الهدنة تعيد «عمر» إلى ألعابه وسط الأنقاض: هي اللي باقية
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
طفل لم يتعدَّ الـ12 عاماً، يصارع ركام منزله المتهدم، يتجول بينها باحثاً عن ألعابه وطفولته وذكرياته، وقف الطفل عمر عبدالله لحظة ينظر إلى الأطلال، ليحدد وجهته من أين يبدأ ليصل إلى ذكرياته مع أخويه «محمود» و«علا»، اللذين استُشهدا فى الأول من نوفمبر الجارى، بعد قصف منزلهم بمنطقة خزاعة شرق خان يونس.
مشهد مبكٍ للطفل وهو يبحث وسط ركام وحجارة منزله المتهدم عن ألعابه وطفولته التي اغتالتها يد قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث صمم «عمر» على العودة مع بدء سريان الهدنة التى توصلت إليها مصر بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى: «كان نفسى يوم ما أرجع نكون كلنا مع بعض؛ محمود وعلا وحشونى.
قطع ملابس مُعلقة فوق الأسياخ الحديدية والحجارة الكبيرة؛ هى كل ما تبقى من منزل الطفل، ومن بين تلك القطع «خمار» صغير كانت ترتديه شقيقته «علا» البالغة من العمر 6 أعوام أثناء الصلاة، ويحكى متأثراً بالذكرى: «هاد خمار الصلاة الأبيض اللى كانت علا راح تلبسه وهي بتصلي، هاد اشترته والدتي لعلا فرحة بتعلّمها الصلاة؛ لكن هلا راحت وبقي الخمار.. راح احتفظ فيه طول عمري لو إلى عمر».
لم يتوقف «عمر» عن البحث وسط الركام عن ذكرياته وصوره مع شقيقيه بعدما استشهدا. ورغم محاولات والده منعه فإنه صمم على البحث ودموعه لم تتوقف: «راح أبحث عن كل ذكرى تجمعنى باخواتى، هبحث عما لم تستطع قوات الاحتلال سرقته.. سرقوا اخواتى لكن مش هيسرقوا أحلامي اللي جاية ولا راح يمحوا طفولتي وأيامي الحلوة».
يتمنى الصغير إعادة إعمار منزله ليكون شاهداً من جديد على بناء أحلامه مرة أخرى: «راح نرجع ونعمّر بيوتنا، راح نسترجع طفولتنا مرة تانية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دمار في غزة منازل غزة الحرب على غزة الاحتلال الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
من قصص غزة.. وجدت زوجها تحت الأنقاض وكأنه يحمل طفلهما لكنه غير موجود
كانت تالا شابة فلسطينية من مدينة غزة وميشيل (24 عاما) شابة إسرائيلية من سديروت تعيشان في بلدتين لا يفصل بينهما سوى نحو 10 كيلومترات وجدار، وقد اتفقت طالبتا القانون على تبادل الحديث، وفي هذه الرسالة تحكي تالا عن وقف إطلاق النار، وعودة شقيقها ووالدها إلى منزل العائلة شمال قطاع غزة.
وهكذا تبدأ الفلسطينية رسالتها -كما نقلها ديمتري كرير لمجلة لوبس- بوصف حالها وهي تذرف الدموع قائلة "لا أزال في حالة صدمة، وأعاني من اضطراب ما بعد الصدمة. ومن الصعب أن أصدق أن وقف إطلاق النار هذه المرة دخل حيز التنفيذ فعلا. أنا منهكة تماما بسبب كل الخسائر والحصار والوضع المدمر الذي نعيشه".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوبوان: هذا هو ثقل المغرب العربي في الهجرة إلى فرنساlist 2 of 2واشنطن بوست: لماذا تعد قناة بنما ذات أهمية استراتيجيةend of listوتوضح تالا (20 عاما) أنها لم تكن قد رفعت سقف توقعها لخشيتها من تأثيرات خيبة الأمل، فانتظرت الإعلان الرسمي من الجانبين مع عائلتها المجتمعة بغرفة واحدة في دير البلح أمام الراديو، وقد قفزوا جميعا من الفرح عند الإعلان و"اعتقدت أنني أستطيع التنفس أخيرا، وأنه لن يتم ارتكاب المزيد من الفظائع، لكن أشخاصا قتلوا في الدقائق الأخيرة قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ. ربما كانت هذه فرصة أخرى للحكومة الإسرائيلية لقتل المزيد من الفلسطينيين".
إعلان
وتتابع الشابة الفلسطينية التي نزحت من مدينة غزة منذ بداية الحرب "الآن أخشى أن تبدأ الإبادة الجماعية بمجرد إطلاق سراح السجناء" وتذكر بأن منظمة "أنقذوا الأطفال" التي تعمل فيها متطوعة، قد استأنفت أنشطتها في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ومقدمي الرعاية.
وتشير تالا -التي تحلم بالدراسة في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة يوما ما- إلى أنها مازالت تواصل دراستها في كلية الحقوق جامعة الأزهر "لكن الوضع أثر بشكل خطير على دراستي. لقد تم تدمير العديد من المباني الجامعية، وأنا مضطرة إلى أخذ دروسي عبر الإنترنت. وقد انخفضت درجاتي، وانخفضت مهاراتي في البحث والقراءة والتحليل بشكل كبير".
وفي الأيام الأخيرة، كما تقول تالا لصديقتها "أصبحت أقرب إلى أحبائي الذين أراهم كل يوم في الملجأ. أنا أعرف ما يحبونه، وكيف كانت حياتهم وكيف أصبحت. لقد أرتني امرأة لوحات ابنها. لقد أطلقت أسماء على النباتات في حديقتها. كانت شجرة الرمان هي المفضلة لديها".
وأصبحت تالا تستمتع بالعمل مع منظمة "أنقذوا الأطفال" وتمكنت من بناء روابط حقيقية مع الأطفال وأولياء أمورهم "لكنني حزينة لأن الصدمة تطارد سكان غزة حتى في نومهم. التقيت شابة من جباليا، تبلغ من العمر 22 عاما فقط، تقريبا في نفس عمرنا. إن قصتها تطاردني مثل الكابوس".
تلك الشابة بقيت -خلال الأيام العشرة الأولى من هذه الإبادة الجماعية- مع حماتها وزوجها وطفلهما وطفل آخر، وفجأة انهار عليهم مبنى من 3 طوابق، وقد نجت ولكنها بعد الفرار وجدت زوجها مدفونا تحت الأنقاض، وكانت يداه مشبوكتين وكأنه يحمل طفلهما، لكن الطفل كان قد اختفى، وهي تتمسك بالأمل في أنه لا يزال على قيد الحياة، وترعاه عائلة أخرى.
وتعود تالا إلى عائلتها، وقد "تمكن والدي وإخوتي من العودة إلى مدينة غزة. ولحسن الحظ كان منزلنا لا يزال قائما مع أنه تضرر كثيرا. ولم تعد هناك نوافذ، وتم حرق الجزء الداخلي واختفى الأثاث، وكما هو الحال مع معظم المباني التي لا تزال قائمة أصبح المنزل غير صالح للسكن".
إعلانلقد "مشى والدي وإخوتي لمدة 7 ساعات للوصول إليه، بينما بقيت أنا وزوجة أبي وأخواتي الصغيرات في دير البلح. ربما لن أتمكن من العودة إلى المنزل قريبا لأنني لا أزال أتمنى أن تفتح الحدود يوما ما لأتمكن من مغادرة غزة. أخشى أنني لن أرى مدينتي مرة أخرى ولن تتاح لي الفرصة لوداعها".
وتواصل الفتاة حديثها "أعلم أن الوضع في الشمال دراماتيكي. هناك شح في المياه وضعف شديد في الإنترنت. وأفتقد منزلي. أريد مراجعة كتبي وحزم حقيبتي. أرفض أن أوضع تحت تصنيف النازحين. ما أريده قبل كل شيء هو أن نتعلم من هذه المحن وأن نمحو الندوب التي تركتها علينا، مثل الانتظار اليائس للمساعدات الإنسانية".
وتقول "غزة هي وطني، وقد ناضلنا من أجل الحفاظ عليها. لن أنسى أبدا كيف كان الرجال والنساء والأطفال على استعداد للتخلي عن كل شيء، والنوم عند حاجز تل نويري (قرب ممر نتساريم) لرؤية منازلهم مرة أخرى. أدرك أننا فقدنا كل شيء، كل ما كان عزيزا علينا من أجل أن نتمكن من البقاء هنا".
وتخاطب ميشيل قائلة "لقد رأيت لقطات إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. بدوا بصحة جيدة، رغم أنني أعلم أنهم أجبروا على النزوح من منازلهم واستخدموا لتحرير الأسرى الفلسطينيين. لماذا لا تزالون تسمونهم رهائن، في حين أن الحكومة الإسرائيلية كانت تتعمد تأخير الصفقة في الأشهر الأخيرة لإطلاق سراحهم، وتقصف الأماكن التي يتم احتجازهم فيها؟".
وتوضح تالا أن جنود الاحتلال الإسرائيلي "ارتكبوا مجازر في محاولة لإبادة شعبنا. تم تدمير العديد من منازل صديقاتي بشكل كامل، بما في ذلك منزل فاطمة في رفح. لقد رحبت بي في منزلها عندما نزحت أنا وعائلتي إلى الجنوب. أتذكر طائريها الملونين. لسوء الحظ ماتا بسبب الحرمان من الطعام. وبذور الطيور ممنوعة من الدخول إلى غزة. يبدو أنه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية".
إعلان