التغيرات المناخية والإرادة السياسية المطلوبة
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
ليست الحرب الهمجية التي تدور رحاها في الكثير من بقاع العالم هي وحدها التي تهدد البشرية، وتقرع ناقوس الخطر عاليا.. ثمة أخطار أخرى تحيط بنا وفي مقدمتها التغيرات المناخية التي بات خطرها واضحا وقريبا منا جميعا.
إن خطر التغيرات المناخية أكبر بكثير من كونه قضية بيئية، إنه أزمة جيوسياسية، واقتصادية، وأخلاقية، بل هو وحش متعدد الرؤوس يتطلب استجابة منسقة وطموحة من المجتمع العالمي.
إنَّ مؤتمر الأطراف يحمل أهمية كبيرة؛ نظرًا لما يتمتع به سنويا من مشاركة سياسية واسعة، حيث يتعين على الدول المشاركة فيه أن تضبط سياساتها ليس على إيقاعات المصلحة الوطنية قصيرة النظر، بل على الإيقاع العالمي للبقاء والاستدامة.
لماذا؟ لأن أزمة المناخ لا تحترم الحدود. ومن الممكن أن تؤدي انبعاثات الكربون الصادرة عن مصنع للفحم في الصين إلى تفاقم حالات الجفاف في إفريقيا، تماما كما يمكن أن تؤثر إزالة الغابات في منطقة الأمازون على الفيضانات في بنجلاديش. نحن نعيش في عالم شديد الترابط، ليس فقط من خلال الإنترنت والتجارة، ولكن من خلال الهواء الذي نتنفسه وأنماط الطقس التي نواجهها.
إن المخاطر هائلة، وبدون حلول جذرية وعمل متضافر، فإننا نخاطر بحدوث كوارث بيئية متتالية يمكن أن تعيد رسم الخرائط، وتشريد الملايين، وزعزعة استقرار الاقتصادات والأنظمة السياسية. إن تكلفة التقاعس عن العمل لا تُحسب بالدولار أو اليورو فحسب، بل أيضًا بحياة البشر والإرث الذي نتركه للأجيال القادمة.
قد يقول البعض إن هدف تحقيق الإجماع العالمي بشأن العمل المناخي أقرب إلى فكرة الوصول إلى النجوم، لكن علينا أن نتذكر جيدا أن الوصول إلى النجوم هو بالتحديد ما دفع أعظم التطورات التي حققتها البشرية. لقد حان الوقت لكي تدرك الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف هذه الحقيقة، وتتصرف بالسرعة التي تتطلبها هذه اللحظة.
ويتعين علينا أن نبذل جهودا مضاعفة من أجل الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام ٢٠٥٠ وأن نعيد تصور مدننا، ونعيد النظر في ممارساتنا الزراعية، ونعيد اختراع الطريقة التي نعيش بها ونتفاعل بها مع كوكبنا. وهذه ليست مجرد ضرورة بيئية فحسب، بل إنها فرصة لتحفيز عصر جديد من الابتكار، وخلق فرص العمل، والنمو المستدام.
لقد انتهى زمن أنصاف الحلول والوعود التي لا تثمر وعلى زعماء العالم أن يصلوا هذه المرة إلى نتيجة عملية تعالج خطر التغيرات المناخية عبر الإرادة السياسية الحقيقية التي تستشعر الخطر، وتعمل على وقف تقدمه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التغیرات المناخیة
إقرأ أيضاً:
وزير العدل يستعرض أهم مستجدات مدونة الأسرة بعد جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك
زنقة20ا الرباط
قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي، إن مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهْدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا.
وأضاف وهبي، صباح اليوم الثلاثاء في لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام الوطنية بحضور رذيس الحكومة عزيز اخنوش وعدد من الوزراء والمسؤولين، خصص لعرض المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط “نحن اليوم، أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات، كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وَضَعتها؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تُناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حِرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمُحافظة على كرامة الرجل”.
وهكذا، يشير وهبي، فإن من بين ما تم اعتماده، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، يمكن الإشارة، على الخصوص، إلى إمكانية توثيق الخِطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج”.
كما تم اعتماد، يضيف وهبي، إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك؛ بالإضافة إلى تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفَتى والفَتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يُحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”؛
وأوضح وهبي انه تم اعتماد إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيُصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.
واكد وهبي أنه تم الإعتماد على إحداث هيئة، غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مَهَمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار؛
وتم أيضا، يشير وهبي، جعْل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جُلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق؛
كما تم وفق وهبي، تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية؛ واعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، مع قَبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.
وتابع أنه تم اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سُكْنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به؛ وعدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها؛
وحسب وهبي تم وضع معايير مرجعية وقيمية تُراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها؛
وقال المتحدث ذاته انه تم الاعتماد على جعل “النيابة القانونية” مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يَتَأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون.
واضاف أنه تم تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلْكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يُجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه؛
وتم إقرار. ووفق وهبي حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون.
وتم الإعتماد على تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع “إرث البنات”، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحُكمية مقام الحيازة الفِعلية. يقول وهبي.
وأشار إلى أنه تم الاعتماد على فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين.
وبالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، أكد وزير العدل، أنه سيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا تَوقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية.