منذ السابع من أكتوبر الماضي، وعلى مدار 50 يومًا، تابعنا بقلوب يعتصرها الألم، تلك الحصيلة الدامية لأشقائنا الفلسطينيين المدنيين في غزة، الذين وصل عددهم لـ15 ألف شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال، على يد جيش «الاحتلال الإسرائيلي».
وبعيدًا عن الهُدنة «الهَشَّة»، التي ليست سوى «استراحة» لشن مذابح صهيونية جديدة، إلا أن الفترة الماضية، شهدت حِراكًا شعبيًّا عربيًّا، انتشر على نطاق واسع، تمثَّل في دعوات «مقاطعة» للبضائع والمنتجات «الإسرائيلية» والشركات العالمية التي يُعتقد أنها تدعم جيش «الكيان الصهيوني» وحكومته.
إن الحديث عن «المقاطعة» ـ على امتداد العالمين العربي والإسلامي ـ ليس بالأمر الجديد، حيث يدور في كل مرة، كثير من النقاشات حول جدواها الاقتصادية والسياسية، خصوصًا عندما تكون مرتبطة بالناحية الدينية والعقائدية.
ربما تكون «المقاطعة» هذه المرة، أنكى وأشد، حيث تأتي استمرارًا لحملات منفصلة، خلال العقدين الأخيرين، بدأت إبَّان الغزو الأمريكي للعراق قبل عشرين عامًا، مرورًا بحملات المقاطعة الشعبية للمنتجات الفرنسية، بعد أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، وليس انتهاء بالسويدية والدانماركية ردًّا على سماح الدولتين بحرق المصحف الشريف.
اللافت في حملة «المقاطعة» الأخيرة ـ على وقْع ما يحدث في غزة من جرائم وحشية ـ هو نجاح انتشارها الواسع على كافة المواقع الإلكترونية، وحسابات مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، لتضم لائحة طويلة من المنتجات الغذائية ومستحضرات التجميل وماركات الملابس والأحذية وسلاسل المطاعم والمقاهي ومحلات السوبر ماركت الشهيرة، إضافة إلى قوائم بمنتجات محلية بديلة، على تطبيقات الهواتف المحمولة.
ورغم أهمية تلك «المقاطعة» الشعبية، التي تُعتبر في حدِّها الأدنى أحد أهم أشكال التضامن الإنساني، كـ«أضعف الإيمان»، إلا أن ذلك الأمر ربما يكون «مِنحة» إيجابية، يستفيد منها المستثمر المحلي، فقط إذا طوَّر منتجاته وخدماته وخَفَّض هامش ربحه لاكتساب ثقة المستهلك، بدلًا من استغلال الفرصة لرفع الأسعار ومحاولة احتكار السوق.
لذلك نعتقد أن «المقاطعة» يمكنها أن تدعم وتشجع منتجات محلية، إذا كانت تلك المنتجات منافِسة ولها نفس الجودة، ما سيؤدي بالضرورة إلى نموها.. لكن في المقابل يجب الإقرار بأن «المقاطعة» كشفت عيوب بعض منتجاتنا الوطنية، وأظهرت غياب البدائل بشكل صادم.
إذن، بعد نجاح استخدام «سلاح المقاطعة» ـ كأقل شيء يمكن تقديمه لدعم القضية الفلسطينية ـ يبدو شعار «الاستغناء هو الحل» ليس حلًّا ناجعًا، إذا لم يكن مرتبطًا بتغيير «فقه الأولويات»، بالتركيز على الإنتاج الزراعي والصناعي، وتعزيز البحث العلمي والتكنولوجي، للتحرر من سطوة الدول الكبرى، وهيمنة الشركات العابرة للقارَّات، التي تلعب دورًا قذرًا، يكشف حقيقة أنها ليست سوى أدوات في ترسانة نظام رأسمالي لا يعبأ إلا بالهيمنة على الشعوب ومقدّراتها وتحويل أفرادها إلى كائنات مُسْتَهْلِكة ومُسْتَعْبَدة.
فصل الخطاب: يقول الإمام عليّ: «الاستغناء عن العذر أعزّ من الصدق به».[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سلاح المقاطعة محمود زاهر فقه الأولويات الهدنة حماس الدعم الامريكي لاسرائيل
إقرأ أيضاً:
وزير الصناعة: عرضنا 135 فرصة استثمارية ونتطلع لشراكات استراتيجية محلية ودولية
الاقتصاد نيوز - بغداد
أكد وزير الصناعة والمعادن، خالد بتال النجم، الثلاثاء، أن قطاع الصناعة العراقي بحاجة إلى شراكات استراتيجية مع المستثمرين المحليين والدوليين وهو ما نتطلع إليه، مشيرًا إلى أنه تم عرض 135 فرصة استثمارية خلال ثلاثة مؤتمرات.
وقال وزير الصناعة في تصريح اوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إن "في ظل نقص الإمكانيات المالية والتحديات التي نواجهها، نعتقد أن الحل الأفضل لتنشيط الصناعة الوطنية هو اللجوء إلى الاستثمار في القطاع الخاص، وهذا ليس مجرد حديث، بل قد تجسد عملياً من خلال تنظيم ثلاثة مؤتمرات استثمارية".
وأضاف، أن "المؤتمر الأول عقد في شهر آيار، والثاني في شهر كانون الأول في البصرة، والثالث قبل نحو شهر، و من خلال هذه المؤتمرات، عرضنا 135 فرصة استثمارية، ونحن على قناعة تامة بأنه لا يمكن إيجاد حل آخر سوى الاستثمار، هذا واقع قائم، وليس مجرد رغبة في التوجه نحو القطاع الخاص".
وتابع الوزير، أن "وضع الشركات المحلية معروف، وكذلك وضع الموازنة المالية، لذلك، إذا أردنا تحقيق التقدم والنهوض بالصناعة الوطنية فيجب البحث عن شراكات استراتيجية محلية ودولية مع مستثمرين محليين أو أجانب لتحفيز عجلة الإنتاج الصناعي ومواكبة التطور في مختلف القطاعات الصناعية، سواء على المستوى الاستراتيجي أو التفصيلي".