مدرسة في عالم الموسيقى العالمية بل فلسفة نادرة الوجود رحل محمد الأمين ورحل معه عبق الزمن الجميل (1)
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
www.badawi.eu
قلنا ما ممكن تسافر:
في ذكرى رحيل هذا العملاق ومآثره التي تركها لنا وهي دون شك إرث عالمي ينبغي أن يشار إليه بالبنان، نرى بصمات الموسيقار محمد الأمين في أمثلة نادرة الوجود ذلك في سياق الأغنية السودانية المليئة بالعاطفة الجياشة وبالحب الصادق المفعم بأحسيس دفينة، عندما تغنى بنادرته "قلنا ما ممكن تسافر".
الفرقة الماسية المحمدأمينية:
رصع ود الأمين هذه الأغنية (قلنا ما ممكن تسافر) بصولو للكمان انطبع بحلاوته - وشكرا لكل أصبع من أياد العازفين المهرة الذين عزفوه - يتحاور فيه هذا الأخير مع جلّ الفرقة الماسية الفريدة، حيث يدور اللحن والصولو كما يدور الدرويش في ساحة الذكر، يأخذنا إلى عوالم حلقات الذكر في صوفية خالدة. وبين هذا وذاك نتأمل بنشوة وعين مبصرة باصرة بصيرة حركات ود الأمين وهو يرجع البصر إلى الوراء مراقبا الفرقة بدقة وألا يفلت الوقع والإيقاع من إحدهم، وهم في ذلك أحرص منه. وفي هذا المقال والمقام يجب يا سادتي ويا أهل السودان أن نشيد بأعضاء الفرقة "الماسية المحمدأمينية" التي كانت حريصة على أن يبقى كل فرد فيها عضوا فاعلا وحتى في المهجر فهم لم يهجروه أو يتنكروا له. نقول لهم: يا سادتي الكرام من أعضاء فرقة محمد الأمين، متعكم الله بكل جميل، بقدر ما أمتعتمونا طيلة هذه العقود، بالعزف المجود، وبالنغم الأصيل وبالاخلاص في كل جملة موسيقية أخرجتها أناملكم من آلاتكم ، فلقد سطرتهم أنتم وهو بموسيقاكم وموسيقاه تاريخا لن يندثر، ووضعتم بصامتكم في كل لحن ونفس مما قدمه هذا العبقري الفذ. شكرًا مرة أخرى لكم يا أستاذة، شكراً للكمنجات الرائعة، للإيقاع المنبنقز الخطير الذي يدق كما عقارب الساعة، للموزع والمدقق الأستاذ أسامة عازف البيكلو، لعازف الجيتار والباص، والساكس، والمزمار، والبقية الباقية إن نسيتها فاسمحوا لي، فكلم جواهر تنتظم في عقد فريد و في دنيا الفن الأصيل.
تبكيك الجوامع الانبنت ضانقيل يا غرار العبوس:
ألا رحم الله الاستاذ محمد الأمين وطيب الله ثراه بقدر ما أعطى وبقدر ما جاد به عوده وحنجرته، لحنه وموسيقاه ودعونا يا سادتي نستعيد في ذاكرتنا الجمعية بكاءه على العظماء بواحدة من أغنياته الجميلة التي جاءت بإيقاع المناحة ألا وهي "أغنية غرار العبوس دار الكمال ونقاص دوبة حليل أبوي اللي العلوم دراس تبكيك الجوامع الانبنت ضانقيل لقراية العلم ونبرة التهليل". يبكيك السودان وجل أفريقيا يا محمد الأمين لأنك أعطيت ولم تبخل بكل جميل نبيل، عزيز وغال وسوف تبقى فينا ما بقينا على وجه هذه الفانية.
من جهة أخرى بكى ود الأمين عازة الوطن وهو في وحدة ووحشة وتغرب إلا من عودٍ رنان احتضنه في صدره وكأنه الوطن الجريج، والابن الوجيع فقد رأى ود الأمين أن يحتضنه في جنباته كأم رؤوم ليضمد جرحه الغائر. رحل كما رحل زميله العملاق عبد الكريم الكابلي ودفنا، يا للحسرة، بعيدًا عن أرض الطهر النيليّ حيث عاشا فيه سنيّ الزمن الجميل.
أغنيات بنكهة النيل:
دون مغالاة فالأغنيات التي ألفها محمد الأمين بها نكهة النيلين أبيضه وأزرقه، ولو بدأنا يا سادتي أن نطرق باب كل أغنية من أغانية لاحتجنا لسنين عددا، ولما أعطيناه حقّه وأن يكون الجزاء الوفاق. تغنى بالخفيف حينما غرّد بأغنية "أسمر جميل فتان"، وصدح بالأغنيات الكبيرة التي أطلق عليها هو هذا المصطلح العجيب، "الغنا الكبير" كما في رائعته "أربعَ سنين" للشاعر الراحل خليفة الصادق، والتي تغنى فيها بساحرة من ساحرات الجمال الفريد، أختنا الراحلة فاطمة مكي، طيب الله ثراها، فهي وهما بصموا بحبهم وحيواتهم على حدقات أفئدتنا كلمة تندر هذه الأيام وبكل بساطة هي كلمة "الريدة أي الحب بل أعمق منه عندما تنطق بلسان سودانيّ مبين" ذاك هو الحب لا يضاهيه حب. ومن ثمّة دعونا نعرج ونتأمل سمفونيته الفريدة «خمسة سنين» التي سطرها قلم الشاعر الوديع عمر محمود خالد، لتضع اكليلا من الرومانسية حول عنقه.
لي صديق مغربي مراكشي، أقدره ويقدرني هو الأستاذ شاعر الملحون المعروف سي محمد بوعابد (أبو ريم). تحدثنا عن محمد الأمين وطلب مني أن أرسل إليه بعض من أغنياته ذلك بعد أن سمع برحيله، عبر كلمة صغيرة أرسلتها في قروب الواتسآب. وعجبت أنّه يعرفه حقّ المعرفة وطفق يحدثني عن لقاء له في حفل ما، طلب الموسيقار من الجمهور أن يستمع قائلا لهم "أنتم أتيتم لتستمعوا ... لا لتغنوا ..." وفي هذا السياق جاء مصطلح "الغناء الكبير" الذي يترجمه ويقدمه هو في كل حفل بطريقة مختلفة حيث ملكة الارتجال. وما كانت تلك الكلمة في الحقيقه إلا درس تاريخيّ ومرافعة سامية في أدب الغناء والاستماع. وكما جاء في القرآن "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه".
مثال للسهل الممتنع .... "قلنا ما ممكن تسافر":
قلنا ما ممكن تسافر
نحن حالفين بالمشاعر
لسه ما صدقنا انك بجلالك جيتنا زاير
السفر ملحوق ولازم انت
تجبر بالخواطر
الغريبة الساعة جنبك تبدو أقصر من دقيقة
والدقيقة .. وانت ما فى مُرَّة ما بنقدر نطيقها
دنيا بقربك يفرهد كل طاير يحيا فوقها
وجنة من بعدك بيذبل كل مخضر فيها ناضر
لوتسافر دون رضانا
بنشقى نحن الدهر كله
ما بنضوق فى الدنيا متعة
وكل زول غيرك نمله
أقل حاجة تخلى سفرك
حتى لو أسبوع أقله
وانت عارف نحن بعدك
للصباح ... دايما نساهر
لا ... لا ما بنقدر نسيبك تمشى للوحدة وتعاني
برضو ما بنقدر نقاوم شوقنا من بعدك ثواني
وما بنغني وراك كلمة وما بنشوف البهجة تاني
غايتو لو شفقان علينا
ما أظنك
يوم تسافر
قلنا ما ممكن تسافر
خبر الوفاة بالمدينة الحمراء:
لقد وصلني الخبر المشؤوم وأنا في المدينة الحمراء التي أحبّها وأعشق ترابها في كل لمحة ونفس وقد تألمت كل الألم للفاجعة التي أتت برحيل الموسيقار والمدرسة الفنية العالمية محمد الأمين عن دنيانا البائسة. نعم رحل "أبو الأمين"، كما أحب جمهوره ومحبيه دائما أن ينادوه وينعتوه. كلنا يعلم ما وصل إليه حال بلدنا اليوم. صرنا في عداد العوالم المنسية: لاجئين، كادحين، فاقرين إلا من عزة النفس وحب الوطن الجريح. ورغم آلام هذا الجرح الغائر المدمخ بفقد البلد تتبادر إلى ذهني العديد من التساؤلات في حق بلد أسمر فتح بيبانه على مدّ العصور ل"للغادي والضهبان" على حدّ قول المثل السوداني.. الأسئلة التي تطرح نفسها، في سياق نسيان الأمّة العربية والإسلامية لبلد سُمِيّ ذات يوم "سلة العالم للغذاء"، هي وبكل بساطة:
أين جامعة الأمم العربية وأين الأمم العربية بالأحرى بل أين أمّة الإسلام والعروبة التي تتراقص وترقص والسودان وغزة يعومان في آلامهما. أظن أن تلك الأمم الغابرة، كانت ولا تزال سرابا بقيعة حسبناه ماء.
يا عجبي، انتفض العالم لأوكرانيا وتضافرت الدول على دعمها وتساندت، بيد أنها وفي نفس الوقت، جمعت عدّتها وعتادها بل كل ما أعطيت من مفاتح ينوء بحملها ذوو العصبة أولو القوة لدعم دولة إسرائيل وحسبت بل احتسبت أبناء غزة والضفة الغربية وأبناء النيلين، أبيضه وأزرقه، في عداد الغابرين كما احتسبوا دوما أبناء سودان الطهر والصمود من قبل ومن بعد. أعلم أن بعض الدول الأوروبية ورغم تباين وجهات النظر فيما يتعلق بحضورها في إطار السياسة في الشرق الأوسط، نجدها قد فتحت الأبواب على مصراعيها ولقد قالتها المستشارة الألمانية (طيب الله ثراها - حتى في حياتها): "نعم، نحن قادرون"، وتقصد في استيعاب كل اللاجئين من الوطن العربي، ولنضع خطًا أحمر تحت كلمة "عربي". حقيقة يمكن أن يتبادر لأذهاننا السؤال التالي: "مالهم ومالنا كي يساعدونا ... فليس لهم في أمرنا لا ناقة ولا جمل"، أقولها ملئ شدق وأعني ما أقول، في حين أن النبي (ص) قد وصى على سابع جار يا أمّة العروبة. فإلى أين ذهب الجيران في هذه المخمصة يا سادتي؟ هل انفتحت الأرض وابتلعتهم؟ أم أنهم لا يزالون في كيدهم يعمهون. على الرغم من هذه التحديات، يظل السودان مكانًا ينبض بالحياة والثقافة. الشعب السوداني أظهر ومنذ اندلاع ثورته الفتيّة صمودًا وإرادة ليس لها نظير، مهموما بتحقيق تغيير إيجابي على الساحة، وكانت تلك آماله في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي لكل أبناء الوطن الذين ضربوا في أرض كل مضرب وألقوا في متاهات الدنيا عصييهم وبنوا بيتًا وخيمة ... على حد المثل الجاهلي.
حلم السودان الجميل:
رحل عنَّا ود الأمين وكان يحلم بسودان حمله في كل جوانحه إلى دنياه السرمدية، حمله إلى جنان الخلد والفراديس. نعم، كان دائما يتحدث عن الكارثة التي ألمّت بالبلد والتي لم يكن يتوقعها أو تخطر ببال أحد منّا، اللهم إلا الذين لديهم مفاتح الغيب. وكم أحسّ بجرحه يقابلني وهو يتغني بروائعه "ود مدني"، "بتتعلم من الأيّام، مصيرك بكرة تتعلم"، "أسمر جميل فتّان" وكأنه يناجي محبوبته عازة الوطن. محزن أن هذا الأسمر الذي تغنى به ود الأمين، تغيرت ملامحه ولم تعد تلك البقعة هي البقعة التي نشأ بها وتعرعرع على جنباتها. صارت بلاد النيلين موقع للقتل والنهب والاحتيال، بؤرة للألم وفعل كل الفظاعات والدناءات البشرية التي تخطر ببال الجنّ ناهيك عن البشر. رحل عن دنيانا راضيا مرضيا حاملًا معه حب الناس في كل لمحة ونفس، تنفس وقتئذ وعند الرحيل بتلك الكلمات: "دوبا حليل أبوي ... للعلوم درّاس ... دوبا حليل أبوي اللعلوم دارس". ويقصد يا حليل، يا حسراتاه على السودان معلم الأمم.
السودان مهد الفن والجمال:
نجد القلائل من أهلنا في الخليج بل في كل بقاع الوطن العربي لا يعرفون إلا القليل عن ثقافات السودان المتباينة، هذا البلد الذي هو في الحقيقة قارة للثقافات والفن والأبداع، ذلك بكل ما تحمل هذه الكلمات من معان. يجهلون حاضرنا وماضينا، تاريخنا ومستقبلنا، وبين هذا وذاك يجهلون بل يتجاهلون موسيقانا الخماسية الخالدة ومن أؤلئك من "يتتريق عليها"، لذلك وبكل أسف وحرقه، نجد الحضور الفني السوداني في مهرجانات العرب خجولا إلى أبعد الدرجات. لماذا؟ ألأن موسيقانا لا ترقى إلى قمم موسيقاهم؟ أم لأننا لا نستطيع أن نخرج عباقره في الفن مثلهم – مثال محمد عبدو وميادة وصابر الرباعي وراغب علامة وغيرهم، أم لعلة في نفس يعقوب؟ على كل أقولها وأكرر، كما قالها مالكم إكس لأهله من بني السودان "أنتم جميلون"، وأقول لكم يا أهلي في السودان بلسان مالكوم إكس: أنتم قمة في الجمال والإبداع والألق وكذلك موسيقانا، هيّ طفرة ودرّة من درر موسيقى العالم المترامي الأطراف، ولو بدأنا في حسبان جوانبها وميزاتها لبقينا في حساباتنا إلى يوم يبعثون ونبعث. إنّ هذا المقال يسلط الضوء على ما كان يجول بدخيلة ود الأمين: السودان، أبعاده الفنية والثقافية في الوطن العربي، تداخلاته ومن ثمّة انحساره وانحصاره على نفْسِهِ ونَفَسِهِ. ولكن الأيام دول يا سادتي فمن غرّه زمن ساءته أزمان واللهم لا شماتة.
عازف العود الماهر:
عندما نتحدث عن عزف العود في عالم الموسيقى سواء في الوطن العربي أو بالسودان فلابد أن يتبادر للمستمع العربي أسماء مثال: وديع الصافي، فريد الأطرش، القصبجي، منير بشير، نصير شمة، ومن المغرب العربي سعيد الشرايبي ومن تونس أنور إبراهيم، لكن لم يخطر على بال متذوقيّ آلة العود أن يرجعوا إلى قامة سامقة لا تقل عن من ذُكِروا من قبل، هو الأستاذ الموسيقار محمد الأمين. لم يفارق العود صدره طيلة حياته، وكان العود هو الصديق والرفيق والمدد الذي يستشف منه كل هذا الابداع. نعم، محمد الأمين العازف المحترف لا يقل قسطا عن وديع الصافي أو فريد الأطرش. للأسف فإن الإعلام العربي مجحف، مريض ومتوحّد (إقصد هاهنا مرض التوحّد - إيّ الانحصار على الذات)، وأشير هاهنا بأنه لا ولم بل ولن يلفت الانتباه حتى الآن لقامات سودانية ومغربية على سبيل المثال لا الحصر، متميزة فريدة بعبقرية خارقة للعادة كمحمد الأمين أو محمد وردي، عبد الكريم الكابلي من السودان أو كسعيد الشرائبي، عبد الوهاب الدكالي، عبد الهادي بلخياط وغيرهم من المغرب.
على كل نقولها الآن على الملأ، إن بحثنا في الوطن العربي على عازف ماهر يمتلك نواصي الآلة من الألف إلى الياء فهو بدون أدنى شك ود الأمين، أجل بخماسية ألحانه وسلاسة ألوانه وفخامة جمله الموسيقية.
حتى في سياق الموسيقى بالسودان فهو علم على رأسه نار. نعم، يوجد بشير عباس، يوجد برعي محمد دفع الله وآخرًا عوض أحمودي، لكن لو اجتمعوا جميعهم، مع كل احترامي وحبي لفنهم وحرفيتهم، لن يصلوا إلى عبقرية ود الأمين وحدث ولا حرج. (مع كل الاحترام والتبجيل لكل عازف محترف في السودان)
(يتبع)
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الوطن العربی محمد الأمین
إقرأ أيضاً:
هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
رغم أن الأفلام الموسيقية ليست للجميع، بل تعتمد على جمهور محدود يستمتع بها، فإن أعدادها شهدت ارتفاعا في السنوات الأخيرة، ولم يعد الأمر مُقتصرا على أفلام ديزني أو الرسوم المتحركة والأفلام الاستعراضية، بل توسّع وامتد شاملا فئات أخرى من بينها الدراما والفانتازيا وحتى الجريمة، لذا كان من المتوقع أن نشهد بعض منها بين الأفلام المرشحة لجوائز أوسكار 2025.
قبل الخوض في أبرز الأعمال الموسيقية المرشحة للفوز بجائزة الأوسكار، لا بد من الإشارة إلى أن زيادة الأعمال الدرامية الموسيقية لا يعود فقط لأهمية الموسيقى وقدرة الأغنيات على إضافة زخم للعمل ومداعبة المشاعر الإنسانية بطريقة أقرب إلى السحر، وإنما للتغييرات التي طرأت على العالم بعد الكورونا، تراجعت السينما وأغلقت دور العرض وارتمى الناس لأحضان الموسيقى والمنصات الرقمية، ومع محاولة صانعي السينما لمعاودة التحليق في سماء الفن لجأ بعضهم للمزج بين الاثنين ومخاطبة شرائح جماهيرية أكبر.
BINGO! Congratulations to the entire team behind Emilia Pérez on 13 Academy Award nominations including:
Best Picture
Best International Feature Film
Best Director – Jacques Audiard
Best Actress – Karla Sofía Gascón
Best Supporting Actress – Zoe Saldaña
Best Adapted Screenplay… pic.twitter.com/3AUwsDZthD
— Emilia Pérez Film (@EmiliaPerezFilm) January 23, 2025
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأوسكار 2025: تنافس مثير على جائزة أفضل فيلم دولي وغياب الأفلام العربيةlist 2 of 2منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟end of list إعلان إيميليا بيريز.. الأكثر إثارة للجدلالفيلم الأول والذي تصدّر قائمة الترشيحات إثر حصوله على 13 ترشيحا إجماليا، هو "إيميليا بيريز" (Emilia Pérez)، وهذا يجعله بالمرتبة الثانية للأرقام القياسية بعد 3 أفلام هي "تيتانيك" (Titanic) و"لا لا لاند" (La La Land) و"كل شيء عن إيف" (All About Eve) الحاصلة على 14 ترشيحا لكل منها.
العمل فرنسي الجنسية ناطق بالإسبانية، يجمع بين الدراما والموسيقى والإثارة، تدور أحداثه حول محامية تجد نفسها مضطرة لمساعدة زعيم عصابة مكسيكي للهروب من العدالة عبر تزييف موته والتحول إلى امرأة تاركا حياة الجريمة خلفه والبدء من جديد.
ويُنشئ مؤسسة خيرية ويحاول التأثير إيجابيا في المجتمع عبر مساعدة أهالي المختفين قسريا للعثور على ذويهم أو على الأقل تسليم جثثهم للتعافي من الفقد والمضي قدما بحياتهم الراكدة.
لأسباب عديدة بعضها فني، وبعضها شخصي، أثار الفيلم الكثير من الجدل، ففنيا بسبب كونه تجربة سينمائية فريدة حيث لم يبحر فيه أحد من قبل، مع أداء تمثيلي متميز وحبكة جمعت بين الميلودراما والإثارة والدماء والكثير من الموسيقى الرائعة.
وقد تضافرت الأغنيات داخل الحوارات والأحداث لتصبح إحدى أدوات السرد الجلية بالعمل وهو رهان خطير إذا مُني بالفشل. وتنوعت الأغاني بين المونولوج والديالوغ والقليل من الغناء الصاخب مع الكثير من الأغاني الهامسة التي لم يشارك بها الأبطال الرئيسيون وحدهم وإنما حتى الكومبارس أصحاب الظهور الذي لا يتعدّى ثواني، ولعل أفضل ما ميز الأغاني هو التنوع الثري سواء بالأسلوب أو الروح والاختلاف حَد الفوضى والجنون اللذيذ.
ورغم أن العمل مُرشّح للأوسكار وفاز بالكثير من الجوائز المهمة مثل: بافتا البريطانية كأفضل فيلم دولي، وغولدن غلوب كأفضل فيلم موسيقي/كوميدي، وحصلت بطلته زوي سالدانيا بالفاعليتين على جائزة أفضل ممثلة مساعدة، ومن "مهرجان كان" اقتنص جائزة لجنة التحكيم، وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل ممثلة لكارلا صوفيا غاسكون، إلا أنه لم يحصل سوى على تقييم 5.5 على موقع "آي إم دي بي" الفني.
إعلانوهو ما يمكن تبريره بلجوء المخرج الفرنسي جاك أوديار لاستخدام بعض المتناقضات الفنية ووجود ثغرات درامية بالحبكة. أما الجدل الشخصي، فلسببين الأول التصريحات التي أدلت بها غاكسون، حول موقفها من الإسلام والمسلمين، كذلك سخرت من الحركات المناهضة للعنصرية. ومع الهجوم عليها عادت واعتذرت قبل أن تحذف "نتفليكس" صورها من الحملات الدعائية للعمل السابقة للأوسكار. والثاني نتج عن غضب المكسيكيين واتهامهم صانعي العمل بتنميطهم كمجرمين ورجال عصابات غارقين في العنف.
Wicked has won Best Production Design at the BAFTA Film Awards! pic.twitter.com/hiw7yycbma
— Wicked Movie (@wickedmovie) February 16, 2025
ويكيد.. الأكثر ترفيها لهذا العامالعمل الموسيقي التالي هو "ويكيد" (Wicked)، وهو فيلم موسيقى فانتازي مُقتبس من الفصل الأول لمسرحية تحمل الاسم نفسه، يُناسب الأعمار بداية من 12 عاما، أما من هم دون ذلك فيُنصح برفقة ذويهم معهم. وتحكي قصته عن ساحرة الغرب الشريرة التي يحتفل أهل بلدتها بالتخلص منها وموتها أخيرا، قبل أن نعود للخلف لنشهد حياتها وصولا إلى تلك اللحظة.
الفيلم مجرد جزء أول، وهذا يعني أن الحكاية لم تكتمل بعد ومن المُفترض عرض الجزء الثاني نهاية العام الجاري، وهو من إخراج جون إم تشو، وشارك ببطولته سينثيا إيريفو، وأريانا غراندي، وجوناثان بيلي، وميشيل يوه، وجيف غولدبلوم.
وبالنظر إلى الإشادات الإيجابية والألقاب الكثيرة التي حصل عليها من النقاد، بجانب فوزه بجائزتي غولدن غلوب وبافتا البريطانية وترشحه إلى 10 جوائز أوسكار، نجد أنفسنا أمام مُرشّح قوي للفوز، خاصة ضمن فئات مثل أفضل تصميم أزياء، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل موسيقى تصويرية، وأفضل صوت، وأفضل مكياج.
وبالتركيز على الجانب الموسيقي، يمكن القول إن العمل جاء متخما بالاستعراضات المبهرة بصريا وسمعيا بين أغنيات مناسبة لأجواء العمل وسحر الحكاية وتصاميم رقصات أشبه باللوحات الفنية.
Timothée Chalamet wins Outstanding Performance by a Male Actor in a Leading Role at the #SAGAwards for his role as Bob Dylan in A Complete Unknown! #ACompleteUnknown pic.twitter.com/rFKDYV33WH
— A Complete Unknown News (@acufilmnews) February 24, 2025
إعلان مجهول تماما.. الأكثر واقعية"مجهول تماما" (A Complete Unknown) هو فيلم سيرة ذاتية موسيقي-درامي أميركي تتمحور قصته حول المغني بوب ديلن، ويستند بأحداثه إلى كتاب "ديلان يستعمل الغيتار الكهربائي" الذي صدر عام 2015.
يستعرض العمل رحلة ديلان الفنية ونجاحاته المبكرة في حين يُسلط الضوء على استخدام الآلات الكهربائية خلال عزف الموسيقى الشعبية، وقد أشاد النقاد بالأداء التمثيلي لتيموثي شالاميت الذي فاز عن دوره -قبل يومين- بجائزة أفضل ممثل في حفل جائزة نقابة ممثلي الشاشة (SAG Award) فهل يفعلها ويفوز بالأوسكار عن الدور نفسه؟
موسيقى تصويرية لانقلاب عسكري.. الأكثر ثوريةالفيلم الأخير ضمن القائمة عمل وثائقي يجمع بين الدراما والموسيقى، وهو "موسيقى تصويرية لانقلاب عسكري" (Soundtrack to a Coup d’Etat) للمخرج البلجيكي يوهان جريمونبريز.
العمل يستعرض الحرب الباردة، وكيف تقاطع دور الموسيقى والموسيقيين -من بينهم المغني آبي لينكولن وعازف الطبول ماكس روتش ونينا سيمون وأرمسترونغ وديزي غيليسبي- مع بعض الأحداث السياسية بعد اغتيال أول زعيم منتخب ديمقراطيا في الكونغو المستقلة مؤخرا.