حكم من أحرم ثم مات قبل أداء المناسك.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الحج لمن أحرم ثم مات قبل أداء المناسك؟ فقد أحرَم شخصٌ بفريضة الحج، ثم توفي قبل أداء شيءٍ مِن المناسك، فما حكم حَجِّهِ شرعًا؟ وهل على ورثته أن يُكمِلوا الحجَّ عنه.
. تعرف على آراء الفقهاء
وقالت دار الإفتاء، إن الحج ركنٌ مِن أركان الإسلام، وهو فرضٌ على كلِّ مكلَّفٍ مستطيعٍ في العُمر مرةً واحدةً؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
ثواب من أحرم ثم ماتوأشارت إلى أن مَن وَجَبَ عليه الحجُّ، فخَرَج مِن بيته قاصدًا أداءَ ما فَرَضه الله عليه مِن عبادةٍ، ثُم مات في الحج، كَتب الله له أَجْرَ الحج كاملًا دون أنْ يَنقص مِن أجره شيءٌ، سواءٌ كان الموت قَبل الإحرام أو بَعده؛ لأنَّ الشُّروع في الطاعة طاعةٌ.
وقد بيَّنت السُّنَّة النبوية المطهَّرة أنَّ المسلم إذا همَّ بعَمَلِ طاعةٍ كَتب الله له أجرَها، فإنْ عَمِلَها ضاعف الله له الأجر فيها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
وفي خصوص ثُبوت أَجْرِ الحج لِمَن خَرج قاصدًا حجَّ بيت الله الحرام وأداء فَرْضِهِ، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ الْحَاجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أخرجه الأئمة: البيهقي في "شعب الإيمان"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وأبو يعلى الموصلي في "المسند" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ -أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ-، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» متفق عليه.
حكم الحج لمن مات محرماأما بالنسبة للفرض المتعلق بذمة المكلَّف إذا أحرَم بالحج ثم مات قَبل أداء المناسك، فالمختار للفتوى: أنَّ إحرامَه يَنقطع بموته؛ لزوال مَحَلِّ التكليف وهو الحياة، وهو مذهب الحنفية والمالكية.
وقد استدلُّوا بعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي وأبو داود في "السنن" مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والإحرام ليس مِن هذه الثلاثة، كما أنَّ الإحرامَ "عبادةٌ لها إحرامٌ وإحلالٌ، وأُبيحَ له التحلُّلُ فيها، فوَجَب أن يَخرُجَ منها بالموت كالصلاة، ولأنها عبادةٌ يَخْتَصُّ حُكمُها به دون غيره، فوَجَب أن يَبْطُل حُكمها بالموت كالصوم، ولأنَّ حُكم الإحرام لو كان باقيًا لكان يَجِبُ أن يُطاف به، ويُوقَفَ بعرفة، ويُرمَى عنه كما يُفعَل بالمُغْمَى عليه والمريض، وأن يَلزمَ مَن يُطَيِّبُهُ فديةٌ، ولأنَّ الموتَ سببٌ لسُقُوط كفَّارات الإحرام، فأَوْجَبَ الخروجَ منه كالتحلُّل، ولأنه معنًى يَمنع بقاءَ أفعال الإحرام عليه مِن غير مراعاةٍ كالتحليل، ولأنها عبادةٌ يتعلَّق بها تحريمُ الطِّيب، فوَجَب أن يَخرج منها بالموت كالعِدَّة"؛ كما قال القاضي عبد الوهاب في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 353-354، ط. دار ابن حزم).
ويقتضي عدم جواز البناء على حجه؛ لانقطاع إحرامه بالموت، وسقوط الحج عنه بعد السعي في أدائه؛ لأنه "مَتَى سَعَى فيه سَعَى في واجبه، وإن مات قبل فَوْتِ وَقْتِهِ سَقَط عنه"؛ كما قال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 474، ط. دار الفكر).
كما أنه لا يطالَب بالوصية بالحج عنه ولا إثم عليه في ذلك؛ لأن الوصية بالحج إنما هي في حقِّ مَن وَجَب عليه الحج فلم يخرج لأدائه حتى مات، فإن خَرَج للحج سَقَط عنه وجوب الوصية به.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إحرام الرجل المذكور بالحج قد انقَطَع بموته، وسَقَطَ عنه وُجوب الحج بعد أن أَحرَم به ولم يُؤَدِّ مناسكه، وثَبَتَ له أجرُه بشروعه في أدائه، ولا يَلزم ورثَتَه أن يَحُجُّوا عنه أو يُكملوا حَجَّهُ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء المناسك الحج صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء ى الله ع
إقرأ أيضاً:
لو استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس هل أصلي الصبح فقط أم أصلي السنة؟.. لجنة الفتوى تجيب
ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية يقول صاحبه:« لو استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس، هل أصلي الصبح فقط أم أصلي السنة أولًا ثم الصبح؟.
ردت لجنة الفتوى قائلة: على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في أوقاتها؛ لقوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وأن يأخذ المسلم كافة الأسباب التي تجعله مؤديًا للصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يصلى الفجر في وقته، فعليه بالنوم مبكرًا مع استحضار النية لأداء هذه الفريضة مستعينًا بمن يوقظه، أو ضابطًا للمنبه على وقتها.
فإذا سمع الأذان لصلاة الفجر عليه أن ينهض من فراشه، ويسارع إلى مرضاة ربه؛ لكي يستقبل يومه بالطاعة والجد والاجتهاد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- :{ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ} متفق عليه .
فإذا لم يسمع النداء مع أخذه الأسباب المعينة على ذلك، واستيقظ بعد طلوع الشمس فليصلها، ولا إثم عليه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم: {مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].}. متفق عليه.
كيفية قضاء ركعتي الفجر بعد أن فات وقتها
من السنة أن يبدأ الإنسان بركعتي الفجر، ثم يصلى فرض الصبح؛ لأن القضاء عين الأداء، هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم – لما فاتته صلاة الصبح في أحد أسفاره، ولم يستيقظ هو الصحابة إلا بعد طلوع الشمس.
روى أبو دواد وغيره عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له.....، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس.....، فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها..}.
ففي الحديث دلالة على قضاء سنة الفجر قبله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا بالأذان ثم صلى الراتبة (سنة الفجر) ثم أمر بإقامة الصلاة بعد ذلك فصلى الفريضة.