غزة تغتال الاقتصاد الإسرائيلى
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
تحدثنا كثيرا وتحدث غيرنا عن الأضرار الجسيمة التى لحقت بأهالى غزة جراء العدوان البربرى الغاشم لقوات الاحتلال النازية منذ السابع من أكتوبر الماضى وحتى بدء الهدنة الإنسانية قبل أيام، فى غياب وتعتيم تام على ما أصاب المحتل الأرعن من خسائر جسيمة تكفى لقطة واحدة للتعبير عنها خلال صور تكشف تكدس المطارات الإسرائيلية بمواطنيها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لمغادرة البلاد بأى شكل وإلى أى جهة.
لا يجب أن نقلل من جهود رجال المقاومة الذين تحملوا ما لا يتحمله بشر طوال فترة العدوان الأعمى برًا وجوًا وبحرًا، طوال 48 يومًا متواصلة بدون توقف، بدعم أمريكى أوروبى ومباركات إقليمية ودولية.
الجيش الإسرائيلى المخادع الذى يخاف الضغوط الداخلية لا يعلن الحقيقة كاملة وإنما يكتفى بذر الرماد فى العيون حفاظًا على ماء الوجه، ولأن خسائره ورائحتها النتنة أكبر من أن تدفن فى الخفاء.
العدو الصهيونى أعلن أن عدد قتلاه منذ الحرب فى السابع من أكتوبر وصل إلى 361 قتيلا، فى المقابل تؤكد تقارير صحفية أن إخفاء الأرقام الحقيقية جاء خوفا من رد فعل الجبهة الداخلية التى وصلت إلى حد الغليان بما ينذر بانفجار وشيك يطيح بالحكومة ويهدد الكيان بأكمله.
ووصل عدد المصابين من جنود الاحتلال الذين ترتعد مفاصلهم فى المواجهات وخصوصا عندما تطورت المعارك البرية إلى معركة النقطة صفر، إلى 6000 مصاب.
وتزايد عدد النازحين الإسرائيليين هروبا من صواريخ المقاومة التى أقلقت راحتهم وجعلت شبح الموت يخيم فوق رؤوسهم إلى 250 ألف نازح يهودى والعدد مرشح للزيادة إذا رفض الاحتلال المفاوضات الجديدة لزيادة الهدن المؤقتة إلى مدد جديدة تنتهى إلى هدنة دائمة.
وعلى شق التكلفة الاقتصادية وفقا لوزارة مالية الاحتلال لحرب الـ48 يوما التى يشنها الاحتلال ضد حركة حماس فى غزة، فإن الحرب تكلف الاقتصاد الإسرائيلى حوالى 270 مليون دولار يوميا، بينما ستقدر تكلفتها المالية إذا استمرت لمدة من 8 إلى 12 شهرا بـ200 مليار شيكل ما يعادل 51 مليار دولار، الأمر الذى سيجبر الحكومة إلى الاقتراض لتمويل عملياتها العسكرية خلال أسوأ صراع مسلحة تقوده منذ نصف قرن تقريبا.
أما تكلفة الخسائر فى الإيرادات فسوف تتراوح بين 40 إلى 60 مليار شيكل بالإضافة إلى التعويضات التى ستتحملها إسرائيل للشركات والتى ستكون ما بين 17 و20 مليار شيكل، بالإضافة إلى 20 مليار أخرى لإعادة التأهيل.
وبعد هذه المدة من الحرب بدأ الاقتصاد الإسرائيلى يتكبد تكاليف باهظة بلغت 600 مليون دولار أسبوعيا، وفقا لبنك إسرائيل المركزى.
وشهدت إسرائيل عجزا فى الموازنة بنحو 23 مليار شيكل ما يعادل 6 مليارات دولار فى شهر أكتوبر، كما انخفضت الإيرادات بـ15% الشهر الماضى، بسبب التأجيلات الضريبية، وتراجع الاحتياطى الأجنبى فى البنك المركزى الإسرائيلى بأكثر من 7 مليارات دولار فى أكتوبر.
باختصار.. حرب الـ48 يوما على غزة قبل بداية الهدنة، والتى كثف الاحتلال خلالها هجماته فى حرب إبادة شاملة لتصفية القضية الفلسطينية ورغم قسوتها وما خلفته من آلاف الشهداء والمصابين وتدمير البنية التحتية، إلا أن غزة والمقاومة ليسوا فى الموقف الأضعف، وأن تفاوض الشجعان المغلف بدعم الدول الحليفة ليس ناجما عن ضعف بل هى معركة المصير من أجل البقاء حفظا للأرض وصيانة للعرض.
وفى المقابل العدو الصهيونى تكبد خسائر كبيرة فى الأرواح والأموال والمنشآت بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية الباهظة التى تزداد مع تفاقم الحرب، وآثارها السلبية التى قد تمتد إلى العديد من البلدان خاصة مع تزايد احتمالات انخراط أطراف أخرى فى الصراع.
تبقى كلمة.. لا يغرنكم الصلف والزهو الصهيونى وداعموه، فلولا الوضع السيئ الذى بات يهدد الكيان ما غيّر بايدن المتعجرف وجهة نظره من التأييد الكامل للاحتلال فى بداية الحرب إلى الموافقة على الهدنة، والتلويح بهدن جديدة.. إنها الحرب يا سادة لا تعرف إلا قوة السلاح وشدة الضغوط لردع المعتدى.. ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البنك المركزي الإسرائيلي باختصار المطارات الاسرائيلية ملیار شیکل
إقرأ أيضاً:
تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في نير عوز: فشل ذريع بكل المقاييس
ما زالت المؤسسة العسكرية والأمنية لدى الاحتلال تصدر نتائج تحقيقاتها تباعاً بشأن إخفاقها في التصدي لعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وهذه المرة حول ما حصل في كيبوتس نير عوز في غلاف غزة، حين اقتحمه 500 مقاوم وأدخلوا جيش الاحتلال في الفوضى العارمة، ووصل أول الجنود بعد أربعين دقيقة فقط من مغادرة آخر مقاوم.
عيمانوئيل فابيان مراسل موقع زمن إسرائيل، كشف عن "أهم ما جاء في تحقيقات الجيش بشأن تفاصيل الهجوم على كيبوتس نير عوز"، وهو جزء من سلسلة تحقيقات مُفصّلة في أربعين معركة خاضها الجيش مع مقاتلي حماس خلال الهجوم.
سيناريو كابوس
وأضاف في تحقيق مطول ترجمته "عربي21" أن "نتائج التحقيقات شدّدت على فشل الجيش، الذي سمح لمئات المسلحين بالاستيلاء على الكيبوتس دون مواجهة جندي واحد على الأرض، وبالتالي فقد فشل بمهمته لحماية المستوطنين، ويعود ذلك أساسًا لعدم استعداده إطلاقًا لهذا السيناريو المتمثل بوقوع مستوطنة إسرائيلية في أيدي المقاومين، وفي الوقت نفسه هجوم واسع النطاق على العديد من المستوطنات والقواعد في جميع أنحاء الغلاف".
وأوضح أنه "على عكس المستوطنات الأخرى التي تعرضت للهجوم في ذلك اليوم، فإن كيبوتس نير عوز الذي يبلغ عدد مستوطنيه 420 نسمة، كان منهم 386 موجودًا وقت الهجوم، لم يقاتل الجيش المسلحين على الإطلاق، وفي المجموع، قُتل 47 منهم، واختطفت حماس 76 آخرين، وحتى اليوم، لا يزال خمسة منهم على قيد الحياة، عقب نجاح المسلحين في اقتحام جميع منازل المستوطنة، متسبّبين بدمار هائل، وتخضع المستوطنة لعملية إعادة تأهيل طويلة".
وأشار أن "التحقيق فيما حدث في نير عوز، أجراه اللواء عيران نيف، الرئيس السابق لقسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي كرّس وفريقه مئات الساعات للتحقيق، وفحص جميع مصادر المعلومات الممكنة، بما فيها الوثائق التي صوّرها المسلحون بكاميرات مثبتة على أجسادهم، ورسائل واتساب من المستوطنين، وتسجيلات كاميرات المراقبة، ومقابلات مع ناجين ومختطفين سابقين ومقاتلين حاولوا حماية الكيبوتس، وأجروا زيارات ميدانية، وكل ذلك بهدف استخلاص استنتاجات عملياتية محددة للجيش".
انهيار القيادة
وكشف التحقيق أن "عددًا غير عادي من المسلحين قاموا بغزو نير عوز، مقارنة بباقي المستوطنات، وقد تفاقم الوضع فيه بسبب الغياب التام للجيش، مما أعطى المسلحين شعورًا بحرية العمل، وأدى لوصول مئات الفلسطينيين من بلدة خزاعة إلى نير عوز، ومن بين أكثر من 500 مسلح تسلّلوا للمستوطنة، فلم يتمكن فريق التحقيق من العثور على جثة واحد منهم، ويبدو أن مقاتلي حماس جمعوا جثث رفاقهم خارج الكيبوتس، وعلى الطريق المؤدي لغزة، تم العثور على جثث 64 منهم، حيث قُتلوا بنيران مروحيات ودبابة".
وخلص فريق التحقيق أن "القوات لم تستعد، ولم تتدرب على سيناريوهات بحجم ما حدث في السابع من أكتوبر، ولم يتلقوا أي تحذير في ذلك الصباح، ومع بداية القتال، أصيب العديد من القادة على مختلف المستويات في القطاع، وانهارت سلسلة القيادة والسيطرة، ولم يكوّن الجيش صورة دقيقة لما يحدث في المنطقة بأكملها، وفي نير عوز تحديدًا، ولم يتمكن من إجراء تقييم منظم للوضع، كما لم يكن هناك نشاط قتالي في أي وقت أثناء الهجوم، ولم يجرِ أي اتصال بين الجيش والمستوطنين لفهم مسار المعركة هناك".
وأشار أن "الجنود لم يحموا قاعدة البحث والتطوير قرب نير عوز، الذي كان بإمكان وحداته حماية الكيبوتس لو لم تقع في أيدي المسلحين، كما أن تقدم القوات المدرعة نحو حدود غزة أثناء الهجوم كان خطأً، بدلاً من البقاء أقرب للتجمعات الاستيطانية لحمايتها، أما الفصيل المتأهّب، فقد عانى من نقص في عدد قواته أمام هذا العدد الكبير من المقاومين القادمين من غزة".
ووفقًا للتحقيق، فإن "الهجوم الواسع والمنسق الذي شنته حماس على عشرات المواقع والقواعد العسكرية جعل من الصعب للغاية على الجيش، على جميع المستويات تكوين صورة دقيقة للأحداث، خاصةً لخطورة الوضع في كل موقع، أما قوات التعزيزات التي وصلت لحدود غزة من الشمال، فقد انحصرت بالقتال داخل سديروت، أما الآخرون الذين تمكنوا من التقدم جنوباً فقد وقعوا في معارك أخرى، أو تعرضوا لكمين من قبل المسلحين عند تقاطعات رئيسية".
وأكد أن "القوات القادمة من الجنوب هوجمت أثناء طريقها، مما أدى لتأخير وصولها، فلم يصل الجنود الأوائل إلى نير عوز إلا بعد الساعة الواحدة ظهرًا، ولم تتلقَّ سوى قوات قليلة أوامر صريحة بالوصول إليه، أما القوات التي تلقّتها فقد علق أفرادها في القتال على طول الطريق، وعندما نجحت قوة خاصة باقتحام مفترق ماعون قرب الكيبوتس الساعة 11:45 فقد كان الأوان فات بالفعل".
فشل منهجي
وكشف التحقيق عن "وجود معلومات آنية كان من الممكن لقادة الجيش استخدامها لفهم خطورة الوضع في نير عوز، إلا أنها لم تُستغل، ومنها لقطات من كاميرا مراقبة تابعة للجيش تُظهر عشرات المسلحين يدخلون ويخرجون من نير عوز، وهي لقطات بُثت مباشرةً إلى مركز قيادة الجيش، إضافة لمعلومات من مروحيات سلاح الجو المحلّقة فوق المنطقة، وهذه المعلومات أكدت وجود مسلحين ينشطون في نير عوز، لكنها جاءت من أماكن أخرى عديدة، ولم يكن ممكنا فهم أن نير عوز في وضع أصعب من غيرها من المستوطنات".
وأكد التحقيق أن "مستوطني نير عوز استغاثوا مرارًا وتكرارًا، لكن اتصالاتهم ضاعت وسط فوضى آلاف الرسائل والتقارير، ونفّذ المسلحون خطتهم في الكيبوتس دون انقطاع، مما يجعل فشل الجيش بحماية نير عوز منهجياً، وليس تكتيكيًا أو أخلاقيًا، لأنه لم يُعطِ أولوية خاصة لإرسال قوات إليه على حساب أماكن أخرى، مما يتطلب إنشاء موقع عسكري جديد بين نير عوز وغزة، وتعزيز الأمن المحلي، وإنشاء آلية جديدة لتكوين صورة استخباراتية للوضع حتى في حالات انهيار سلسلة القيادة أثناء القتال، وتغييرات تكتيكية في الجيش".