أول رئيسة أفريقية منتخبة تطالب الإمارات بقطع علاقتها مع حرب السودان
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
طالبت أول رئيسة أفريقية منتخبة ديمقراطيا الإمارات بقطع علاقتها مع قوات الدعم السريع "الإجرامية" في السودان والتي تتهمها بشكل خاص بارتكاب فظائع يندى لها الجبين بحق النساء.
وذكرت إيلين جونسون سيرليف، وهي الرئيسة السابقة لليبيريا وأول رئيسة دولة منتخبة في أفريقيا، أن دور النساء السودانيات في الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير عام 2019 كان محوريا.
لكن، وفي تحوّل رهيب للأحداث، تقول سيرليف إن المرأة السودانية تتحمل وطأة حرب شرسة تدور رحاها منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وتضيف أن أكثر من 6 ملايين شخص نزحوا من مناطقهم منذ اندلاع القتال، بما في ذلك ما يقدر بنحو 105 آلاف امرأة حامل، وفقا للأمم المتحدة. كما أن من بين 1.2 مليون شخص فروا إلى البلدان المجاورة، ما يقرب من 9 من كل 10 هم من النساء والأطفال.
وأضافت أن العنف الجنسي بأنواعه انتشر على نطاق واسع في مناطق الحرب، مشيرة إلى أن تقريرا لأحد خبراء الأمم المتحدة اتهم كلا الطرفين بانتهاك قوانين حقوق الإنسان، لكنه أعرب بشكل خاص عن قلقه إزاء الاستخدام الوحشي والواسع النطاق للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي من قبل قوات الدعم السريع.
وأوضحت أن قصص تلك الحوادث مؤلمة للغاية حتى بمجرد قراءتها.
وتحدثت سيرليف عن أخبار قالت إنها تود أن تكون "كاذبة" تتهم دولة الإمارات العربية المتحدة بتوفير المعدات العسكرية للدعم السريع في حربه الحالية.
وأضافت أنها تشعر بقلق بالغ إزاء الاتهامات بأن قوى إقليمية تشارك في مفاقمة وضع المرأة السودانية، و"على وجه الخصوص، لقد انزعجت من التقارير التي تفيد بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة"، على حد قولها.
ومن الضروري، وفقا لرئيسة ليبيريا السابقة، أن "تلعب كافة الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية دورا بنّاء في إحلال السلام في السودان، خاصة عندما يتركز اهتمام العالم على أزمات أخرى، كما يجب على تلك الجهات ألا تتغاضى عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فقط للسعي وراء مصالح اقتصادية وإستراتيجية أنانية"، وفق تعبيرها.
ولفتت سيرليف إلى أن الإمارات، التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" هذا الأسبوع في إكسبو سيتي بدبي، ستدنس سمعتها إن هي فشلت في ضمان القطيعة التامة مع الأطراف المتحاربة في السودان، وبالذات "القوات الإجرامية التابعة لقوات الدعم السريع".
وختمت سيرليف بالقول إنها عندما كانت رئيسة لليبيريا، تولت المسؤولية عن إعادة بناء الأمة التي كادت أن تدمرها الحرب والنهب، مما أتاح الفرصة للاطلاع بشكل مباشر على مدى أهمية تمكين المرأة في دفع البلد نحو المصالحة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
القوى المدنية السودانية – أي رؤية للتعامل مع الإدارة الأمريكية؟
في ظل الأزمة السودانية الحالية، تبدو القوى المدنية أمام تحدٍ رئيسي يتعلق بعلاقتها بالإدارة الأمريكية، التي تملك العديد من الأدوات للتأثير على مجريات الصراع.
فبينما تُعتبر الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا في المشهد الدولي، تظل التساؤلات قائمة حول جدوى وأفق تعامل القوى المدنية السودانية معها، ومدى قدرة هذه القوى على تشكيل حليف سياسي موثوق في ظل الحسابات الجيوسياسية التي تحكم السياسة الأمريكية في المنطقة.
أولًا: أدوات الإدارة الأمريكية في الضغط على المتحاربين
تمتلك الإدارة الأمريكية عدة أدوات تمكنها من فرض حلول أو التأثير على أطراف النزاع السوداني، أبرزها-
الضغوط الدبلوماسية: عبر وزارة الخارجية والتنسيق مع الحلفاء الإقليميين مثل السعودية والإمارات ومصر.
العقوبات الاقتصادية: تجميد الأصول، فرض قيود على التعاملات المالية، وحرمان السودان من الدعم الدولي.
الدور العسكري والاستخباراتي: دعم بعض القوى عسكريًا أو فرض حصار جوي أو مراقبة التحركات الميدانية عبر الأقمار الصناعية.
استخدام النفوذ الإنساني والإغاثي: ربط المساعدات بوقف الحرب أو الدخول في مفاوضات.
ثانيًا: هل السياسة الأمريكية ستستمر في استهداف الجماعات الإسلامية؟
منذ سنوات، تتبع الولايات المتحدة استراتيجية قائمة على محاربة الجماعات الإسلامية المسلحة، تماشيًا مع مصالحها الأمنية وتنسيقها مع إسرائيل في المنطقة. وهذا يطرح السؤال: هل ستمتد هذه السياسة إلى السودان لتصفية أي وجود للإسلاميين، أم أنها ستظل تُدير المشهد عبر تفاهمات مع القوى المسيطرة؟
إذا قررت واشنطن تبنّي نهج المواجهة الصريحة ضد القوى الإسلامية في السودان، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد جديد يفتح البلاد على احتمالات حرب أكثر تعقيدًا.
في المقابل، قد تفضل سياسة الاحتواء، بمعنى توظيف الإسلاميين كجزء من أي تسوية سياسية، كما فعلت مع بعض الأنظمة الأخرى في المنطقة.
موقف القوى المدنية السودانية من هذه الاستراتيجية سيحدد مدى قربها أو بعدها عن واشنطن، فهل ستنخرط القوى المدنية في أجندة أمريكية تستهدف تصفية الإسلاميين، أم ستبحث عن توازن استراتيجي أكثر استقلالية؟
ثالثًا: هل تستطيع القوى المدنية تشكيل تحالف موثوق مع واشنطن؟
حتى الآن، تواجه القوى المدنية السودانية تحديات داخلية كبيرة تعرقل قدرتها على تشكيل تحالف سياسي موثوق مع الإدارة الأمريكية، ومنها:
الانقسامات السياسية: تعدد الرؤى داخل القوى المدنية يجعل من الصعب تقديم موقف موحد.
افتقارها للنفوذ العسكري: على عكس الأطراف المتحاربة، لا تمتلك القوى المدنية أذرعًا مسلحة يمكن أن تجعلها لاعبًا رئيسيًا في المعادلة الأمنية.
مدى استجابتها للأجندة الأمريكية: هل ستقبل هذه القوى أن تكون مجرد منفّذ للسياسات الأمريكية أم ستفرض أجندتها الخاصة؟
إذا أرادت القوى المدنية أن تكون حليفًا موثوقًا لواشنطن، فعليها أن تثبت قدرتها على تحقيق الآتي:
تقديم رؤية سياسية واضحة تعكس مصالحها بوضوح دون الانجراف وراء أجندات خارجية.
الوحدة الداخلية، فالتشرذم الحالي يجعلها ضعيفة وغير مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة.
بناء تحالفات إقليمية ودولية توازن علاقتها مع الولايات المتحدة دون الارتهان الكامل لها.
هل تملك القوى المدنية الإجابة؟
يبقى السؤال الأهم وهو هل لدى القوى المدنية رؤية استراتيجية للتعامل مع الولايات المتحدة؟ أم أنها ستظل رهينة ردود الأفعال والانقسامات، ما يجعلها لاعبًا ثانويًا في معادلة ترسمها قوى أخرى؟
إن مستقبل السودان يعتمد بدرجة كبيرة على قدرة القوى المدنية على إعادة ترتيب صفوفها، وتقديم نفسها كخيار جاد، سواء للداخل السوداني أو للمجتمع الدولي، فهل ستنجح في ذلك؟
zuhair.osman@aol.com