خلال الخمسين يوما الماضية لم يشعر أي أحد بالراحة في قطاع غزة، سوى من وارى الثرى، ولا ملجأ أو مأمن لأي كائن حي إلا القبر، وما غزة إلا مقبرة كبيرة بمساحة ٣٦٠ كم، جراء هولوكوست القرن الحادي والعشرين، الذي فتح نيرانه على كل شئ في القطاع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر الماضي، الذي كان تاريخا فارقا بين الحياة والموت.

سبح الفلسطينيون في بحور من الدماء، بعدما ارتكب قادة الاحتلال جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتهجير القسري، وفرضوا حصارا على أكثر من ٢.٣ مليون إنسان فوق الأرض الأبية الصامدة في وجه العدوان الغاشم، بينما العالم أبكم وأصم وأعور، يرى بعين القتلى الإسرائيليين في السابع من أكتوبر، ويغمض الأخرى عن الشهداء الذين ارتقوا على مدار الخمسين يوما التالية لهذا التاريخ الذي سيظل محفورا في ذاكرة العالم بأنه بداية محرقة وإبادة جماعية لم تعرف غزة لها مثيلا في العصر الحديث

وجرى الحديث خلال الأيام الماضية عن ضرورة محاكمة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوج، ووزير الدفاع يوآف جالانت، أمام المحكمة الجنائية الدولية للمحاسبة على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، واستدعى البعض حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا وقارنها بقادة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمهم في قطاع غزة.

وجاءت المقارنة لفضح المعايير المزدوجة والعجز الدولي عن محاسبة نتنياهو، بينما لم يستغرق الأمر سوى أسبوعين فقط، لتصدر المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال ضد الرئيس بوتين في مارس من العام الماضي ٢٠٢٢، بعد أن تقدمت ٣٩ دولة عضوًا في المحكمة بطلب التحقيق في الجرائم المرتكبة داخل أوكرانيا، إثر إندلاع الحرب في ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ بينما مر على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني أكثر من سبعة عقود، دون أي مساءلة أو محاسبة.

وذكرت المحكمة الجنائية الدولية في أسباب إصدارها مذكرة الاعقتال بحق بوتين، هو اتهامه بارتكاب "جرائم حرب" بسبب تورطه المزعوم في عمليات اختطاف لأطفال من أوكرانيا، فيما استشهد خلال الأسابيع الماضية في قطاع غزة ٦١٥٠ طفلا فلسطينيا بحسب آخر إحصائية صادرة من وزاة الصحة الفلسطينية، التي أكدت استشهاد ١٤٨٥٤ فلسطينيا.

المدعي العام للجنائية الدولية ينذر إسرائيل

وكان المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان، قد نشر فيديو على حساب المحكمة على منصة إكس "تويتر سابقا" حينما تواجد عند الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، في أواخر شهر أكتوبر الماضي، شدد فيه على ضرورة ضمان تمتع "الأشخاص الذين يعيشون في خوف ورعب" بالحقوق المتساوية لجهة الحصول على الحماية بموجب القانون الدولي، وأكد أنه عازم على التأكد من الدفاع عن هذه الحقوق حيثما كان ذلك ممكنا وحيثما كانت لديه ولاية قضائية.

وخاطب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إسرائيل قائلا "عليها أن تعلم أنها انتهكت القانون الدولي بحربها على غزة، كما أن عرقلتها لإمدادات الإغاثة لسكان القطاع قد تشكل جريمة، معبرا عن حزنه لاستهداف الأطفال في الحرب الدائرة".

وذكر خان أن المحكمة الجنائية الدولية ستجري تحقيقا حول أي جرائم تم ارتكابها داخل الأراضي الفلسطينية.

المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان

وقال المدعي العام للجنائية الدولية، إنه "منذ بداية ولايتي في شهر يونيو ٢٠٢١، قمت لأول مرة بتشكيل فريق مخصص لدفع التحقيق بشأن الوضع في دولة فلسطين"، مؤكدا أن المكتب جمع كمية كبيرة من المعلومات.

وردا على ذلك كتب المحامى الفلسطينى راجي الصوراني على موقع "الديمقراطية الآن" في العاشر من شهر نوفمبر الجاري: "نحن المدنيون بحاجة ماسة إليه للوفاء بوعده"، وكان منزل المحامي الفلسطيني المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان قد تعرض للتدمير في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة ردا على هجوم حركة حماس في ٧ أكتوبر الماضي. 

ونشر "خان" مقالا له في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٣ في صحيفة لوموند الفرنسية، حذرفيها إسرائيل قائلا: "لا يوجد شيك على بياض، حتى في أوقات الحرب"، مذكرًا الدولة اليهودية "بضرورة التزامها في إطار حربها ضد حماس".

وأوضح المدعي العام "قواعد" الحرب التي حددتها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا أيضا أن للاحتلال قوانين.

ولكن ماذا بعد هذه الكلمات القوية من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ؟، كان هذا هو التساؤل الذي طرحه ريد برودي المحقق المستقل والمستشار السابق في منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية قائلا: "لم يتحدث أي مدع عام بهذه الصراحة مع إسرائيل، والسؤال الآن هو ما إذا كان كريم خان سيتخذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كلماته القوية".

ومع ذلك، يشير المدعي العام للجنائية الدولية، إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل إصدار أوامر الاعتقال الأولى ويؤكد كريم خان قائلًا: "عندما تصل الأدلة التي نجمعها إلى عتبة الاحتمال الواقعي للإدانة، فلن أتردد في التحرك".

وكانت القمة العربية الإسلامية المشتركة التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، أصدرت في بيانها الختامي بندا لدعم المسار القانوني ومحاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.

وبدأت القمة المشتركة التي عقدت في الحادي عشر من شهر نوفمبر الجاري، تحركا دوليا تقوده السعودية و٦ دول عربية وإسلامية أخرى لحل القضية الفلسطينية، ودعوة المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات إسرائيل بقطاع غزة.

نظام روما

وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، على أن من يحق له فتح تحقيق في الجرائم الأربع "الإبادة الجماعية وجرائم حرب الجرائم ضد الإنسانية والعدوان"، والتي تقع في اختصاص المحكمة، هي الدول الأعضاء في المحكمة، ومجلس الأمن الدولي، والمدعي العام للجنائية الدولية، وهو حاليا البريطاني كريم خان.

ولكن الأمر في حالة فلسطين ليس بهذه السهولة، لأن دولة الاحتلال ترفض دائما أي تعاون مع المحكمة الدولية، حيث يتوجب أن تنضم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، لتقع تحت طائلتها ويتم محاسبتها، في الوقت الذي لا تعترف فيه تل أبيب بسلطة المحكمة وعدم اعترافها بالدولة الفلسطينية، ورفضها التعاون مع محققيها الجنائيين أو منحهم تأشيرات الدخول والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى أماكن الجرائم المفترضة، والحديث مع الضحايا والشهود.

وحينما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ١٩٩٨ لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، كانت إسرائيل والولايات المتحدة من بين سبع دول فقط صوتت ضد هذه الخطوة، ورغم توقيعهما على قانون المحكمة دون المصادقة عليه، فإنهما سحبتاه في ٢٠٠٢.

جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية

ويعرف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في المادة السادسة منه الإبادة الجماعية، بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد محدد لتدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، سواء كليا أو جزئيا، وتشمل هذه الأفعال قتل أعضاء الجماعة، وإلحاق الأذى الجسيم بهم، أو فرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير الجسدي للجماعة كليا أو جزئيا، من بين أفعال أخرى، ومن الجدير بالذكر أن المجموعة المستهدفة يمكن أن تكون جزءا محدودا جغرافيا من المجموعة".

وفيما يتعلق بجرائم الحرب فقد عرفته المادة الثامنة من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنها "الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في ١٢ أغسطس ١٩٤٩ ما يعني أن أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة، وهي ثمانية أفعال "الأول هو القتل العمد، والثاني "التعذيب" أو "المعاملة اللاإنسانية" بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية، والثالث هو تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، والرابع هو إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة" وهي الأفعال الأربعة التي مارستها آلة القتل الإسرائيلية ضد قطاع غزة طوال الخمسين يوما الماضية.

بالإضافة إلى هذ الأفعال، فإن هناك أمورا أخرى يحددها قانون الجنائية الدولية الأساسي بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، وتعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافًا عسكرية، وتعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملًا بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.

بالإضافة إلى تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحًا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة، ومهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافا عسكرية بأية وسيلة كانت، أو قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.

إلى جانب تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافا عسكرية، واستخدام السموم أو الأسلحة المسممة، واستخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة، أو تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقًا للقانون الدولي.

ويواصل القانون الأساسي في وصف الجرائم ضد الإنسانية وكأنه يصف الواقع في قطاع غزة، بالقول إن إحدى هذه الجرائم هو: تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.

وتحظر معاهدات جنيف العقاب الجماعي، في عدة بروتوكولات، وتعتبر المعاهدة فرض عقوبات جماعية جريمة حرب، ولا يشير المصطلح هنا إلى العقاب الجنائي، ولكن إلى أنواع أخرى من العقوبات أيضًا.

واستخدم العقاب الجماعي تاريخيًا من قبل القوى المحتلة كوسيلة ردع لمنع هجمات المقاومة ضدها.

ودخل العقاب الجماعي ذلك التصنيف في تقرير بشأن الحرب العالمية الأولى، وطبقت القاعدة في الحرب العالمية الثانية، وتم تأكيدها في المحكمة العسكرية في روما في ١٩٩٧.

وتحظر الاتفاقيات الدولية العقاب الجماعي على قاعدة أن المسئولية الجنائية يمكن تحميلها لأفراد فقط، ويمكن ضمان احترام هذا المبدأ فقط عبر وضع ضمانات لحماية الإجراءات القضائية.

ويمنع القانون الإنساني الدولي العقاب الجماعي لأسرى الحرب أو أي أشخاص تحت حماية القانون خلال النزاعات المسلحة.

وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تجريم الإبادة الجماعية وتعريفها، في ٩ ديسمبر ١٩٤٨، ودخل القانون حيز التنفيذ في ١٢ يناير ١٩٥١، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتعني الإبادة الجماعية أيًا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: "قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، أو إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا، أو فرض تدابير تستهدف الحئول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، أو نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى". 

ما هو قانون الحرب ؟

وبعد مرور أسبوعين على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، طالبت أطراف عديدة بتطبيق قانون الحرب في محاولة لثني إسرائيل عن الاستمرار في الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وفي هذا السياق، أكد إريك مونجيلارد الخبير في المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن القانون الدولي الإنساني قديم قدم الحرب نفسها، من النصوص الواردة في الكتاب المقدس والقرآن الكريم، إلى قواعد الفروسية الأوروبية في العصور الوسطى، للحد من آثار الصراع على المدنيين أو غير المقاتلين.

وأكد مونجيلارد في حوار منشور عبر الموقع الإليكتروني للأمم المتحدة، أن قواعد الحرب تنطبق في اللحظة التي يبدأ فيها النزاع المسلح، وتستند القوانين المعمول بها اليوم في المقام الأول إلى اتفاقيات جنيف، التي تم التصديق على أولها قبل إنشاء الأمم المتحدة بنحو ٢٠٠ عام.

وأضاف أنه يوجد أكثر من ١٨٠ دولة أطرافا في اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩، وهناك نحو ١٥٠ دولة طرفا في البروتوكول الأول الذي يوفر الحماية للأشخاص المشاركين في حروب "تقرير المصير"، مشيرا إلى أن هناك أيضا أكثر من ١٤٥ دولة طرفًا في البروتوكول الثاني الذي وسع نطاق الحماية ليشمل الأشخاص الذين يواجهون حروبا أهلية قاسية، والتي لم تشملها اتفاقيات ١٩٤٩.

العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

وأضاف أن الاتفاقيات حددت أن من بين الأشخاص والأماكن التي يحميها القانون الإنساني الدولي هي "المستشفيات، والمدارس، والمدنيين، وعمال الإغاثة، والطرق الآمنة لتقديم المساعدة الطارئة".

وفيما يتصل بقواعد حماية المدنيين في الحرب، قال المسئول الأممي إنه تنص على احترام كرامة الإنسان وحياته والمعاملة الإنسانية، ويشمل ذلك حظر عمليات الإعدام بإجراءات موجزة (بدون اتباع الإجراءات الواجبة) والتعذيب، ووفق ذلك لا يجوز للأطراف استهداف المدنيين، وعليها التأكد من أن العمليات والأسلحة التي تختار استخدامها ستقلل أو تتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين، كما يجب عليها توفير تحذير كافٍ للسكان المدنيين بشأن هجوم وشيك

العفو الدولية

وأكدت منظمة العفو الدولية أنها رصدت أدلة جديدة على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب فى قطاع غزة، حيث تم قصف مدنيين في مدارس ومستشفيات بشكل مباشر دون سابق إنذار لكنها أكدت أن مقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية صعبة.

وأوضحت "العدل الدولية" في تقريرها الصادر في العشرين من شهر نوفمبر الجاري، أنها تلقت استغاثات من الضحايا بشأن قصف أماكن الإيواء التى كانوا فيها دون إنذار وهو ما يخالف القوانين الدولية وقواعد الحروب، مضيفة أن هناك أدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في قطاع غزة أسفرت عن مقتل ٤٦ مدنيا فلسطينيا مشددة على ضرورة التحقيق فيها.

وأشارت إلى توثيقها في إطار تحقيقاتها المستمرة في انتهاكات قوانين الحرب، حالتين يمكن اعتبارهما نموذجا للممارسات الإسرائيلية في غزة، قتلت فيهما الغارات الإسرائيلية ٤٦ مدنيا، من بينهم ٢٠ طفلا، وكانت أكبر الضحايا سنا إمرأة عمرها ٨٠ عاما فيما لم يتجاوز عمر أصغر الضحايا ثلاثة أشهر، يجب التحقيق في هاتين الهجمتين باعتبارهما جرائم حرب.

فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية

وكان التوجه الفلسطيني الأول إلى الجنائية الدولية في شهر يناير من عام ٢٠٠٩ تزامنا مع عملية "الرصاص المصبوب" التي شنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، بدءا من ديسمبر ٢٠٠٨ ولكن باءت المحاولة بالفشل لأن وضع فلسطين ككيان يتمتع بصفة الدولة لم يكن واضحا، وبعد ثلاثة سنوات توجهت السلطة الفلسطينية في عام ٢٠١٢ إلى الأمم المتحدة، وحصلت بتاريخ ٢٩ نوفمبر ٢٠١٢ على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وعلى الرغم من أن هذه العضوية فتحت الطريق أمام فلسطين للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها لم تنضم حتى عام ٢٠١٥، ويرجع ذلك إلى حجم الضغوط التي كانت قد مارستها إسرائيل والولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية لثنيها عن الانضمام.

وتُجري المحكمة الجنائية الدولية بالفعل تحقيقًا مستمرًا في "الوضع في دولة فلسطين" فيما يتعلق بجرائم حرب ارتُكبت منذ ١٣ يونيو ٢٠١٤. 

وفي مارس ٢٠٢١ قررت المدعية العامة للمحكمة، فتح تحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة في أراضي دولة فلسطين، والتي تشمل مناطق الضفة الغربية، والقدس الشرقية المحتلة، وقطاع غزة.

وبعد هذه الخطوة، أرسلت المحكمة خطابا إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلية في ١٧ مارس ٢٠٢١، تطالبها بالتعاون معها بشأن التحقيق، إلا أن الأخيرة أعلنت صراحة عن عدم رغبتها في التعاون، مسندة ذلك الى أن المحكمة لا تملك أية صلاحية لإجراء التحقيقات تتعلق بإسرائيل كونها ليست طرفا في نظام روما.

المحكمة الجنائية الدولية

وأمهلت المحكمة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمدة ٣٠ يومًا للرد على هذا الإعلان أو الخطاب، الذي جاء في صفحة ونصف ويتعلق بالحرب على قطاع غزة سنة ٢٠١٤، وسياسة الاستيطان الإسرائيلية، إضافة إلى الاحتجاجات السلمية على حدود قطاع غزة عام ٢٠١٨.

وفي ٢٠ ديسمبر ٢٠١٩، أصدرت المدعية العامة بيانًا أعلنت فيه اختتامها للدراسة التمهيدية "للحالة في فلسطين"، ووجدت أن "جميع المعايير القانونية بموجب نظام روما الأساسي بشأن فتح تحقيق قد تم استيفاؤها"، وطلبت من الدائرة التمهيدية إصدار حكم قضائي بشأن "نطاق الاختصاص الإقليمي للمحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة ١٢ من نظام روما الأساسي في فلسطين".

وجاء رد الفعل الإسرائيلي على هذا الإعلان، في اليوم ذاته بإرسال مذكرة قانونية، صادرة عن المدعي العام الإسرائيلي، قال فيها، "إن المحكمة لا تملك الولاية القضائية في الحالة في فلسطين، وذلك لأن فلسطين لا تعتبر دولة لأنها تفتقر إلى عنصر السيطرة الفعلية على أراضيها، لا سيما وأنّ هذه الأراضي تُرك تحديدها للاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية (اتفاقيات أوسلو)، لتحل عبر المفاوضات بين الطرفين".

وبعد عامين من هذا التحرك، أعلنت المدعية العامة السابقة للمحكمة في الثالث من مارس ٢٠٢١ فتحها تحقيقًا في "الوضع في فلسطين"، ورد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بالقول إن هذا القرار "إجراء معاد للسامية"، وتبعه تصريح لوزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك جابي أشكنازي، الذي اتهم فيه المحكمة بالتحيز، بقوله: "قرار المحكمة الجنائية الدولية يشوه القانون الدولي ويحول هذه المؤسسة إلى أداة سياسية للدعاية المعادية لإسرائيل".

دول ومنظمات دولية تلجأ للجنائية الدولية

وتوجت المطالبات الدولية، بإحضار نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية، بتقدم ٥ دول أعضاء فيها بطلب "التحقيق في الهجمات الإسرائيلية على غزة"، بحسب ما أعلنته المحكمة في السابع عشر من نوفمبر الجاري.

والدول الخمسة هي جنوب أفريقيا وبوليفيا وبنجلاديش وجزر القمر وجيبوتي، وقالت جنوب أفريقيا إن الطلب قدم "لضمان إيلاء المحكمة الجنائية الدولية اهتماما عاجلا بالوضع الخطير في فلسطين".

وتجري المحكمة الجنائية الدولية بالفعل تحقيقا في "الوضع في دولة فلسطين" فيما يتعلق بجرائم حرب يقال إنها ارتكبت منذ ١٣ يونيو ٢٠١٤.

وإلى جانب الدول الخمسة، تقدمت ٣ منظمات حقوقية فلسطينية بمذكرة إلى المحكمة هي "منظمة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان" اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، وطالبت باستصدار مذكرات توقيف بحث الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوج ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وقال المتحدث باسم المنظمات الثلاثة إيمانويل داوود، إن "على المسئولين الإسرائيليين الذين يشنون حربا مع إفلات تام من العقاب حيث ترتكب جرامئ حرب وجرائم ضد الإنسانية كل يوم، أن يفهموا أن يتحملوا شخصيا مسئولية أفعالهم أمام القضاء الدولي".

وأضاف في رسالة إلى المحكمة وأضاف "بما أن المجتمع الدولي غير قادر على فرض وقف لإطلاق النار على إسرائيل، فيجب على العدالة الجنائية الدولية أن تتحمل مسئولياتها، فهي تمتلك الوسائل اللازمة للقيام بذلك".

وجاء في الرسالة التي وجهت مساء الأربعاء الثامن من نوفمبر إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن الوقائع التي عرضتها المنظمات الثلاثة، هي "نية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب".

وقال المدير العام لمؤسسة الحق شعوان جبارين، في تصريحات لموقع "الحرة" في العشرين من شهر نوفمبر الجاري، إن خطوة المنظمات الثلاث عبارة عن "عملية تزويد بالمعلومات لأن هناك تحقيقا جاريا بالفعل من جانب المحكمة الجنائية الدولية"، موضحا أن التحقيق يشمل ما حدث قبل السابع من أكتوبر وما بعده على الأراضي الفلسطينية"، وتابع: "ننتظر إصدار مذكرات توقيف وسنواصل في هذا الاتجاه".

وأشار المدير العام لمؤسسة الحق، إلى أن الخطوة الأخيرة تتعلق باتهامات لإسرائيل "بنية الإبادة الجماعية والتحريض على إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب"، لافتا إلى تصريحات مسئولين إسرائيليين، وأبرزها تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي عن الفلسطينيين بأنهن "حيوانات بشرية"، وإعلانه عزم بلاده قطع المياه والكهرباء والغذاء والوقود إلى قطاع غزة.

الجرائم الإسرائيلية استفزت غير الفلسطينيين أيضا، حيث اعتبر المحام الفرنسي جيل ديفرز، نفسه صوت الضحايا الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية، مستنكرا الإجراءات الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة.

وقدم المحامي الفرنسي شكوى إلى الجنائية الدولية في التاسع من شهر نوفمبر الجاري، ضد الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، متهما الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "إبادة جماعية"، وطالب بفتح تحقيق في الوقائع المنسوبة إلى جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.

وأضاف ديفرز أن جرائم الحرب والإبادة الجماعية يتم التعامل معها بشكل منفصل في المحكمة الجنائية الدولية، موضحا: "لدينا قدرا كبيرا من الأدلة ولذلك نطلب إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لقد عثرنا على صور مروعة لجنود إسرائيليين يتصرفون بدافع الانتقام، وهو ما يمكن اعتباره غير إنساني".

وأوضح المحامي الفرنسي، أن تهديد وجود المجتمع، وقطع الوصول إلى الاحتياجات الأساسية بما في ذلك الكهرباء والمياه والغذاء والخدمات الصحية، وقصف المستشفيات والمدنيين، وإجبار الناس على النزوح، يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وأكد "ديفرز" أنه كون "جيش قانوني" من ٣٠٠ محام في غضون ١٠ أيام، مشيرا إلى أن هناك إمكانية لتجنيد ٣٠٠٠ آخرين، والباب مفتوح لكل من يرغب في أن يكون "شاهدا على الجرائم الإسرائيلية".

وقال ديفرز في تصريح صحفي: "تقدمنا بشكوى باسم الجمعيات والاتحادات لارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية، وسيتم عرض القضية الفلسطينية أمام جميع المحاكم الوطنية والدولية".

وتحت شعار "ليس لديك جيش؛ لقد قررنا أن نكون جيشكم"، حشد المحامي الفرنسي الدعم، وتم تقديم الشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، نيابة عن أكثر من ٢٠٠ جمعية حول العالم.

ومن فرنسا إلى أستراليا، حيث وقع أكثر من ٣٠٠ محام في أستراليا، في مستهل شهر نوفمبر الجاري، على رسالة مفتوحة تدعو الحكومة الاسترالية إلى ممارسة نفوذها لضمان وقف إطلاق النار في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، من أجل وقف الحرب التي وصفتها الرسالة أنها تجاوزت "حدود" النزاعات المسلحة والقوانين الأخرى.

وذكرت الرسالة أن "هناك أدلة متزايدة على ارتكاب جرائم فظيعة وجرائم ضد الإنسانية ويستند وضعها كجرائم دولية إلى الاعتقاد بأن الأفعال المرتبطة بها تمس بالكرامة الأساسية للبشر، لقد تجاوزت إسرائيل الحدود المقبولة للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وقانون النزاعات المسلحة".

تصريحات إسرائيلية متطرفة 

وعلى مدار أكثر من ٥٠ يوما هي مدة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أطلق المسئولين الإسرائيليين تصريحات متطرفة ضد الشعب الفلسطيني، وبدأت هذه التصريحات في التاسع من شهر أكتوبر الماضي، بعد ٤٨ ساعة فقط من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة، خرج وزير الدفاع في حكومة الاحتلال الإسرائيلية يوآف جالانت مصرحا بأن "الفلسطينيين حيوانات بشرية"، وأكد أنه أمر بفرض "حصار مطبق" على قطاع غزة، مضيفا "نفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز... كل شي مغلق".

وتبعه قائد "لواء جولاني" من قوات النخبة الإسرائيلية اللواء غسان عليان، مهددا سكان غزة: "أنتم تريدون الجحيم، ستحصلون على الجحيم"، واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النصوص اليهودية المقدسة لتبرير قتل الفلسطينيين، قائلا: "عليك أن تتذكر ما فعله عماليق بك، يقول كتابنا المقدس"، مقتبسا آية تقول: "الآن اذهب واضرب عماليق… اقتل رجلا وامرأة، وطفلا"

وقال وزير البنية التحتية في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، إنه أمر بقطع فوري لكل إمدادات المياه عن قطاع غزة.

كما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنها أمرت بوقف مؤقت لإمدادات الغاز من حقول غاز تمار.

وفي ١١ أكتوبر الماضي، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد دانيال هجاري، أن "المعابر مغلقة في القطاع، لا يوجد كهرباء، لا أحد يدخل أو يخرج.. غزة تحت الحصار".

ودعا عضو برلمان الاحتلال الإسرائيلي "الكنيست" من حزب الليكود اليميني المتطرف والذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الكنيست نسيم فيتوري، في ١٧ نوفمبر الجاري إلى حرق قطاع غزة.

نائب رئيس الكنيست نسيم فيتوري

وقال نائب رئيس الكنيست: "كل هذا الانشغال فيما إذا كان هناك إنترنت في غزة أم لا يظهر أننا لم نتعلم شيئًا.. نحن إنسانيون للغاية، أحرقوا غزة الآن وليس أقل من ذلك!"، مضيفا: "لا نسمح بدخول الوقود، ولا نسمح بدخول الماء حتى يتم إعادة الرهائن!".

إدانات دولية لقادة الاحتلال

واستنكرت منظمة هيومات رايتس ووتش الحقوقية، تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، التي وصف فيها الفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية، قائلة إنها تصريحات "مقززة" وأضاف

مدير شئون إسرائيل وفلسطين في المنظمة عمر شاكر في منشور على منصة "إكس": تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي جالانت مقززة وحرمان السكان في أراض محتلة من الغذاء والكهرباء يشكل عقابا جماعيا".

وأشار "شاكر" إلى أن هذا النوع من الإجراءات يشكل "جريمة حرب مثله مثل استخدام التجويع سلاحا، وعلى المحكمة الجنائية الدولية أخذ العلم بهذه الدعوة إلى ارتكاب جريمة حرب". 

وفي العشرين من شهر أكتوبر الماضي، عقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، مؤتمرا صحفيا عند معبر رفح، وصرح قائلا "وراء هذه الجدران لدينا مليونا شخص يعانون بشدة، لذا، هذه الشاحنات ليست مجرد شاحنات، بل هي شريان حياة، هم الفرق بين الحياة والموت، بالنسبة للكثير من الناس في غزة، ما نحتاجه هو جعلهم ينتقلون، جعلهم ينتقلون إلى الجانب الآخر من هذا الجدار بأسرع وقت ممكن".

وكانت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن الدولي في ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣ سببا في غضب إسرائيلي عارم ضده ومطالبتها بتقديم استقالته، حيث أكد الدبلوماسي البرتغالي أن "حماية المدنيين لا تعني إصدار الأوامر لأكثر من مليون شخص بإخلاء منازلهم والاتجاه جنوبًا؛ حيث لا يوجد مأوى ولا غذاء ولا مياه ولا دواء ولا وقود، ثم الاستمرار في قصف الجنوب نفسه"، في إشارة إلى إجبار الاحتلال الإسرائيلي لسكان غزة للنزوح قسرا من الشمال إلى الجنوب.

جوتيرش أمام معبر رفح

واعتبر جوتيريش أن الهجوم الذي شنته حركة حماس على مستوطنات وبلدات غلاف غزة في السابع من أكتوبر لم يحدث من فراغ" موضحا "من المهم أن ندرك بأن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، لقد تعرض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق على مدار ٥٦ عاما، ورأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتعاني العنف، خُنِقَ اقتصادُهم، ثم نزحوا عن أراضيهم، وهُدمت منازلهم، وتلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم".

وفي نفس السياق، أكد مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، بعد مرور ١٠ أيام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أن "ما تتعرض له غزة الآن ليس سوى ثلاث جرائم حرب ترتكبها إسرائيل" في قطاع غزة، مشيرا إلى أن "الخطة الإسرائيلية لا تهدف فقط إلى إخلاء غزة وتطهيرها عرقيًا بشكل كامل وإعادة احتلالها، بل ضمها إلى إسرائيل أيضًا".

وأوضح البرغوثي في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية أن "ما تتعرض له غزة الآن ليس سوى ثلاث جرائم حرب ترتكبها إسرائيل، أولها هو الحصار والعقاب الجماعي، وهذه جريمة حرب بموجب القانون الدولي، والثانية هي الإبادة الجماعية عن طريق هذا القصف الجوي الرهيب بدون توقف على السكان المدنيين، والثالثة التطهير العرقي، الذي بدأ في الشمال، وهم يخططون لمواصلة ذلك نحو مصر".

وعلى الرغم من الدعم الأمريكي الواضح للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن هناك عدد من المسئولين الأمريكيين اعترفوا بارتكاب إسرائيل جرائم حرب، من بينهم جوش بول أحد كبار المسئولين السابقين في وزارة الخارجية الأمريكىة، الذي أكد أن تل أبيب ارتكبت "جرائم حرب في غزة" معبرًا عن استيائه في مقابلة مع وكالة فرانس برس، في منتصف شهر نوفمبر الجاري لعدم توجيه الانتقاد لسياسة الولايات المتحدة تجاه حليفتها.

وأشار المسئول السابق في الخارجية الأمريكية، الذي شغل منصب مدير العلاقات العامة والمفاوضين في مكتب الشئون السياسية والعسكرية في الوزارة لمدة تصل إلى ١١ عامًا، إلى أن "انتقاد إسرائيل موضوع محظور في السياسة الأمريكية، وبالخصوص في الكونجرس"، وتابع "هذا يجعل المسؤولين السياسيين الأمريكيين عاجزين عن الافصاح عما يفكرون فيه على الملأ"، ودفع القصف الإسرائيلي على قطاع غزة "بول" للاستقالة لأن "الأمر واضح ولقد شاهدنا ذلك: الأسلحة الأمريكية تستخدم في قتل المدنيين".

وجوش بول الذي كان مكلفا بالإشراف على عمليات تصدير الأسلحة لحلفاء الولايات المتحدة، قدم استقالته الشهر الماضى ما أثار جدلا في واشنطن، وانتقد بول السياسة الأمريكىة في تصدير الأسلحة إلى بعض البلدان، متهما مسئولين سياسيين بغض الطرف عن الأمر.

ويرى المسئول الأمريكي السابق، أن بالامكان مقارنة مستويات الانقسام داخل الإدارة الأمريكية، بما في ذلك بين أعضاء الكونجرس، بالتوترات التي سبقت غزو العراق في العام ٢٠٠٣.

وأمام العالم أجمع، اتهم السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف إبراهيم خريشي، إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، قائلا "يجب أن تستيقظ هذه الغرفة، إنها مذبحة، إنها إبادة جماعية ونشاهدها على التلفاز إن هذا لا يمكن أن يستمر".

وفي العاشر من شهر نوفمبر الجاري، ذكر الخراشي أمام تجمع أكثر من ٤٠ دبلوماسيا وصحفيا في جنيف بسويسرا خلال مناسبة للوقوف دقيقة صمت على أرواح آلاف الضحايا المدنيين فى قطاع غزة، بعد مرور شهر على القصف: "يوجد عدد ضخم من القوانين الإنسانية التي يمكن تطبيقها، تطبق بالكامل حينما يتعلق الأمر بأوكرانيا وحينما يتعلق الأمر بنا تُزاح جانبا وتُنتهك ولا تُستخدم ويُستخف بها".

وفي ١٩ من شهر نوفمبر الجاري، وصفت منظمة الصحة العالمية مستشفى الشفاء في غزة، بأنه "منطقة موت"، إثر زيارة لمقره في مدينة غزة، وجاء ذلك في تقييم للوضع بالمستشفى، أجراه فريق أممي مشترك بقيادة منظمة الصحة العالمية على مدى ساعة، في أعقاب اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى وإخلائه.

وقال الفريق الأممي إنه شاهد دليلا على قصف وإطلاق نار، كما رصد مقبرة جماعية عند مدخل المستشفى، مضيفا أنه علم أن هذه المقبرة الجماعية ضمت رفات ٨٠ شخصا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الشعب الفلسطيني قطاع غزة نتنياهو روما الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة العدوان الإسرائیلی على قطاع غزة المدعی العام للجنائیة الدولیة إلى المحکمة الجنائیة الدولیة حکومة الاحتلال الإسرائیلیة حرب وجرائم ضد الإنسانیة الجنائیة الدولیة فی شهر أکتوبر الماضی نظام روما الأساسی الإبادة الجماعیة السابع من أکتوبر بنیامین نتنیاهو الشعب الفلسطینی العقاب الجماعی ارتکاب إسرائیل القانون الدولی اتفاقیات جنیف للأمم المتحدة الأمم المتحدة إبادة جماعیة جرائم الحرب دولة فلسطین وزیر الدفاع فی قطاع غزة على ارتکاب فی المحکمة التحقیق فی بما فی ذلک فی فلسطین جریمة حرب فتح تحقیق جرائم حرب تحقیق فی الوضع فی کریم خان لا یوجد أن هناک أکثر من من بین إلى أن فی غزة حرب فی

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تنذر وتقصف مناطق بالضاحية وحزب الله يضرب هدفا نوعيا

وجه الجيش الإسرائيلي إنذارا بضرورة الإخلاء لسكان 3 مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية، قبل ضربات توعد بشنها على أبنية عدة فيها، في حين أعلن حزب الله اللبناني، أن صواريخه استهدف للمرة الأولى محطة غاز شمالي إسرائيل.

ودعا جيش الاحتلال سكان مناطق الحدث وبرج البراجنة والشياح في ضاحية بيروت الجنوبية لإخلائها. وبعد ساعة من الإنذار، أفادت مراسلة الجزيرة بأن غارة استهدفت فعلا منطقة الحدث.

وقبل قصف منطقة الحدث، كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "أنتم قرب منشآت ومصالح تابعة لحزب الله سيستهدفها الجيش على المدى الزمني القريب".

وأضاف أدرعي عبر منصة إكس "من أجل سلامتكم عليكم إخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر"، مرفقا تغريدته بخريطة تحدد المواقع الثلاثة المعنية.

وفي وقت سابق أمس السبت، أعلن الجيش الإسرائيلي إتمام ما سماه موجة رابعة من الغارات على العاصمة بيروت، مع تواصل قصفه مناطق في جنوب وشرق لبنان، خاصة صور، حيث أكد مراسل الجزيرة تواصل استهداف أحياء سكنية عدة بالمدينة من قبل المقاتلات الإسرائيلية.

وفي أحدث عملياته صباح اليوم، قال مراسل الجزيرة إن غارة إسرائيلية استهدفت بلدة سحمر بالبقاع الغربي شرقي لبنان، كما ضربت غارتان أخريان بلدتي دير أنطار والشهابية جنوبي لبنان، مضيفا أن قصفا مدفعيا إسرائيليا استهدف أيضا منطقة حامول ومحيط بلدة زبقين في جنوب لبنان.

هدف نوعي

وفي المعسكر المقابل، أعلن حزب الله مساء السبت في بيان، أنه قصف بصليات صاروخية للمرة الأولى قاعدة نيشر التي تضم محطة غاز في جنوب شرق حيفا شمالي إسرائيل، وهو هدف وصفه مراقبون بالنوعي.

وبالتزامن مع قصفه محطة الغاز، أعلن حزب الله أنه استهدف أيضا بصليات صاروخية قواعد عسكرية إستراتيجية قرب حيفا، أبرزها قاعدة حيفا التقنية وقاعدة حيفا البحرية وقاعدة ستيلا ماريس وقاعدة طيرة الكرمل.

وفي تطورات المعارك على جبهة جنوب لبنان، قال حزب الله إن مقاتليه يخوضون اشتباكات من مسافة صفر مع جنود الجيش الإسرائيلي عند الأطراف الشرقية لبلدة شمع جنوبي لبنان.

80 قذيفة

وبينما أكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله أطلق 80 قذيفة صاروخية من لبنان باتجاه إسرائيل أمس السبت، أفادت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بإطلاق صفارات الإنذار في جنوب الجولان خشية تسلل مسيرة.

يشار إلى أن إسرائيل وسعت -منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي- نطاق حربها على لبنان لتشمل معظم المناطق بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأ جيش الاحتلال غزوا بريا للجنوب.

وقد أسفر العدوان الإسرائيلي إجمالا عن 3445 قتيلا، و14 ألفا و599 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وفق بيانات رسمية لبنانية.

وبوتيرة يومية يرد حزب الله بإطلاق صواريخ ومسيّرات وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار استخبارية وتجمعات عسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية فإن الرقابة العسكرية التابعة تفرض تعتيما صارما على معظم الخسائر، بحسب مراقبين.

مقالات مشابهة

  • خبير عن عدم دخول المساعدات غزة: الاحتلال يتبع سياسات تجويع الشعب الفلسطيني لزيادة معاناتهم
  • الجزيرة ترصد آثار القصف الإسرائيلي على بعلبك
  • إسرائيل تنذر وتقصف مناطق بالضاحية وحزب الله يضرب هدفا نوعيا
  • تحرك جديد من المحكمة العليا للاحتلال الإسرائيلي في أزمة تسريبات مكتب نتنياهو
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: الانقسام في نهايته وهذا ما سيحصل عند انتهاء الحرب
  • نتنياهو يعلن الحرب على اليهود الحريديم.. ما علاقة وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي؟
  • "اليماحي": الشعب الفلسطيني يستحق الحماية الدولية في ظل تصاعد الاحتلال
  • حماس: تصريحات الخارجية الأمريكية حول غزة ترقى لجرائم حرب
  • تحليل إسرائيلي: نتنياهو يخوض حربا بلا نهاية
  • تحليل إسرائيلي: نتنياهو يخوض حربا "بلا نهاية"