رأي اليوم:
2025-03-01@19:26:45 GMT
لبنان وحزب الله و اسرائيل وشهر يوليو بما مضى وبما هو آتٍ
تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT
السفير الدكتور جواد الهنداوي الوقت المناسب هو اول و امضى سلاح في المعركة ، و التوقيت الصائب للمعركة يحدّدُ نتائجها . أولت اسرائيل اهتماماً كبيراً للسلاح في المعركة ، وعّولت عليه ، و أولى حزب الله اهتماماً كبيراً للعقيدة وللتوقيت في المعركة ، وعّول عليهما ،دون اهمال السلاح . تمّرُ على الطرفيّن ،اليوم ،( حزب الله و الكيان المحتل ) ، ذكرى عملية الوعد الصادق ،التي نفذّها حزب الله ،في ٢٠٠٦/٧/١٢ ، في خراج بلدة عيتا الشعب الحدودية بين لبنان وفلسطين المحتلة ، والتي ادّت الى مقتل جنود اسرائيليين و أسر آخرين ، والتي دفعت اسرائيل بشّن حرباً خاسرة على لبنان ،دامت ثلاثة وثلاثين يوماً .
لمْ يكْ أقدام الحزب على عملية الوعد الصادق دون إدراكهِ لأمريّن : الاول هو مناسبة الوقت للقيام بالهجوم ،الحزب هو مَنْ قررَ وقت الهجوم وليست اسرائيل ،و الامر الثاني هو رّدْ اسرائيل بحرب مُكلفة و خاسرة لحسابها . حينها حقّقَ الحزب اكثر من انتصار ؛ انتصاره في اختيار الوقت المناسب لشّن عملية الوعد الصادق ،والتي كانت ناجحة بكل المقاييس ، و انتصاره في الحرب ، التي اضطرت اسرائيل لشّنها ، وانتصاره بنزع قوة الردع من يد الكيان الاسرائيلي ، وانتصاره بزرع عقدة الخوف و التردّدْ في قيادات الكيان من الاقدام على شّنْ حرب جديدة تحقّق انتصاراً آخر لحزب الله . نتناول الموضوع ،عنوان المقال ،لسببّن : الاول هو حلول ذكرى حرب يوليو تموز عام ٢٠٠٦ ،حرب غيّرت الكثير من المقومات و المعطيات الحاكمة لملفات الشرق الاوسط ، وفي مقدمة تلك المقومات و المعطيات هو ردع اسرائيل . انتقلَ عامل الردع مِنَ كف اسرائيل الى كف حزب الله ، أصبحَ الحزب هو الرادع . و أصبحَ مسار و نجاحات حزب الله تجربة في المنطقة يُحتذى بها . والسبب الثاني هو منسوب التوتّر العالي ، الذي تشهده الحدود اللبنانية الفلسطينية بين حزب الله و الكيان المحتل ، حيث فشلت جميع الوساطات و الجهود التي بذلتها اسرائيل مع فرنسا و أمريكا و الامم المتحدة من اجل اقناع الحكومة اللبنانية و حزب الله لازالة الخيمتّين ، التي نصبهما ناشطون لحزب الله في مزارع شبعا اللبنانية . يرفض حزب الله رفضاً باتاً ازالة الخيام و يرى انها في اراضي لبنانية سيادية ، ومن حق المؤسسات الرسمية اللبنانية و اللبنانيين الوصول والعمل في تلك الاراضي . تجدُ حكومة تصريف الاعمال في لبنان وضعها في أمرٍ صعب ،فهي لا تستطيع أنْ تتخذْ موقف يتماشى مع الطلب الاسرائيلي ،الذي نُقِلَ اليها و الى حزب الله عن طريق عواصم اوربية و عن طريق الامم المتحدة ، كون دولة لبنان تعتبر مزارع شبعا ،حيث توجد الخيام، اراضي لبنانية ، ولبنان قد تحفظّت على مرور الخط الازرق الذي رسمته او وضعته الامم المتحدة عام ٢٠٠٠ عقب الانسحاب الاسرائيلي . كما لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال في لبنان ، التي التزمت الصمت امام قيام اسرائيل ، بتاريخ ٢٠٢٣/٧/٤ ، بضم كامل الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر الحدودية ( مثلث سورية فلسطين لبنان ) ، أنْ تطلب من المقاومة موقفاً يكرّس احتلال اسرائيل لمزارع شبعا وتصمتْ امام ضّمْ اسرائيل للجزء الشمالي اللبناني لقرية الغجر اللبنانية ، وفي تجاوز صارخ لقرار الامم المتحدة رقم 1701 . صمت حكومة تصريف الاعمال في لبنان ، امام كلا الحالتيّن ( حالة الخيام في مزارع شبعا ، وحالة ضّم اسرائيل للجزء الشمالي اللبناني من قرية الغجر الحدودية ) يدّلُ على انها أوكلتُ الامر لحزب الله ، بتنسيق او بدون تنسيق ، لاسيما و اصوات برلمانية ( خارج الثنائي الشيعي ،الحزب التقدمي الاشتراكي ) ، نددت بما تقوم به اسرائيل من تجاوزات في قرية الغجر و من استمرارها بأحتلال مزارع شبعا . وربما يتساءل القارئ عن سبب قيام ناشطون لحزب الله ، في الوقت الحاضر ( شهر يوليو ) ، بنصب الخيمتيّن في مزارع شبعا بأمتار قليلة بعد الخط الازرق المرسوم من قبل الامم المتحدة عام ٢٠٠٠، الخط الذي لم يحظْ بموافقة الجمهورية اللبنانية حينها ؟ الجواب هو أنّ اسرائيل اهدت الحزب مُناسبة للتحرك في مزارع شبعا و تأكيد لبنانية المزارع وحق اللبنانين بالوصول الى اراضيهم ، حين بدأت اسرائيل ومنذ مُدّة ببناء السياج الحديدي في بلدة الغجر الحدودية ، والذي اكتملَ نهاية شهر حزيران ، وبموجب الواقع الجغرافي الجديد للبلدة اصبح الجزء الشمالي اللبناني للبلدة ضمن الاراضي المحتلة من قبل الكيان . كما أنَّ الحزب ( مثلما اعتقد ) استبقَ التجاوز الاسرائيلي و محاولته بفرض سياسة الامر الواقع في بلدة الغجر الحدودية ، بتأكيد حقه في مزارع شبعا وفرض امر واقع جديد ، يتجاوب مع متطلبات السيادة اللبنانية . نلاحظ اهتمام عواصم اوربية و امم متحدة و تقارير صحفية عن شكوى اسرائيل و توسطها بخصوص الخيام التي نصبها حزب الله في مزارع شبعا ، وتعتيم كامل عن ما قامت به اسرائيل بضّم الجزء الشمالي من بلدة الغجر الحدودية ، وبمخالفة صريحة لقرار الامم المتحدة رقم 1701 ، الاهتمام الرسمي الدولي و الاعلامي لواقعة خيام حزب الله ، وغّضْ النظر و تجاهل ما قامت به اسرائيل في بلدة الغجر الحدودية ، هو ،في الحقيقة ،تمهيد لتوجيه الاتهام الى لبنان والى حزب الله ،عند اندلاع حرب بين اسرائيل و حزب الله . مؤشرات من كلا الطرفيّن ( حزب الله و الكيان المحتل ) ،تّدلُ على التصعيد و الذهاب نحو خيار المواجهة ؛ لا تراجع من قبل الحزب في ازالة الخيام الاّ اذا افترضنا قبول الحزب عند قيام اسرائيل بأزالة السياج الحديدي الذي شيدته في بلدة الغجر ، ونعتقد افتراض مُستبعدْ . يعّولُ الحزب على قدراته القتالية و التسليحية ، وهذا ما لا يُخفيه ،و يراهن الحزب ايضاً على الظرف الدولي الراهن و انشغال امريكا ، راعية الكيان ،بحربها مع روسيا ،في اوكرانيا ، وحربها الاقتصادية مع الصين وفي تداعيات تآكل نفوذها في المنطقة ،كما يراهن الحزب على الوضع الداخلي المآزوم في اسرائيل ، وحالة الترّدي على كافة الصُعدْ . و يمكن ان يكون الوضع الداخلي الاجتماعي و السياسي المتدهور في اسرائيل حُجّة و ذريعة نتنياهو للهروب نحو شّنْ حرب مع حزب الله ،يحسُبها محدودة في الزمن و الاثار ، و قد يبرّر ذهابه الى خيار الحرب بآراء وردت في تقرير للمجلس القومي الاسرائيلي ،الذي يوصي بخيار مواجه عسكرية محدودة مع حزب الله ،في حال عدم امتثال الحزب للمدة التي وضعه مجلس وزراء الكيان لازالة الخيام . يعّول حزب الله ايضاً على حال الكيان وهو يخرجُ تواً مهزوماً من معركة جنين ، ويخشى تموز آخر يعيده بذكريات تموز عام ٢٠٠٦ . أصبحَ لدى حزب الله سلاحٌ آخر هو سلاح ” الوقت المناسب ” . كاتب عراقي
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
حزب الله والخسارة: المراجعة مطلوبة
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": جاء كلام الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في التشييع ليطلق نقاشاً حول انخراط "حزب الله" في مشروع الدولة، وتوج بالإعلان عن منح الثقة للحكومة في مجلس النواب، وكأن الحزب يعطي فرصة للدولة لأن تتولى مهماتها في انتظار إخفاقها أو تعثرها، ليعود هو إلى ممارسة دوره لا سيما في الجنوب اللبناني، ولم يتوان النائب محمد رعد عن الجهر بإعلان الانتصار وفشل الاحتلال الإسرائيلي في سحق المقاومة، فإذا هذه هي النقطة التي يبني عليها الحزب استعداداته للمرحلة المقبلة في عملية إعادة بناء قوته وترميم بنيته متجاوزا ما حل ببيئته من مواجع وبالشيعة عموما، وقد تعرض البلد كله للاستنزاف وكاد يختنق لو استمرت الحرب الإسرائيلية قبل أن يتم الاتفاق على وقف النار وإعلان "حزب الله" نفسه الالتزام ببنوده وفق مندرجات القرار 1701.الآن في هذه المرحلة الانتقالية يعود "حزب الله" إلى التصرف كطرف أهلي طائفي لبناني، من دون أن يتخلى عن رهاناته الإقليمية التي يمكن استحضارها إذا تعافى المحور في وجه الوصاية الأميركية. فما لم يضع الحزب جسمه على مشرحة النقد ويجري مراجعة لكل سياساته أمام جمهوره واللبنانيين، فلن تكون الانعطافة السياسية مجدية، ولا تعزز مشروع الدولة ولا المناعة الوطنية في مواجهة الأخطار التي تحدق بلبنان خصوصا من جنوبه.
المراجعة هي أن يجرؤ "حزب الله" على الاعتراف بأن حرب الإسناد جرت على لبنان الدمار وأن دعم القضية الفلسطينية ليس بتحميل البلد ما لا طاقة عليه. وإن كان الحزب لا يستطيع أن يفك ارتباطه بمرجعيته الإيرانية، فان دعم مشروع الدولة يستدعي من "حزب الله" ممارسة مختلفة، فهو ملزم بتطبيق اتفاق وقف النار ولا يفيد كلامه عن أنه يسري على جنوبي الليطاني فقط، أما تمسكه بالسلاح، فيتناقض مع حصريته بيد الدولة. والحزب الذي فقد دوره الإقليمي وقوته لا يمكن أن يستمر في منزلة ملتبسة" أي بين دعم الدولة وبناء القوة وأن لا أحد يستطيع تجاوزه، فيما الحرب الأخيرة نكبت الطائفة الشيعية وأحيت مواجعها في الشهادة وفي الدمار. وما لم يركن الحزب إلى مراجعة شاملة تخرجه من الاغتراب إلى جادة اللبنانية الداخلية، فإننا سنشهد مزيداً من المواجع والنكبات.