لوموند: السنوار سيد اللعبة في غزة
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
أرادت إسرائيل أن تجعله ينحني لشروطها بالقوة، فمارست عليه حرب أعصاب لا هوادة فيها، لكن صمود حركته في مواجهة قصفها المروع لقطاع غزة طيلة شهر ونصف الشهر، جعلت زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بغزة يحيى السنوار هو المستفيد مما حدث حتى الآن.
هذا ما تراه صحيفة "لوموند" الفرنسية، إذ تقول إن عنف القصف الإسرائيلي الذي خلف أكثر من 14 ألفا و800 شهيد منذ بدء الحرب، والضغوط التي مارسها أهالي الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أجبرا إسرائيل على قبول التفاوض.
وذكرت الصحيفة، في تقرير مشترك لمراسلها في إسرائيل جان فيليب ريمي ومراسلتها في لبنان هيلين سالون، أن السنوار هو من تولى التفاوض وهو من يناقش تفاصيل كل نقطة من اتفاقية الهدنة، بدءًا من إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وحتى إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.
وأضافت أن هذا الزعيم هو من يملي إيقاع تطور الأمور منذ دخول هذه "الهدنة" حيز التنفيذ يوم الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كما أنه على استعداد لكبح إسرائيل إن هو لاحظ أنها تنتهك شروط التفاوض.
وبذلك يكون هذا الزعيم الفلسطيني، البالغ من العمر 61 عاما، قد تحدى -وفقا للصحيفة- كل أولئك الذين قدموه في إسرائيل على أنه "رجل ميت" بالفعل، لكن على النقيض من ذلك لم يبق السنوار على قيد الحياة بعد مرور 50 يوما على بدء الحرب فحسب، بل حقق انتصارا سياسيا جديدا.
ونقلت في هذا الصدد عن المستشار السابق لعدد من رؤساء جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (شين بيت) ماتي شتاينبرغ قوله "شخص مثل السنوار يعرف كيف يفك رموز الإسرائيليين بشكل جيد للغاية. لقد فهم قادة حماس بشكل أساسي تمامًا الانقسامات في البلاد، وبالتالي ضعفها، ولكنهم أيضًا يفهمون حقيقة أنه لمحاربة جيش أقوى بكثير من حيث الوسائل والرجال، من الضروري اللجوء إلى أسلحة مختلفة، بما في ذلك الرهائن، وكل عملية إطلاق سراح للرهائن هي بمثابة تذكير بهذا النصر في نظر الرأي العام الفلسطيني"، وفقا لشتاينبرغ.
وقالت لوموند إن السنوار، الذي اعتقلته إسرائيل عام 1989 وحكمت عليه بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة بتهمة اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين ومن يتهمهم بأنهم عملاء فلسطينيون لإسرائيل، أطلق سراحه فيما باتت تعرف بصفقة "شاليط"، ورفض -ولدهشة الجميع- التوقيع على وثيقة يتعهد فيها بعدم رفع السلاح في وجه إسرائيل، قائلا إنه مستعد للبقاء في السجن إذا كان ذلك هو الثمن الذي عليه أن يدفعه.
وأبرزت لوموند أن السنوار هو الهدف الأول لإسرائيل في حملتها العسكرية الحالية على غزة، وقد تعهد وزير دفاعها بداية الشهر الحالي أنهم لن يجعلوا حدا لعملياتهم ما لم يصفوا السنوار بالذات وقادة آخرين، وهو ما علقت عليه الصحيفة بقولها إن موته لن يحسم المصير السياسي لحماس.
وأضافت أن لهذه الحركة الفلسطينية منتقديها، خاصة في قطاع غزة الذي جرته معها لهذا القصف الإسرائيلي، لكنها اكتسبت أيضا الكثير من المؤيدين، الذين يرحبون بالضربة التي يتلقاها العدو، في الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية.
وختمت لوموند بالقول إن حماس من خلال إبرام اتفاق مع إسرائيل تثبت نفسها كمحاور لا يمكن تجاوزه: اليوم هدنة، وربما غدا "اليوم التالي"، وفضلا عن ذلك يرى مسؤولو (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) فتح الآن أن من الضروري التصالح مع الحركة، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني، لكن إيقاع الأحداث ما زال يمليه، من غزة، يحيى السنوار.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تمهيد لخلافة عباس.. حماس تستنكر تعيين “الشيخ” نائباً للرئيس الفلسطيني
الجديد برس|
وصفت حركة حماس في أول تعليق رسمي لها على تعيين حسين الشيخ نائباً للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه خطوةٌ مستنكرة وجاءت استجابةً لإملاءات خارجية، وتكريساً لنهج التفرد والإقصاء، بعيداً عن التوافق الوطني والإرادة الشعبية وبأنه يعكس إصرار القيادة المتنفذة في منظمة التحرير على الاستمرار في تعطيل مؤسساتها، وفقا للحركة.
وقالت حماس في بيانها ” إنّ أولوية شعبنا الفلسطيني اليوم هي وقف العدوان وحرب الإبادة والتجويع، وتوحيد الجهود لمواجهة الاحتلال والاستيطان، لا توزيع المناصب وتقاسم كعكة السلطة إرضاءً لجهات خارجية”.
ودعت الحركة الفصائل والقوى الفلسطينية كافة إلى رفض هذه الخطوة، والتمسّك بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية، بعيدا عن الإملاءات والوصاية، وبما يعبّر عن إرادة الشعب، ويخدم قضيته العادلة، وفقا للحركة .
وكان المجلس المركزي الفلسطيني المؤلّف من 188 عضواً، قد صوّت الخميس على استحداث منصب نائب الرئيس.
وفي منشور عبر صفحته الرسمية على منصة “إكس”، أعلن الشيخ اختياره لمنصب نائب الرئيس، وكتب: “أعاهدكم عهد بلادنا أن نبقى جنوداً أوفياء لشعبنا وتضحياته”.
“تمهيد لخلافة عباس”
ويرى مسؤولون فلسطينيون ومحللون أن تعيين الشيخ يمهّد له الطريق لخلافة عباس في قيادة منظمة التحرير، وليكون مرشحاً قوياً لرئاسة السلطة الفلسطينية في حال إجراء انتخابات.
ونقلت وكالة فرانس برس عن عارف جفال، مدير مركز المرصد للرقابة على الانتخابات، قوله: “يمكن أن تكون هذه الخطوة بالفعل تمهيداً لخلافة عباس”، مشيراً إلى أنها “أتت نتيجة ضغوط خارجية، لأن التغيير يجري دائماً بضغوط خارجية”، ومضيفاً: “للأسف الشديد، الضغوط الداخلية من أجل الإصلاح والتغيير معدومة”.
وكان الرئيس الفلسطيني قد تعهّد في اجتماع القمة العربية الطارئ الذي عُقد في القاهرة في الرابع من مارس/ آذار الماضي، بـ”إعادة هيكلة الأطر القيادية للدولة الفلسطينية، وضخ دماء جديدة في منظمة التحرير وحركة فتح وأجهزة الدولة”.
وأجرى عباس منذ ذلك الوقت تغييرات إدارية أبرزها داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ويرى مدير المركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات هاني المصري، إن هذا الإجراء “ليس إصلاحياً، إنما استجابة لضغوط خارجية، ومع ذلك لا يلبي المطلوب خارجياً. فالمطلوب نائب رئيس للسلطة تنقل له صلاحيات السلطة في حياة الرئيس”.
وتبنّى القادة العرب خلال قمتهم خطة لإعادة إعمار غزة وضمان عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، ودعوا إلى توحيد الصف الفلسطيني تحت مظلة “منظمة التحرير الفلسطينية” التي تضمّ ممثلين عن كل الفصائل الفلسطينية باستثناء حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي.
من هو حسين الشيخ؟
الشيخ المقرّب من عباس، يبلغ من العمر 64 عاماً. وهو من مواليد مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة لعائلة لاجئة من دير طريف.
أمضى الشيخ أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات.
وبرز اسمه خلال رئاسته الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية برتبة وزير، التي كانت مكلفة بتنظيم العلاقة مع الجانب الإسرائيلي في الشؤون الحياتية اليومية للفلسطينيين. ويذكر أن الشيخ يجيد اللغة العبرية التي تعلّمها في السجن.
وتمّ تكليف الشيخ عام 2022 بأمانة سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان مسؤول دائرة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عقب وفاة صائب عريقات عام 2020.
وفي وقت سابق، عيّن الرئيس الفلسطيني الشيخ رئيساً للجنة السفارات الفلسطينية في الخارج.
ويرى الشيخ أن أولوية العمل الفلسطيني “يجب أن تتركّز على إنهاء الحرب في غزة، وفرض السيطرة والولاية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية على قطاع غزة والضفة الغربية”.
ردود فعل دولية
تعيين الشيخ نائباً للرئيس الفلسطيني لاقى ردود فعل واسعة، إذ أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب الرياض بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية بما في ذلك استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية/ نائب رئيس السلطة الفلسطينية، وتعيين حسين الشيخ في هذا المنصب.
وأكدت في بيان لها السبت، أن “هذه الخطوات الإصلاحية من شأنها تعزيز العمل السياسي الفلسطيني بما يسهم في جهود استعادة الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير من خلال إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الأردنية، تعيين حسين الشيخ، نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائباً لرئيس السلطة الفلسطينية، “خطوة إصلاحية هامة ضمن الإجراءات التحديثية التي تتخذها الدولة الفلسطينية”.
كما رحبت مصر بتعيين القيادي الفلسطيني حسين الشيخ نائبا لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائبا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
جاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية المصرية، أكدت القاهرة من خلاله دعمها لهذه الخطوة، التي قالت إنها “تأتى في سياق جهود السلطة الفلسطينية.. بما يستهدف تدعيم الجبهة الداخلية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني”.
وهنأ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الشيخ خلال اتصال هاتفي، على اختياره لهذا المنصب الجديد، معربا عن تمنياته له بالتوفيق “في جهوده وجهود السلطة الفلسطينية الرامية لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ القضية الفلسطينية”، وفقا لبيان الخارجية المصرية.
وهنأ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حسين الشيخ على توليه منصبه الجديد، وذلك في اتصال هاتفي بين الجانبين، مؤكداً وقوف بلاده إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى تحقيق حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها “تجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
كما رحّبت البحرين والإمارات بالقرار الذي اعتبرتاه خطوة نحو الإصلاح.