قال الدكتور ماهر عزيز  عضو مجلس الطاقة العالمى، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر المجتمع الدولي من تأجيل اتخاذ التدابير اللازمة بشكل عاجل لحماية الغلاف الجوي للأرض من تغير المناخ، مؤكداً أن "التقاعس يعني الموت". في إشارة إلى حقيقة أنه لا تزال حالة الطوارئ المناخية قضية ملحة، والتأخير في معالجة هذه القضية قد يؤدي إلى تدمير العالم.

وتابع عزيز أنه بحسب آخر البرامج المناخية لمختلف البلدان، فإنه في حال استمرت السياسة المتبعة حالياً، فإن درجة حرارة الأرض سترتفع بمقدار 2.8 درجة مئوية. وهذا أعلى بكثير من الحد الأقصى وهو "درجتان مئويتان"، وهو ما يعتبر مؤشراً حرجاً.

ومع ذلك هناك فرصة لتقليص الفجوة في انبعاث الغازات الدفيئة إلى ما يقرب من 16-22 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون والحفاظ على سقف درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية.

 ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار في سبع تقنيات رئيسية في محفظة الطاقة:

• كفاءة الطاقة.

• الطاقة الشمسية.

• طاقة الرياح.

• الطاقة الحرارية الجوفية.

• طاقة الكتلة الحيوية.

• الطاقة النووية.

• التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون.

وأشار عزيز أنه من الضروري تطبيق هذه التقنيات قبل عام 2050 لتحقيق استقرار في مستوى انبعاث الغازات الدفيئة على المدى القصير إلى المتوسط. ومن بين هذه التقنيات، تحتل الطاقة النووية مكانة رائدة وتمثل أحد الحلول الأكثر فعالية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة وضمان إنتاجية مستقرة للطاقة.

ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن الطاقة النووية يمكن أن تلعب دورًا في تحقيق نظام الطاقة المتوازن، مما يوفر الاستقرار والنظافة البيئية. وهنا لابد من التأكيد على حقيقة أن الطاقة النووية لا تسبب انبعاث ثاني أكسيد الكربون أو الإشعاع أو ملوثات الهواء أثناء التشغيل.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للطاقة النووية أن تعمل مع مصادر الطاقة المتجددة لتوفير تغذية أساسية وموثوقة للطاقة الكهربائية وتسريع التحول إلى مصادر طاقة أنظف من المصادر التقليدية التي يتم استخدامها على نطاق واسع في الوقت الحالي.

ونظراً للظروف الجيوسياسية الحالية والأهمية القصوى للحفاظ على المناخ ومتطلبات تحويل الطاقة، فإن التغييرات الجذرية مطلوبة في نظام الطاقة العالمي. كما إنه يتعين بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة وضمان الحصول على الطاقة النظيفة. ويمكن للطاقة النووية، بل ويجب عليها، أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذه العملية، حيث توفر إنتاجًا مستقرًا وفعالاً للكهرباء للعالم أجمع.

كل هذه العوامل تشير إلى الدور المتزايد على نطاق واسع للطاقة النووية في المستقبل، وخاصة ضمن سيناريوهات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الموجهة نحو تحقيق درجة حرارة تتراوح بين 1.5 و2 درجة مئوية بحلول عام 2050. وستلعب الطاقة النووية دورًا مهمًا في توازن الطاقة العالمي وتلبية الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية.

وأكد ماهز عزيز إنه مع مواكبة الاتجاه العالمي، تمضي مصر قدمًا بشكل فعال في تنفيذ مشروع محطة الضبعة النووية في محافظة مطروح بالتعاون مع شركة روساتوم الروسية الحكومية، وستتكون محطة الضبعة للطاقة النووية من 4 مجموعات للطاقة النووية بقدرة إجمالية 4.8 جيجاواط. توفر هذه القدرة توليد حوالي 31.2 تيراواط/ساعة سنويًا من الطاقة منخفضة الكربون، مما سيقلل من انبعاث ثاني أكسيد الكربون في مصر بمقدار 15 مليون طن - أي حوالي 7% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلاد.

تمثل برامج الطاقة طويلة الأمد الحالية طيف واسع من الأساليب الخاصة بإدارة الطاقة وتغير المناخ. وهي تتراوح بين الخطط التي تتوقع تغييراً طفيفاً أو عدم حدوث تغيير على الإطلاق في سياسات الطاقة والمناخ، إلى تلك التي تقترح أساليب معقدة ولكنها مجدية من الناحية الفنية لمكافحة تغير المناخ، وتحسين الحصول على الطاقة والحد من تلوث الهواء.

يلعب توازن الطاقة في هذه البرامج دوراً هاماً، لأنه يحدد إمكانية استخدام مصادر الطاقة النظيفة التي يمكن أن تكون متاحة على الصعيدين الوطني والعالمي. ومن بين هذه المصادر مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية والهيدروجين كحامل للطاقة.

ويكتسب دور القوى النووية أهمية متزايدة في جميع السيناريوهات. إذ إن إمكاناتهم العالية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة تجعلهم لاعبين رئيسيين في عملية مكافحة تغير المناخ. ويتم تعزيز هذا الدور في السيناريوهات المناخية الطموحة التي تستهدف تحقيق تخفيض كبير في انبعاث ثاني أكسيد الكربون. وفي مثل هذه السيناريوهات، تصبح القوى النووية جهات فاعلة أكثر أهمية في ضمان توازن الطاقة.

وتشير التوقعات الخاصة بتطور الطاقة النووية إلى أن حصتها من إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية سوف تزداد بشكل حاد مقارنة بالمستويات الحالية. وينطبق هذا بشكل خاص على سيناريوهات اللجنة الحكومية الدولية التي تحدد ارتفاع درجات الحرارة بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية. ويبلغ معدل نمو هذا القطاع نحو 85% في ظل السيناريو الصفري الذي اقترحه خبراء المناخ.

وعلى المستوى العالمي، من المتوقع أن تتجاوز حصة القوى العالمية النووية في ميزان الطاقة الإجمالي 17% بحلول عام 2040، مقارنة بالمشاركة التي بلغت أقل من 5% في عام 2023. وهذا يشير إلى الدور المتزايد للطاقة النووية في مشهد مستقبل الطاقة.

وتسلط هذه البيانات الضوء على أهمية وجدية الدور الذي تلعبه القوى العالمية النووية في مكافحة تغير المناخ وضمان أمن الطاقة العالمي. باعتبار أن الطاقة النووية هي مصدر طاقة مستقر وصديق للبيئة ولا ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون أو الإشعاع أو ملوثات الهواء أثناء التشغيل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعمل هذه الطاقة مع مصادر الطاقة المتجددة، مما يوفر تغذية طاقة كهربائية بشكل أساسي ومستقر وتساهم في مزيد من الترويج لمصادر الطاقة المتجددة. وتتمتع الطاقة النووية أيضًا بالقدرة على إنتاج هيدروجين منخفض الكربون بأسعار معقولة ويمكن أن تساعد في تكامل قطاع الطاقة وخلق فرص عمل عالية الجودة.

كل ذلك يشير إلى أن الطاقة النووية سوف تستمر في النمو وتلعب دورًا متزايد الأهمية في تخطيط برامج الطاقة في المستقبل، خاصة في سياق تحقيق الأهداف المناخية الطموحة وتحقيق ميزان الطاقة المستدامة والنظيفة.

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصادر الطاقة المتجددة ثانی أکسید الکربون للطاقة النوویة تغیر المناخ درجة مئویة النوویة فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

مؤشر تغير المناخ 2025.. مصر تحقق تقدما ملحوظا وسط تحديات الطقس والكوارث الطبيعية

في خطوة إيجابية على صعيد الجهود البيئية الدولية، أحرزت مصر تقدماً ملحوظاً في مؤشر أداء تغير المناخ (CCPI) لعام 2025، حيث احتلت المركز العشرين من بين 67 دولة شملها التصنيف، متقدمة مركزين عن ترتيبها في العام السابق 2024، الذي كانت تحتل فيه المركز الثاني والعشرين. 

ويعكس هذا التقدم جهود الحكومة المصرية في مواجهة تحديات التغير المناخي والتقليل من آثارها السلبية، ويبرز تطور أدائها في السياسات البيئية.

مؤشر أداء تغير المناخ (CCPI) لعام 2025

حسب تقرير مؤشر أداء تغير المناخ 2025، الذي يعكس مواقف الدول تجاه تحديات تغير المناخ، نجحت مصر في تحسين تصنيفها على المستوى العالمي، متفوقة على عدد من الدول الكبرى في المنطقة مثل جنوب أفريقيا التي احتلت المركز 38، والجزائر التي جاءت في المركز 51، والإمارات العربية المتحدة التي احتلت المركز 65. هذا التقدم يعكس جدية سياسات مصر في التصدي للتغيرات المناخية والجهود التي تبذلها من خلال تنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة.

مؤشرات الطقس في مصر لعام 2023

وفي سياق مرتبط، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي للأرصاد الجوية عن أبرز التغيرات المناخية التي شهدتها مصر في عام 2023. وأظهرت البيانات أن درجات الحرارة في بعض المناطق سجلت مستويات قياسية، حيث سجلت محطة رصد أسوان أعلى متوسط شهري لدرجة الحرارة العظمى بمقدار 43.9 درجة مئوية في شهر أغسطس، بينما سجلت محطة رصد شرم الشيخ أدنى متوسط لدرجة الحرارة الصغرى بمقدار 30.1 درجة مئوية خلال الشهر نفسه.

من ناحية أخرى، كشف التقرير عن أعلى نسبة رطوبة شهدتها البلاد في مدينة بورسعيد، حيث بلغ متوسطها الشهري 77% في مايو، وهو ما يعكس تأثيرات التغيرات المناخية على الطقس في مصر، وزيادة درجات الحرارة والرطوبة بشكل ملحوظ.

التغير المناخي وتزايد الكوارث الطبيعية

لا تقتصر آثار التغير المناخي على الأرقام والإحصائيات فقط، بل أصبح واقعًا ملموسًا يؤثر بشكل مباشر على حياة الملايين حول العالم. ففي ظل ارتفاع درجات الحرارة، تزايدت نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، مما تسبب في تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة مثل العواصف والأمطار الغزيرة.

كما شهد العالم خلال العقدين الماضيين زيادة بنسبة 134% في عدد الكوارث المرتبطة بالفيضانات، مقارنة بالفترات السابقة، وكانت قارة آسيا هي الأكثر تضررًا من حيث الخسائر البشرية والاقتصادية نتيجة هذه الظواهر. أما في قارة أفريقيا، فقد شهدت ارتفاعًا بنسبة 29% في حالات الجفاف، مما أثر بشكل كبير على العديد من البلدان وأدى إلى ارتفاع حالات الوفيات نتيجة الجفاف.

وبينما تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها في مواجهة التغيرات المناخية، من خلال تحسين أدائها في المؤشرات العالمية، تواجه البلاد والمنطقة تحديات كبيرة نتيجة لتزايد تأثيرات التغير المناخي. في ظل هذه التحديات، يبقى من الضروري تعزيز التعاون الدولي وتطبيق استراتيجيات للحد من آثار التغيرات المناخية، من خلال تعزيز سياسات الطاقة المستدامة، وتقوية بنية البلاد التحتية للتعامل مع الكوارث الطبيعية، والعمل على تحسين قدرة المجتمعات على التكيف مع هذه التغيرات.

مقالات مشابهة

  • جيمس ويب يلتقط صورة مباشرة لكوكب يحتوي على ثاني أكسيد الكربون
  • إيران تردّ على طلب «وكالة الطاقة الذريّة» لزيارتها.. ماذا تخطط إسرائيل؟
  • اختناق 3 نساء بغاز أحادي أكسيد الكربون في البويرة
  • اتصال هاتفي بين وزير خارجية إيران ومدير “الطاقة الذرية” وموافقة مبدئية على طلب لزيارة البلاد
  • مؤشر تغير المناخ 2025.. مصر تحقق تقدما ملحوظا وسط تحديات الطقس والكوارث الطبيعية
  • نظام المناخ العالمي في خطر.. هل تواجه تيارات المحيطات الانهيار؟
  • لحظة وجودية.. اوروبا تحذّر «ترامب»: الحرب التجارية لن يخرج منها سوى الخاسرين
  • خرقت التزامها بوقف الضربات..روسيا تتهم أوكرانيا بمهاجمة منشآت للطاقة
  • في اجتماع بريكس.. الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة
  • الإمارات تؤكد التزامها بمواصلة دعم التحول العالمي للطاقة