقلة بريطانيا للعدالة
  • هنية يشيد بجهود الشعب الأردني لنصرة الشعب الفلسطيني
  • السفير الفلسطيني يفضح جرائم إسرائيل مع الاسري ويصفها بـ "الشاذة"
  • لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟
  • توقف حركة القطارات من حيفا إلى نهاريا شمال إسرائيل بسبب الوضع الأمني
  • تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟
  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟
  • منظمة التحرير: الفلسطينيون في "الجليل والمثلث والنقب" يواجهون آليات قمع غير مسبوقة