الدكتور حسن مرهج فلاديمير زيلنسكي في ضيافة رجب طيب أردوغان. هو خبر قد يكون مفاجئاً للبعض، في حال النظر الى سياق العلاقات الروسية التركية، لكن وكما العادة فان أردوغان ونهجه السياسي، يُتيح له اللعب على المتناقضات بمستوياتها كافة، كما أن توقيت زيارة زيلنسكي، يُتيح لنا أيضاً فهم مجريات الأمور بعناوينها الدولية، وتحديداً في ما يتعلق برغبات أردوغان لجهة حلف الناتو، والانضمام إلى الإتحاد الأوروبي، والأهم نوايا أردوغان لجهة العديد من الملفات الإقليمية، ورغبته بتطويع إستقبال زيلنسكي واستثمار ذلك، على أعتبار أن الأخير حليف واشنطن والغرب.

زيارة زيلنسكي جاءت بعد ما سُمي الهجوم الاوكراني المضاد ضد القوات الروسية، والذي لم يحقق أي نتائج ميدانية، وكذلك بعد تمرد فاغنر وانهاء هذا التمرد في حينه، وبالتالي ثمة مُعطى يمكن البناء عليه في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، يتعلق بوساطة أردوغان لجهة إيقاف هذه الحرب، وربما الضغط على بوتين لاجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات مع الجانب الأوكراني. في ذات السياق، فقد ذكرت تقارير تركية وأوكرانية، أن مسألة تمديد اتفاقية تصدير الحبوب على رأس جدول أعمال الزيارة. ذلك أن الاتفاق الحالي ساري المفعول حتى السابع عشر من الشهر الجاري، وفي حين ترغب أنقرة في تمديده مجدداً وتؤيد كييف ذلك، إلا أن التصريحات الصادرة عن موسكو تظهر عدم حماس الأخيرة لتمديده وتحمّل الدول الغربية مسؤولية ذلك وما يترتب عليه، متهمة إياها بعدم التطبيق الدقيق له خصوصاً ما يخص حقوق روسيا وتصديرها منتجاتها الزراعية والغذائية. بصرف النظر عن ما سبق، فإنه وبالنسبة للرئيس الأوكراني، فإن دعوة أردوغان لزيارته، هي فرصة سياسية لا يمكن تعويضها، وهي مناسبة أيضاً لإستثمار هذه الزيارة في سياق الحرب مع روسيا، من هنا يبدو واضحاً أن زيلنسكي تفاخر باستلام ضباط كتيبة أوزوف، وأطلق تصريحات معادية لروسيا، بالتزامن مع غياب أي تعليق تركي على مسألة استلام ضباط كتيبة أوزوف، وعليه يبدو واضحاً أن الرئيس الأوكراني سعى لتسجيل إنجاز كرسالة لروسيا، لا سيما في ظل العلاقات الجيدة للأخيرة مع تركيا رغم الحرب. في جانب أخر، فإن أردوغان أيضاً يسعى لتسجيل نقاط سياسية يمكن استثمارها إقليمياً ودولياً، لا سيما أن هناك ضغوطات غريبة على أردوغان، نتيجة موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، والعلاقات مع بوتين، إذ رغم إعلان تركيا مراراً دعمها لوحدة الأراضي الأوكرانية، والوقوف إلى جانب كييف، إلا أنها لم تنخرط في العقوبات الغربية على روسيا واستمرت بعلاقات جيدة معها؛ خوّلتها لاحقاً لعب دور الوساطة وتحقيق اختراقات من قبيل اتفاق تبادل الأسرى وقبله اتفاق تصدير الحبوب. تركيا أيضاً لم تُبدي موافقتها على إنضمام السويد إلى حلف الناتو، لكن ثمة أنباء تحدثت عن موافقة تركيا على إنضمام السويد، من هنا يمكن فهم تصريح الرئيس التركي خلال الزيارة حول استحقاق أوكرانيا لعضوية الناتو، كتأكيد إضافي ومتكرر على أن بلاده لا تقف ضد سياسة توسيع الناتو ولا هي ضد السويد بشكل مطلق، بل الأمر مرتبط بمدى تجاوب الأخيرة مع مطالبها. واقع الحال يؤكد بأن غاية أردوغان من استقبال زيلنسكي، وموافقته على إنضمام السويد إلى حلف الناتو، وتوسطه في ما يتعلق باتفاق الحبوب، فإن كل ذلك يأتي ضمن المناورات الأردوغانية، لتخفيف الضغوط عن أنقرة، وتحديداً في ظل انهيار متسارع لقيمة الليرة التركية أمام الدولار، لكن يبقى هناك تساؤلات يؤطر نوايا أردوغان وسياساته، فهل سيحصل تدهور في العلاقات التركية الروسية؟، أم أن هناك تغييرات في الموقف التركي من الحرب الروسية الاوكرانية؟. هي تساؤلات غاية في الأهمية والأيام القادمة ستكون كفيلة بالاجابة عنها. خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الإستراتيجية.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

أمريكا تندد بموقف روسي "بالغ الخطورة" حول الحرب مع الناتو

ندّد البيت الأبيض، الجمعة، بتصريحات "بالغة الخطورة" أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اعتبر أن حلف شمال الأطلسي سيكون منخرطاً في حرب مع موسكو إذا سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد أراض روسية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار في تصريح لصحافيين إن "ذاك النوع من الخطابات بالغ الخطورة"، وذلك قبيل اجتماع بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن السماح لكييف باستخدام أسلحة بعيدة المدى على أهداف روسية.

وقال البيت الأبيض، في وقت سابق من يوم الجمعة، إن واشنطن لا تعتزم إعلان أي سياسة جديدة بشأن أوكرانيا واستخدامها صواريخ بعيدة المدى.

روسيا تحذر الناتو وتلوّح بـ"النووي" مجدداًhttps://t.co/cGWxIzfplW

— 24.ae (@20fourMedia) September 13, 2024

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أمام مجلس الأمن الدولي، الجمعة، إنه إذا سمحت الدول الغربية لأوكرانيا بتنفيذ ضربات بعيدة المدى داخل روسيا فإن دول حلف شمال الأطلسي "ستكون في حرب مباشرة مع روسيا".

وقال نيبينزيا للمجلس المؤلف من 15 عضواً "الحقيقة أن حلف شمال الأطلسي سيكون طرفاً مباشراً في أعمال قتالية ضد قوة نووية.. أعتقد أن عليكم ألا تنسوا هذا وأن تفكروا في العواقب".

مقالات مشابهة

  • أسباب وراء إرجاء زيارة بوتين إلى تركيا
  • يا فخامة الرئيس أردوغان، إن الدكتور/عبد الحي يوسف ليس كالمرحوم الدكتور/الفاتح حسنين
  • تركيا: الآلاف يشاركون في تشييع جثمان الناشطة الأمريكية التركية عائشة نور إزغي إيغي إلى مثواها الأخير
  • أردوغان يحذر من كراهية الأجانب في تركيا ويهاجم المعارضة بشدة.. يضرون بقوتنا الناعمة
  • الدفاعات الروسية تُسقط 19 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي كورسك وبيلغورود
  • ‏أمين عام حلف الناتو: إنهاء الحرب في أوكرانيا لن يتحقق إلا على طاولة المفاوضات
  • أمين عام الناتو: يمكن إجراء حوار مع روسيا في مرحلة معينة لإنهاء الحرب
  • سياسي بريطاني يحذر من التهديدات التي سيواجهها الغرب إن سمح لكييف بضرب الأراضي الروسية
  • أمريكا تندد بموقف روسي "بالغ الخطورة" حول الحرب مع الناتو
  • روسيا تصدر إعلانا عاجلا: الحرب مع الناتو بدأت