أهم ما في الهدنة التي استمرت أربعة أيام بين «حماس» وإسرائيل أنها عصمت دماء مئات من الفلسطينيين، على الأقل، في غزة وأبقت على قليل من الممتلكات لم تطله القذائف.
طبعاً، ما استأثر بلقطات الهدنة هو مشاهد تبادل الرهائن أو الأسرى بين الجانبين، ففي كل جوانب الحياة، والحرب أحدها، يبقى الإنسان، بغض النظر عن انتمائه، بطل كل حكاية؛ فما بالنا إذا كان هو صانع هذه الحرب وضحيتها.
صحيح أن الاتفاق الذي وضع قواعد الإفراج عن الرهائن والأسرى تلخص في أرقام من الجانبين، لكن لاشك أن فيها الكثير من القصص الإنسانية التي نعرف منها كثيراً مما يخص الفلسطينيين، فمعظم تفاصيل تجربتهم متاحة. على العكس من ذلك ما يتصل بالإسرائيليين المحَرَرين الذين تبقيهم السلطات الإسرائيلية بعيداً عن عيون الإعلام، خشية أن تختلط فرحتهم بالنقمة على من قادتهم سياساته إلى هذه التجربة، أو الإشادة بمن عاشوها تحت سيطرته وتركهم في صحة جيدة وسط مشاعر بنى عليها البعض قصصاً جانبية.
طال الزمن أو قصر، ستتوالى القصص عن هذه التجارب، على الأقل ممن سيُكتب لهم العيش إلى ذلك الحين، غير أن السؤال الأوضح المتصل بهذا الموضوع الآن: أين كان الرهائن الإسرائيليون والأجانب؟ نعلم جميعاً أين كان الفلسطينيون، وفي أي ظروف سُجنوا، بل عرفنا انتماءات معظمهم الجغرافية والسياسية، غير أن التضييق الإعلامي على المحَرَرين الإسرائيليين لا يمنح الفرصة لتوقع الإجابة على هذا السؤال أو الاقتراب منها، فالمؤكد أنهم لا يستطيعون الجزم بمكان احتجازهم، وأن معرفته الشغل الشاغل للجانب الإسرائيلي.
ربما كان الطرف الإسرائيلي، وهو يقبل الاتفاق، يراهن على أن تتبع ملابسات تبادل الأسرى والرهان لأربعة أيام متتالية يمكن أن ييسر عليه تصور مكان، أو أماكن، وجود البقية، وبالتالي تحريرهم بلا مقابل.
ويبدو أن «حماس» تحسبت لذلك جيداً حين اشترطت خلو سماء غزة من طائرات المراقبة في أيام الهدنة، ثم عمدت إلى تشتيت الأنظار في أوقات التسليم، فأخرجت رهائن من جنوب القطاع في أول يومين، ثم من قلب مدينة غزة بالشمال في اليوم الثالث.
ربما اعتبر البعض هذا انتصاراً جزئياً للحركة، خاصة أن مشاهد التسليم ترافقت مع ظهور عناصرها الملثمة المسلحة تدليلاً على تماسكها واستمرار سيطرتها على القطاع، وهو ما ينطوي على رسالة لإسرائيل بأن القضاء على «حماس»، باعتباره أبرز أهداف الحرب، عصيّ على التحقق رغم إمعان الآلة العسكرية في تدمير القطاع لنحو خمسين يوماً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
هل أضافت عملية الاحتلال بجباليا شيئا لأهداف الحرب الإستراتيجية؟
يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة لم تضف شيئا للأهداف الإستراتيجية التي أعلنتها تل أبيب في حربها على القطاع.
وأوضح الفلاحي -في حديثه للجزيرة- أن عملية جباليا المستمرة منذ أكثر من 83 يوما لم تتوصل إلى الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، ولكنها فصلت مناطق شمالي القطاع عن مدينة غزة.
ووفق الخبير العسكري، فإن جيش الاحتلال دمر البنية التحتية في مخيم جباليا بشكل ممنهج عبر عمليات القصف الجوي والمدفعي، إلى جانب عمليات النسف بالروبوتات المتفجرة.
والأحد الماضي، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي دمر بالكامل نحو 70% من المنازل والمباني في مخيم جباليا، وشبهته بـ"مدينة الأشباح"، بعد أن كان حتى الحرب "أحد أكثر الأماكن ازدحاما في العالم".
ويلفت الخبير العسكري إلى تنفيذ جيش الاحتلال عمليات توغل جديدة في جباليا "وهو ما يقابل بعمليات مقاومة فلسطينية عبر استهداف قوات راجلة أو هندسية، إلى جانب ضرب وتفجير الآليات العسكرية".
وأمس الخميس، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، استهداف مقاتليها قوة إسرائيلية راجلة قوامها 7 جنود بعبوة شديدة الانفجار في مخيم جباليا، مؤكدة إيقاع جميع أفرادها بين قتيل وجريح.
إعلانكذلك أعلنت القسام عن استهداف قوة هندسية إسرائيلية بقذيفة "تي بي جي" المضادة للتحصينات خلال تقدمها لنسف عدد من المنازل غربي مخيم جباليا.
وكان جيش الاحتلال قد أعلن في 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدء عملية عسكرية جديدة في شمال القطاع، بذريعة "منع حركة حماس وفصائل المقاومة من استعادة قوتها في المنطقة".
ومنذ ذلك الوقت، قُتل 35 جنديا وضابطا من الجيش الإسرائيلي في المعارك داخل المخيم وحوله وجُرح المئات منهم، وفق محلل الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس".
وتعد هذه المرة الثالثة التي يجتاح فيها الجيش الإسرائيلي مخيم جباليا، بعد المرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2023، والثانية في مايو/أيار الماضي.
وأواخر الشهر الماضي، قالت القناة الـ13 الإسرائيلية إن القتال في مخيم جباليا وبيت لاهيا شمالي القطاع "ضار وصعب"، وقدرت وجود نحو 200 مقاوم من حركة حماس في جباليا "يقاتلون حتى الموت".