فوائد قد لا تعرفها.. لماذا ننجذب إلى متابعة الأخبار الحزينة والمأساوية؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
السومرية نيوز – منوعات
تُعد الأخبار المأساوية والقصص والأحداث الخطرة من أكثر المواد التي يتم استهلاكها عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي.
فهي تُعتبر من المحتويات التي ننجذب إليها بشكل لا إرادي، وبالتالي تتخلل وعينا، وقد تظل خالدة في الذاكرة دون بذل الكثير من المجهود من أجل استحضارها.
وهو الأمر الذي دفع معظم وسائل الإعلام لاستخدام هذه النوعية من المواد المأساوية والصادمة لتحقيق الانتشار والمكاسب.. فلماذا إذاً ننجذب للأخبار السيئة والقصص المأساوية بهذا الشكل؟
جاذبية المحتوى المأساوي بالنسبة للعقل
تستخدم وسائل الإعلام حول العالم هذا المنطق للترويج لأنواع مختلفة من القصص. على سبيل المثال، من الأرجح أن يقرأ الناس عن التلوث بالبكتيريا القاتلة في بعض ماركات الأغذية المشهورة، أكثر من قراءة قصة إخبارية إيجابية عن صناعة الأغذية المفيدة للجسم.
وذلك لأن البشر يريدون الانتباه للمخاطر التي قد تواجههم، فينغمسون في استهلاك وتتبع الأخبار السلبية كوسيلة للوقاية وحماية أنفسهم.
ويتضح بحسب دراسات السلوكيات وعلم النفس المتخصصة أن أدمغتنا مبرمجة على الاهتمام جيداً بالأشياء السلبية، وإذا لم نفعل ذلك، فقد نفوت شيئاً قد يكلّفنا حياتنا.
ويكمن الخطر في أن هذه الدورة المفرغة قد تضر العقل البشري، إذ يميل الناس إلى الاهتمام بالقصص السلبية، وتطبع الصحف المزيد من القصص السلبية، ويشتري الناس (لا شعورياً أو بوعي) الصحف أو المجلات الإخبارية التي تقدم المزيد من القصص السلبية، وهكذا دواليك.
وإحدى مشاكل هذه الظاهرة هي أن التغطية السلبية ليست دائماً مفيدة لمجتمعنا أو لنفسيتنا. يمكن أن تؤدي التغطية الإعلامية لأحداث معينة إلى تحريف فهمنا، مما يجعلنا نشعر بالضعف أو الخوف دون داعٍ.
الأشياء الحزينة تربط الناس بالمشاعر الحقيقية
عندما نتناول الأحداث المأساوية، بطبيعة الحال نشعر برد فعل عاطفي. وذلك لأننا إذا تأثرنا وتفاعلنا مع قصة ما، فإن محتواها العاطفي يتردد صداه معنا بطريقة تجعلنا نشعر أنها عميقة وتشبهنا وتعبر عن مشاعرنا بشكل ما.
لذلك عندما نقرأ أو نشاهد أو نستمع إلى قصة حزينة، نشعر تلقائياً بالحزن أو تدمع أعيننا أو نبكي؛ لأن المشاعر التي تنقلها القصة تحاكي تلك التي مررنا بها في الحياة الواقعية أو التي قد نتعرض لها في الموقف المماثل.
الأخبار الحزينة يمكن أن تجعلك تشعر بالامتنان
سبب آخر يجعلنا ننجذب للأخبار الحزينة والمأساوية هو أنها تجعلنا نشعر بالامتنان، ولكن ربما ليس بالطريقة التي نتوقعها.
ومن المثير للاهتمام أنه في إحدى الدراسات العلمية، وجد الباحثون أن المشاركين الذين قارنوا حياتهم بحياة الشخصيات المأساوية قد شهدوا زيادة في مشاعرهم بالامتنان.
وكان أولئك الذين عانوا من أكبر زيادة في معدلات الحزن أثناء مشاهدة مقاطع مأساوية كانوا أيضاً أولئك الذين كانوا على الأرجح يفكرون في علاقاتهم الوثيقة كرد فعل.
وبالتالي يتضح أننا نستمتع بالقصص الحزينة؛ لأنها تساعدنا على التفكير والشعور بالامتنان تجاه الروابط التي نشاركها مع الأشخاص الذين نحبهم ونهتم بهم وبقيمة الحياة والفرص التي نمتلكها.
تدفعك للتفكير في معنى الحياة الأكبر
ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث الإضافية أن القصص الحزينة قد تثير أفكاراً تتجاوز علاقاتنا وتمتد إلى اعتبارات وجودية أكثر.
في دراسة عُرضت فيها على المشاركين مقاطع فيديو متعددة لشخصيات تتلقى أنباء عن وفاة أحد أقربائهم، وجد الباحثون أن الحزن والاستمتاع مرتبطان، طالما تأثر المشاهدون أيضاً بالقصص التي شاهدوها.
ويبدو أن التأثر بقصة حزينة أو مؤثرة و"الاستمتاع" بالأمر ينبع من مشاعر "تقدير" بسبب التأمل في معنى الحياة أو الحقائق الأعمق.
يعرّف باحثون في علم النفس التخصصي أن التقدير من هذا النوع هو عبارة عن "حالة تجريبية تتميز بإدراك المعنى الأعمق، والشعور بالتأثر، وتمثل دافعاً للتفصيل والتأمل في الأفكار والمشاعر المستوحاة من التجربة (المحتوى)".
وبناءً على هذا التعريف، فمن الواضح أن تجربة التقدير إيجابية، حتى وإن نبعت من متابعة الأخبار المأساوية، ولكنها ليست بالضرورة "ممتعة".
بل بدلاً من ذلك، فإن المشاعر الإيجابية التي تثيرها عملية استهلاك الأخبار الحزينة والمأساوية تنجم عن عثور المستهلكين على معنى في القصص التي قاموا بمتابعتها، والاستمرار في التفكير في هذا المعنى بعد الانتهاء من استهلاكها.
توفر فرصة وإمكانية للنمو الشخصي
تشير الدراسات إلى أن هذا السلوك أيضاً يسهل على المستهلكين النظر في أسئلة كبيرة، مثل مَن نحن، وما الذي نقدر على فعله، وما الذي يجعل الحياة جديرة بالاهتمام. وبالتالي فإن التقدير يمكن أن يؤدي إلى النمو الشخصي والنضج.
وهذا يعني أن السبب الذي يجعل الناس يحبون القصص الحزينة هو أنها تمكنهم من التعامل مع المشاعر الرقيقة وذات المغزى وإثارة الأفكار التأملية التي قد يغفلون عنها ويتجاهلونها في خضم الحياة اليومية.
المصدر: السومرية العراقية
إقرأ أيضاً:
الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية
فازت الكويتية نجمة إدريس بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها السابعة اليوم الثلاثاء عن مجموعتها القصصية "كنفاه" الصادرة عن دار صوفيا للنشر في الكويت.
وتعد الجائزة، التي تأسست عام 2015، من أبرز الجوائز العربية في القصة القصيرة، وقد منحت سابقا لكتاب من مصر والمغرب والعراق وسوريا وفلسطين.
وقال مؤسس ورئيس مجلس أمناء الجائزة طالب الرفاعي إن "الرواية متسيدة في الإنتاج وفي الحضور وفي الجوائز أيضا، لذا انطلقت فكرة إنشاء جائزة تخص القصة القصيرة".
وأضاف أن الجائزة "تميزت منذ انطلاقها بأن يكون ضمن لجان الإعداد لها والذين جهزوا اللوائح الداخلية ونظامها الأساسي كبار كتاب القصة، وهو ما ضمن للجائزة حضورا عربيا كبيرا".
وكانت 10 مجموعات قصصية قد بلغت القائمة الطويلة للجائزة في ديسمبر/ كانون الأول، قبل أن تختصرها لجنة التحكيم في يناير/ كانون الثاني إلى 5 فقط.
وقال الكاتب والروائي أمير تاج السر رئيس لجنة التحكيم إن الجائزة "غدت مطمح كل كاتب قصة، وحلما راود الكثيرين، وهو ما كشفت عنه الإقبال المتنامي للمشاركة في الدورة السابعة التي استقبلت 133 مجموعة قصصية".
وأضاف أن ذلك "حدا بلجنة التحكيم إلى وضع معايير فنية دقيقة وواضحة، والعمل وفق تلك المعايير لقراءة وغربلة القصص، وفق جدول زمني، أخذها إلى الكثير من اللقاءات والنقاشات والحوارات، لحين الوصول إلى القائمة الطويلة ومن ثم القائمة القصيرة".
تستمد المجموعة القصصية "كنفاه" عنوانها من إحدى قصصها، وهو اسم مستوحى من فن التطريز على النسيج برسوم ملونة، كما يظهر في تصميم غلافها، في إشارة رمزية إلى تفاصيل الحياة المتداخلة التي تنسجها القصص. تمنح المجموعة صورة غنية عن المجتمع وتحمل في طياتها دعوة للتأمل في مصائر الشخصيات وصراعاتها الداخلية.
إعلانتضم المجموعة عددا من النصوص القصيرة التي تتشابه في حجمها لكنها تتنوع في شخصياتها وخلفياتها الاجتماعية، حيث تقدم نماذج مختلفة مثل أمهات من الطبقة الوسطى، مراهقات، وأفرادا من طبقات فقيرة، كما تسلط الضوء على شخصيات تعيش تجربة الاغتراب. والمشترك الأبرز بين أبطال القصص هو معاناتهم من الأسى الخفي، إذ تجمعهم محاولات مستمرة للبحث عن السعادة وسط يأس متولد عن تجارب حياتية قاسية تركت أثرها العميق في نفوسهم.
تميزت قصص المجموعة بأسلوب سردي مقنع، حيث جاء صوت كل شخصية متفردًا ومتماشيًا مع طبيعتها، رغم اختلاف الضمائر المستخدمة بين السرد بضمير الغائب والمتكلم. وتتناول القصص مواضيع مثل الاكتئاب، الاغتراب، العلاقات الأسرية، قهر العمالة الوافدة، وتأثير الماضي على الحاضر، وذلك من خلال شخصيات تنتمي لطبقات مختلفة داخل الكويت وخارجها. وجاء السرد هادئا وعميقا، بعيدا عن التكلف أو الغضب، مع حبكات فلسفية وإنسانية تقدم مفارقات مؤثرة، حيث يظهر الأسى في خلفية الأحداث دون أن يكون معلنا، عبر همسات سردية خافتة تعكس ألم الشخصيات الصامت.
استخدمت الكاتبة لغة سردية بليغة تناسب أجواء النصوص، واستعانت بالمفردات التراثية في بعض القصص، مثل قصة "فريج"، وهي أطول قصص المجموعة وتعكس الحياة الكويتية قبل النفط، حيث تربط بين جيلين مختلفين، مستعرضة التحولات الاجتماعية من زمن الحياة البسيطة إلى العصر الحديث.
تتنوع القصص بين الطابع الواقعي والتأملي، كما في قصة "هي التي تكلم الأشجار" والتي تختلف عن بقية قصص المجموعة لطابعها التأملي شديد الشعرية، إذ مزجت بين الحلم والواقع.
ولقد اشتهرت الكاتبة الكويتية "نجمة إدريس" بكتاباتها الشعرية التي رافقت مسيرتها الإبداعية لسنوات، قبل أن تتجه إلى عالم السرد الروائي، حيث أصدرت أعمالا مثل "حدائقهن المعلقة" و"سيرة الغائب" وغيرهما. وتأتي كنفاه ضمن أحدث أعمالها، وتميزت بتنوعها بين الواقعية والبعد التاريخي.
جدير بالذكر أن جائزة الملتقى أسسها الأديب الكويتي "طالب الرفاعي" بهدف تعزيز فن القصة القصيرة في العالم العربي وتشجيع الإبداع الأدبي بالشراكة مع الجامعة الأميركية في الشرق الأوسط بالكويت، والتي تعد الراعي الرئيسي للجائزة، عقب توقيع مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي والجامعة الأميركية في الكويت يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
إعلانولدعم الكتاب العرب في مجال القصة القصيرة وإبراز الإبداع الأدبي العربي عالميا، تقدم الجائزة مكافأة مالية للفائزين، بالإضافة إلى ترجمة الأعمال المرشحة للفوز إلى اللغة الإنجليزية، مما يتيح الوصول إلى جمهور عالمي أوسع.
وقد فاز بها في الدورات السابقة كتاب من عده دول مثل المغرب والعراق وسوريا ومصر وفلسطين.