ماذا يحصل عند قراءة سورة الإخلاص ليلا؟.. سنة مهجورة للشفاء وبناء قصر في الجنة
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
ماذا يحصل عند قراءة سورة الإخلاص؟ سؤال يغفل الكثيرون جوابه خاصة في تلك السورة التي تعدل ثلث الكتاب الحكيم.
ماذا يحصل عند قراءة سورة الإخلاص؟ومن السنن المهجورة قراءة سورة الإخلاص في الليل، قال ﷺ : (أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ .. "قل هو الله أحد" تعدل ثلث القرآن). صحيح مسلم
وجاء عن أبي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ " قَالُوا : وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ: "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"، صحيح مسلم، سنن الدارمي، ومسند أحمد.
وسورة الإخلاص هي سورة مكية، من المفصل، آياتها 4، وترتيبها في المصحف 112، في الجزء الثلاثين، بدأت بفعل أمر ﴿قُل هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١﴾، ونزلت بعد سورة الناس. لها العديد من الفضائل، فقد ورد العديد من الأحاديث النبوية في فضل سورة الإخلاص، فمن فضلها أن قراءتها تعدل قراءة ثلث القرآن لقول النبي: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟».
كما أن بها صفة الرحمن، وقراءتها من أذكار النبي الدائمة، فكان يقرؤها إذا أوى إلى فراشه، ويقرؤها في صلاة الوتر، ويقرؤها دبر كل صلاة مكتوبة. وقد أمر النبي بقراءتها مع المعوذتين دبر كل صلاة، كما حث النبي على قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثًا في الصباح والمساء وأن قراءتهنّ تكفي المرء من كل شيء.
تتحدث السورة عن صفة الله تعالى، وإثبات وحدانية الله تعالى، وأنه الصمد الذي لا يقصد في الحوائج غيره، وعن تنزيهه عن سمات المحدثات فليس كمثله شيء وليس له مثيل ولا كفء، وإبطال أن يكون له ابن، وإبطال أن يكون المولود إلهًا مثل عيسى بن مريم.
وللسورة العديد من الأسماء التي جاءت في الآثار ومما أطلق عليها العلماء، وتسميتُها في المصاحف وكتب التفسير «سُورَةُ الإخلاص». ولا اختلافَ في القراءات العشر بين كلمات السورة، إلا في كلمة «كُفُوًا». وعدد آياتها أربع آيات، وخمس آيات حسب التعداد المكي والشامي، والاختلاف في اعتبار «لَمْ يَلِدْ» آية، «وَلَمْ يُولَدْ» آية، عدها المكي والشامي آية منفردة ولم يعدها الباقون. أما عدد كلماتها فخمس عشرة كلمة. وحروفها المرسومة 47 حرفًا حسب الرسم العثماني.
وكذلك جاء في الأحاديث أنها من أذكار النبي اليومية:
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُوتِرُ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلاثًا وَيَمُدُّ فِي الثَّالِثَةِ.
وثبت عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِر قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لِي يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ أَلا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الزَّبُورِ ولا فِي الإِنْجِيلِ وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهُنَّ لا يَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتَهُنَّ فِيهَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَالَ عُقْبَةُ فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتُهُنَّ فِيهَا وَحُقَّ لِي أَنْ لا أَدَعَهُنَّ وَقَدْ أَمَرَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
وقد ورد في فضل سورة الإخلاص أيضا:
أنها توجب الجنة: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ حَتَّى خَتَمَهَا، فَقَالَ " وَجَبَتْ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: " الْجَنَّةُ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَأُبَشِّرَهُ، فَآثَرْتُ الْغَدَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَرِقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ».
أنها سبب لقبول الدعاء: «عن بريدة: أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسالك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فقال: "لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب"».
أنها سبب للشفاء، فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا مَرِيضٌ فَقَالَ: «أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ مِنْ شَرِّ مَا تَجِدُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ يَا عُثْمَانُ تَعَوَّذْ بِهَا فَمَا تَعَوَّذْتُ بِخَيْرٍ مِنْهَا».
أن الله يحب مُحِبها، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ رَجُلا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ لا يَقْرَأُ بِأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ ـ تَعْنِي يَخْتِمُ ـ إِلاَّ بقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّهُ.
أنها من قرأها عشر مرات بني له قصر في الجنة، روى أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس الجهني أن النبي قال: «من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة».
قالت دار الإفتاء المصرية بخصوص قراءة سورة: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) جهرًا أو سرًّا، بعد صلاة القيام وقبل صلاة الشفع؛ فقد ورد أنَّه يُندَبُ لمصلي التراويح أن يجلس بعد كل أربع ركعات للاستراحة، اقتداء بفعل الصحابة رضوان الله عليهم، وللمُصَلّي في هذا الجلوس أن يشتغل بذكر أو تهليل أو يسكت. ولمَّا كانت صلاة الشفع والوتر تعقب صلاة التراويح فإنَّه يندب أيضًا للمُصَلّي أن يجلس للاستراحة عقب انتهائه من صلاة التراويح وقبل قيامه لصلاة الشفع والوتر، وله أن يشغل نفسه بذكر أو تهليل أو نحو ذلك أو يسكت.
وبهذا يعلم للسائل أنَّه يجوز للمُصَلّي أثناء جلوسه للاستراحة بعد صلاة التراويح أن يشغل نفسه بقراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) جهرًا أو سرًّا، أو ما يشاء من الأذكار أو التهليل بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى التشويش على المُصَلّين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة الإخلاص فضل سورة الإخلاص أذكار النبي قراءة سورة الإخلاص عند قراءة سورة ة الإخلاص ى الله
إقرأ أيضاً:
ميثاق غليظ
أنيسة الهوتية
"ميثاق غليظ" مصطلح ورد في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وقد ورد في سورة الأحزاب في الآية 7؛ حيث يقول الله تعالى: "وإذ أَخَذْنَا من النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا".
ويشار بهذا الميثاق الغليظ الأول إلى العهد العظيم الذي أخذه الله على الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم بتبليغ رسالاته إلى البشرية ببالغ المسؤولية التي تتطلب القوة والعزيمة والإخلاص، وأيضًا يتعين عليهم تحمل المشاق والصعاب، ومواجهة التحديات، والصبر على الأذى في سبيل إيصال الحق.
وورد في سورة النساء الآية 21: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثاني إلى عقد الزواج، وما يتضمنه من حقوق وواجبات بين الزوجين، وبأنَّه عهد قوي متين يصعب نقضه، ومهم الالتزام بمواثيقه.
وورد في سورة النساء الآية 154: "وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثالث إلى العهد الذي أخذه الله تعالى من بني إسرائيل بالعمل بأحكام التوراة، وعدم تجاوز حدود الله.
أما الأول، فقد أتم الأنبياء والمرسلون ميثاقهم الغليظ مع الله على أكمل وجه، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في عدة مواضع. وفي الثالث، فإن بني إسرائيل لم يتموا ميثاقهم الغليظ مع الله تعالى، بل نقضوه مرارًا وتكرارًا. وقد ورد ذكر ذلك في القرآن الكريم في عدة مواضع.
أما الثاني، فهناك من التزم به، ومن لم يلتزم لأسباب! وبما أن الطلاق حلال وإن كان أبغضه، فإنه جائز، ولكن ليس بأن يتم الحكم على نقض الميثاق الغليظ نهائياً من أول "فلعة" تقع على رأس الزوجين. ولأنه ميثاق غليظ، فهو من غلظته غير قابل للنقض إلا بعد "فلعتين"، كما ذكر القرآن الكريم، بصريح العبارة وشدة الوضوح: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ" سورة البقرة الآية 229
وهنا الآية الكريمة تتحدث عن الطلاق الرجعي الذي يظهر فيه مبدأ رحمة الإسلام بإعطاء الزوجين فرصتين للمراجعة بعد إجراء كل عملية طلاق صحيحة الأركان لم تمر بالمنقضات. ولأهمية رابط الزواج في دين الإسلام تم وضع منقضات للطلاق، أربعة تخص المرأة وأربعة تخص الرجل.
ويستطيع الزوج استخدام الفرصتين لمراجعة زوجته خلال فترة العدة مرتين، في الطلقة الأولى والثانية، ولازال يستطيع إرجاعها بعد فترة العدة بعقد جديد إن رضيت، وهاتان الفرصتان للإرجاع عدل إلهي مطلق يُبين قيمة الرابط المقدس للحفاظ على اللبنة الأساسية للمجتمع وهي الأسرة.
والثالثة ثابتة بتحريم الرجوع إلا إذا تزوجت زوجاً غيره بنية الزواج دون التُحايل للتحليل، وانفصلت عنه أو توفي عنها.
وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن النَّاس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" صحيح مسلم. ويُعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع في الإسلام، وتليه السنة النبوية الشريفة. والأحاديث المروية من "حبر الأمة" و"ترجمان القرآن" موثوقة.
لذلك أعتقد أنه آن الأوان أن يتم الاتفاق في أحكام الطلاق بين المذاهب كلها كما أمر الله تعالى سبحانه في محكم كتابه العزيز كمثل الاتفاق على أصول الدين الأساسية، وإعطاء كل زوجين فرصتهم المستحقة، خاصة في ظل الزواج من المذاهب المختلفة، وأيضًا منعًا لاستغلال فرصة تحليل المرأة.
رابط مختصر