نظر للعلاقات الوثيقة بين قطر وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة، فإن "توجيه إسرائيل ضربة قاتلة لـ"حماس" من شأنه أن يضع الدوحة في معضلة"، بحسب يوئيل جوزانسكي وإيلان زلايات في تحليل بـ"معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS).

وأوضح جوزانسكي وزلايات، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن هذه المعضلة هي: "هل ينبغي لقطر أن تدعم حكومة جديدة في غزة، سواء كانت حكومة تكنوقراط أو حكومة تابعة للسلطة الفلسطينية؟ وتشير التجربة إلى أن هناك فرصة لحدوث ذلك، بالنظر إلى أن السياسة القطرية براجماتية".

ولمدة 48 يوما حتى 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 14 ألفا و854 شهيدا فلسطينيا، بينهم 6 آلاف و150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح، بينهم أكثر من 75% أطفال ونساء، إلى جانب دمار مادي هائل و"أزمة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.

فيما قتلت "حماس" أكثر من 1200 إسرائيلي وأسرت نحو 239 بدأت في مبادلتهم مع الاحتلال، الذي يوجد في سجونه ما يزيد عن 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، وذلك ضمن هدنة إنسانية بدأ في 24 نوفمبر الجاري وتستمر 6 أيام، برعاية قطرية مصرية أمريكية.

وقال جوزانسكي وزلايات إنه "بالنظر إلى أن الطريقة الأكثر فعالية لممارسة الضغط على قطر هي من خلال الولايات المتحدة، فيجب على إسرائيل مناشدة إدارة (الرئيس جو) بايدن للضغط على النظام القطري لتغيير سياسته".

وتابعا: "مثلا، ينبغي على إسرائيل أن تضمن، جزئيا عبر مناشدة واشنطن، أن يصبح وجود قادة حماس في قطر عبئا على الدوحة".

"لكن على إسرائيل أن تخفض توقعاتها، حتى عندما يتعلق الأمر بالوعد الأمريكي بأنها اتفقت مع الدوحة على أن القطريين سوف "يعيدون النظر" في علاقاتهم مع حماس بعد الحرب"، بحسب جوزانسكي وزلايات.

واستطردا: "وبالتالي فإن أي تغيير في السياسة الإسرائيلية تجاه قطر، مثلا، من خلال محاولة اغتيال كبار قادة حماس الذين مُنحوا اللجوء في قطر،  قد يواجه معارضة شديدة من الولايات المتحدة، وخاصة في الأمد القريب".

وفي أكثر من مناسبة، قالت قطر إن استضافتها مكتبا سياسيا لـ"حماس" لا يعني أنها تؤيد الحركة، وأوضحت أنها سمحت بفتح هذا المكتب عام 2012 بعد طلب من واشنطن بإقامة خطوط اتصال غير مباشرة مع "حماس".

اقرأ أيضاً

كيف أنقذت قطر اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس؟

إعادة الإعمار

و"من المهم أن تحدد إسرائيل نموذج الحكومة التي تريد رؤيتها في غزة بعد الحرب، لمنع خلق فراغ سياسي خطير من شأنه أن يمنح قطر الفرصة، مرة أخرى، لتكون المنقذ الحصري للقطاع"، كما أضاف جوزانسكي وزلايات.

وزادا بأنه "كما حدث في أعقاب عملية "الجرف الصامد" (عدوان على غزة) في عام 2014، ستكون قطر هذه المرة أيضا هي العنوان عندما يتعلق الأمر بإعادة إعمار غزة، سواء شاءت إسرائيل ذلك أم لا".

وفي غزة يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

واعتبر جوزانسكي وزلايات أن "النموذج الإسرائيلي يجب أن يرتكز على تعاون الدول الدولية والإقليمية في إعادة إعمار غزة، وعلى رأسها مصر والأردن والسعودية والإمارات، وكذلك على وضع الآلية المدنية في القطاع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، ولو رمزيا".

وتابعا: "سيكون من المستحيل تأمين تعاون هذه الدول، فضلا عن دعم الولايات المتحدة لمثل هذه الخطة، وأحد الاحتمالات هو ربط ذلك بالجهود الأمريكية لبدء عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية".

اقرأ أيضاً

حذرت من استئناف الحرب.. قطر: هدف إسرائيل باستئصال حماس غير واقعي

جزرة أمريكية

و"على الرغم من أن السعودية ليست متحمسة لتحمل أي مسؤولية عن غزة، إلا أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تقدم الجزرة كجزء من صفقة التطبيع مع إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يشجعها على إظهار بعض الاستعداد للعب دور أكثر أهمية"، كما أردف جوزانسكي وزلايات .

وأضافا: "وفي الوقت نفسه، من الواضح أنه من مصلحة إسرائيل أن تواصل قطر أو حتى تزيد مساعدتها المالية للقاهرة؛ لأن مصر، القريبة جغرافيا من غزة وتعرف جيدا طريقة عمل القطاع، ستلعب دورا مركزيا في غزة، وبالمثل، تتمتع مصر بعلاقات وثيقة مع حماس وتسيطر على معبر رفح الحدودي (مع القطاع)".

وذهب جوزانسكي وزلايات إلى أن "قطر يمكن أن تكون جزءا من قوة عمل عربية و/أو دولية من شأنها أن تسيطر مؤقتا على غزة، لكنها لا تستطيع قيادتها".

ويقول قادة الاحتلال إنهم سيستأنفون الحرب بعد الهدنة، على أمل إنهاء إدارة "حماس" لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة،  التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي.

وفي كل الأحوال، بحسب جوزانسكي وزلايات، "يتعين على إسرائيل أن تربط التدخل القطري في غزة ما بعد الحرب بتغيير سياستها تجاه حماس، وأن تحول التحالف بين قطر وحماس إلى عبء دبلوماسي على الدوحة، بالإضافة إلى تشكيل قوة معارضة ومنافسة لنفوذها في فلسطين".

اقرأ أيضاً

سفير قطر بواشنطن يرفض دعوة سيناتور أمريكي إلى اعتقال قادة حماس بالدوحة

المصدر | يوئيل جوزانسكي وإيلان زلايات/ معهد دراسات الأمن القومي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تقدير إسرائيلي قطر حرب حماس غزة إعادة إعمار على إسرائیل إسرائیل أن بعد الحرب أکثر من إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

باحث إسرائيلي: قادة غربيون يسعون لتشويه صورة إسرائيل وكبح جماحها

رغم ما تحظى به دولة الاحتلال من دعم سياسي وعسكري غير مسبوق من المنظومة الغربية، فقد شهدت شهور العدوان الدامي على قطاع غزة تراجعا في الخطاب الدبلوماسي الغربي في نيويورك وباريس وأماكن أخرى، وبات ينظر لدولة الاحتلال باعتبارها مشكلة عالمية، و"عدوانية" بشكل مفرط، بما قد يؤثر على المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.

ديفيد واينبرغ المدير المشارك بمعهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، زعم أن "هناك دعوات غربية متزايدة تطالب بكبح جماح دولة إسرائيل، والحد من تصرفاتها، وتقييد قدراتها، وفي نهاية المطاف إخضاعها، بهدف تصحيح "عدم التوازن في القوة" المزعوم في الشرق الأوسط. في إشارة للقوة الإسرائيلية المفرطة مقابل نظيرتيها الإيرانية والتركية، وسط تقديرات غربية مفادها أن تحقيق انتصار إسرائيلي كبير سيُلحق الضرر بالمصالح الأمريكية والغربية، وهو ما عبر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون حين زعم أن "لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، ولكن بطريقة متناسبة".



وأضاف في مقال نشره موقع "ميدا"، وترجمته "عربي21" أن "مثل هذه المواقف تعني أن اليسار السياسي في الغرب لم يتعلم الدرس من هجمات حماس في السابع من أكتوبر، مما يثير القلق من محاولة إنكار مشروعية العقيدة العسكرية الإسرائيلية المرتكزة على إحباط تهديدات العدو بطريقة وقائية واستباقية، وتشمل الهجوم الجاري ضد حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، ومختلف القوات الجهادية والإيرانية في سوريا، والجيوب المسلحة في يهودا والسامرة، والاحتلال العسكري طويل الأمد خارج الحدود، فضلاً عن مهاجمة إيران نفسها".

وأوضح أن "القناعة السائدة في الغرب اليوم هي أن دولة إسرائيل لا يمكن أن تكون بهذه القوة والهيمنة، لأنها مستفزة جدًا، بل يجب إخضاعها تحت سيطرة الغرب "المسؤول"، وهذا خطاب خطير يحذر من القوة الإسرائيلية المفرطة، ومع مرور الوقت يسعى لتشويه صورتها باعتبارها "قوة مهيمنة" مثيرة للمشاكل في الشرق الأوسط، ولابد من "أخذها في الاعتبار"، عبر ضغط واشنطن عليها لحملها على التراجع، ووضع مصالحها الخاصة جانباً من أجل تحقيق "توازن المصالح" الأمريكي".

وأوضح أن "المواقف السياسية الأخيرة في المنصات الرسمية والمباحثات المغلقة تسعى في مجملها إلى أن استعادة "توازن القوى الصحي" و"توازن القوى" في الشرق الأوسط، يتطلب بشكل خاص الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "وائتلافه اليميني المتطرف"، وإرغامه على التوصل لاتفاقيات تشمل السلطة الفلسطينية، والانسحاب من جميع جبهات القتال، بهدف تحويل الهيمنة العسكرية لترتيبات واتفاقات أكثر استقرارا، رغم الاعتراف الغربي بأن الرد الإسرائيلي على هجوم حماس في أكتوبر 2023 غيّر بشكل جذري ميزان القوى في الشرق الأوسط بطريقة غير مسبوقة منذ حرب 1967.

واستدرك بالقول: "صحيح أن الغرب بمجمله أشاد بالهجوم العسكري الاسرائيلي، وكسره لمحور المقاومة بين حماس وحزب الله، وكشفه عن هشاشة وضعف طهران، وإلحاقه أضرارا كبيرة بالدفاعات الجوية الإيرانية وإنتاج الصواريخ، لكن الغرب ذاته يسارع لتوضيح أن هذه "الهيمنة" الإسرائيلية مُحرِجة، وتتعارض مع المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، وبذلك فإنهم يلقون باللوم على إسرائيل في كل ما هو سيئ يحدث في الشرق الأوسط".


واتهم الكاتب "القادة الغربيين الضاغطين على إسرائيل لكبح جماحها بكراهيتها، بزعم أنهم لا يستطيعون تحمّل وجودها قوية، رغم أنها الحليف الحقيقي الوحيد لأمريكا في الشرق الأوسط، لكنهم يشوّهون سمعتها باعتبارها مثيرة للمشاكل، أو ما هو أسوأ، بل ينحدرون إلى شيطنتها باعتبارها تهديداً، رغم أنها أهم الأصول الغربية في إعادة تشكيل المجال الاستراتيجي والمساعدة في كسب الحرب ضد محور روسيا والصين وإيران".


مقالات مشابهة

  • باحث إسرائيلي: قادة غربيون يسعون لتشويه صورة إسرائيل وكبح جماحها
  • مصدر أمني إسرائيلي: الجيش يستعد لهجوم واسع على غزة
  • هجوم إسرائيلي على المشاركين في عرائض وقف الحرب.. تقوي حماس
  • كاتب إسرائيلي .. الجيش يغرق في حرب العصابات في غزة وتتجه إلى فيتنام جديدة
  • إنهاء الحرب وتسليم الرهائن.. تعليق إسرائيلي على مقترح الهدنة
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يسعى لإنهاء حرب غزة في هذا الموعد
  • تعليق إسرائيلي على مقترح "هدنة الـ5 سنوات"
  • كاتب إسرائيلي: غزة تحولت إلى فيتنام والجيش يغرق بحرب العصابات
  • إعلام إسرائيلي: استئناف الحرب لن يغير مواقف حماس
  • لواء احتياط إسرائيلي: لهذه الأسباب لن يتمكن الجيش من هزيمة حماس في غزة