قال المفكر السياسي فهمي هويدي إن قبول إسرائيل بتمديد الهدنة مع فصائل المقاومة الفلسطينية يمثل بداية تراجعها عن موقفها المتشدد في أول الحرب، في حين قال أستاذ العلوم السياسية بلال الشوبكي إن فكرة الهدنة بالأساس كانت تهدف لمنح تل أبيب فرصة للتراجع عن أهدافها الأولى.

وأكد هويدي -خلال مشاركته في برنامج "غزة.

. ماذا بعد؟"- أن إسرائيل التي كانت تتحدث عن محو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدأت تتعامل معها بنديَّة، مما يعني أنها بدأت تنزل من فوق شجرة الوعيد وادعاء القوة والرغبة الوحشية في الانتقام.

الرأي نفسه ذهب إليه رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي بالقول إن فلسفة الهدنة قامت بالأساس على دفع إسرائيل نحو التراجع عن مواقفها الأولى وتعهداتها الكبيرة، وقد تحقق هذا بالفعل إذ بدأت بعض الأصوات داخل إسرائيل تتحدث عن أهمية الوصول إلى النتائج المرجوة حتى لو كان ذلك عبر التفاوض وليس الحرب.

ويرى الشوبكي أن الوسطاء لم يكونوا مهتمين بتفاصيل الهدنة، وإنما بإقرارها كخطوة أولى لدفع إسرائيل إلى الخلف والعمل على تبريد الشارع.

ولفت الشوبكي إلى أن جنرالات سابقين مؤثرين في الشارع الإسرائيلي يتحدثون حاليا عن ضرورة استفادة حكومة بنيامين نتنياهو من أي فرصة للإفراج عن المحتجزين عبر الوسطاء.

إلى جانب ذلك، فقد بعثت طريقة تسليم المحتجزين رسائل مؤلمة لكل الذين رفعوا شعارات كبيرة وتعهدوا بالقضاء على حماس، برأي الشوبكي، الذي يرى أن المقاومة تحاول دفع الإسرائيليين نحو مراجعة مواقفهم وإعادة النظر في جدوى العملية العسكرية بعد 50 يوما إذا كان تسليم الأسرى يتم في الشمال، حيث يتركز القتال.

واتفق هويدي مع الشوبكي، قائلا إن حماس نجحت إعلاميا في هذه المعركة رغم أن إسرائيل بدأت معركة الدعاية الكاذبة مبكرا عندما روجت مزاعم كثيرة تبناها الرئيس الأميركي جو بايدن ودول الغرب، ومع ذلك "فندت حماس الروايات الإسرائيلية الكاذبة من خلال تعاملها مع الأسرى"، حسب قوله.

الهدنة مقدمة لمفاوضات أكثر صعوبة

وفي ما يتعلق بإمكانية تحول الهدنة المؤقتة التي جرى تمديدها يومين إضافيين، قال هويدي إنها ربما لا تؤدي فقط لوقف القتال، بل ستفضح الأكاذيب الإسرائيلية بشكل أكبر وتفكيك روايتها بمضي الوقت، خصوصا أن إسرائيل "ستشهد كوارث سياسية بعد انتهاء الحرب، وسيكون نتنياهو أول ضحاياها".

وفي هذا الصدد، يقول الشوبكي إن الرواية الإعلامية الإسرائيلية بدأت تتغير بالفعل، لأن المقاومة تقدم روايات موثقة وصورة أكثر مصداقية وهو ما دفع الإعلام الإسرائيلي للبحث عن طريقة جديدة للتعامل مع هذا الموقف والتخلي عن تبني رواية الحكومة كجزء من الحرب النفسية.

وقال الشوبكي إن الخطاب الإعلامي الإسرائيلي لم يعد قادرا على مواصلة نزع الإنسانية عن المقاومة بعدما أرسلت الأخيرة رسائل لا يمكن تفنيدها.

بالتالي، فإنه كلما طالت الهدنة أصبحت العودة للحرب أكثر صعوبة، وكذلك المفاوضات -برأي الشوبكي- الذي يعتقد أن المقاومة لن تقبل بالآلية الحالية وستطلب الحديث عن إنهاء الحرب برمتها وتبييض السجون مع وجود ضمانات كبيرة.

ويرى هويدي أيضا أن المفاوضات كلما تقدمت صارت أكثر تعقيدا، لأنها سترتبط بتعقيدات سياسية كبيرة وقديمة، ومن ثم فإن على حماس مواصلة إدارة المعركة برشد ووعي كما فعلت خلال الأسابيع الماضية.

وقال هويدي إن حماس أدت أداء مبهرا على المستوى السياسي والعسكري، وإن عليها الاستفادة من تآكل الرواية الإسرائيلية في المفاوضات المقبلة، خصوصا أن الإسرائيليين يجيدون لعبة السياسة والتفلت من القرارات والالتزامات الدولية والأممية.

تفكك الرواية الإسرائيلية

وعن أسباب تراجع الدعم الغربي للرواية الإسرائيلية عما كان عليه في أول الحرب، قال هويدي إن الحكومات تنظر باهتمام كبير لشوارعها التي تحركت بقوة من أجل فلسطين، وهو ما عزز موقف حماس وفضح أكاذيب إسرائيل، حسب قوله.

وقال هويدي إن الحكومات الغربية معنية جدا بشوارعها، وليس بالشارع العربي الخالي من المظاهرات أساسا، وفق تعبيره.

وعن أسباب صعوبة المفاوضات المقبلة، قال الشوبكي إن الحديث عن تبادل العسكريين لن يكون سهلا، لأن المقاومة ستطلب تبييض السجون وحتى لو تم التبادل جزئيا فسيكون التركيز على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم ونوعيتهم، فضلا عن أمور أخرى مثل رفع الحصار عن غزة والسماح بحرية الحركة.

وقال الشوبكي إن الوساطة تميزت بأنها ضاغطة، وليست ناقلة، وهو ما جعل عوامل نضوج الصفقة الكبيرة تتشكل، لأن الغرب استشعر اهتزاز الأرض تحت قدمي نتنياهو، مضيفا أن "بايدن أيضا أدرك أن خسارة شعبيته في الشارع الأميركي تبدو كأضرار جانبية بالنسبة لنتنياهو، وهو ما قد يحدث تغيرا في المواقف مستقبلا".

وفي هذه الظروف -يقول هويدي- فإن تمديد الهدنة وإدخال مزيد من الوقود والمساعدات وإراحة سكان القطاع من القصف سيزيد من قوة حماس ويجعلها أكثر قدرة على التشدد في التفاوض، لأنها ستستند إلى حاضنة شعبية قوية، فضلا عن ورقة الضغط الأقوى المتمثلة في الأسرى.

ومع ذلك، فإن ما تحتاجه حماس حاليا ليس موقفا عربيا، بل "صمتا عربيا"، حسب هويدي الذي يرى أن الموقف العربي "ضعيف"، وأن على الدول العربية الالتزام بمبدأ أن مستقبل فلسطين يحدد الفلسطينيون، "لأنهم لو تحدثوا عن وضع قوات دولية أو عربية في غزة سيضعفون الموقف الفلسطيني وسيعززون هذه الأطروحات التي تريدها إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أن المقاومة وهو ما

إقرأ أيضاً:

هنية يتلقى اتصالا من رئيس المخابرات المصرية بشأن الهدنة في غزة

تلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، اليوم السبت، اتصالا هاتفيا من رئيس المخابرات المصرية عباس كامل بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وذكرت حركة حماس في بيان صحفي مقتضب، أن الاتصال بين هنية وعباس كامل تناول مسار المفاوضات الجارية، الهادفة إلى التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وكشف موقع "أكسيوس" الأمريكي اليوم، أن إدارة الرئيس جو بايدن قدمت في الأيام الأخيرة صياغة جديدة للبند الثامن من مقترح اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحركة حماس، لمحاولة سد الفجوات والتوصل إلى الاتفاق.

ونقل الموقع عن ثلاثة مصادر مطلعة أن "هذا الجزء من الاتفاق يتعلق بالمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ بين إسرائيل وحماس خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة، من أجل تحديد الشروط الدقيقة للمرحلة الثانية منها، والتي تتضمن التوصل إلى استقرار وهدوء مستدام في غزة".

وتراجع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن قبول مقترح بايدن، الذي وافق عليه مجلس الحرب، وقال إنه مستعد فقط لـ"صفقة جزئية" لإعادة الأسرى، ومن ثم استئناف الحرب في غزة، بهدف القضاء على حركة حماس.



من جهته، أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان، أن الموقف الحقيقي لنتنياهو، لا يزال يتسم بالمراوغة والتهرب ويرفض الوقف التام لإطلاق النار.

وقال حمدان، في مؤتمر صحفي تناول تطورات حرب الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة لليوم الـ 267، إننا "نتابع بأسف موقف الإدارة الأمريكية التي تصر بلؤم كبير تحميل حماس مسؤولية عدم التوصل لاتفاق"، موضحًا أنه لا جديد حقيقي في مفاوضات وقف العدوان حتى الآن.

وشدد على أن حركة حماس جاهزة للتعامل بإيجابية مع أي صيغة تضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار والانسحاب من غزة وصفقة لتبادل الأسرى، مشيرا إلى أن ما يتم نقله عن الإدارة الأمريكية بخصوص المفاوضات يأتي في سياق الضغط على حركة حماس.

وتساءل: "بعد مرور ما يقارب 9 أشهر على العدوان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد أهلنا في قطاع غزة: هل تعلم أمتنا العربية والإسلامية أن أهلها وجيرانها يموتون جوعا وعطشا ويبحثون عن أبسط ما يبقيهم على قيد الحياة، وهم المحاصرون منذ أكثر من 17 عاما؟".

ولفت حمدان إلى أن "حرب التجويع الصهيونية المستمرة فصولها بكل وحشية، لن تكسر إرادة شعبنا الفلسطيني المجاهد وأهلنا الصابرين المرابطين في قطاع غزة، وسنواصل صمودنا وجهادنا وهزيمة عدونا، وموعدنا مع نصر قريب وعودة، ودحر الاحتلال وجيشه النازي".

مقالات مشابهة

  • محللون عسكريون: إسرائيل باتت في خطر الغرق في حرب طويلة الأمد مع “حماس”
  • حماس غير معنية بانتقال إسرائيل الى المرحلة الثالثة للحرب: جبهات الإسناد مستمرّة
  • تقرير: إسرائيل ستنتقل للمرحلة الثالثة من حربها على غزة خلال شهر يوليو
  • إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء وآخرين اعتقلوا أثناء الحرب
  • إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء وعددا من المعتقلين أثناء الحرب
  • ماذا يعني انتقال إسرائيل إلى امرحلة الثالثة من الحرب على غزة؟
  • من معركة إلى قتال: تغيير في سياسة إسرائيل ضد غزة
  • محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه
  • هنية يتلقى اتصالا من رئيس المخابرات المصرية بشأن الهدنة في غزة
  • صياغة جديدة لمقترح «بايدن».. محاولات أمريكية لإتمام اتفاق بين إسرائيل وحماس (فيديو)