لبنان وحزب الله و اسرائيل وشهر يوليو بما مضى وبما هو آتٍ
تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT
السفير الدكتور جواد الهنداوي الوقت المناسب هو اول و امضى سلاح في المعركة ، و التوقيت الصائب للمعركة يحدّدُ نتائجها . أولت اسرائيل اهتماماً كبيراً للسلاح في المعركة ، وعّولت عليه ، و أولى حزب الله اهتماماً كبيراً للعقيدة وللتوقيت في المعركة ، وعّول عليهما ،دون اهمال السلاح . تمّرُ على الطرفيّن ،اليوم ،( حزب الله و الكيان المحتل ) ، ذكرى عملية الوعد الصادق ،التي نفذّها حزب الله ،في ٢٠٠٦/٧/١٢ ، في خراج بلدة عيتا الشعب الحدودية بين لبنان وفلسطين المحتلة ، والتي ادّت الى مقتل جنود اسرائيليين و أسر آخرين ، والتي دفعت اسرائيل بشّن حرباً خاسرة على لبنان ،دامت ثلاثة وثلاثين يوماً .
لمْ يكْ أقدام الحزب على عملية الوعد الصادق دون إدراكهِ لأمريّن : الاول هو مناسبة الوقت للقيام بالهجوم ،الحزب هو مَنْ قررَ وقت الهجوم وليست اسرائيل ،و الامر الثاني هو رّدْ اسرائيل بحرب مُكلفة و خاسرة لحسابها . حينها حقّقَ الحزب اكثر من انتصار ؛ انتصاره في اختيار الوقت المناسب لشّن عملية الوعد الصادق ،والتي كانت ناجحة بكل المقاييس ، و انتصاره في الحرب ، التي اضطرت اسرائيل لشّنها ، وانتصاره بنزع قوة الردع من يد الكيان الاسرائيلي ، وانتصاره بزرع عقدة الخوف و التردّدْ في قيادات الكيان من الاقدام على شّنْ حرب جديدة تحقّق انتصاراً آخر لحزب الله . نتناول الموضوع ،عنوان المقال ،لسببّن : الاول هو حلول ذكرى حرب يوليو تموز عام ٢٠٠٦ ،حرب غيّرت الكثير من المقومات و المعطيات الحاكمة لملفات الشرق الاوسط ، وفي مقدمة تلك المقومات و المعطيات هو ردع اسرائيل . انتقلَ عامل الردع مِنَ كف اسرائيل الى كف حزب الله ، أصبحَ الحزب هو الرادع . و أصبحَ مسار و نجاحات حزب الله تجربة في المنطقة يُحتذى بها . والسبب الثاني هو منسوب التوتّر العالي ، الذي تشهده الحدود اللبنانية الفلسطينية بين حزب الله و الكيان المحتل ، حيث فشلت جميع الوساطات و الجهود التي بذلتها اسرائيل مع فرنسا و أمريكا و الامم المتحدة من اجل اقناع الحكومة اللبنانية و حزب الله لازالة الخيمتّين ، التي نصبهما ناشطون لحزب الله في مزارع شبعا اللبنانية . يرفض حزب الله رفضاً باتاً ازالة الخيام و يرى انها في اراضي لبنانية سيادية ، ومن حق المؤسسات الرسمية اللبنانية و اللبنانيين الوصول والعمل في تلك الاراضي . تجدُ حكومة تصريف الاعمال في لبنان وضعها في أمرٍ صعب ،فهي لا تستطيع أنْ تتخذْ موقف يتماشى مع الطلب الاسرائيلي ،الذي نُقِلَ اليها و الى حزب الله عن طريق عواصم اوربية و عن طريق الامم المتحدة ، كون دولة لبنان تعتبر مزارع شبعا ،حيث توجد الخيام، اراضي لبنانية ، ولبنان قد تحفظّت على مرور الخط الازرق الذي رسمته او وضعته الامم المتحدة عام ٢٠٠٠ عقب الانسحاب الاسرائيلي . كما لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال في لبنان ، التي التزمت الصمت امام قيام اسرائيل ، بتاريخ ٢٠٢٣/٧/٤ ، بضم كامل الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر الحدودية ( مثلث سورية فلسطين لبنان ) ، أنْ تطلب من المقاومة موقفاً يكرّس احتلال اسرائيل لمزارع شبعا وتصمتْ امام ضّمْ اسرائيل للجزء الشمالي اللبناني لقرية الغجر اللبنانية ، وفي تجاوز صارخ لقرار الامم المتحدة رقم 1701 . صمت حكومة تصريف الاعمال في لبنان ، امام كلا الحالتيّن ( حالة الخيام في مزارع شبعا ، وحالة ضّم اسرائيل للجزء الشمالي اللبناني من قرية الغجر الحدودية ) يدّلُ على انها أوكلتُ الامر لحزب الله ، بتنسيق او بدون تنسيق ، لاسيما و اصوات برلمانية ( خارج الثنائي الشيعي ،الحزب التقدمي الاشتراكي ) ، نددت بما تقوم به اسرائيل من تجاوزات في قرية الغجر و من استمرارها بأحتلال مزارع شبعا . وربما يتساءل القارئ عن سبب قيام ناشطون لحزب الله ، في الوقت الحاضر ( شهر يوليو ) ، بنصب الخيمتيّن في مزارع شبعا بأمتار قليلة بعد الخط الازرق المرسوم من قبل الامم المتحدة عام ٢٠٠٠، الخط الذي لم يحظْ بموافقة الجمهورية اللبنانية حينها ؟ الجواب هو أنّ اسرائيل اهدت الحزب مُناسبة للتحرك في مزارع شبعا و تأكيد لبنانية المزارع وحق اللبنانين بالوصول الى اراضيهم ، حين بدأت اسرائيل ومنذ مُدّة ببناء السياج الحديدي في بلدة الغجر الحدودية ، والذي اكتملَ نهاية شهر حزيران ، وبموجب الواقع الجغرافي الجديد للبلدة اصبح الجزء الشمالي اللبناني للبلدة ضمن الاراضي المحتلة من قبل الكيان . كما أنَّ الحزب ( مثلما اعتقد ) استبقَ التجاوز الاسرائيلي و محاولته بفرض سياسة الامر الواقع في بلدة الغجر الحدودية ، بتأكيد حقه في مزارع شبعا وفرض امر واقع جديد ، يتجاوب مع متطلبات السيادة اللبنانية . نلاحظ اهتمام عواصم اوربية و امم متحدة و تقارير صحفية عن شكوى اسرائيل و توسطها بخصوص الخيام التي نصبها حزب الله في مزارع شبعا ، وتعتيم كامل عن ما قامت به اسرائيل بضّم الجزء الشمالي من بلدة الغجر الحدودية ، وبمخالفة صريحة لقرار الامم المتحدة رقم 1701 ، الاهتمام الرسمي الدولي و الاعلامي لواقعة خيام حزب الله ، وغّضْ النظر و تجاهل ما قامت به اسرائيل في بلدة الغجر الحدودية ، هو ،في الحقيقة ،تمهيد لتوجيه الاتهام الى لبنان والى حزب الله ،عند اندلاع حرب بين اسرائيل و حزب الله . مؤشرات من كلا الطرفيّن ( حزب الله و الكيان المحتل ) ،تّدلُ على التصعيد و الذهاب نحو خيار المواجهة ؛ لا تراجع من قبل الحزب في ازالة الخيام الاّ اذا افترضنا قبول الحزب عند قيام اسرائيل بأزالة السياج الحديدي الذي شيدته في بلدة الغجر ، ونعتقد افتراض مُستبعدْ . يعّولُ الحزب على قدراته القتالية و التسليحية ، وهذا ما لا يُخفيه ،و يراهن الحزب ايضاً على الظرف الدولي الراهن و انشغال امريكا ، راعية الكيان ،بحربها مع روسيا ،في اوكرانيا ، وحربها الاقتصادية مع الصين وفي تداعيات تآكل نفوذها في المنطقة ،كما يراهن الحزب على الوضع الداخلي المآزوم في اسرائيل ، وحالة الترّدي على كافة الصُعدْ . و يمكن ان يكون الوضع الداخلي الاجتماعي و السياسي المتدهور في اسرائيل حُجّة و ذريعة نتنياهو للهروب نحو شّنْ حرب مع حزب الله ،يحسُبها محدودة في الزمن و الاثار ، و قد يبرّر ذهابه الى خيار الحرب بآراء وردت في تقرير للمجلس القومي الاسرائيلي ،الذي يوصي بخيار مواجه عسكرية محدودة مع حزب الله ،في حال عدم امتثال الحزب للمدة التي وضعه مجلس وزراء الكيان لازالة الخيام . يعّول حزب الله ايضاً على حال الكيان وهو يخرجُ تواً مهزوماً من معركة جنين ، ويخشى تموز آخر يعيده بذكريات تموز عام ٢٠٠٦ . أصبحَ لدى حزب الله سلاحٌ آخر هو سلاح ” الوقت المناسب ” . كاتب عراقي
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
“اليونيفيل” تدعو لانسحاب اسرائيل وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب
23 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: دعت بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الاثنين، جميع الأطراف الفاعلة في جنوب لبنان، إلى “التوقف عن انتهاك القرار 1701 والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تعرض للخطر وقف الأعمال العدائية والاستقرار الهش السائد حاليا”.
وقالت بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، في بيان لها، إن رئيسها وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، اجتمع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، خلال زيارته لجنوب لبنان.
وأشار البيان إلى أن رئيس البعثة رفقة رئيس الحكومة اللبنانية وقائد الجيش، قاموا بزيارة بلدة الخيام، التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، وانتشر الجيش اللبناني بدعم من اليونيفيل، لافتًا إلى أن بعثة اليونيفيل “تحث بقوة على تسريع التقدم في انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وانتشار الجيش اللبناني فيه”.
وأكدت اليونيفيل أن “البعثة ستواصل رصد انتهاكات القرار 1701 والإبلاغ عنها”، مشددة على ضرورة دعم العودة إلى وقف الأعمال العدائية.
وفي الشهر الماضي، دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ، وبعد بدء دخول الاتفاق حيز التنفيذ، انطلق نازحون لبنانيون للعودة إلى قراهم ومدنهم في الجنوب، حسبما ذكرت وسائل إعلام لبنانية.
وشنّت إسرائيل هجمات عدة، منذ ذلك الوقت رغم سريان الاتفاق، فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص على الأقل، جراء غارة إسرائيلية على بلدة مرجعيون جنوبي لبنان.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts