نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمحرر الشؤون الدبلوماسية، باتريك وينتور، قال فيه إن الدبلوماسيين الغربيين يأملون أن تقوم السلطة الفلسطينية التي كانت مهملة في السابق لملء الفراغ السياسي  لكنهم يعرفون أن أداة الإنقاذ التي اختاروها لا تحظى بشعبية، وتعتبر فاسدة، وفي حاجة ماسة إلى جيل جديد من القادة.

كما أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض وضع الغرب للسلطة الفلسطينية في قلب حكم ما بعد الصراع في غزة، مما أثار الذعر في إدارة بايدن.



والواقع أن الاحتلال معادي للسلطة الفلسطينية إلى حد أنها منعت وزير خارجية السلطة الفلسطينية من السفر هذا الشهر إلى البحرين للتحدث أمام مؤتمر حضره زعماء أمريكيون وعرب حول خططها لمرحلة ما بعد الحرب.

وقالت السلطة الفلسطينية إنها مستعدة للعب دور في غزة. ولكن فقط إذا كان ذلك جزءا من خطة سلام واضحة وشاملة مع الاحتلال تشمل أيضا الضفة الغربية. لكن كثيرين يشككون في قدرتها على القيام بذلك.

وقال ناصر القدوة، ابن شقيقة ياسر عرفات المرشح لزعامة السلطة الفلسطينية في المستقبل: "أعتقد أن السلطة الحالية، بشكلها الحالي والرجال الذين يقودونها، غير قادرة حتى على أن تطأ أقدامها قطاع غزة، ناهيك عن التعامل مع المهام الكبرى المطلوبة في هذا الوقت".

وينصح مراقبون آخرون، مثل المفاوض الإسرائيلي السابق دانييل ليفي، السلطة الفلسطينية بعدم دخول غزة إذا ظل الأمن حكرا على الاحتلال الإسرائيلي، كما يصر نتنياهو. وقال: "لا أعتقد أنه سيكون من الحكمة لأي حركة فلسطينية أن تقول: سنفعل ذلك تحت إشراف إسرائيل الأمني".

وتعني هذه العقبات أن صناع السياسة الغربيين يواجهون تحديا كبيرا في تحويل السلطة الفلسطينية إلى هيئة مقبولة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك لرئيس وزراء الاحتلال الذي أمضى 15 عاما في الحد من نفوذها.

وفي الوقت الحاضر، يتحدث بعض الدبلوماسيين، مثل مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بريت ماكغيرك، عن سلطة فلسطينية يتم إصلاحها أو تنشيطها لإدارة غزة والضفة الغربية.

وقال جوزيب بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الجهة الوحيدة التي يمكنها السيطرة على غزة هي السلطة الفلسطينية.

وبشكل أكثر غموضا، يتحدث البعض عن الحاجة إلى دعم "الفلسطينيين المحبين للسلام"، وهي العبارة التي استخدمها مؤخرا وزير الخارجية البريطاني السابق جيمس كليفرلي.

وهذا يعني ضمنا إخراج حماس من غزة، بما في ذلك منع أنصارها من الترشح في أي انتخابات مستقبلية.

ومع ذلك، يقول وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن حماس هي فكرة، ويقول إنها رسخت نفسها بعمق في غزة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006.

والحقيقة هي أنه لا أحد يعرف المزاج السياسي الذي سينشأ من غزة في نهاية الصراع، لكن إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، والعديد من القادة العرب يشعرون أنه من الافتراض المتفائل تماما الاعتقاد بأن "الفلسطينيين المحبين للسلام" سيخرجون من تحت أنقاض غزة.

ولتقييم ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة في غزة، وقابلة للإصلاح، لا بد من تقديم بعض التوضيحات لوضعها الحالي الصعب.

وهذا بدوره يجب أن يبدأ بالاعتراف بأن أولئك الذين يدعون إلى "تنشيط" السلطة الفلسطينية هم على وجه التحديد نفس الجهات الفاعلة التي قاومت مثل هذه الخطوات لسنوات عديدة.

هناك أسباب عديدة لضعف السلطة الفلسطينية.. فالفساد مستشرٍ على نطاق واسع. لكنها أيضا مصابة بالشلل المالي بسبب امتناع المانحين بقيادة الولايات المتحدة عن دفع المستحقات.


وفي عام 2013، شكلت المنح الخارجية التي بلغت حوالي 1.4 مليار دولار ثلث إجمالي نفقات السلطة. وبحلول عام 2022، انخفض هذا المبلغ إلى أقل من 350 مليون دولار  أو أقل بقليل من 3% من إجمالي إنفاق السلطة الفلسطينية، وفقا لتقرير صدر هذا العام عن مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط.

كما قرر الاحتلال في عام 2023 بحجب ضرائب الاستيراد الفلسطينية بقيمة 800 مليون دولار.

وحاول توني بلير، خلال السنوات الثماني التي قضاها كمبعوث خاص للجنة الرباعية التي تضم القوى الدولية الساعية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين اعتبارا من عام 2007، جاهدا بناء سلطة فلسطينية فاعلة، مبنية على اقتصاد متنام، وفشل إلى حد كبير في تحقيق الأهداف بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني.

كما أوقفت الولايات المتحدة، أي مدفوعات لها منذ عام 2017 احتجاجا على دفع مساعدات لعائلات الشهداء والسجناء الفلسطينيين.

لكن نقطة الضعف الأكبر التي تعاني منها السلطة الفلسطينية هي أنها اضطرت إلى العمل بناء على افتراض زائف.

عندما تم إنشاء السلطة الفلسطينية نفسها في عام 1994، روج لها القادة الفلسطينيون كهيئة انتقالية في عملية دبلوماسية بعد اتفاقيات أوسلو من شأنها أن تؤدي إلى إقامة الدولة. ومع ذلك، فإن انهيار أي دبلوماسية سلام تُذكر وتضاؤل احتمال حل الدولتين أفقدت السلطة مبرر وجودها.

ومع توقف الدبلوماسية الثنائية منذ عام 2001 وفي خضم الانتفاضة الثانية التي قادتها الجماعات الفلسطينية المسلحة، ركزت السلطة الفلسطينية على طرق أخرى لإثبات أهميتها وإظهار أن استراتيجية اللاعنف يمكن أن تؤدي إلى نتائج.

وهكذا بدأ محمود عباس، خلفا لياسر عرفات، حملة للمطالبة بالاعتراف الكامل بدولة فلسطين في الأمم المتحدة. وقد حكمت عليها المعارضة الأمريكية بالفشل، ولم تترك لها إلا صفة مراقب في الأمم المتحدة.

وتمكنت من الحصول على عضوية اليونسكو، ولكن حتى المحاولة المتواضعة للانضمام إلى هيئة السياحة التابعة للأمم المتحدة تم التخلي عنها بسبب الضغوط الأمريكية.

كما فشلت في جعل المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقا في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في الضفة الغربية. حيث عارضت كل من بريطانيا والولايات المتحدة مثل هذا التحقيق وقالت إدارة ترامب: "الفلسطينيون غير مؤهلين كدولة ذات سيادة، وبالتالي ليسوا مؤهلين للحصول على العضوية كدولة، أو المشاركة كدولة، أو تفويض السلطة القضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وكان المسار القانوني اللاعنفي الآخر الذي اتبعته السلطة الفلسطينية هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وفي كانون الأول/ ديسمبر2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 87 صوتا مقابل 26 صوتا على طلب حكم استشاري بشأن وضع الاحتلال من المحكمة في لاهاي.

ولكن ما إن حضر محامو السلطة الفلسطينية إلى لاهاي حتى حضر محامو الحكومتين الأمريكية والبريطانية، قائلين مرة أخرى إن هذا هو الطريق القانوني غير المناسب الذي يمكن للفلسطينيين اتباعه. 

ومن المقرر أن تبدأ الإجراءات الشفهية في شهر شباط/ فبراير من العام المقبل، وتطلب الولايات المتحدة الآن من السلطة الفلسطينية الانسحاب إذا أرادت موافقة الاحتلال الإسرائيلي على السماح لها بالدخول إلى غزة.

ونتيجة لعدم تحقيق السلطة أي تقدم في هذه التحركات، انتهى الأمر بأن أصبح الفلسطينيون ينظرون إلى السلطة الفلسطينية على نحو متزايد باعتبارها مقاولا أمنيا للاحتلال، وباسم مكافحة الإرهاب غالبا ما فرضت عدالة تعسفية في الضفة الغربية.

وقدرت منظمة "محامون من أجل العدالة"، وهي مجموعة توثق مثل هذه الحالات المتعلقة بالعدالة التعسفية، أنه في عام 2022 وحده، اعتقلت السلطة الفلسطينية أكثر من 500 فلسطيني لارتكابهم أفعالا ضد الاحتلال.

وقالت السلطة الفلسطينية إن البديل هو اندلاع انتفاضة ثالثة وانهيار السلطة الفلسطينية.

وقد أثر كل هذا بشكل كبير على سمعة السلطة الفلسطينية. وتظهر استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أنه عملية "طوفان الأقصى"، اعتبر 80% من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية فاسدة، واعتبرها 62% عائقا وليست رصيدا. ولا تتمتع أي من مؤسساتها الرئيسية بشرعية شعبية.


ولم يؤد تزايد العنف في الضفة الغربية هذا العام إلا إلى إضعاف السلطة الفلسطينية بشكل أكبر، وهو ما يصب في مصلحة المسلحين في الضفة الغربية الذين يقدمون لشباب الضفة الغربية فرصة لمواجهة المستوطنين وقوات أمن الاحتلال الإسرائيلي.

شهدت الانتخابات الجامعية الأخيرة التي جرت في الجامعات الطلابية فوز كتلة الوفاء الإسلامية التابعة لحماس على حركة فتح في سلسلة من الانتخابات المتنازع عليها بشدة.

ومكمن القلق هنا هو أن الولايات المتحدة، في سعيها إلى جعل السلطة الفلسطينية مركزا للسياسة الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب في الضفة الغربية وقطاع غزة، ربما تراهن على الحصان الخاسر، وتقلل من قدرة حماس على الصمود في غزة.

من المؤكد أن عباس باعتباره بطل السياسة الفلسطينية الإصلاحية يبدو اقتراحا سخيفا. بايدن، الذي لم يكن هو نفسه شابا يافعا، خرج غير متأثر للغاية عندما ذهب لرؤية عباس في رام الله في عام 2022 وتعرض لبيان افتتاحي متجول مدته 25 دقيقة. عباس البالغ من العمر 88 عاما هو في عامه الثامن عشر من ولايته الرئاسية التي تمتد لأربع سنوات - ولم يتم إجراء أي انتخابات منذ تأجيل جولة عام 2010.

إن المناورات لخلافة عباس كانت جارية منذ سنوات، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الانقسام بين الفصائل.

حسين الشيخ، بصفته أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو المفضل لدى الولايات المتحدة لأنه يُنظر إليه على الأقل على أنه شخص عملي. وهو يتحدث العبرية بطلاقة، ويعرف كبار ضباط الجيش والسياسيين الإسرائيليين جيدا.

قد يكون مروان البرغوثي مرشحا أكثر قبولا، إلا أنه مسجون منذ عام 2002.. من المحتمل أنه كان سيهزم عباس في انتخابات رئيس السلطة الفلسطينية لعام 2021 الملغاة، ووفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، كان سيهزم أيضا زعيم حماس إسماعيل هنية بنسبة 60% مقابل 37%.

ومحمد دحلان، والذي يتمتع بميزة كونه ولد في مخيم للاجئين في غزة. ومع ذلك، ينظر إليه على أنه من صنع دولة الإمارات المطبعة مع الاحتلال.

ومن يتحدى سلطة عباس يدفع الثمن. تم عزل ناصر القدوة، من اللجنة المركزية لفتح في أيار/ مايو 2021 بعد أن قال إنه سيشكل قائمة مشتركة مع البرغوثي لتحدي عباس.

وعلى نحو مماثل، انتهت المحاولة الوحيدة التي نشأت داخليا لإصلاح السلطة الفلسطينية ــ التي انطلقت في عام 2010 وحملت عنوان "الطريق الأخير إلى الحرية" ــ بكارثة بالنسبة لرئيس الوزراء آنذاك سلام فياض. وانتهت محاولته للقضاء على الفساد بالقضاء عليه في عام 2013. وهو يعيش الآن في برينستون، نيو جيرسي.

وبوريل مقتنع بوجود بقايا لفتح في غزة يمكن البناء عليها. وقال: "هناك 60 ألف شخص في غزة يتلقون رواتب من السلطة الفلسطينية: 30 ألفا كانوا موظفين في السلطة الفلسطينية قبل سيطرة حماس، و30 ألفا آخرين من المتقاعدين".

إن الدبلوماسيين الغربيين في غزة ليسوا جاهلين تماما بشأن المسار الذي ينتظرهم، لكن المهمة قد تبدو أقل صعوبة لو لم يكتفوا بالمراقبة، أو ما هو أسوأ من ذلك، بالضمور البطيء للسلطة الفلسطينية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السلطة الفلسطينية الاحتلال بايدن عباس عباس السلطة الفلسطينية الاحتلال بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة فی الضفة الغربیة الفلسطینیة فی فی غزة فی عام

إقرأ أيضاً:

مساع إسرائيلية لحظر منظمة التحرير وفتح والسلطة بالقدس.. ما الجديد؟

القدس المحتلة- قدّم عضو الكنيست الإسرائيلي يتسحاق كروزر عن حزب "قوة يهودية" -الذي يتزعمه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير– يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مشروع قانون عرضه أمام رئيس الكنيست ونوابه، يقيّد ويحظر أنشطة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحركة "فتح" داخل حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها شرقي القدس.

اطلعت الجزيرة نت على نص القانون المُقدم، الذي نشر رسميا على موقع الكنيست الإسرائيلي عبر الإنترنت، وقال فيه كروزر إن الجانب الفلسطيني لم يلتزم بالقانون الصادر بعد اتفاق أوسلو عام 1994، والذي قصر عمليات السلطة الفلسطينية على أراضيها، ومنعَ النشاط ذا الطبيعة السياسية أو الحكومية داخل حدود دولة "إسرائيل"، كتشغيل مكتب تمثيلي أو عقد اجتماع سياسي.

وقال مشروع القانون الجديد إن السلطة الفلسطينية -على صعيد شرقي القدس- أنشأت وزارة لشؤون القدس، واعتقلت المتورطين ببيع الأراضي لليهود (من سكان القدس)، وأصدرت تصاريح بعض المعاملات العقارية، وشاركت في جهاز التعليم، ودفعت الرواتب لعائلات الأسرى من القدس.

بهدف تعزيز سيادة الاحتلال في ضواحي القدس، عضو الكنيست المتطرف إسحق كرويز يقدم مشروع قانون لتقييد نشاطات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة فتح في مدينة القدس وضواحيها بما يشمل البلدات والمخيمات.

مشروع القانون هذا، والذي لم يُصَادَق عليه بعد، يعطي صلاحيات لوزير الأمن القومي… pic.twitter.com/lMb3cUf4xY

— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) November 15, 2024

أحكام عالية بالسجن

ومنذ عام 1994، يحارب الاحتلال ويقيد هذه الأنشطة شرقي القدس تحديدا (الجزء المحتل بعد حرب 1967)، لكن الجديد في مشروع القانون هذا هو فرض عقوبة عالية بالسجن، ومنح بن غفير الصلاحيات كاملة لمعاقبة المخالفين، وفق تعبير القانون.

ويضيف كروزر أن "هناك حظرا صريحا في القانون السابق، لكن لا توجد عقوبة محددة، مما يجعله حبرا على ورق، لذلك أقترح فرض عقوبة سجن لمدة 5 سنوات إذ تم انتهاك الاتفاق وفتح وتشغيل المكاتب داخل دولة إسرائيل، وعقوبة السجن لمدة 10 سنوات لمن يستخدم التحريض أو العنف أو التهديد".

وتمثلت أبرز مظاهر محاربة الاحتلال أنشطة السلطة الفلسطينية شرقي القدس، خلال العقدين الماضيين، في إغلاق بيت الشرق في حي الشيخ جراح أغسطس/آب 2001، والذي تأسس عام 1983 وكان بمنزلة مقر غير رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، إذ أغلق بذريعة إدارته من قبل السلطة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أصدر الاحتلال قرارا بحظر أنشطة تلفزيون "فلسطين" في القدس لمدة 6 أشهر ظلت تجدد حتى اليوم، بدعوى إدارته من قبل السلطة الفلسطينية، كما أغلق مكتب التلفزيون في شرقي القدس، ولاحق العاملين فيه من خلال الاعتقال والاستدعاء للتحقيق.

وفي مايو/أيار 2023، صودق بالقراءة التمهيدية على قانون يقضي بمنع رفع العلم الفلسطيني بشكل جماعي في الأماكن العامة، بعد أن حُظر رفعه في المؤسسات التي تدعمها حكومة الاحتلال، ووصلت عقوبة رفعه إلى السجن لمدة عام، الأمر الذي يندرج تحت حظر أي مظهر من مظاهر السيادة الفلسطينية شرقي القدس المحتلة.

وعدا عن ذلك، في شرقي القدس أيضا، أغلق الاحتلال جمعيات ثقافية وتعليمية وصحية، وقمع احتفالات وطنية مثل إحياء ذكرى النكبة ويوم الأرض، واستهدف أعضاء المجلس التشريعي المقدسيين ووزير القدس الأسبق بالاعتقال والإبعاد النهائي بعد انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، واستهدف محافظ القدس الحالي عدنان غيث بالاعتقال والإبعاد والاستدعاء والحبس المنزلي.

الاحتلال يعرقل عمل محافظ القدس عدنان غيث منذ توليه منصبه عام 2018 (الجزيرة) ملاحقة المحافظ

وعن ملاحقة محافظ القدس، يقول المتحدث الرسمي باسم محافظة القدس معروف الرفاعي، للجزيرة نت، إن المحافظ عدنان غيث "مبعد عن مقر عمله في بلدة الرام شمالي القدس، ويعرقل الاحتلال أداء عمله منذ أن تسلم مهامه عام 2018، إذ طالته 5 قرارات عسكرية، آخرها الحبس المنزلي المتواصل منذ عامين في بيته بسلوان".

وأضاف الرفاعي أن أمين سر حركة فتح في القدس، شادي مطور، مبعد منذ 5 سنوات عن الضفة الغربية، وممنوع من السفر، وقُطع عن بعض أفراد عائلته حق الإقامة في القدس والاستفادة مما يعرف بالتأمين الوطني.

ويرى معروف أن مشروع القانون الأخير يأتي في ظل انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة ولبنان، "حيث يسابق الاحتلال الزمن من أجل فرض مزيد من سيطرته على القدس، داخل جدار الفصل العنصري وخارجه، وتغيير الوضع القانوني فيها، واعتبارها بشطريها عاصمة له".

وأضاف قائلا: "حكومة نتنياهو أطلقت رصاصة الرحمة على ما يُعرف بحل الدولتين، هناك اعترافات من المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأن القدس الشرقية مدينة محتلة، كما أن اتفاقية جنيف الرابعة تمنع تغيير الوضع القائم في القدس، لكن إسرائيل لا تعبأ بكل ذلك".

الأكثر تضررا

ويعتبر قطاع التعليم شرقي القدس أبرز القطاعات تضررا من قانون حظر وتقييد أنشطة السلطة الفلسطينية إذا تم تمريره في الكنيست، فلقد أغلق الاحتلال في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 مقر مديرية التربية والتعليم الفلسطينية في القدس.

ويقول رئيس مجلس إدارة مؤسسة "فيصل الحسيني" عبد القادر الحسيني، للجزيرة نت، إن الاحتلال شن هجمة منظمة على المنهاج الفلسطيني في القدس، وحاول بشكل مستمر السيطرة على توزيع الكتب وضمان التزام المدارس الفلسطينية في القدس بالنسخ المحرّفة (من قبل الاحتلال) التي يعبث بمضمونها بما يتسق مع روايته.

ويضيف الحسيني أن "القوانين تُقَر لتسهيل حياة الناس، وعندما يحدث العكس تفقد أهميتها، تسيطر إسرائيل مباشرة على مدارس ينخرط بها نصف الطلبة المقدسيين، بينما ينخرط النصف الآخر في مدارس تعمل تحت المظلة الفلسطينية، وبعضها تتبع لمؤسسات خيرية أو دينية، وعليه، سيكون من العبث محاولة إغلاق بعضها بقرارات تعسفية تخلق مشكلة أكبر من تلك التي تدعي أنها تسعى للقضاء عليها".

ومنذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، حين تولت مقاليد السلطة الحكومة الإسرائيلية الحالية -التي تعتبر من أكثر الحكومات تطرفا منذ قيام دولة الاحتلال- سنت عدة قوانين ضد الفلسطينيين والمقدسيين تحديدا، أبرزها حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الداخل المحتل والقدس.

كذلك تمت المصادقة على مشروع قانون لترحيل عائلات منفذي عمليات المقاومة في الداخل والقدس إلى قطاع غزة أو أماكن أخرى (لمدة 10 إلى 20 عاما للمقدسيين)، بالإضافة إلى الرقابة المشددة على المناهج التي تدرّس في مدارس القدس، والتمويل المشروط للأخيرة، وفرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس التي تتبع بلدية الاحتلال في المدينة.

مقالات مشابهة

  • مساع إسرائيلية لحظر منظمة التحرير وفتح والسلطة بالقدس.. ما الجديد؟
  • نيويورك تايمز : إسرائيل تنقل تكتيكات غزة الى الضفة الغربية
  • نيويورك تايمز: الاحتلال ينقل تكتيكات غزة إلى الضفة الغربية
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • "شؤون الأسرى الفلسطينية": الاحتلال اعتقل 12 مواطنا بالضفة الغربية بينهم أسرى سابقون
  • رئيس نيكاراغوا أورتيجا وزوجته يتوليان السلطة المطلقة بعد إقرار تعديلات دستورية
  • أوهام التيار القومي حول معجزة ترامب في العراق
  • السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتشجيع المستوطنين على الإرهاب
  • السلطة الفلسطينية: قرار كاتس يشجع المستوطنين على ارتكاب الجرائم
  • الغارديان: مذكرة اعتقال نتنياهو عار لن يتخلص منه وزلزال لحلفائه في الغرب