العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
يعد مفهوم سلوك المستهلك أحد المفاهيم الاقتصادية المتداولة بين فترة وأخرى بين أفراد المجتمع، وكثر الحديث عن هذا المفهوم خلال السنوات الماضية نتيجة حدوث بعض المتغيرات الاقتصادية مثل ارتفاع نسبة تضخم بعض السلع والخدمات والامتناع عن اقتناء بعض المنتجات، وذلك بالبحث عن بدائل أخرى تؤدي نفس الغرض وبنفس الجودة، ورغم أن السلوك بات المحرك الأساسي لكثير من الأشخاص في اتخاذ القرارات المرتبطة بإشباع رغباته إلا أن المستهلك أصبح عقلانيا في اتخاذ قرار الشراء من عدمه بسبب ما أحدثته الأزمات الاقتصادية من صعوبات في توفير بعض المنتجات غير الضرورية مما ركّز المستهلك على ضروريات الحياة وابتعد نسبيا عن الكماليات مما أثر أيضا على خطط الشركات التسويقية عند دراسة سلوك المستهلك لوضع الخطط التسويقية المناسبة التي تستهدف تفضيلاته للمنتج دون غيره، فسلوك المستهلك وفقا لكوتلر: «ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عند شراء أو استخدام السلع والخدمات، أو الأفكار أو الخبرات التي يتوقع أنها ستشبع رغباته أو حاجاته، وحسب الإمكانات الشرائية المتاحة»، وهو عموما يمكن تعريفه بأنه تصرفات الأفراد أو سلوكياتهم التي تحدد اختيارهم للسلع والخدمات المراد استخدامها حتى تلك التي تسبق عملية اتخاذ القرار، فسلوك المستهلك يمثّل أهمية للشركة وللفرد إذ يساعد الشركة على فهم سلوك المستهلك وكيفية الوصول إليه لتحقيق أكبر قدر من الأرباح.
وهناك عوامل أخرى مرتبطة بالبيئة المحيطة بالمستهلك وهي عوامل خارجية مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، وهذه العوامل يحددها الوضع الاقتصادي للفرد والأسرة ويتأثر المستهلك برأي أفراد المجتمع المحيطين به في اتخاذ قرار الشراء من عدمه، ورغم أنه لا يتفاعل مع هذه التأثيرات إلا أنه يتأثر بها بصفة غير محسوسة ودائما. وعموما فإن قرار الشراء يمر بعدة مراحل تبدأ بمرحلة قبل الشراء وهي إدراك التحدي أو المشكلة، ثم جمع البيانات والمعلومات حول المنتجات ثم تقييم الخيارات الأخرى للمنتج مرورا بمرحلة الشراء التي يتخذ من خلالها المستهلك قرار الشراء وصولا إلى مرحلة ما بعد الشراء التي يتضح من خلالها سلوك المستهلك.
إن الوضع الاقتصادي لبعض فئات المجتمع ربما يكون سببا في تحديد سلوك المستهلك رغم تحكم رغباته أحيانا في قرار الشراء بل أصبح مستوى علاقة الاقتصاد بالأشخاص يتحكم بمشاعرهم، فمثلا النمو الاقتصادي يحفّز إيجاد فرص عمل جديدة ويساعد في تحسين مستوى دخل الأفراد مما ينعكس إيجابا على سهولة تحقيق رغباتهم ومتطلباتهم الاجتماعية اليومية، فيما الركود الاقتصادي يؤدي إلى حدوث اختلال اجتماعي واقتصادي في المجتمع وعادة ما يصاحبه إنهاء خدمات العمال وضعف الأحوال المعيشية للأفراد، بينما استقرار أسعار السلع والخدمات في السوق يعين الناس على تلبية متطلباتهم الاجتماعية اليومية ويضمن لهم الحفاظ على قوتهم الشرائية عكس ما يحدث خلال فترة ارتفاع معدّل التضخم عن المستوى المقبول الذي يتناسب مع دخل الأفراد، فإنه يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية ومواجهة صعوبات في تلبية المتطلبات اليومية، ونتيجة علاقة الأشخاص بالاقتصاد وتأثر العلاقة بالعوامل الاجتماعية والنفسية للأشخاص إثر الصدمات الاقتصادية المفاجئة دفع الاقتصادي الأمريكي «آرثر أوكون» لإطلاق ما أسماه «مؤشر البؤس» في الستينيات في فترة حكم الرئيس «جونسون»، بهدف قياس ما يمر به عموم الناس اقتصاديا ومعرفة ما إذا كانوا في حالة اقتصادية جيدة أم بائسة، ولذلك من غير المنصف أن نحلل وضع الاقتصاد ومؤشراته بمعزل عن حياة الناس للعلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والناس التي باتت تحرك سلوك الأشخاص عند الاستهلاك وعند اتخاذ قرار الشراء، ولنكن أكثر صراحة بأن استمرار تدفق الأخبار السلبية عن الاقتصاد خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي يمثل هاجسا لدى كثير من مرتادي هذه المنصات من مؤشرات الاقتصاد ورسّخت صورة ذهنية سلبية لدى الجمهور بل عززت انعزالهم عن متابعة أخبار الاقتصاد وإن كانت إيجابية وأفقدتهم الرغبة في متابعة وضع الاقتصاد؛ فالمؤشرات الاقتصادية الكلية أو الجزئية رغم عدم قيامها بتفسير حالة الناس أو وضعهم الاقتصادي الحقيقي ولا يمكن الاعتماد عليها كحقائق إلا أنها تتضمن إشارات نستطيع شرح ما يمر به الأشخاص من تحديات أو محفّزات لكيفية تفاعلهم مع الأوضاع الاقتصادية وربما يتم استخدامها موضوعيا وبصورة متكاملة عن أفراد المجتمع.
ختاما، أرى أن العوامل الاقتصادية أكثر تأثيرا في سلوك المستهلك والمرتبطة بالدخل الشخصي للأفراد، فعندما يزداد دخل الشخص يزداد معدل إنفاقه وتزداد القوة الشرائية، وبتحسن الظروف الاقتصادية للأفراد تتحسن الجوانب النفسية والاجتماعية مباشرة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قرار الشراء
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. "صناع المحتوى الاقتصادي" يستعرض عوامل النجاح والانتشار المهني
اختتم نادي دبي للصحافة الأسبوع الأول من برنامج "صُنّاع المحتوى الاقتصادي"، والذي يتم تنظيمه بدعم من وزارة الاقتصاد في مقر نادي دبي للصحافة، وبحضور مجموعة من المتخصصين في صناعة المحتوى الرقمي والصوتي المعني بالموضوعات الاقتصادية، حيث تضمّن سلسلة من المحاضرات وورش العمل قدمتها نخبة من المحاضرين من الخبراء والإعلاميين ومسؤولي الشركات الإعلامية الرائدة في هذا المجال.
وقالت مريم الملا، مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة، إن النادي واصل منذ تأسيسه تقديم المبادرات الهادفة لدفع مسيرة التميز الإعلامي، ومع ظهور القوالب الإعلامية الجديدة في ضوء التطور التقني الهائل الذي بدّل العديد من المعايير المهنية وأحدث ثورة ضخمة في مجال المحتوى، حرص على أن يكون مواكباً لتلك المتغيرات ومساهماً في تعزيز قدرة الإعلاميين على الإلمام بعناصر التميز الإعلامي في عالم تشكل ملامحه التكنولوجيا، إذ بات المحتوى الرقمي هو سيد الموقف، والمساحة الأكثر جذباً للجمهور على كافة المستويات والقطاعات.وأكدت أن إطلاق نادي دبي للصحافة برنامج "صُنّاع محتوى دبي" جاء سعياً لتمكين المبدعين من صُنّاع المحتوى من الإلمام بكافة عناصر ومتطلبات التميز والنجاح والانتشار، من خلال الاهتمام بإنتاج محتوى نافع وهادف وبنّاء، منوهةً بالتعاون النموذجي من قبل وزارة الاقتصاد في إطلاق النسخة الأولى من البرنامج والتي ركزت بصفة حصرية على "المحتوى الاقتصادي"، لما لهذا المجال من أهمية خاصة إلى دبي، ولفتت إلى أن تدريب صناع المحتوى ليس مجرد خيار، بل هو استثمار في مستقبل الإعلام الاقتصادي، إذ يعزز من قدرة المجتمعات على اتخاذ قرارات مالية أكثر وعياً ويسهم في بناء اقتصاد أكثر استدامة وشمولية.
الأساطير والحقائق وشملت أجندة الأسبوع الأول من برنامج صُنّاع المحتوى الاقتصادي، جلسة بعنوان "إدارة الاقتصاد.. الأساطير والحقائق وكل ما بينهما"، وجاءت بالتعاون مع منصة "أرقام".
وركّزت الجلسة على باقة من النقاط المهمة شملت، السياسة المالية العامة والسياسة النقدية وعلاقتها بدور البنوك المركزية في التحكم في المعروض النقدي وأسعار الفائدة، وسبل تحفيز النمو الاقتصادي بما في ذلك السياسات التي تدعم وتعزز النمو الاقتصادي المستدام، والسياسة المالية والتضخم من ناحية تأثير الإنفاق الحكومي وفرض الضرائب على مستويات التضخم، ودراسة تأثير الضرائب على التنمية الاقتصادية والنمو.
وحضر المشاركون في برنامج "صُنّاع المحتوى الاقتصادي"، جلسة بعنوان "تقنيات الذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى المرئي" بالتعاون مع مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف (AIJRF)، حيث تناولت بالشرح والتوضيح 10 تطبيقات أساسية للذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى المصور سواء من الفيديو أو الصور الفوتوغرافية أو القوائم البيانية، كما تطرّقت إلى جملة من الموضوعات ذات الصلة بما في ذلك، إدارة المحتوى بالذكاء الاصطناعي بدءاً من مرحلة صناعة الفكرة وانتهاء بنشر المحتوى على المنصات الرقمية.
إثراء المحتوى وفي إطار الحرص على إشراك المؤسسات الأكاديمية الرائدة في إثراء محتوى البرنامج، تضمنت الجلسات التدريبية لـ "صُنّاع المحتوى الاقتصادي" جلسة بعنوان "مبادئ الاقتصاد الأساسية" وعُقدت بالتعاون مع جامعة موردوخ في دبي، واستعرضت خلالها الدكتورة رانيا عيتاني جملة من أهم المفاهيم الاقتصادية، والاقتصاد ما بين الندرة والاختيار وتكلفة الفرص ودورها في اتخاذ القرار، والأسس الديناميكية للأسواق ما بين قوى العرض والطلب.
كما تطرقت الجلسة إلى المرونة السعرية وكيفية استجابة الأسعار لتغيرات الأسواق، إضافة إلى مناقشة أسس فهم وتحليل المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي للدول، والعلاقة بين التضخم والبطالة عالمياً وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، وأخيراً هيكل السوق، وأنواع الأسواق وتأثير المنافسة فيها. استراتيجيات ورؤى وحضر المشاركون في برنامج "صُنّاع المحتوى الاقتصادي"، جلسة بعنوان "استراتيجيات ورؤى المؤثرين.. من الترندات الشائعة إلى تحليل المحتوى الاقتصادي"، وجاءت بالتعاون مع منصة "بلنكس" (blin.x) ، حيث تطرّقت إلى المنظومة الاجتماعية وتوجهات الجمهور لاستكشاف دور المؤثرين في صناعة المحتوى، والترندات الشائعة وعلاقتها باستراتيجيات إنشاء المحتوى القابل للمشاركة والانتشار.
كذلك تناولت الجلسة المحتوى الاقتصادي الفعّال، من ناحية تقييم وتحليل أساليب السرد الاقتصادي الناجحة والمؤثرة، فيما شارك الحضور في تدريب عملي تخلل الجلسة استهدف تطبيق المفاهيم المستفادة من خلال المحاضرة في تجربة عملية للوقوف بصورة ملموسة على أهمية تلك المفاهيم في صناعة محتوى قوي قادر على الانتشار. فهم التحولات وحضر المشاركون جلسة جاءت بعنوان "من الأرقام إلى التأثير" تحدثت حول أولوية فهم التحولات في العالم الاقتصادي كأساس لصناعة محتوى يجد طريقه إلى الناس بسهولة، وعلاقة ذلك بفهم مواز للتحولات في القطاع الإعلامي، وما أحدثته التكنولوجيا من تغيرات كبيرة في أساليب وأدوات الاتصال الإعلامي، كذلك ركزت الجلسة على كيفية تحويل الأرقام إلى قصص جاذبة، والأسلوب الفعال في استخدام الأدوات التحليلية لتقييم مدى نجاح وانتشار المحتوى.
واختتم الأسبوع الأول من برنامج صناع المحتوى الاقتصادي بجلسة عُقدت بالتعاون مع مؤسسة "دبي للإعلام"، وجاءت تحت عنوان "استكشاف التحولات الاقتصادية العالمية"، وتناولت قضية الثقة والمصداقية في الأخبار الاقتصادية وأهمية تسليط الضوء على المصادر الموثوقة في تقديم أخبار اقتصادية دقيقة، كما استعرضت الجلسة أهمية التخصص الإعلامي، وإبراز دور الخبراء في تشكيل ورسم ملامح الخطاب الاقتصادي على مستوى العالم.
وركّزت الجلسة كذلك على أهمية فهم التغيرات الاقتصادية العالمية فهماً شاملاً وصحيحاً حيث شهدت إطلالة عامة على أبرز التحولات الرئيسية في الاقتصاد العالمين فيما استعرض المتحدث في سياق الجلسة التفاعلية تأثير وسائل الإعلام على مسار الاقتصاد العالمي، والسرديات الاقتصادية العالمية والفرق بين التغطية المحلية والعالمية للقصص الاقتصادية، كما تناول النقاش قضية التحول من التلفزيون التقليدي إلى وسائل التواصل الاجتماعي وما واكبه من تطور في أساليب نقل الأخبار الاقتصادية.