قالت صحيفة " الغارديان" إن المنظمات اليهودية تتبنى رموزا عامة معروفة بمواقفها المعادية لليهود، وذلك لسبب بسيط هو أنها تدعم إسرائيل.

وأضافت في مقال للمحرر بالطبعة الأمريكية سام وولفسون: "ربما كان أغرب مشهد في الشهر الماضي هو مراقبة، اصطفاف أكثر المعادين للسامية بؤسا في العالم لدعم إسرائيل، والأكثر إثارة للدهشة هو احتضان من يعتقد أنهم يريدون أمن إسرائيل لهم".



ومن هؤلاء القس الراديكالي جون هاغي، الذي زعم في السابق أن أدولف هتلر هو نتاج سلالة نصفها يهودية ملعونة وقتلة ارتكبوا إبادة جماعية"، وأن الرب أرسله من أجل دفع اليهود إلى الأرض المقدسة. واعتذر عن تعليقاته عام 2008 ولكنه كان من ضمن المدعوين لإلقاء كلمة أمام آلاف شاركوا في مسيرة من أجل إسرائيل في واشنطن، نظمتها منظمات يهودية كبرى من أجل المساعدة على "شجب المعاداة المتزايدة للسامية".


ودعا زعيم رابطة الدفاع الإنجليزية تومي روبنسون أنصاره للتجمع عند النصب التذكاري لقتلى الحرب العالمية الأولى في وسط لندن لـ "حمايته" من المحتجين المؤيدين لفلسطين. وفي العام الماضي دافع روبنسون عن كايني ويست الذي قال: "هناك على ما يبدو يهود أقوياء يزعمون بأنهم صهاينة وممن يضغطون بأصابعهم على زر السلطة في صناعة الترفيه وشركات التكنولوجيا وفي الحكومات"، وأن اليهود "وبكلمات عامة، على الأقل اليهود الأوروبيون البيض، لديهم مستوى ذكاء بنسبة 110 وبالتأكيد سيصعدون إلى رأس الشركات الكبرى".
ورغم تاريخ روبنسون في التعليقات التحريضية المعادية للسامية، حيث وجد تحقيق للغارديان عام 2019، أن معظم الجماعات التي تدعم وتمول حملته هي مؤيدة لـ"إسرائيل" في أمريكا مثل "منبر الشرق الأوسط" ومعهد "غيتستون".

ثم هناك مرشح رئاسي هو روبرت أف كيندي جي أر الذي ردد في بداية العام نظرية مؤامرة تقول إن كوفيد-19 "مستهدف" لحماية اليهود والصينيين. وعندما اتهم بمعاداة السامية والترويج لها، وهو ما أنكره، اختار كيندي الهجوم على النائبة الديمقراطية عن نيويورك الكسندريا أوكاسيو- كورتيز لعدم تقديم الدعم الكافي لـ"إسرائيل"، قائلا إن "النقد لإسرائيل هو سرد كاذب" و"إسرائيل هي نجمة مضيئة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط". وكوفئ كيندي بمقال رأي نشرته عنه "المجلة اليهودية" وهي دورية مؤيدة لـ"إسرائيل" وتحت عنوان "كيندي حليف وليس معاد للسامية"، وجاء فيه أنه رغم التعليقات فكيندي "هو داعم لا يتزعزع لإسرائيل كدولة يهودية وهو مخلص ولصيق بقيمه السياسية".

ولدى اليمين المتطرف في أوروبا تاريخ طويل بمعاداة السامية، إلا أن مارين لوبان، زعيم الجبهة الوطنية في فرنسا، وحزب البديل في ألمانيا، ورئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان من أهم داعمي حكومة بنيامين نتنياهو. وبالتأكيد يعتبر الأخير أوربان حليفا قويا وعادة ما ينشر تغريدات داعمة له. وفي الولايات المتحدة، هناك دونالد ترامب الذي تبع انتخابه أكبر مسيرة معادية للسامية لم تشهدها الولايات المتحدة من جيل "مسيرة اليمين المتحد" في شارلوتسفيل بفرجينيا. لكن ولأن ترامب عبر عن مواقف مؤيدة لـ"إسرائيل" في السياسة الخارجية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فهو يتلقى دعما مستمرا ومصادقة من عدة منظمات مؤيدة لـ"إسرائيل" ويشعر بعضها بالعصبية عندما ينتقد عدم الجاهزية الإسرائيلية لمنع هجمات حماس، ولكنه عاد إلى الحظيرة وأضاف هاشتاع "أقف مع بيبي" لمنشوراته على منصات التواصل.

وفي هذا الشهر، وافق مالك "إكس" (تويتر سابقا) إيلون ماسك على تغريدة قالت إن الشعب اليهودي يدفع "بالكراهية الدياليكتية ضد البيض"، وذهب كاتب المنشور الذي ليس لديه سوى 6.000 معجبا للقول إنه "لا يهتم وبعمق بالسكان اليهود البيض". ورد ماسك: "لقد عبرت عن الحقيقة"، وهذا ليس غريبا عن ماسك الذي ينكر معاداته للسامية، فقد غازل القوميين المتطرفين أكثر من مرة، وعلق بداية العام الحالي أن الميلياردير جورج سورس ذكره بـ "ماغنيتو" أو الشرير في فيلم "إكس مين"، وهو مثل سورس ناج من الهولوكوست.

وكالعادة وبخ ماسك من إدارة بايدن والمعلنين على "إكس" وجوناثان غرينبلات، رئيس رابطة مكافحة التشهير.

وهاجم ماسك غرينبلات ورابطة مكافحة التشهير أكثر من مرة وهدد برفع قضايا قانونية ضدها بسبب سياسات ولغة تتعلق بالنشر على منصات التواصل، ووصفهما بأنهما "أكبر المولدين لمعادة السامية على المنصة".

ولم يكلف نتنياهو نفسه بتوبيخ ماسك، فكلاهما صديق ويعتبر نتنياهو ماسك "أديسون زمننا"، وحتى بعد عدة أمثلة روج فيها ماسك لتعليقات معادية للسامية. ولم يحذف ماسك المنشور ولكنه وعد بالتشدد ضد من يدافعون عن فلسطين، وبخاصة الداعين منهم لـ "تصفية الاستعمار" أو من ينشرون "من النهر إلى البحر". وعبر غرينبلات عن دهشته: "أنا ممتن لقيادته في مكافحة الكراهية". ومرة بعد الأخرى تم مسح كل المخالفات التي قام بها دعاة لمعاداة السامية، ومن حركات مؤيدة لـ"إسرائيل"، طالما عبروا عن عدم اهتمام بالمشروع الإسرائيلي.

ولعقود كانت رابطة مكافحة التشهير واضحة أن الواحد لا يمكنه المضي بنقد "إسرائيل" قبل أن يرفض النقد على أنها معاداة للسامية. والقلق بشأن عنف المستوطنين بالضفة الغربية مسموح به، لكن أي شيء يذهب أبعد من هذا هو تقدم نحو محور الخطر وخطاب الكراهية.

وقال غرينبلات العام الماضي في خطاب إن "معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية"، وهو تصريح صححته بشكل طفيف مقابلة مع مستوطنة في "نيويوركر"، وهي فكرة تبناها "التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست" الذي اعتبر انتقاد "إسرائيل" والصهيونية بمثابة معاداة للسامية، وأن "إسرائيل" هي تجسيد لحق تقرير المصير اليهودي. وتم استخدام التعريف في أكثر من مرة لتصنيف جماعات مثل "المقاطعة ضد إسرائيل" بأنها معادية للسامية. وهذا التعريف المقيد يشمل اليهود القلقين على العنف الإسرائيلي ونظام الأبارتيد.


وقارن رد "رابطة مكافحة التشهير" على ماسك بكلامهم الشهر الماضي عن اجتماع لتحالف اليهود الأمريكيين الذي التقى في نيويورك وواشنطن للاحتجاج ضد القتل العشوائي للفلسطينيين في غزة. وشارك الكاتب بمناسبة نيويورك وتأثر من كلمات اليهود الذين أردوا رغم صدمة الهجمات التأكد من أن ما يجري في غزة "ليس باسمنا"، ورد غرينبلات على تلك التجمعات بأنها "جماعات كراهية" "لا تمثل المجتمع اليهودي و"بالضرورة لسنا يهودا حقيقيين" يقول سام وولفسون. وهي لا تختلف عن تعليقات غرينبلات الشهر الماضي ضد جماعة "الصوت اليهودي للسلام" وأن أفرادها "فاعلون راديكاليون ويقومون باحتقار ونزع الأنسنة عن اليهود".

وما يقف خلف هذا المنطق هو موقف منحرف: من المفترض أن تكون إسرائيل وطنا لليهود من الرعب والمذابح، الهولوكوست ومعاداة السامية. ولكننا وصلنا إلى مرحلة غير منطقية باتت فيها المنظمات التي من المفترض أنها تحمي اليهود تحرف نظرها عن الكراهية، لمجرد أن الذين يروجون لها من أنصار إسرائيل، وهذا لا يوفر الأمن لليهود ولا معنى له".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة اليمين رابطة مكافحة التشهير معاداة السامية اليمين رابطة مكافحة التشهير سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رابطة مکافحة التشهیر مؤیدة لـ

إقرأ أيضاً:

لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟

رأى كُتاب ومحللون سياسيون أن اللاءات التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشأن ترتيبات ما بعد الحرب على غزة "غير واقعية"، وأكدوا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إبقاء حالة الحرب.

ووفق الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فإن أميركا تحاول خلق مقاربة جديدة لتحقيق أهداف فشلت إسرائيل بتحقيقها عسكريا في غزة، مشيرا إلى أنها تريد إرساء معالم توافق عليها إسرائيل لمنع نتنياهو من حكم عسكري مباشر للقطاع.

ويعتقد مكي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن طرح هذه اللاءات محاولة لكسب ما تبقى من الزمن في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه شدد على أنها غير قادرة على توجيه دفة الأمور في الشرق الأوسط وخاصة حرب غزة.

وكان بلينكن قد قال مؤخرا إن هناك 3 أمور لا تقبل بها الإدارة الأميركية في غزة بعد الحرب وهي: الاحتلال الإسرائيلي، وعودة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى حكم القطاع، وأي حالة من حالات الفوضى والفراغ.

وأوضح مكي أن جولة بلينكن الأخيرة كانت للترويج لقوات عربية أو إسلامية بديلة لحماس في غزة، وهو ما رفضته القاهرة، مضيفا أن لاءات بلينكن "تصريحات استهلاكية غير ذات فائدة".

ونبه إلى أن واشنطن تريد إدارة غير فلسطينية لإدارة غزة كالاستعانة بجيوش عربية معينة، لكنه استدرك بالقول إن ما تطرحه الولايات المتحدة "حلول غير واقعية"، إذ تريد إشراك المنطقة بالمهمات الإسرائيلية لإخضاع وتدجين الشعب الفلسطيني لأجل التطبيع.

وبشأن التوقيت، يؤكد المتحدث أنها تأتي بعد فشل إسرائيل بتحقيق أهداف الحرب، وكذلك صراعات أميركية داخلية تؤثر على القرار الأميركي وقدرته في الخارج.

ورغم إقراره بأن إنهاء حكم حماس لغزة يعد مطلبا إسرائيليا وأميركيا، شدد مكي على أن الأمور تتجه نحو حالة من العدمية بالنسبة لإسرائيل، التي قال إنها لا تمتلك إستراتيجية أو رؤية، فضلا عن أن نتنياهو يحارب من أجل الحرب.

وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه هدف إبقاء المنطقة بحالة حرب حتى عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض -في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية- بهدف إشعالها أكثر ومساعدة إسرائيل بما يلزم.

وأشار إلى أن نتنياهو يطرح شروطا يعرف أن حماس ترفضها لكي يستمر في الحرب، معتقدا في الوقت نفسه أن الحرب مستمرة وقد تصل إلى أقصى حد ممكن في النزاع العسكري، خاصة أن قوة حماس في غزة كبيرة ولا يمكن مقارنتها بالضفة الغربية.

حرب أبدية؟

بدوره، قال الباحث في الشؤون الدولية والسياسية ستيفن هايز إن إدارة بايدن تبحث عن سلام إقليمي، ولا يمكن أن يحدث دون تسوية الوضع بغزة، مشيرا إلى أن هذه الإدارة بوضع عصيب وتبدو كالجريحة.

ويعتقد هايز أن إدارة بايدن بموقف لا يخولها فرض أي شيء على نتنياهو، مشيرا إلى أن الكثير من الحل يعتمد على حماس، قبل أن يضيف أن هناك حربا أبدية إذا بقيت الأخيرة في حكم غزة.

وأشار إلى ضرورة وضع خطة واقعية تتجاوز نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، متوقعا أن قدوم ترامب سيغير الوضع وستكون رسالته قوية جدا بمساعدة إسرائيل عبر عملية صعبة وطويلة وبشعة.

وخلص إلى أن الولايات ستبقي دعمها لإسرائيل، ولكن ستكون قادرة على التأثير بالوضع إذا جرت انتخابات في إسرائيل لاستبعاد نتنياهو.

ماذا يريد نتنياهو؟

من جانبه، يرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن نتنياهو يحاول تعليق المرحلة وإرباك المشهد إلى يوم الحسم في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل؛ أي اليوم الذي يلي الانتخابات الأميركية.

ويضيف جبارين أن نتنياهو لديه مشكلتان، الأولى محاولة بقاء حكومته حتى 28 يوليو/تموز موعد العطلة الرسمية للكنيست، والثانية قدوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل وإمكانية تحمل الشارع لذلك في ظل عدم إنجاز أهداف الحرب.

ويبين أن نتنياهو لا يريد حماس ولا الرئيس الفلسطيني محمود عباس رغم أن لا بديل لهما، كما أنه يحاول تعقيد المشهد العالمي والغربي بقوله إنه لا يوجد أي أفق للحل بحسب الرؤية الأمنية الإسرائيلية.

ويعتقد أن نتنياهو يريد حكما عسكريا مباشرا لغزة لإرضاء وزيريه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش رغم كونه فخا لإسرائيل عسكريا وإداريا واقتصاديا، وعدم رغبة الجيش بذلك.

كما يستغل نتنياهو ضبابية المشهد -بحسب جبارين- في محاولة السيطرة على الجيش وتمزيقه وتحويله إلى كتائب ذات ولاء مباشر لرئاسة الحكومة، مضيفا أنه يتغذى على استطلاعات رأي تقول إن 4% فقط من الإسرائيليين يرون أن الحرب تجاوزت الحد الأخلاقي.

مقالات مشابهة

  • وراء الأبواب المغلقة: لقاء سري بين مارين لوبان وممثلي الجاليات اليهودية
  • المؤسسات اليهودية في فرنسا تضغط على مارسيليا للتراجع عن ضم عطال
  • تداول صورة لرئيس وزراء بريطانيا الجديد بـ"الكيباه" اليهودية.. وإسرائيل تهنئ
  • إسرائيل تهنئ رئيس وزراء بريطانيا الجديد بعد تداول صورة له بالزي اليهودي
  • معلومات عن كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا الجديد.. أسرته يهودية ويؤيد إسرائيل
  • سيدة بريطانيا الأولى.. يهودية متدينة ولديها عائلة في إسرائيل
  • عباس العقاد يكشف أفكار وأسرار الصهيونية العالمية
  • تقرير لـNewsweek: لماذا على إسرائيل شنّ حرب على حزب الله وإيران؟
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل حال دخولها في جبهة صراع جديدة (فيديو)
  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟