لجريدة عمان:
2024-12-16@15:34:40 GMT

احتمالات مفتوحة لما بعد هدنة غزة

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

بالرغم من المبالغة والجموح، إن لم يكن غرور تصريحات نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل في أعقاب هجوم حماس المباغت والمزلزل لإسرائيل في السابع من الشهر الماضي وتهديده ووعيده بسحق حماس واستئصالها من غزة حسبما تمنى في تلك الأيام، إلا أن قصف غزة بما يزيد على أربعين ألف طن من المتفجرات وتدمير بنيتها الأساسية ومرافقها الخدمية بما فيها الخدمات الأساسية الضرورية للحياة والقتل العشوائي للأطفال والنساء لم ينجح سوى في تغيير موقف الرأي العام على امتداد العالم حيال إسرائيل، وللمرة الأولى وعلى نحو غير مسبوق أزعج كل عاقل في إسرائيل.

وبعد سبعة وأربعين يوما من التدمير الممنهج لغزة ويأس نتانياهو من إمكانية إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس بالقوة المسلحة وبعد فشل الهجوم على مجمع الشفاء الطبي وتخريبه وإخراج الطواقم الطبية والمرضى وحتى الأطفال الخدج وقتل عدد من مرضى الرعاية المكثفة بزعم وجود معلومات تتحدث عن أنفاق تحت بعض أقسام المجمع وهو ما كذبته حماس والصليب الأحمر الدولي، اضطر نتانياهو للدخول في مفاوضات مع حماس وفق شروطها لتبادل مجموعات من الأسرى وبطلب من نتانياهو الذي تحدث مع وزير الخارجية الأمريكية بلينكن ليطرحه على بايدن لمساعدة نتانياهو في مواجهة المأزق الداخلي وضغط أهالي الأسرى من ناحية واستكشاف مدى يمكن أن تنجح الهدن القصيرة في التمهيد لهدن أطول وربما لوقف إطلاق نار أطول أو دائم تمهيدا لفكرة القبول بوقف القتال بعد هدنة الجمعة الماضية التي امتدت لمدة أربعة أيام وذلك من منطلق الحاجة لوقت أطول لإطلاق المزيد من المحتجزين لدى الطرفين.

وما حدث في هدنة غزة حمل دلالة بالغة عكست الانكسار الإسرائيلي على الأرض والتغير النسبي للإدراك الذاتي للقوة النسبية من جانب كل طرف حيال الآخر، صحيح أن فارق القوة لا يزال لصالح إسرائيل بشكل كبير ولكن الصحيح أيضا هو أن الأمور لم تعد محسومة بالكامل لصالح إسرائيل ولا بشكل مضمون كما كان من قبل على الأقل، كما أن إسرائيل تظل في حاجة إلى الدعم العسكري والمالي والتسليحي الأمريكي وهو أمر أثر وسيؤثر لوقت طويل في المستقبل في داخل إسرائيل، وبدأ كثيرون يعدون لوجود نتانياهو في الحكم وبشكل علني في عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، ومما له دلالة أيضا أن وزير الأمن القومي في حكومة نتانياهو تحسر على ما أسماه أن إسرائيل «قبلت بشروط حماس والسنوار» في صفقة تبادل الأسرى وذلك بضغط من نتانياهو الذي يتوق إلى تحقيق مكسب ما في الداخل ولكنه في الواقع مكسب ضاع معه ماء الوجه وهيبة القوات الإسرائيلية واكتسبت معه حماس ومقاتلوها سمعة ومكانة وهيبة كبيرة حتى لدى الجنود الإسرائيليين. ومع الوضع في الاعتبار السياق الذي تم فيه تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل والاحتمالات المفتوحة لتمديد الهدنة يوما أو يومين حسبما تجري الاتصالات بين بايدن والأطراف المعنية بالأوضاع في غزة وما يمكن أن تؤول إليه، فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب، لعل من أهمها: أولا، إنه إذا كان من المعروف أن أي عمليات تبادل أسرى بين أي طرفين متقاتلين عادة ما تشهد خلافات وشكوكا وثقة محدودة، بحكم طبيعة الخلافات والحاجة إلى دعم الثقة المتبادلة، وفي ضوء تجارب عملية على الأرض، فما بال العلاقة بين حماس وإسرائيل ورصيد العداء المتبادل منذ ثمانينيات القرن الماضي، فإنه من الطبيعي أن تحدث الخلافات التي ظهرت بين الجانبين وأن تكون هناك اتهامات متبادلة بين حماس وإسرائيل بانتهاك اتفاق تبادل الأسرى واتهام حماس لإسرائيل بعدم الالتزام تارة بشرط اتباع معيار أقدمية الأسرى الذين يفرج عنهم من الفلسطينيين وتارة بعد رغبة إسرائيل في الالتزام بالإفراج عن أسماء محددة كأن يكونوا أسرى ذوي وزن لدى الرأي العام الفلسطيني، أو الالتزام بوقف القتال، أو على الأقل وقف طلعات الطيران الإسرائيلي خلال أيام الهدنة وهو ما تم في اليوم الثالث ولم يتم في اليومين الأولين -الجمعة والسبت الماضيين- وفي ظل وجود خلافات بين تيارات يمينية إسرائيلية وغيرها تعارض صفقة تبادل الأسرى من منطلقات مختلفة فإن الخلافات التي جرت يومي الجمعة والسبت الماضيين أثارت قلق حكومة نتانياهو وإلى درجة أثارت معها عدم استبعاد إلغاء الصفقة واستئناف القتال فور انتهاء موعد الهدنة أو في منتصف ليلة السبت الأحد إذا لم تطلق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين.

ثانيا، إنه بذلت بالفعل جهود مكثفة لإنقاذ اتفاق تبادل الأسرى وشارك في تلك الجهود كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر ليس فقط لأن الدول الثلاث لها دور مؤثر في التوصل إلى الاتفاق وعلى نحو تتحمل فيه مسؤولية أمام دول العالم وفي المنطقة وخارجها، ولكن أيضا لأن النجاح في إتمام الصفقة هو نجاح لكل الأطراف المعنية من ناحية وتعزيز لإمكانية نجاح الخطوات التالية ودفع الصفقة للأمام بما يعنيه ذلك من خدمة للسلام وإمكانية السير للأمام لصالح دول وشعوب المنطقة من ناحية ثانية، يضاف إلى ذلك أن النجاح في هذه الصفقة من شأنه تعزيز الأمل في إمكان النجاح في خطوات أخرى تخدم العلاقات وتوسع من آفاق إمكانية التعاون بين دول وشعوب المنطقة عندما تلتقي على أهمية وضرورة ذلك لصالح الأجيال القادمة حتى لو كان بعضها لا يزال متشككا في نوايا أطراف أخرى أو في إمكانية التزامها أو إخلاصها للسير نحو السلام لصالح الأطراف جميعها. وعلى العكس من ذلك فإن الفشل حتى ولو كان بمسؤولية إسرائيلية بشكل أو بآخر فإن نتائجه ستنعكس سلبا بالضرورة على عملية السلام في الحاضر والمستقبل من ناحية وربما على الثقة في إمكانية تحقيقها بسبب الفشل طويل المدى في إمكانية تحقيقه خلال السنوات الماضية وعدم اليقين في تحقيق ذلك بشكل مناسب في السنوات القادمة. وهو ما يضر بمصالح مختلف الأطراف ومدى إمكانية تحقيقه خلال السنوات القادمة.

ثالثا، ليس من المبالغة في شيء القول بأن الموقف في الشرق الأوسط في السنوات القادمة سيكون مختلفا بالضرورة عنه في السنوات الماضية ليس فقط بسبب حرب غزة وقدرة حماس على تحمل تبعات أو متطلبات نفقاته التسليحية والمالية والاقتصادية وغيرها، حتى لو تلقت مساعدات من أطراف عربية أو إسلامية لها معها علاقات إيديولوجية أو دينية وثيقة، ولكن لأن حماس أصبحت طرفا فاعلا في المواجهة مع إسرائيل أكثر من أي وقت مضى وبما يتجاوز أي وقت سابق وهو ما سيكون له حسابات لدى مختلف الأطراف إسرائيليا وعربيا وإقليميا ودوليا كذلك ومع الوضع في الاعتبار أن مختلف الأطراف الراغبة في التوصل إلى سلام عادل ودائم في المنطقة وفي إطار الشرعية الدولية وحل الدولتين إنما تنظر بالضرورة من منظور مصالحها وأمنها الوطني بغض النظر عن الإطار الذي يأتي فيه ذلك، فإن المرحلة التي ستعقب حرب غزة ستكون مفتوحة على احتمالات مواجهات مختلفة بين حماس وإسرائيل، إذ إن كيفية وقف القتال والدور الأمريكي والغربي والدولي في ذلك ومدى التوافق الممكن حول حل الدولتين سيحد من تأثيرها على أي نحو، فالفلسطينيون سيؤثرون بالضرورة على صيغة الحل التي سيتم التوصل إليها في النهاية مع اليقين بأنه بعد حرب غزة من الصعب تجاهل الإرادة الفلسطينية أو التقليل من أهميتها فالتبعية الفلسطينية لم تعد سهلة كما كانت في الماضي كما أن اليوم وغدا قد تغير بفعل حرب غزة التي استمرت بشكل متقطع ويختلف هذا كثيرا عما كان بقصده نتانياهو بتصريحه في بداية الحرب.

وإذا كانت المواجهات قد استمرت متقطعة طيلة أيام الهدنة فإن وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيليين كررا في الأيام الأخيرة التأكيد على أنه لن تتوقف الحرب ولن تنسحب إسرائيل من غزة إلا بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من غزة وعودتهم إلى إسرائيل فهل يمكن أن يثق الفلسطينيون أو العالم في التعهدات الإسرائيلية والوفاء بالشرعية الدولية بعد المجازر التي ارتكبتها وانتهاكاتها لكل الأعراف والشرعية الدولية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بین حماس وإسرائیل تبادل الأسرى من ناحیة حرب غزة وهو ما

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: مؤشرات إيجابية حول صفقة تبادل الأسرى مع حماس

يمن مونيتور/قسم الأخبار

نقلت وسائل إعلام عبرية اليوم الأحد، عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم حدوث تقدم في صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس في قطاع غزة.

ونقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مسؤول بالحكومة الإسرائيلية قوله إن نهاية الحرب على غزة تقترب لكن ليس قبل تسلم ترامب منصبه، مشيرا إلى تقدم في صفقة تبادل الأسرى.

من جهته، نقل موقع “واينت” عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله الليلة الماضية إن هناك “تقدما كبيرا” في المفاوضات بشأن صفقة الرهائن، والتي يتم حاليا إبقاء نقاطها الرئيسية تحت المراقبة رغبة في منع التدخلات السياسية التي من شأنها إحباطها.

وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن “رئيس الموساد ورئيس الشاباك أبلغا مجلس الوزراء بأن حماس مستعدة للتوصل إلى اتفاق لم يكن موجودا من قبل، ومن المقدر أنه يمكن التوصل إلى اتفاق خلال فترة قصيرة، وربما أسابيع قليلة.

وزعم المسؤول أن سبب تغير موقف حماس هو “الضربات التي تلقتها” ودخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض خلال شهر تقريبا.

وبحسب التقارير، فمن المتوقع أن يتم تنفيذ الصفقة على مراحل، بدءا من إدارة بايدن واستمرارا مع إدارة ترامب. وستكون المرحلة الأولى إنسانية وستتضمن إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار لمدة سبعة أسابيع. وأوضح المسؤول أن الطرفين يتحدثان في الوقت الحالي عن صفقة إنسانية لـ “عدد غير معروف من المختطفين من النساء والأطفال والبالغين، يحتفظ فيها كل طرف بخيار العودة إلى القتال”.

واحتج بعض أهالي المختطفين، أمس، على ذلك، معتبرين أن معنى مثل هذه “الصفقة الجزئية” هو حكم الإعدام لمن سيتركون وراءهم.

ووفق “واينت” فقد تمهد مثل هذه الصفقة الطريق لنهاية الحرب واتفاق التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. لكن في هذه المرحلة ليس من الواضح بعد ما إذا كانت حماس ستوافق على صفقة صغيرة دون إنهاء الحرب.

وبحسب المسؤول، “إذا جاء نتنياهو بصفقة معقولة – فإنه سيحصل على أغلبية في الحكومة، حتى لو عارضها بن غفير وسموتريتش ومن المشكوك فيه أن يدعماها.

في غضون ذلك، من المتوقع أن يزور مستشار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لشؤون الأسرى والمفقودين، آدم بوهلر (45 عاما)، إسرائيل هذا الأسبوع . وقال مصدر مطلع على تفاصيل الزيارة، إنها زيارة خاصة سيقوم بها بوهلر، وهو يهودي أمريكي، إلى إسرائيل، لكن موقع “واينت” علم أنه سيعقد أيضا اجتماعات ومشاورات بشأن صفقة المختطفين في قطاع غزة. في هذه الأثناء، تلقى مكتب وزير الدفاع طلبا لتنسيق لقاء مع بوهلر، من المرجح أن يعقد يوم الاثنين.

من جهة أخرى، أشار المسؤول الإسرائيلي إلى احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية، وأوضح أن إسرائيل “ستبقى في المناطق التي احتلتها حتى يستقر المتمردون في البلاد”، وفق تعبيره، وقال: “لا يبدو أن المتمردين لديهم أي مصلحة في الدخول في صراع مع إسرائيل، ولكن في الأسابيع والأشهر المقبلة سنرى كيف سيحققون الاستقرار في سوريا. وهذا أمر كبير يحمل فرصة إيجابية”.

وفي هذا السياق، أشار المسؤول الإسرائيلي أيضا إلى لبنان، قائلا إن “وقف إطلاق النار صامد، وحزب الله بقي من دون إمدادات الذخيرة، وهناك أيضا فرصة هنا للبنان لاستعادة السيطرة على البلاد”.

 

المصدر: يسرائيل هيوم + واينت

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي يتحدث عن تقدم غير مسبوق في صفقة التبادل
  • خبير إسرائيلي: يجب أن ننسحب بشكل تام من غزة بعد وضع هذه المعادلة
  • تقرير: عدد الأسرى الإسرائيليين هو العقبة الأخيرة قبل صفقة التبادل
  • إسرائيل تستأنف على مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
  • بوساطة مصرية.. هل تشهد غزة هدنة قريبة وصفقة لتبادل لـ الأسرى؟
  • إسرائيل: الأسبوع المقبل حاسم لمحادثات صفقة الأسرى مع غزة
  • إعلام عبري: مؤشرات إيجابية حول صفقة تبادل الأسرى مع حماس
  • إسرائيل تتحدث بشأن آخر مستجدات مفاوضات غزة وآلية تنفيذ الاتفاق
  • إطلاق صاروخ من وسط قطاع غزة على جنوب إسرائيل
  • حماس تتهم إسرائيل بـ"تعمّد" استهداف رهائن في غزة