المناضلة الفلسطينية د.مريم أبو دقة: إسرائيل بورة الإرهاب بالعالم.. والهدنة انتصار للمقاومة
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
أبو دقة: فوجئت بحملة شرسة ضدي منذ وصولي فرنسا وشعرت كأني بالأراضي المحتلة
تعرضت للضرب والإهانة.. والسجن في فرنسا أسوأ من سجون الاحتلال
شعرت بالقهر لقيام الحرب أثناء تواجدي بفرنسا.. واستشهد 65 من عائلتي
حركة المقاومة أعادت طرح القضية الفلسطينية عالميًا من جديد
شكرًا غزة كشفتي كل الرؤوس
أشكر الدور والجهود المصرية لدعم الحق الفلسطيني.
. وأدعو الدول العربية لوحدة الصف
نحن نُقاتل بالنيابة عن الأمة العربية ونريد الدعم
الهدنة انتصار للمقاومة الفلسطينية وأتوقع إنها نهاية الحرب
مناضلة وفدائية، وهبت حياتها منذ طفولتها للدفاع عن حرية شعبها وتحرير أرضها من محتل غاصب، كانت أول امرأة فلسطينية يطاردها الاحتلال الإسرائيلي ويلقي بها خلف قضبانه وعمرها 15 عامًا.
المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة، صاحبة الـ 71 عامًا، ولدت عام 1952 في بلدة عبسان الكبيرة، واعتقلها الاحتلال الإسرائيلي للمرة الأولى عام 1967 لمدة 7 أيام، وحصلت على درجاتها العلمية حتى حازت على الدكتوراة في الفلسفة والعلوم الاجتماعية من بلغاريا.
صاحبة تاريخ طويل من النضال والكفاح من أجل تحرير فلسطين، سطرت خلاله بطولات لن ينساها شعبها والأمة العربية بأكملها، حتى وصلت الآن إلى مصر بعد رحلة عذاب بدأتها إلى فرنسا نهاية شهر سبتمبر الماضي للتحدث عن حق الشعب الفلسطيني في الحرية والبقاء.
وأجرت "الوفد" حوارًا صحفيًا مع المناضلة الفلسطينية الدكتورة مريم أبو دقة، بعد ترحيلها إلى مصر لتطمئن بها وتحتمي بأرضها وشعبها وقيادتها السياسية، كشفت فيه كواليس رحلتها إلى فرنسا والمعاناة والاضطهاد الذي تعرضت له، وأيضًا أخر مستجدات الحرب في غزة.
وإليكم نص الحوار:-
المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة خلال حوارها مع صحفية الوفد فاطمة عيد حدثينا عن رحلتك من غزة إلى فرنسا، وما سبب الزيارة؟بالبداية أُحي أهلنا في الأراضي المُحتلة غزة والضفة الغربية والقدس، الرحمة لكل شهدائنا، والشفاء لجرحانا، والحرية لأسرانا.
أما عن سفري لفرنسا، استقبلت دعوة من قوى فرنسية مؤيدة للشعب الفلسطيني ومنهم يهود ضد الصهيونية وهذه كانت أول مرة أسافر لفرنسا، وكنت بحاجة لنشر قضية شعبي وكيف يعيش تحت الاحتلال على مدار 75 عامًا من القتل والدمار والاحتلال، فالعالم يرى وعامل حاله أعمى ويسمع وعامل حاله أطرش، نحن ملينا من الاستنكار دون أي فعل.
وللأسف إسرائيل عايشة خارج القانون ومحمية من قِبل دول الشر والعدوان وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
حصلت على "الفيزا" بشكل طبيعي وسافرت وأنا سعيدة لأني سأتحدث عن شعبي من خلال 18 محاضرة، ودخلت فرنسا بشكل طبيعي وقانوني ولكن فوجئت بحملة شرسة ضدي منذ بداية الوصول.
ألقيت أول محاضرة وكانت ممتازة ورائعة تحدثت فيها عن التاريخ والحاضر وموقف الثورة وحقها في النضال من أجل الحرية والاستقلال، وهذا الحديث لم يعجب حكومة طالما ادعت الديمقراطية.
وعند المحاضرة الثانية تم منعي من الذهاب لها ولكن وضعنا خطة لإقامة المحاضرة ونجحت بشكل رائع وشهدت إقبال ضخم من الشباب، وتوجهت بعد ذلك لجامعة ليون وأيضًا قابلنا عراقيل لمنع إقامة المحاضرات، ثم سافرت إلى مارسيليا وكانت الشرطة الفرنسية تراقبني، وقتها شعرت إني في الأراضي المحتلة ولستُ في فرنسا، إذ تم إيقافي من قبل الشرطة في الطريق وسحبوا مني جواز السفر بناءً على قرار من وزير الداخلية الفرنسي وقاموا بتحديد إقامتي في فندق وتسجيل موعد خروجي ودخولي، لذا قمت بتوكيل محامي.
ما الحديث الذي دار بينك وبين الشرطة الفرنسية؟
الشرطة الفرنسية تعاملت معي إني إرهابية، فقلت لهم: أنتم إذا عندكم قطة بتنجرح بتعملوا عليها قصة وتحكوا عن حقوق الإنسان، ولكن عندنا شعب كامل يُباد، فهل ممنوع أحكي وأقول آه؟، دولة كبيرة عظيمة مثل فرنسا خايفة مني وتعتبرني إرهابية.
وعللت الشرطة قائلة: لإنك قيادية بالجبهة الشعبية وهي محظورة، وكان جوابي: الجبهة جزء أصيل من منظمة التحرير الفلسطينية وهي ممثل شرعي للشعب الفلسطيني وأنتم معترفين بها، ونحن لنا سفارة هنا، فإذا شايفين غير ذلك الغوا السفارة واعلنوا عدم اعترافكم بنا وصرحوا عن ما بداخلكم، أخر استعمار استيطاني فاشي هو الاحتلال الصهيوني ومن العار أن تأيدوه، نحن ليس لنا مشكلة مع أحد ولكن مشكلتنا مع الاحتلال، والحرية والاستقلال حقنا الطبيعي الذي كفلته لنا الشرعية الدولية.
وقولت أيضًا للشرطة الفرنسية: والله لو بلدي غير محتلة يمكن كنت أصبحت فنانة ولكن الله غالب، ولو فرنسا محتلة كنت أنا وشعبي بنساندكم وبناضل لتحرير فرنسا نحن شعب حر، ولا يوجد شعب حر بالدنيا طالما هناك أرض مستعمرة ونحن بلدنا محتلة.
المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة خلال حوارها مع صحفية الوفد فاطمة عيدوماذا بعد؟
كسبت القضية في الجولة الأولى وحصلت على جواز سفري ولكن شطبوا "الفيزا"، وهذا يمنع سفري لأي دولة أوروبية، وتوجهت إلى باريس وقمنا بالاستئناف على قرار وزير الداخلية وكانت المحاكمة مهزلة، إذ قاموا بأخذ صوري من على "الفيسبوك" للاستناد عليها في المحاكمة، بلد مثل فرنسا تُحاكم الناس على "الفيسبوك"؟!.
وأوضحت لهم إني قيادية للمرأة وسلّمتهم وثائق عن الجبهة ودورها وأيضًا وثائق من السفارة الفلسطينية هناك، وخلال ذلك كنت أمارس مهامي الطبيعية التي سافرت من أجلها طبقًا لتوجيهات المحامية.
وفي يوم 8 نوفمبر صدر قرار ترحيلي دون علمي، وكان من المفترض أن أسافر إلى القاهرة يوم 11 نوفمبر، وقتها كنت في محاضرة ضمن خطة سفري، وبعد الانتهاء منها وخروجي للعودة إلى الفندق فوجئت بهجوم الشرطة الفرنسية وكأنهم عصابة، وضربوني على رأسي وأخذوني على السجن، وكأن أسوأ من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
تركوني بدون ملابس رغم برودة الجو، وقضيت 4 أيام في 4 سجون مختلفة حتى لا يعرف أحد مكاني، وفي اليوم الرابع أخذوني مُكبلة للتوقيع على بعض الأوراق لترحيلي على طائرة عسكرية، وقتها أدركت أنهم بالتأكيد سيسلموني إلى إسرائيل، فأبلغتهم إني مصرية ومعي الجنسية وهذا لحسن حظي لأن أمي مصرية.
والحمدلله تم ترحيلي إلى مصر، التي شعرت بالاطمئنان والأمان فور وصولي لأرضها، فهنا أنا وسط أهلي.
ما ردك على تصنيف الاتحاد الأوروبي لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" إنها إرهابية؟
نحن مش إرهاب، الإرهاب هم المحتلين لأرضنا، نحن حركة تحرر وحقنا في القانون الدولي المقاتلة بكل الأشكال وعلى رأسها الكفاح المسلح وهذا معترف به دوليًا، هم يعتبرون كل مناضل فلسطيني إرهابي وهذا مقصود لأنهم من بنوا إسرائيل، وهي التي تُلبي طموحاتهم بمنع تطور مشروع النهضة العربي.
إسرائيل هي الجسم السرطاني الذي يشتت الوحدة العربية، وأكبر دولة إرهاب في العالم هي الكيان الصهيوني.
7 أكتوبر تاريخ لن ينساه الشعب الفلسطيني، كيف استقبلتي أخبار عملية "طوفان الأقصى" أثناء تواجدك بفرنسا، وماذا عن شعورك وقتها؟
صارت الحرب في غزة وأنا كنت متوترة لإني بدي أعرف أخبار أهلي واطمئن عليهم، في هذا الوقت شعرت بقهر شديد خاصة أن أول يوم بالحرب استشهد من عائلتي 30 فرد، والآن أصبحوا أكثر من 65 شهيد.
أول مرة في التاريخ المقاومة الفلسطينية تضرب في العمق الصهيوني، وهذه كانت ضربة قوية، الناس تسأل لماذا 7 أكتوبر ولكن لم يلتفتوا من 1948 حتى الآن ماذا فعلت إسرائيل، وهذا هو السبب وطبيعي أن تستمر المقاومة بأشكال مختلفة، فالعنف يولد عنف وفاشية الاحتلال وعنفه حولت كل الشعب الفلسطيني إلى مقاومة وبالتالي اللي صار طبيعي.
كل عام كان لنا معركة مع الاحتلال وكان دائمًا هو البادئ والقاتل وبالتالي ما حدث هو تراكمات وهذا المسار الطبيعي، تضحيات كبيرة وغالية ولكن ما في حرية بدون دماء، و إن شاء الله تكون هذه المعركة لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني والأمة العربية لتحرير أرضنا.
كنتي تتمني وجودك في غزة في هذا التوقيت؟
كل اللي قاهرني إني كنت بعيدة عن غزة، أنا ما بنام منذ العدوان وبحاسب حالي على الأكل والشرب، وأتذكر الأطفال كيف بيحكولي إنهم ما عندهم أكل وتعبانين ومتى ستكون الهدنة ومتى سيرحل الإسرائيليين، وأحاول بقدر المستطاع توصيل صوتهم.
هل ترين التحرك العسكري للمقاومة أفاد القضية الفلسطينية أم أضر بها؟ وهل كان التوقيت مناسب؟
المناضلة ليس لها وقت، والمقاومة كانت مستعدة للعمل الجماعي بين كل القوى المسلحة الفلسطينية، وهذا أعطاها قوة وبنية ممتازة، شعبنا موحد بالنضال ضد الاحتلال.
والتحرك العسكري للمقاومة في هذا التوقيت أعاد طرح القضية الفلسطينية من جديد وأعادها لمكانتها العالمية والعربية، شكرًا غزة كشفتي كل الرؤوس، والآن كل العالم معنا إلا القلة القليلة، وهذه بداية نهاية دول الاحتلال.
كيف ترين جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والمذابح التي يقومون بها يوميًا؟
الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي لم تحدث في التاريخ، فقد تفوقوا على النازية، عائلات بأكملها أُبيدت، 50% من بيوت غزة دُمرت ومن بينهم منزلي، والباقي أصبح غير صالح للسكن، قرابة الشهرين من الذبح والقتل والشطب، والعالم وفي المقدمة أمريكا يتصدرون العناوين برفض التهدئة.
الخبز مغمس بالدم، وتم قصف 250 مدرسة، ومخابز ومستشفيات وبيوت عبادة وتدمير البنية التحتية.
غزة هي حقل تجارب للاحتلال، فقد ارتفعت نسبة أمراض السرطان وغسيل الكلى، ولكن بالرغم من هذه الصورة فالطفل يقول: مش طالعين وهذه بلدنا وهؤلاء مجرمين، والمرأة تدفن كل أبنائها وتقول: فداء فلسطين، الحرية بدها دم ونحن شعب عظيم جبار.
عيشت كل ظروف الحروب السابقة ولكن هذه الحرب تختلف جذريًا عن كل المرات السابقة، ودائمًا الحاضنة الشعبية رغم الألم محتضنة المقاومة ولازم سيكون لنا الانتصار.
المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة خلال حوارها مع صحفية الوفد فاطمة عيدما تقيمك للاجتياح البري لقطاع غزة؟
إسرائيل كانت دائمًا تخاف من دخول غزة، ولكن هذه المرة احتمت بأمريكا، والهدف لم يكن غزة بل لأنها البوابة لاحتلال المنطقة العربية ومصر في المقدمة، المعركة استراتيجية خاصة بعد اكتشاف أفضل نوعية غاز وأكثرها كثافة في غزة، صارت المعركة شرسة لتأمين مصالح أمريكا وضرب خط الحرير الصيني.
ولكن لن تمر هذه المؤامرة، وما يجري الآن حرب شوارع ليست نظامية، ونحن أصحاب الأرض والمقاومة نجحت في تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر ضخمة والتفوق عليه، غزة ستكون مقبرة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ما تقيمك لردود فعل المجتمع الدولي تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة؟
العالم كله عايش في كذبة الدعاية الصهيونية التي أنشأتها بريطانيا وسلمتها لأمريكا، ولكن الآن الرواية انكشفت وتعرت أمام العالم حتى اليهود المعاديين هم أول الداعمين لحق الشعب الفلسطيني، وأصبح هناك الملايين داعمين، الأطباء يتطوعون لمساعدة الأطباء في غزة، وجيش المحاميين للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني، ونشاطات متنوعة لجمع تطوعات عينية، نحن بحاجة لجهد كبير لاسيما على المستوى الدبلوماسي، هناك دول قطعت علاقاتها مع إسرائيل وسحبت سفرائها، قضية فلسطين قضية كل الأحرار.
كيف ترين الدور والجهود المصرية لدعم القضية الفلسطينية والتصدي للتهجير القسري؟
أُحي مصر على القرار المهم الذي أصدرته بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن "ترانسفير" خط أحمر، وهذا لحماية الحق الفلسطيني وتأكيد أن أرض مصر لمصر، ونحن أحرار نأتي ونغادر بحريتنا.
وأشكر النشاطات الكبيرة للقوى الشعبية والمجتمعية لدعم الشعب الفلسطيني، والدور العظيم لمصر على معبر رفح والمحاولة لاستقبال الجرحى وإدخال المساعدات، ولكن مصر لحالها لا تستطيع، يجب أن تفكر المنطقة العربية بأكملها في دعم الجهود المصرية والإمكانيات حتى نستطيع معًا، نحن نريد وحدة الحال العربي لان قُطر لحاله لا يقدر على فعل كل شيء.
نحن نُقاتل بالنيابة عن الأمة العربية، ونريد إسناد ومواقف في مجلس الأمن والجامعة العربية وجامعة الدول الإسلامية، يجب أن تعمل الأمة العربية لأن الخطر على المنطقة بأكملها.
ما تقيمك لقرار إعلان الهدنة الإنسانية بقطاع غزة؟ وماذا بعد التهدئة؟
الهدنة هي تحقيق لمطالب المقاومة بتبادل الأسرى وإدخال مساعدات حيوية للشعب الفلسطيني، وأيضًا حتى تتنفس المقاومة وتعيد ترتيب نفسها، وأنا تقديري أن هذه من الممكن أن تكون نهاية الحرب وإن شاء لله أكون صائبة، لأن إسرائيل كانت خجلانة من إيقاف الحرب من تلقاء نفسها فالشارع الإسرائيلي دموي بطبيعته، والهدنة هي حفظ لماء وجهها.
وما تفسيرك لتأجيل إسرائيل للهدنة حتى يوم الجمعة 24 نوفمبر؟
كان هناك اختلاف وتباينات في الرؤى ولكن المقاومة فرضت شروطها بالأخر وهذه بداية التنازلات لإسرائيل.
كيف ترين آداء وسائل الإعلام العربية والغربية في نقل الأحداث داخل غزة؟
هناك تنوع في نقل الأحداث والحقائق بالإعلام العربي، لذلك تستهدف إسرائيل الصحفيين فقد استشهد حوالي 65 صحفي حتى الآن.
أما الإعلام الغربي كله موجه لأن الصهاينة مسيطرين على الإعلام والاقتصاد بالدول الغربية.
المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة خلال حوارها مع صحفية الوفد فاطمة عيدفي الختام، تعرضتي للاعتقال في السجون الإسرائيلية منذ صغرك، حدثينا عن معاناتك خلف قضبان الاحتلال.
اعتقلت لأول مرة وعمري 15 عامًا، كانت الحياة داخل السجون مرارة وتعاسة وقهر وظلم، عانيت كل أشكال التعذيب من ضرب وحرق بالسجائر وغيرهم.
كانوا يعتقلون البنات والشباب، ونحن تجاوزنا الأمر وقلبنا السحر على الساحر، السجن ربانا وفتّح مداركنا على الظلم وكيف يمكن نقاوم هذا المحتل.
17 ألف امرأة فلسطينية دخلوا السجون واطلق سراحهن، ولدينا الآن حوالي 50 امرأة بالسجون، هن مناضلات فلسطينيات أيقونات للشعب الفلسطيني، المرأة كانت ومازالت وستبقى شريك في النضال والقرار من أجل الحرية والاستقلال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقة إسرائيل الهدنة الاحتلال الإسرائیلی القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی للشعب الفلسطینی الشرطة الفرنسیة فی غزة وأیض ا
إقرأ أيضاً:
«زيتون غزة».. هكذا تدمر إسرائيل الشجرة المباركة رمز الهوية الفلسطينية!
- قوات الاحتلال تُجرف الحقول وتُخرج معظم المعاصر من الخدمة.. وأحمد صبرة يروي مأساته
- واقعة رائف الأغا بخان يونس توثّق مخطط إبادة المزارع.. وخرائط جوجل تؤكد تحوّل الأشجار إلى رماد
- سعيد صيام: «تعرّضنا لخسائر كبيرة. أجبرونا على النزوح. تركنا كل شيء خلفنا، حتى أشجار الزيتون»
- محمد وافي: «واجهنا كارثة في موسم الحصاد» و«نسبة الإنتاج تتراجع إلى 15% من المعدل المعتاد بغزة»
- أم محمد عاشور: لا أعرف كيف سنتصرف. كنا نقطف الزيتون ونغني، والآن نأكل زيت السيرج
- رئيس مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني يشرح كيف أصبح الزيتون خيارًا استراتيجيًا في القطاع
- المدير الإقليمي لـ«الفاو»: تدمير 71.2% من الأشجار المثمرة، وخروج حوالي 1000 بئر من الخدمة
- تحذير دولي من تأثير الفسفور الأبيض ومواد سامة.. وتحليل: الأراضي قد لا تصلح للزراعة 20 عامًا
- اللواء المصري: استهداف البنية الزراعية ليس تصرفًا فرديًا
- عبد العاطي: خسائر القطاع 400 مليون دولار. ما يحدث جريمة حرب.. القنابل تفوق «هيروشيما»
طوال 18 شهرًا، لم يكتفِ جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان المستمر على قطاع غزة بسفك دماء أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل ومصاب، أو بتدمير المنشآت والبنية الحيوية لإجبار سكان القطاع على الهجرة القسرية، بل تجاوز ذلك إلى قتل أي أمل لهم في البقاء، من خلال استهداف الذاكرة الوطنية ومحاولة طمس رموز الهوية.
في قطاع غزة، أشجار الزيتون «المباركة» ليست مجرد موسم زراعي أو مصدر رزق، بل تجسيد لارتباط الفلسطيني بأرضه. ولأنها الشاهدة على الأجيال وعنوان للصمود، تعمدت قوات الاحتلال اقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي من بساتينها التاريخية العتيقة، في محاولة مستميتة لقطع الصلة بين الفلسطينيين وجذورهم، وإفراغ الأرض من معناها وروحها.
في هذا التحقيق لا نوثق، فقط، مأساة اقتصادية- زراعية، لكن نكشف المسكوت عنه في استراتيجية إسرائيل الممنهجة لاستهداف «الزيتون»، الذي كان يحمل بين جذوعه وأوراقه وثماره حكايات الوجع، مشاهد العدوان، زاويا القصف، والتراب المحروق. المتضررون من المأساة الذين تحدثوا لنا من شمال القطاع إلى جنوبه، لم يفقدوا الأشجار والمحاصيل، لكنهم يشعرون بفقدان امتدادهم في الأرض.
مأساة «صبرة»عائلة «صبرة» تمتلك مزرعة ومعصرة. يقف، أحمد صبرة، أمام المعصرة في شمال غزة. ينظر في الفراغ الذي خلفته الجرافات الإسرائيلية، فالمكان الذي كان يعج، سابقًا، بحركة العمال ورائحة الزيتون الطازج أصبح خاليًا. مجرد ساحة خراب. ورغم محاولات «صبرة» ابتلاع الصدمة، إلا أن ذكرى موسم الحصاد، حين كانت أشجار الزيتون تمده بالأمل والدخل، أصبحت تُقلّب عليه المواجع.
لم يتبقَّ من مزرعة عائلة «صبرة» سوى بقايا تربة محروقة، تعكس ملامح الجرح العميق الذي خلفته قوات الاحتلال. «مدرعات الاحتلال دمَّرت معظم زيتون الشمال»، قالها صبرة لـ«الأسبوع» بصوت يملؤه الحزن، محاولًا استيعاب الواقع الجديد، وهو يدرك أن الرزق، الذي عززته العائلة على مدى أجيال، قد تحول خلال العدوان إلى أثر بعد عين.
الصور الخاصة بمزرعة «صبرة» شرق غزة (حصلنا عليها منه) توضح الموقف قبل العدوان الإسرائيلي وبعده، تكشف عن حجم الدمار الذي طالها. يقول صبرة: «كانت تمتد على مساحة عشرة آلاف متر مربع تم تجريفها بالكامل»، وأضاف: «كنا أكثر من 15 معصرة للزيتون في شمال غزة، جميعها توقفت عن العمل، وبعضها الآخر تعرض للتدمير بسبب الاحتلال».
https://cdn.knightlab.com/libs/juxtapose/latest/embed/index.html?uid=5bd72dfa-243e-11f0-bb23-0936e1cb08fb
دهستها مجنزراتمزرعة عائلة «صبرة» ليست استثناء. تعرضت معظم مزارع الزيتون العريقة في قطاع غزة لإبادة واسعة النطاق، خلال العدوان الإسرائيلي دهستها مجنزرات الاحتلال، فيما أحرقت غاراته الجوية آلاف الأشجار. التجريف طال مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة، مما أدى إلى خسائر كبيرة للمزارعين الفلسطينيين، الذين يعتمدون على الزيتون كمصدر رزق رئيسي.
طال التجريف مزرعة «رائف الأغا»، الواقعة قرب الجامعة الإسلامية في منطقة خانيونس، وتحديدًا في شارع د.هاني الجبور. قال الأغا لـ«الأسبوع»: «اقتلع الجيش الإسرائيلي 200 شجرة زيتون من مزرعتنا، التي تمتد على مساحة 15 دونمًا (نحو 4 أفدنة). قوات الاحتلال واصلت التدمير خلال فترة نزوحنا. بيتٌ مملوك للعائلة كان في محيط المزرعة، يتكون من أربع غرف ومطبخ وحمام وعريشة.. .كلّه لم يعد موجودًا».
خلال إعداد التحقيق، راجعت «الأسبوع» خرائط جوجل للوقوف على التطورات التي لحقت بمزارع وأشجار الزيتون في غزة، ورصد مدى تأثير العدوان الإسرائيلي على الغطاء النباتي، الذي نتج عن عمليات التجريف المتعمد.فوجئنا بأن الخرائط العالمية لم يطرأ عليها «تحديث» لقطاع غزة لمدة عام، وأن آخر الصور التي كانت متاحة على مدار العام الماضي تعود إلى شهر نوفمبر 2023.
لكن قبل شهرين، حدّثت جوجل خرائط غزة بصور التقطت لعام 2024، فتبين اختفاء معظم المساحات الخضراء (أشجار، بساتين، وحدائق) التي كانت تنتشر قبل الحرب. قال المهندس سعيد صيام، من مدينة رفح جنوب القطاع: «تعرضنا لخسائر كبيرة. قوات الاحتلال أجبرت أهالي رفح على النزوح المتكرر. تركنا كل شيء، حتى أشجار الزيتون، وعندما عدنا كان موسم حصاد الزيتون قد انتهى منذ أكثر من شهرين».
أزمة «المعاصر»يوضح، سعيد صيام، حجم الكارثة: «تعرضت معظم أشجارنا للتدمير. ضاع جزء كبير من محصول الزيتون». حاول أهالي رفح استخراج الزيت مما تبقى. لجأوا إلى معصرة «وافي» بمدينة خانيونس، بعدما جازف صاحبها بفتحها. كان في القطاع حوالي 40 معصرة، موزعة على جميع المحافظات، بطاقة إنتاجية تصل إلى 150 طنًا في الساعة، بحسب التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة الفلسطينية (2024/2025).
أكدت تقارير الوزارة أن «التصعيد العسكري الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 وحتى، الآن، دمر معظم المعاصر، ولم يتبقَّ سوى أربع معاصر تعمل في المحافظة الوسطى، التي كانت تضم سابقًا 12 معصرة، بينما لا تزال معصرة واحدة فقط قيد التشغيل في محافظة غزة». محمد أمين وافي، صاحب معصرة زيتون في خانيونس، أطلعنا على معاناته جرَّاء الحرب الإسرائيلية الشرسة التي شهدها القطاع.
أوضح «وافي» أن معصرته تعرضت لإطلاق نار كثيف أثناء الاجتياح الإسرائيلي، مما أدى إلى تدمير المولد الكهربائي. ورغم الظروف الأمنية الخطيرة، قرر تشغيل المعصرة متحديًا الصعاب لتخفيف معاناة محافظات الجنوب وعصر ما تبقى من زيتونهم بعد انتهاء موسم الحصاد بحوالي ثلاثة أشهر. استخدم زيت دوار الشمس لتشغيل المولد في ظل انعدام الوقود والكهرباء، بحسب تأكيداته لـ«الأسبوع».
أشار «وافي» إلى أن «شهر أكتوبر من كل سنة هو موسم الحصاد، لكن للأسف كانت النتائج كارثية»، وأضاف: «تأثر محصول الزيتون بشكل كبير، حيث دُمر بعضه نتيجة آلة الحرب الإسرائيلية، بينما المناطق التي لم يصلها الاحتلال شهدت جفافًا»، وأشار إلى أن «نسبة الإنتاج تتراوح بين 10 و15% فقط من المعدل المعتاد في جنوب غزة».
الزيتون من المصادر الأساسية لدخل معظم المزارعين، ومن أهم المحاصيل الاستراتيجية في فلسطين عمومًا، لقدرته العالية على التخزين وإمكانية تحويله إلى مجموعة من المنتجات الصناعية القيمة، فضلاً عن تصدير الأنواع الفاخرة منه للأسواق العالمية. وفي قطاع غزة، بلغت المساحة المزروعة حوالي 50 ألف دونم (تعادل 12 ألف فدان)، كان بها نحو 2 مليون شجرة، تنتج 40 ألف طن زيتون سنويًا.
تكشف بيانات رسمية حصلت عليها «الأسبوع» من وزارة الزراعة الفلسطينية عن أن الاحتلال الإسرائيلي أثَّر بشكل كبير على زراعة الزيتون: تعرضت 75% من المساحة المزروعة للتدمير. تم تجريف أكثر من 40 ألف دونم (10 آلاف فدان)، وتبقى فقط 9، 500 دونم، بينما تم قلع حوالي مليون و620 ألف شجرة، مما قلَّص العدد إلى 380 ألف شجرة، تنتج 7، 500 طن زيتون، بحسب إحصاءات عام 2024.
تمثيل بياني يوضح العجز في إنتاج زيتون غزة خلال موسم عام 2024
حياة كاملةفي المقابل، انخفضت كمية زيت الزيتون المتاحة للاستهلاك في قطاع غزة، الذي كان ينتج حوالي ثلاثة آلاف طن سنويًا، مما أدى إلى عجز كبير في تلبية احتياجات المستهلكين. أشار تقرير رسمي لوزارة الزراعة إلى أن «استهلاك الفرد في غزة يبلغ 15 كجم سنويًا، أي 2 كجم مخلل و2.5 كجم زيت، رغم التحديات: شُح الوقود، ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص أكياس التعبئة، مما تسبب في تراجع حاد في المحصول».
تصف أم محمد عاشور (من أهالي شمال غزة) موسم حصاد الزيتون بأنه «كان مناسبة مهمة قبل العدوان الإسرائيلي. كنا نشعر بالبهجة وطاقة إيجابية، تجتمع العائلات للقطف والجمع والتخزين»، توضح أن «الزيتون جزءٌ أساسيٌّ من الحياة اليومية الفلسطينية. الزيتون الصُّري هو الأفضل في غزة»، ثم تستعيد ذكرياتها: «كنا ندق الزيتون ونخزنه ونستخرج منه الزيت. إسرائيل حرمتنا من موسم الزيتون بعدما جرّفت كل أشجار الزيتون».
ذكريات عائليةتوضح أم محمد عاشور لـ«الأسبوع» أن «سعر لتر زيت الزيتون حاليًا 120 شيكل إسرائيلي (1684 جنيهًا مصريًا)، وكيلو الزيتون 70 شيكل، بعد أن كان الرطل قبل الحرب يتراوح بين 20 و25 شيكلا». وتستكمل قائلة: «كنا نشتري تنكتين - عبوتين من الصفيح - للزيت حسب حجم كل عائلة في السنة، وكانت التنكة تكلفنا حوالي 400 شيكل».
وقالت: «عائلتي مكونة من 6 أفراد.تعيش معي ابنتي التي استُشهد زوجها، وأحفادي. بدأنا نستخدم زيت السيرج (زيت نباتى) لكن الأطفال يرفضونه، لأنه مختلف عن زيت الزيتون الذي اعتادوا عليه مع الزعتر والدقة والجبنة. الزيت جزءٌ من كل وجبة. شجرته تحمل ذكريات في كل بيت فلسطيني». وتابعت: «لا أعرف كيف سنتصرف. المتوفر، حاليًا، في الأسواق زيت طرود المساعدات. زيت غزة غالٍ، لأنه شحيح».
بالتزامن مع موسم الحصاد الأخير، وصفت وزارة الزراعة الفلسطينية شجرة الزيتون بأنها «قيمة وطنية وتاريخية، ومصدر للدخل، ومحصول استراتيجي»، محذرة من «تدميرها الممنهج»، لذا فالأضرار تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، كون أشجار الزيتون ترتبط بهوية الشعب الفلسطيني وتاريخه. المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين قال لـ«الأسبوع»: «شجرة الزيتون العريقة نموذجٌ يجسد صلابة وتمسك شعبنا بأرضه».
قال ياسين بأسى إن «إسرائيل تبيد الشجر والبشر والحجر»، مؤكدًا أن «الزيتون شجرة تضرب بجذورها في عمق التربة الفلسطينية، مقدسة في وجدان شعبنا، رمزٌ للسلام والانتماء والهوية». وأضاف أن «غصن الزيتون لم يعد مجرد شعار، بل جزءٌ أصيل من التراث الفلسطيني. وحين تدمره إسرائيل، فإنها تطمس هويتنا، وتسرق تراثنا. هم لا يريدون سلامًا، بل فرض الاستسلام».
مظاهر التدميرنبه رئيس لجنة طوارئ غزة بوزارة الزراعة، المهندس ياسر صالح العودات، إلى أن «إسرائيل تتعمد تدمير شجرة الزيتون لاعتبارات سياسية واجتماعية وثقافية». وكشف لـ«الأسبوع» عن مظاهر التدمير، قائلاً: «المزروعات التي كانت موجودة بمحافظات غزة، خاصة بساتين الحمضيات، العنب، الزيتون، الأفوكادو، الجوافة، ومزارع التين، تعرض معظمها للتدمير الكامل. الاستهداف طال المناطق الشمالية والشرقية للقطاع، بالإضافة إلى مدينة غزة».
وأوضح العودات أن «الجيش الإسرائيلي يتبنى سياسة تدمير الأشجار من خلال التجريف أو الحرق، مما ينعكس سلبًا على البنية التحتية الزراعية، بما في ذلك تجريف الأراضي وتدمير شبكات الري». ويطالب العودات المجتمع الدولي، خاصة الدول المانحة، بـ«دعم أصحاب مزارع الزيتون عبر استصلاح الأراضي المدمرة وتوفير مصادر المياه والطاقة لإعادة زراعة الأراضي مجددًا، وإعادة تأهيل وبناء معاصر الزيتون».
المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، د.عبد الحكيم الواعر، يوضح أن «الزراعة كانت تشكل 10% من اقتصاد غزة، ويعتمد عليها حوالي 560 ألف شخص مع قطاع الصيد». وقال لـ«الأسبوع»: «التربة الزراعية في غزة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب النزاع. حوالي 42.6% من الأراضي الزراعية، أي 6، 694 هكتارًا (15، 940 فدانًا)، تعرضت للتدمير، خاصة في محافظتي غزة وشمال غزة».
وأشار الواعر، الذي يشغل منصب الممثل الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا للمنظمة، إلى أن «استخدام الذخائر المختلفة أدى إلى تلوث التربة بالمواد الكيميائية، مما أثّر على خصوبتها وقدرتها على دعم المحاصيل الزراعية». وعن التأثير المباشر على زراعة الزيتون، قال: «هناك مستويات غير مسبوقة من الأضرار، استهدفت حوالي 75% من الحقول التي كانت تُستخدم لزراعة المحاصيل، وبساتين الزيتون».
بين مسؤول «الفاو» أن «التقييم الجغرافي المكاني الأخير، الذي أجرته المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة المعني بالسواتل - الذي يستخدم الأقمار الصناعية لأغراض سلمية كمراقبة الكوارث وغيرها - يوضح تعرض البساتين لأضرار كبيرة. تم تدمير حوالي 71.2% من الأشجار المثمرة، بما في ذلك أشجار الزيتون»، وأن «أكثر من ثلثي الآبار الزراعية - مجموعها 1531 - أصبحت خارج الخدمة، ما تسبب في انهيار نظام الري بالقطاع».
المتحدث الإعلامي باسم وزارة الزراعة الفلسطينية، محمود فطافطة، قال لـ«الأسبوع» إن «عملية حصر الأراضي الزراعية المتضررة تواجه معوقات كثيرة: نقص الوقود، صعوبة الوصول إلى مواقع الحصر، وضعف شبكة الإنترنت، ما يؤثر على إمكانية التواصل. لا بد من حصر المزارعين الأحياء والمتوفين، مع مراعاة المناطق التي يصعب الوصول إليها».
تعبيرًا عن صعوبة الأوضاع، قال «فطافطة»: «هناك مناطق ممتدة من شمال غزة إلى الجنوب، تتراوح مسافتها بين 700 إلى ألف متر، لا يمكن الوصول إليها، وهي مناطق عازلة (Buffer Zones)، وجميعها أراضٍ زراعية تم استهدافها وتجريفها ومنع الناس من الوصول إليها».
وهذه المناطق بحسب فطافطة تشمل «بيت لاهيا باتجاه عسقلان، بيت حانون كاملة، جباليا، الشجاعية، البريج، الفُخَّاري، عبسان، وخزاعة. كلها مناطق شرقية تم الاستيلاء عليها وتجريفها وإغلاقها أمام المواطنين. ومن يقترب من السياج أو من المناطق الممنوعة، يتم إطلاق النار عليه». وحذَّر من أن «بعض أراضي غزة ربما أصبحت غير صالحة للزراعة، وأنه من الممكن أن تكون المتفجرات قد وصلت إلى المياه الجوفية».
سموم العدوانوفاجأنا فطافطة بقوله: «بقاء بعض المواد السامة في التربة قد يستمر لفترات متفاوتة، تتراوح بين سنة وعشرين عامًا. سجلنا استخدام الفسفور الأبيض والمواد الكيميائية التي أثرت على الأراضي. لا بد من تقييم دقيق لنسب المعادن الموجودة. نعمل وفق معطيات: هل يمكن زراعة هذه الأراضي؟ هل تحتوي على مواد سامة تؤثر على صحة الإنسان؟ هل ستنجح زراعتها؟!».
غير تقليديةتُعد الأسلحة غير التقليدية أحد أخطر أدوات الحرب الإسرائيلية لما تخلّفه من تداعيات بيئية مدمّرة وطويلة الأمد.وفي هذا السياق، أكد اللواء د.محمد المصري (أبو وسيم)، في حديثه لـ«الأسبوع»، أن استخدام الفوسفور الأبيض والذخائر المشبعة بالمواد السامة يُسهم في تدمير التربة، والمياه، والنبات، والحياة البشرية، ما يحول دون قدرة المواطنين على استثمار أراضيهم بعد الحرب. وأوضح أن الفوسفور الأبيض، الذي وثّقت منظمات دولية استخدامه، يتفاعل بعنف مع الأوكسجين محدثًا حرائق تمتد في التربة وتبقى آثارها الكيميائية نشطة لفترات طويلة، كون تلوث الأرض والمياه الجوفية، وتجعلها غير صالحة للزراعة لسنوات.
أشار المصري، النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، مدير مخابرات غزة الأسبق، إلى أن الذخائر المشبعة بالمواد الثقيلة أو الكيميائية تؤدي إلى تغيّرات سامة في مكونات التربة، وتسرب المواد الخطرة إلى السلسلة الغذائية، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لصحة الإنسان والحيوان، ويرفع من معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة والسرطانية، ولفت إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الدولية رصدت تنفيذ هذه الممارسات بشكل ممنهج من قبل الاحتلال، بمشاركة الجيش وعدد من المؤسسات الأمنية.
شدد المصري على أن استهداف البنية الزراعية في قطاع غزة ليس نتيجة تصرفات فردية من بعض العسكريين الإسرائيليين، بل يعكس استراتيجية عسكرية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى تحطيم مقوّمات الصمود المجتمعي عبر ضرب ركائز الاقتصاد المحلي، وعلى رأسها الزراعة. وأكد أن القوات الإسرائيلية تلقت تعليمات واضحة - مباشرة أو ضمنية- بتنفيذ عمليات تجريف وقصف ممنهجة للأراضي الزراعية، لا سيما في المناطق الشرقية والحدودية، تحت مظلة ما يسمى بالمنطقة العازلة الأمنية.
وأضاف المصري، الذي يرأس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أن مفهوم «المنطقة العازلة» استُخدم كذريعة لتوسيع السيطرة الميدانية وتقويض أي بنى تحتية يُشتبه في دعمها للمقاومة. وبين أن بيانات متعددة المصادر تؤكد تعرض البنية الزراعية في غزة لدمار غير مسبوق منذ أكتوبر 2023، إذ دمرت القوات الإسرائيلية ما بين 38 إلى 48% من الغطاء الشجري والأراضي الزراعية، باستخدام الجرافات الثقيلة والقصف المباشر، مما أدى إلى إلغاء كل شيء أخضر تقريبًا.
وأشار إلى أن صور الأقمار الصناعية وثقت تجريف أكثر من 1740 هكتارًا (4299.54 فدانًا) جنوب مدينة غزة لصالح إنشاء طريق عسكري يخترق القطاع، المعروف بطريق 749، ما يعكس البُعد الهندسي-الاحتلالي المتزامن مع التدمير البيئي. كما رصدت صور الأقمار الصناعية تدمير أكثر من 65% من البيوت الزراعية، ورُصدت أنماط متكررة من الهجمات بالطائرات المسيّرة والجرافات العسكرية والقصف المدفعي، تستهدف الأراضي الزراعية بشكل ممنهج، مما يدل على وجود قرار استراتيجي بتجفيف الموارد الزراعية للقطاع.
وأوضح المصري أن هذا النهج يُمثل جزءًا من أدوات الحرب الاقتصادية والنفسية، التي لا تكتفي بملاحقة المقاتلين، بل تتعمد استهداف البيئة الحاضنة لهم من خلال تدمير مصادر الرزق وإتلاف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة. وبين أن هذه السياسات تهدف إلى أكثر من مجرد الردع العسكري، إذ تسعى إلى إحداث تفكك اقتصادي ومجتمعي داخل غزة، بما يعزز فرص التهجير القسري ويكرّس حالة التبعية والانهيار الداخلي.
استراتيجية التدميروحول استراتيجية التدمير الزراعي، نبه المصري إلى أن إسرائيل تعتمد خلال عملياتها العسكرية على تكتيك مركب يستهدف البنية الزراعية برًا وجوًا، حيث تنفذ ضربات مركزة عبر الطائرات الحربية والمسيّرة، تستهدف الحقول والآبار الزراعية والمنازل المرتبطة بالأنشطة الزراعية، خاصة خلال موسم الحصاد، مما يشعل حرائق واسعة ويتسبب في خسائر فادحة للمزارعين. أما بريًا، فتتوغل القوات الإسرائيلية مدعومة بالجرافات والدبابات لتجريف آلاف الدونمات الزراعية واقتلاع الأشجار وتدمير شبكات الري، ما يحوّل مساحات شاسعة إلى أراضٍ قاحلة لفترات طويلة.
وأكد المصري أن هذا النمط المتكرّر يعكس نية واضحة لتدمير قدرة قطاع غزة على تحقيق اكتفاء زراعي، ضمن استراتيجية تهدف إلى تجويع السكان وتعطيشهم، تمهيدًا لإجبارهم على النزوح المتكرر. ووصف هذه العمليات بأنها تمثل حربًا على البنية التحتية الحيوية، حيث تركز على كسر إرادة المجتمع الفلسطيني من الداخل عبر تقويض مقومات صموده المعيشي.
ونبه المصري أن التأثيرات المتراكمة لهذه العمليات تتجاوز الحرب الراهنة، إذ تؤسس لأزمة إنسانية واقتصادية طويلة الأمد، تجعل من قطاع غزة بيئة طاردة للمواطنين نتيجة تدمير التربة وجعلها غير قابلة للاستثمار لسنوات. وشدد على أن هذه السياسات تتناقض صراحة مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف البنى التحتية المدنية، لا سيما تلك المرتبطة بالأمن الغذائي، وتُعد انتهاكًا جسيمًا يستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا سواء على صعيد المساءلة القانونية أو في دعم جهود إعادة تأهيل القطاع الزراعي المدمر.
صور أقمار صناعية تكشف الغطاء النباتي في غزة قبل وبعد عدوان إسرائيل
حظر دوليتحظر القوانين الدولية استخدام الأسلحة البيولوجية بشكل قاطع، باعتبارها أدوات قتل جماعي تُحدث أضرارًا صحية وبيئية خطيرة يصعب احتواؤها. وتنصّ اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية لعام 1972 على منع إنتاج هذه الأسلحة أو تخزينها أو نقلها، لما تمثله من تهديد مباشر لحياة المدنيين واستقرار الأنظمة البيئية. ومع ذلك، فإن الاتفاقية لا تتضمن آلية تفتيش إلزامية.
تتبعت تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المقدمه للجمعية العامة، فتبين أنه في نهاية يناير 2025، أطلع الدول الأعضاء على أن «كمية الركام الناتج عن 15 شهرًا من الحرب في غزة تُقارب 51 مليون طن». ووفقًا لتقرير تقييم الأضرار والاحتياجات الصادر عن الأمم المتحدة، فإن «292 ألف وحدة سكنية تعرضت للدمار في القطاع، الذي تقدر مساحته بـ 360 كيلومترًا مربعًا».
بمراجعة تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، حذر تقييم صادر عن البرنامج في 19 يونيو 2024 من «تهديدات فورية وطويلة الأجل على صحة سكان غزة والحياة البحرية والأراضي الصالحة للزراعة»، وأفاد بأن «نشر الذخائر التي تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية متفجرة في المناطق كثيفة السكان في غزة أدى إلى تلويث التربة ومصادر المياه، ما يتسبب في نوع جديد من المخاطر» تنعكس سلبًا على قطاع الزراعة.
البصمة الكربونيةومن جانبها، أفادت صحيفة «الجارديان» البريطانية (9يناير 20024) بأن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت 281 ألف طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون - CO₂ - خلال أول شهرين من الحرب، وهو ما يعادل حرق 150 ألف طن من الفحم، وتجاوزت البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة معرضة لتغير المناخ». وبمقارنة هذه الأرقام الكارثية بالاشتراطات البيئية، يتضح أن حجم الانبعاثات يغيّر خصائص التربة بشكل مقلق.
ومع تراكم الغازات الدفيئة، تتعرض المحاصيل للتلف، وتُختنق دورة الزراعة الموسمية نتيجة التصعيد الكربوني الإسرائيلي، الذي يسرّع من وتيرة الاحترار المناخي، في سلوك عسكري ينتهك العدالة البيئية، محليًا في فلسطين، وعلى المستوى العالمي، بحسب مراجعة الحقوقي والقانوني صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لحماية حقوق الشعب الفلسطيني.
جريمة مركبةيوضح صلاح عبد العاطي لـ«الأسبوع» أن «إسرائيل تواصل، عمدًا، تدمير القطاعات الإنتاجية الغذائية في غزة بأساليب همجية، تنتهك نظام روما الأساسي واتفاقية جنيف الرابعة، ما يجعل الأراضي الزراعية غير صالحة للزراعة لفترات طويلة، ويعوق تعافي القطاع الزراعي»، مؤكدًا أنه يعمل مع فريقه على توثيق الشهادات المتعلقة بالخسائر التي تكبّدها قطاع غزة خلال الحرب، لاسيما الدمار الذي أصاب القطاعين الزراعي والحيواني.
وشدّد عبد العاطي على أن «تجريفَ وحرقَ مزارعِ الزيتون، وتلويثَ الأراضي الزراعية بالسموم الناتجة عن القصف، يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب»، مطالبًا بفتح تحقيق دولي في طبيعة الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال، خاصة أن «اتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و1907، وجنيف لعام 1949، تحظر القنابل الحرارية». وكشف أن «إسرائيل دمرت نحو 85% من الأراضي الزراعية بغزة، خسائرها حوالي 400 مليون دولار».
أشار عبد العاطي إلى «التلوث البيئي الناتج عن استخدام قنابل محرَّمة دوليًا، كالقنابل الفسفورية، وفق تقارير دولية، ويُوضح أن إسرائيل استخدمت أسلحةً مدمّرةً ومتطورةً في عدوانها على غزة، وأن الإحصائيات ترجّح إسقاط ما يقارب 100 ألف طن من المتفجرات على القطاع، تعادل أكثر من أربع قنابل ذرية كالتي أَسقطتها أمريكا على هيروشيما، ما يستدعي محاسبة إسرائيل».
من جانبه، تحدّث المدير العام لمجلس الزيت والزيتون الفلسطيني، الحاج فياض فياض، لـ«الأسبوع» عن «تأثير العدوان الإسرائيلي على أكثر من 10 آلاف فدان من بساتين الزيتون، تتراوح أعمار معظمها بين 15 و20 عامًا»، والمجلس هيئة شبه حكومية، تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة ماليًا وإداريًا، مع خضوعها للرقابة العامة، مقره مدينة «البيرة»، وهو معنيّ بـ«المتغيرات البيئية والسياسية التي أثّرت على الزراعة في المنطقة».
وعن أهمية زيت الزيتون للفلسطينيين، قال فياض، وهو من مستشاري مجلس الزيتون الدولي: «بعد نكبة 1948، كان الغذاء الوحيد المتوفر للإفطار والغداء والعشاء لفترات طويلة، وأهم مكونات المطبخ الفلسطيني. أيّ تجمع سكني فلسطيني لا يخلو من الزيتون. في بيتنا، وبيت أبي وجدي، لم نستخدم إلا زيت الزيتون البكر في الأكل والطبخ والحلويات. حاضر في الأعراس والأغاني الشعبية».
وأوضح فياض: «عقب اقتلاع إسرائيل لأشجار الحمضيات خلال سنوات سابقة، ونتيجة لارتفاع ملوحة المياه في القطاع، اكتسبت شجرة الزيتون أهمية متزايدة لقدرتها على التكيّف مع ظروف الأراضي والمياه المالحة»، ونبّه إلى أن «إعادة إحياء المنتج تحتاج إلى تأهيل الأرض، وزراعة الأصناف المكثّفة سريعة الإنتاج وذات الغلّة العالية، وإصلاح المعاصر المتضرّرة، وإنشاء مصنع لعبوات الصفيح في غزة لحفظ جودة الزيت».
يرتبط الزيتون بالموروث الثقافي الفلسطيني، شجرةٌ مباركة في جميع الشرائع، دائمةُ الخضرة وسهلةُ النمو، ويمكن أن تعيش لأكثر من ألف عام. تجذّرت في تربة فلسطين منذ آلاف السنين. وتعود أصولها إلى آسيا الصغرى، ورغم وجود فرضيات تشير إلى أن أصلها يعود إلى جنوب مصر ومناطق أخرى، فإن الموطن الأصلي لشجرة الزيتون هو حوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله، وفقًا للمجلس الدولي للزيتون.
تطورت زراعة الزيتون في سوريا وفلسطين، ومن جنوب القوقاز إلى الهضبة الإيرانية وسواحل البحر المتوسط، باعتبارها الموطن الأصلي للشجرة. رحلة زيت الزيتون تبدأ من ثمرةٍ مباركة إلى منتجٍ يعكس نكهة الأرض وتاريخ الشعوب، ويواكب احتياجات المستهلكين عالميًا. وتحتفل شجرة الزيتون بيومها العالمي في السادس والعشرين من نوفمبر كل عام، بعدما اعتمدته «اليونسكو» رسميًا عام 2019.
باتت مهمة المجلس الدولي للزيتون، الذي تأسس في مدريد عام 1959 تحت إشراف الأمم المتحدة، معقدة، فكونه المنظمة الحكومية الدولية الوحيدة المختصة بالزيتون، والتي تضم 94% من الدول المنتجة، يجعله في موقف حرج نتيجة مواصلة الجيش الإسرائيلي تدمير أشجار الزيتون في قطاع غزة، بما يمثله ذلك من خسائر فادحة للمزارعين، أفرادًا وعائلات شهيرة: صبرة، صيام، ووافي، الذين فقدوا مصدر رزقهم بالكامل أو جزئيًا.
وباستثناء حدائق صغيرة خاصة، تم تدمير المشاتل بالكامل. وأمام هذه المأساة، أصبحت عملية إعادة إحياء زراعة الزيتون مهمة صعبة، خاصة أن شتلة الزيتون تحتاج إلى فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات لكي تُثمر. فيما تتعنت الحكومة الإسرائيلية ضد وزارة الزراعة الفلسطينية، التي تسعى للحصول على تصاريح من الاحتلال لإدخال شتلات الزيتون إلى محافظات جنوب غزة، ضمن خطط إنقاذ عاجلة، بعد جرف كامل أراضي الشمال.
حلول الإنقاذ
تحاول الحكومة الفلسطينية دعم مشروع «تخضير فلسطين»، الذي يهدف إلى توزيع شتلات الزيتون مجانًا على المزارعين، لكن إعادة الزراعة تتطلب أولًا تجهيز البنية التحتية والأراضي. وتتفق المصادر التي تحدثت إلى «الأسبوع» على عدد من الحلول الممكنة لإنقاذ القطاع الزراعي في غزة، تبدأ بتشكيل لجنة متخصصة لحماية المزارعين وتمكينهم من العودة إلى أراضيهم، بما يسهم في استئناف الإنتاج سريعًا.
تتضمن المقترحات تعزيز دعم المؤسسات الزراعية لإعادة تأهيل الأراضي المتضررة، مع التركيز على استخدام التربات الصناعية كـ«البيتموس» بديلًا للتربة المدمرة. ومن جانبه، يطرح المدير العام المساعد لمنظمة «الفاو»، د.عبد الحكيم الواعر، حزمة حلول لدعم قطاع الزراعة في غزة: الدعم المباشر للمزارعين، توفير المدخلات الزراعية الأساسية -البذور والأسمدة العضوية- وأنظمة الري، وخزانات المياه.
قد يرى البعض أن الحياد الصحفي يقتضي «التعليق الإسرائيلي»، غير أن مراجعة تداعيات العدوان على غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، تبيّن بوضوح الموقف العملي، ممثلًا في مسئولية الاحتلال عن مصرع أكثر من 52 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 123 ألفًا، ونزوح يقارب مليوني شخص، بحسب البيانات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (23أبريل 2025)، وبينما تتواصل الجرائم الصامتة، تتصدرها «إبادة الزيتون» في غزة، عنوان الهوية ورمز السلام.
اقرأ أيضا:
«الأسبوع» تخترق «جدار السرية» الإسرائيلي شمال غزة
«مجازر العائلات» في غزة.. ناجون من جحيم إسرائيل يروون التفاصيل لـ«الأسبوع»
أكذوبة الانتقال الطوعي.. «الأسبوع» توثق تفاصيل المخطط الإسرائيلي لطرد سكان غزة