عربي21:
2025-02-05@12:59:35 GMT

ثلاث دول باتت عبئاً على أميركا

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

بعد أن كانت الولايات المتحدة تعتمد على قواعدها العسكرية لبسط نفوذها على العالم، في مختلف أرجائه، في الشرق والجنوب خاصة، وبعد أن لفظت حركات التحرر التي ظهرت على هامش الحرب الباردة معظم هذه القواعد العسكرية من بلادها، صارت أميركا تعتمد على ما يمكن وصفه بالدول العميلة وهي غير الدول الحليفة، ذلك أن الدول العميلة لها وظيفة محددة، وهي صد إمكانية أو احتمال دولة عظمى عن منافسة أو تهديد النفوذ الأميركي الخارجي، أو الحفاظ على ذلك النفوذ وتلك السيطرة من أي تهديد في المستقبل.



وفي هذا السياق، نحاول أن نستعرض ما آلت إليه أحوال العلاقة بين نماذج ثلاثة من الدول التي تعتبر مرتبطة تماماً بالولايات المتحدة، أو حتى أنها تقوم بمهمة رئيسة من أجلها، وليس من أجل شعبها أو مستقبلها أو حتى كيانها، وهذه الدول الثلاث هي: تايوان، أوكرانيا، وإسرائيل. ورغم أن الولايات المتحدة جربت مثل هذا النموذج خلال الحرب الباردة، ورغم أن بعض النماذج التي صنعتها قد نجح نسبياً وبعضها قد فشل تماماً، إلا أن الأهم هو أنها لم تتعلم الدرس، وأنها لم تدرك بعد أن عصرها الإمبريالي قد ولى، وأن تلك «الدول» التي ربطتها معها بحبل سري، قد صارت - بدلاً من أن تكون عوناً أو حتى عيناً لها - عبئاً عليها، بأكثر من معنى، اقتصادي، أمني، سياسي، وحتى شعبي وأخلاقي.
بعد انقلابات عدة ضد الأنظمة الشيوعية التي ظهرت في أميركا الجنوبية، نجحت أميركا في اغتيال وإسقاط نظام سلفادور الليندي في تشيلي، لكنها فشلت طوال عقود طويلة في إسقاط نظام فيدل كاسترو في كوبا، كذلك فشلت في شرق أوروبا إلى أن ظهر ليخ فاليسا زعيم نقابة التضامن البولندية، والذي تولى رئاسة بولندا بين عامَي 1990 - 1995 بعد أن أسقط نظامها الشيوعي، ما فتح الأبواب لسقوط كل الأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا ثم في الاتحاد السوفياتي نفسه، والى تفكك الاتحاد السوفياتي واتحادات الدول الشيوعية، في يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وهذا ما شجع الولايات المتحدة، لاحقاً على الاعتقاد بأن زعامتها الأحادية للعالم، ستبقى إلى ما شاء الله.

وحقيقة الأمر، أن بعض النماذج من الدول التي تتبع أميركا باعتبارها زعيمة العالم الرأسمالي، وذلك إبان الحرب الباردة، كانت عبارة عن انقسامات لقوميات ما بين قطبَي عالم الحرب الباردة، هنا يبرز نموذج كوريا، الشمالية والجنوبية، والذي ما زال قائماً، ونموذج ألمانيا الشرقية والغربية الذي انهار مع انتهاء الحرب الباردة، وكان الجنوب الكوري والغرب الألماني اختارا النمط الرأسمالي، مقابل الدولة الشيوعية التي اختارها شقاهما الشمالي والشرقي، وكان هذا حتى حال اليمن العربي الذي كان منقسماً ما بين دولتَي الجنوب والشمال، وهكذا يمكن القول: إن هناك دولاً حليفة للولايات المتحدة، ليس على قاعدة اختيار نموذج الحياة الرأسمالي فقط، وإنما على قاعدة أمنية عسكرية، في مواجهة جار مختلف، أو أنهما في حالة حرب وصراع، يدفع الدول الحليفة للولايات المتحدة، لأن ترتمي في أحضانها تماماً، نظراً لكونها حاميتها العسكرية.

اليابان وألمانيا كانتا عدوتين للغرب الرأسمالي، رغم أنهما لم تختارا النظام الشيوعي، بل كانت الحرب بينهما وبين الغرب، على أساس التنافس في الهيمنة الإمبريالية، فاليابان كانت عملياً تحتل الصين، وألمانيا احتلت معظم الشرق الأوروبي بما في ذلك فرنسا، لكنهما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بهزيمتهما، منعتا من التسلح، فركزتا جهدهما على التمنية الاقتصادية، وهكذا تحولتا إلى عملاقين اقتصاديين، يتمتعان بدرجة ما من الاستقلال عن التبعية الأميركية الكاملة، فيما كانت كوريا الجنوبية، أكثر منهما نسبياً فيما يخص التبعية لأميركا، كونها رغم قوتها الاقتصادية، فإنها لم تجمع بين القوة العسكرية والاقتصادية، لذلك بقيت بحاجة إلى الحماية الأميركية في مواجهة قوة الشمال الكوري العسكرية.

ولأن الحماية الأميركية العسكرية ليست مجانية، فإن مقابلها يكون في الحفاظ على النفوذ الأميركي حتى في العلاقة مع أوروبا الغربية، أو أوروبا كلها بعد انتهاء الحرب الباردة، لذا بقي بعض الجيوب المتمردة على نظام أميركا العالمي، التي تعاجلها أو تستمر في التعامل معها وفق منطق «التعايش» إلى حين، كما يتعايش بعض مرضى السكر أو الضغط مثلاً، وهذا ينطبق على نموذج الكوريتين، أو فنزويلا وكوبا في أميركا الجنوبية، لكنه ليس كذلك فيما يخص تايوان وإسرائيل وأخيراً أوكرانيا.
العلاقة مع إسرائيل بقيت رغم أن إسرائيل أقيمت كقاعدة عسكرية متقدمة للغرب الإمبريالي للحفاظ على نفوذه في الشرق الأوسط النفطي، برعاية بريطانيا زعيمة ذلك الغرب ما بين الحربين العالميتين أولاً، وأميركا زعيمته منذ ما بعد الحرب الثانية، رغم توالي العصور، منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم، وذلك يعود إلى أهمية الشرق الأوسط من جهة، وإلى عقدة الغرب فيما يخص المحرقة، فيما ازدادت أهمية تايوان، والتي كانت في طريقها للالتحاق بالصين، كما حدث مع هونغ كونغ من قبل، لولا تعاظم قوة الصين الاقتصادية، ومنافستها لأميركا نفسها في هذا المجال جامعة ما بين القوتين الاقتصادية والعسكرية، وانفتاح أبواب العالم أمام بضائعها أولاً ثم أمام مشاريعها ثانياً.

أما أوكرانيا فقد تم «اختراعها» كدولة عميلة، حديثاً، وذلك بعد أن تولى جو بايدن إدارة البيت الأبيض، لأنه اختار سياسة تحطيم الطموح الروسي بالخروج عن طوع أميركا، وفي الوقت الذي حاول فيه تحييد إيران، للاستفراد بالصين، زج بأوكرانيا في أتون حرب استنزاف لروسيا، لكن وحيث لم يسقط نظام بوتين، فإن استمرار الحرب في أوكرانيا منوط بأميركا، ذلك أن روسيا أخذت من أوكرانيا ما تريد، أي شرقها وجنوبها وضمته لها، وفقدت أوكرانيا معظم قوتها العسكرية وتعرضت مدنها للدمار ولتشريد الملايين من شعبها.

تحولت أوكرانيا بسبب الفشل في إلحاق الهزيمة بروسيا، إلى عبء مالي وسياسي على أميركا، فمن أصل نحو مائة مليار دولار منحت لأوكرانيا خلال الحرب، كان نصف هذا المبلغ من أميركا وحدها، وقد ظهر ذلك جلياً في موافقة الكونغرس على 46.6 مليار دولار من المساعدات العسكرية المباشرة لأوكرانيا، أما تايوان، فقد بدأت ميزانية الدفاع الأميركية تخصص مبلغاً صريحاً لتايوان، حيث أقر الكونغرس الأميركي في أواخر العام الماضي أن تتضمن ميزانية الدفاع مبلغ 10 مليارات دولار كمساعدات عسكرية ومبيعات أسلحة لتايوان.

أما الدعم الأميركي المالي والعسكري لإسرائيل فليس له مثيل، حيث تقدر المساعدات لإسرائيل بـ 55% من مجمل المساعدات الأميركية الخارجية، وتشير التقديرات إلى أن أميركا منحت إسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948 نحو 270 مليار دولار، وأنها أقرت مساعدات لها خلال عشر سنوات ما بين عامَي 2019 - 2028 بقيمة 28 مليار دولار، وهذه المساعدات تشكل 18% من الميزانية العسكرية الإسرائيلية.

ولا يقتصر الأمر على منح أميركا إسرائيل القسط السنوي المتمثل بالتزامها خلال العشر سنوات المشار إليه، والذي بلغ العام 2020 (3.8) مليار دولار، فقد منحت أميركا إسرائيل خمسة مليارات أخرى في ذلك العام لتوطين المهاجرين الجدد في إسرائيل.

واليوم وبعد وقوع الحرب السادسة على قطاع غزة، وبعد تقديم أميركا كل ما احتاجته إسرائيل من ذخائر، عبر جسر جوي احتوى على مساعدات عسكرية تقدر بـ 8 مليارات دولار ألقتها على قطاع غزة، بما يعادل ثلاث قنابل نووية من مثل تلك التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين من قبل أميركا في الحرب العالمية الثانية، وذلك حسب تقديرات المراقبين، إضافة إلى كل ذلك، فإن إسرائيل طلبت مساعدات طارئة بقيمة 10 مليارات دولار، وكل هذه الأموال تصرف للإبقاء على النفوذ الإمبريالي الأميركي الذي ينهب ويسرق مقدرات شعوب العالم، وإضافة إلى ما صرفته أميركا في السنوات الأخيرة بالعراق وأفغانستان للغاية ذاتها، فإن كل تلك المبالغ كان يمكنها أن تمنح البشرية ما يسد رمق ملايين الجوعى، وما يمنح البشر السعادة والحياة الأفضل.
(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الولايات المتحدة غزة فلسطين الولايات المتحدة غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب الباردة ملیار دولار ما بین رغم أن بعد أن

إقرأ أيضاً:

هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها

قالت صحيفة "الغارديان" تقريرا إن أنظار العالم ظلت متركزة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن وحشية الحرب تنتشر في أماكن أخرى من العالم.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21" أن الشعور المنتشر هذه الأيام هو أن العالم أصبح مكانا خطيرا، لكن هل هذا صحيح؟ لا تساعد المقارنات التاريخية للإجابة على هذا السؤال، بحسب التقرير.

 يشير التقرير إلى أن القراءة الأخيرة لـ"ساعة القيامة"، والتي تقدم إجراءات رمزية لاقتراب الكوارث الدولية وفق مجموعة من علماء الذرة  الدوليين، أن الساعة الآن هي عند 89 ثانية قبل منتصف الليل، مشيرة إلى التهديدات الناجمة عن تغير المناخ والأسلحة النووية والذكاء الاصطناعي. حيث تقدمت ساعة القيامة مرة أخرى أقرب إلى منتصف الليل وسط تلك التهديدات.



وكانت الساعة تشير إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل خلال العامين الماضيين.

وقال دانييل هولز، رئيس مجلس العلوم والأمن في "مجموعة القيامة" التي أسسها ألبرت أينشتاين ويوليوس روبرت أوبنهايمر وعلماء مشروع مانهاتن في شيكاغو عام 1947: "عندما تكون على هذه الهاوية، فإن الشيء الوحيد الذي لا تريد القيام به هو اتخاذ خطوة إلى الأمام".

والمهم من تحذيرات العلماء هي أن التهديدات هذه لم تعد تدار بطريقة جيدة. وعززت الكوارث الطبيعية والصحية، مثل حرائق لوس أنجلوس، والجفاف بمنطقة الساحل، واندلاع مرض إيبولا، من مفاهيم أن العالم يخرج عن السيطرة.

 ويقول تيسدال إن التصرفات التخريبية للدول والحكومات هي عامل مهم في زعزعة استقرار العالم، من خلال ميلها المتزايد إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والحدود الدولية وحقوق الإنسان الأساسية والمحكمة الجنائية الدولية.

فعندما يهدد الرئيس الأمريكي الذي يعد تقليديا الحارس الرئيسي للنظام القائم على القواعد والذي أنشئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945،  بمهاجمة حليف في أوروبا الغربية عسكريا للاستيلاء على أراضيها ذات السيادة، فلا عجب أن يشعر الجميع بمزيد من غياب الأمن. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما يفعله دونالد ترمب في محاولته ترهيب الدنمارك لتسليم غرينلاند.

ويواجه جيران ترمب  في بنما والمكسيك وكولومبيا وكندا ترهيبا مماثلا.

وقامت المنظمة غير الربحية "أماكن النزاعات المسلحة وبيانات الأحداث" المعروفة باسها المختصر "أكليد" بإعداد معلومات وتحليلات للمساعدة في تتبع العنف والتخفيف منه.

وتشير التقديرات إلى أن الصراعات العالمية تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن حوادث العنف السياسي في عام 2024 زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وأن واحداً من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب.

وبهذه المقاييس، فإن الاعتقاد بأن العالم أصبح أكثر خطورة مبرر تماماً.

وفي حين تحظى بعض الحروب، مثل الحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، باهتمام إعلامي ضخم، فإنها تشكل استثناءات.

فمعظم الصراعات الحالية، سواء كانت تنطوي على حروب وغزوات في السودان والكونغو، أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان والتيبت، أو حرب العصابات في هاييتي وكولومبيا، أو المجاعة الجماعية في اليمن والصومال، أو القمع السياسي في نيكاراغوا وبيلاروسيا وصربيا، لا تحظى بالتغطية الكافية أو يتم نسيانها أو تجاهلها.

وتحتاج الحروب المتطورة كتلك بين الصين وتايوان، والولايات المتحدة- إسرائيل وإيران إلى اهتمام قريب. وكل هذه النزاعات تقدم صورة رهيبة عن عالم أصبح مدمنا على الحرب.



الكونغو- رواندا
ولو ألقينا نظرة خاطفة على حالة العالم الحالية والحروب المندلعة فيه فإننا نرى أن الحرب قد اندلعت وتطورت بشكل كبير بين رواندا والكونغو.

فالحرب المستمرة على الحدود بين البلدين أصبحت في مركز الأخبار عندما دخلت القوات الرواندية ومجموعات المتمردين المعروفة باسم "أم23" مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث اتهمت الأمم المتحدة الرئيس الرواندي بول كاغامي بتوجيه ودعم "أم 23" وإرسال قواته إلى داخل الأراضي الكونغولية.

وفي قلب النزاع صراع على المصادر الطبيعية في منطقة فقيرة من الكونغو، فهي غنية بخام كولتان المطلوب بشدة في الغرب.

ففي الوقت الذي أدى الهجوم الأخير إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، شجبت فيها فرنسا وبريطانيا رواندا ودعمت الولايات المتحدة سيادة الكونغو على أراضيها، وأعلنت ألمانيا دعمها لرواندا، إلا أن الخطوات هذه متأخرة، وبخاصة أن الاتحاد الأوروبي وقع اتفاقية استراتيجية للمعادن مع نظام كيغالي. كما يأتي شجب بريطانيا فارغا، فقد اعتبرت الحكومة السابقة في لندن نظام كاغامي بأنه نموذج يمكن نقل طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا إليه. وأكثر من هذا فالنزاع في الكونغو مستمر منذ عقود.

ميانمار
وهناك النزاع في ميانمار، فقد شهد العام الماضي مقاومة مسلحة للمجلس العسكري الذي أطاح بحكومة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سوكي عام 2021.

ورد الجنرالات بما أسمته منظمة هيومان رايتس ووتش بأساليب "الأرض المحروقة". وتشمل هذه الضربات الجوية العشوائية ضد المدنيين والقتل والاغتصاب والتعذيب والحرق العمد "التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار في" سقوط مستمر" حيث سيحتاج 20 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2025.

وتم فرض التجنيد الإجباري على الشباب والأطفال باستخدام عمليات الاختطاف والاحتجاز.

ولا تزال أونغ سان سوكي قيد الاعتقال، وهي واحدة من 21 ألف سجين سياسي. ولا يزال المدنيون من أقلية الروهينغا المسلمة مستهدفين في ولاية راكين.

ويظل السياق الأوسع للنزاع في ميانمار هو فشل مجموعة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" للرد على هذا الكابوس وتسامح الصين مع النظام العسكري، فيما تورد روسيا السلاح للنظام العسكري.

هاييتي
وفي هاييتي، التي توصف بأنها أفقر دولة في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، ولديها سمعة بأنها غير محكومة، حيث فشلت سلسلة من التدخلات الخارجية قادتها أمريكا بتحقيق الاستقرار.

واحتلت امريكا البلد فعليا ما بين 1915 و 1934. وفي آخر تدخل أمريكي أرسل بيل كلينتون في عام 1994  20 ألف جندي لفرض النظام، ولم يستمر ذلك إلا لفترة مؤقتة، وجاءت قوات الأمم المتحدة وخرجت.

ودخلت هاييتي في الفوضى بعد مقتل الرئيس جوفينل مويس عام 2021 وسيطرت العصابات المسلحة على البلد. وآخر مساعدة خارجية جاءت من كينيا. وقتل في الفوضى الحالية أكثر من 5,300 شخص وشرد 700 ألف شخص.

إثيوبيا- الصومال
أما النزاع الصومالي- الإثيوبي، فقد تعرضت صورة إثيوبيا كنموذج للمساعدات الدولية وجهود التنمية لإعادة مراجعة كبيرة في السنوات الأخيرة، وتزامنا مع صعود رئيس وزرائها، آبي أحمد، إلى السلطة في عام 2018.

ولم يتم حتى الآن تقديم محاسبة كاملة وعلنية للحملة العسكرية المدمرة التي شنها آبي أحمد في إقليم تيغراي الشمالي والتي انتهت بهدنة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.

وقد ساءت سمعة إثيوبيا والقوات الإريترية المتحالفة مع متمردي التيغراي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة.

وتتواصل هذه في ظل آبي أحمد إلى جانب تراجع الديمقراطية وقمع حرية التعبير ومنع الإنترنت إلى جانب النزاع مع الصومال بشأن الوصول إلى مياه البحر.

كما يزداد القلق بشأن منطقة أمهرة الإثيوبية، حيث تتصاعد أعمال القمع والاعتقالات واسعة النطاق لمعارضي الحكومة وسط صراع مستمر مع الجماعات المسلحة.

إيران
في إيران فإن نظام الحكم عانى من ضربات موجعة في عام 2024، وخسر عددا من حلفائه في لبنان وسوريا. ويواجه النظام عددا من التحديات المحلية، وليس أقلها السكان وغالبيتهم من الشباب الغاضبين بشكل متزايد على الفساد والعنف والقمع ومن العجز الحكومي. وشهدت إيران خلال الـ 15 عاما الماضية ثلاث انتفاضات واسعة، عام 2009 و2019 و 2022.

تركيا- سوريا
وعلى الحدود التركية- السورية هناك تغيرات كبيرة، فقد استطاعت هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع الإطاحة بالرئيس بشار الاسد، حليف إيران وسوريا. ورغم ترحيب الغرب ودول الخليج بالتغيير إلا أن الخطوات تجاه إعادة تأهيل النظام الجديد بطيئة. ولكن الوضع الأمني لا يزال هشا في البلد وبخاصة المواجهات بين جماعات الأكراد المدعومة من أمريكا وتلك التي تدعمها تركيا.

السودان
وفي السودان، عادة ما يشير المعلقون الصحفيون إلى الوضع الأمني والكارثة الإنسانية هناك بأنه "النزاع المنسي"، والحقيقة هو أنه أسوأ، فهو ليس منسيا لكن تم تجاهله منذ الفوضى في عام 2023.

نزح الملايين من مدنهم ومجتمعاتهم وانتشرت المجاعة نتيجة للنزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تتهم الأخيرة بارتكاب إبادة جماعية بدارفور واستخدام العنف الجنسي كوسيلة حرب هناك.

وربما انتهى التجاهل الدولي للسودان في عام 2025، ويقول مدعى الجنائية الدولية، كريم خان إنه سيسعى إلى اعتقال المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وفظائع أخرى في دارفور على افتراض أنه يمكن القبض عليهم.

وبمعنى ما، يعيد التاريخ نفسه. في عام 2003، أصبحت دارفور مرادفة للإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع. مع أن وقف الحرب الأوسع في جميع أنحاء السودان أكثر تحديا.

باكستان- أفغانستان
وعلى جبهة باكستان وأفغانستان، فقد كان تخلي المجتمع  الدولي عن أفغانستان لصالح طالبان في عام 2021 مخزيا ومكلفا سياسيا. وخسرت النساء والفتيات الأفغانيات، اللائي تعرضن مرة أخرى لمنعهن مرة من الحريات الشخصية والحق في التعليم وتولي الوظائف.

 وفي الأسبوع الماضي، اتخذت المحكمة الجنائية الدولية خطوات لمعالجة هذه الانتهاكات، حيث أعلنت أنها ستسعى إلى اعتقال كبار قادة طالبان مثل هيبة الله أخوندزاده وعبد الحكيم حقاني بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس الجنس، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم.

ويظل منظور الاستقرار في أفغانستان عام 2025 موضع شك، حيث تعاني الدولة من  الفقر.

كما تبدو باكستان المجاورة غير مستقرة إلى حد كبير بعد عام من الاضطرابات السياسية التي تركت رئيس الوزراء السابق الشعبي عمران خان في السجن وسياسي مدعوم من الجيش، شهباز شريف، في السلطة.



اليمن
في اليمن، وصف البلد بأنه  أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم، وربما لا يزال كذلك، على الرغم من الأهوال المتزايدة في السودان.

ولكن منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تحول الاهتمام العالمي بعيدا عن الأزمة المحلية في اليمن إلى الحوثيين. لقد أثارت هجماتهم الصاروخية على السفن الغربية في البحر الأحمر، وعلى "إسرائيل"، دعما لشعب غزة، أعمالا انتقامية من الولايات المتحدة وبريطانيا وآخرين. وبعد وقف إطلاق النار في غزة، توقفت هجمات الحوثيين ضد السفن، لكن الحرب الأهلية الأوسع مستمرة.

الولايات المتحدة- المكسيك
وأخيرا هناك النزاع الأمريكي- المكسيكي، وكأن المكسيك بحاجة للمزيد من المشاكل فوق ما تعاني. فعسكرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ومطالبه الصبيانية بإعادة تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا، من المؤكد أنها ستجعل الأمور أسوأ.

وقد حذر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الأسبوع الماضي من أن "استخدام ترامب الأساليب العقابية للهجرة سيثقل كاهل دولة المكسيك بمزيد من الأعباء ويعرقل النمو الاقتصادي الإقليمي ويثري العصابات الإجرامية"، مما يجعل البلدين أقل أمانا وأقل ثراء. كما أن سياسة ترامب القائمة على "البقاء في المكسيك" للمهاجرين قد تزعزع استقرار البلد في وقت تعهدت فيه الرئيسة الجديدة كلوديا شينباوم ببداية جديدة.


مقالات مشابهة

  • مصر ضمن الدول الأكثر امتلاكاً للطائرات العسكرية للعام 2025 (إنفوغراف)
  • أرباح شركة PepsiCo تفوق التقديرات.. لكن الطلب على منتجاتها ينخفض ​​في أميركا الشمالية
  • أسعار الدولار ترتفع في ثلاث محافظات عراقية
  • الرسوم والعقوبات.. هل يخاطر ترامب بفقدان أميركا مكانتها لصالح الصين؟
  • أميركا تستعد لبيع أسلحة جديدة لإسرائيل بمليار دولار
  • وول ستريت: أميركا تزود إسرائيل بصفقة قنابل كبيرة 
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • مغردون: رسوم ترامب الجمركية قد تقود أميركا إلى العزلة الاقتصادية
  • سنرد بالمثل.. تنسيق بين الدول التي فرض ترامب رسوماً غير قانونية بحقها 
  • كندا تردّ على الرسوم الجمركية التي فرضتها عليها أميركا