بوابة الوفد:
2024-11-15@13:48:23 GMT

عودة الطنطورية

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

فى روايتها الرائعة «الطنطورية» والتى صدرت عام 2010 للأديبة والأستاذة رضوى عاشور رصدت الكاتبة ملحمة ذاتية لامرأة فلسطينية من «الطنطورة بفلسطين» ورحلتها من النكبة الأولى عام 1948 إلى مخيمات صيدا بلبنان إلى حرب بيروت 1982 وخروجها إلى الإمارات مع ابنها صادق المهندس رجل الأعمال ثم إلى الإسكندرية مع ابنتها مريم لدراسة الطب عروجًا إلى بيروت مرة أخرى، وقد تجاوزت السبعين، وخلال تلك الرحلة والكفاح تحكى عن القضية الفلسطينية ومعاناة جيل كامل للتهجير والاحتلال والرفض والقهر والموت والشتات، فأبنائها أحدهم فى الإمارات والثانى حسن فى أوروبا غير قادر على دخول الأراضى الفلسطينية والثالث عابد مجاهد ومحام فى أحد المخيمات والأخيرة مريم تدرس فى فرنسا للحصول على دكتوراه الطب وهى امرأة مسنة وحيدة فى لبنان ومع هذا مازالت تحمل مفتاح دارهم فى الطنطورة والذى تعلقه فى رقبتها بسلسلة فضية وحبل أعطته إياها أمها قبل أن تموت فى المخيم وأوصتها أن تحتفظ به لحين عودتهم جميعًا إلى ديارهم فى فلسطين! وتنتهى الحكاية بأن تمنح رقية المفتاح إلى حفيدتها الصغيرة وتعلقه فى جيدها الصغير عبر الأسلاك الشائكة التى تفصل الأراضى اللبنانية عن فلسطين المحتلة حين زيارة الأهل والأقارب تحت تهديد السلاح الإسرائيلى المحتل.

.

تلك الملحمة الروائية هى دفتر حال آلاف من الأسر الفلسطينية الذين كانت نكبتهم مستمرة وحاضرة تحت مرأى ومسمع العالم الغربى والعربى بل إنهم فى أحيان كثيرة اتهموا بالخديعة والخيانة والعنف غير المبرر وإنهم سبب خراب تلك الدول التى آوتهم فى مخيمات.. مثلما حدث فى لبنان والأردن وتونس... وبعد 75 عامًا عادت «الطنطورة» لتصبح «غزة» ونكبة جديدة فى أكتوبر 2023م وتهجير ونزوح ودمار حوالى ٢٠ ألف قتيل، 8000 طفل شهيد و3000 من النساء وأنقاض وركام وأكثر من نصف مليون وحدة سكنية مدمرة فى غزة و80% من المستشفيات والقطاع الطبى وموانئ غزة ودير البلح وقوارب الصيادين البسطاء ومراكب التجار ومحلات ومحطات كهرباء وتحلية المياه والاتصالات، نعم نكبة مادية وبشرية هى الأكبر والأعنف فى القرن الحالى فى 50 يومًا ضربت قوات الكيان المحتل بمعاونة الشيطان الأكبر وبعض من حلفائه الغربيين ضربوا بالقنابل المحرمة والطائرات المسيرة شعبًا أعزل لا يملك سفنًا حربية ولا أساطيل ولا طائرات ولا مركبات مدججة ولا أجهزة للاستخبارات، ضربوا هذا الشعب بالقنابل الفسفورية دون رحمة ولا هوادة وقطعوا عنه الماء والهواء والعلاج.. ضربوا الأطفال والنساء والعمائر والأطباء والصحفيين والمرضى فى المستشفيات والرضع والخدع، حرقوا الزرع والشجر وحرقوا الأرض.. فاتورة لا يتحملها بشر ولا حجر نكبة للإنسانية وخزى وعار على البشرية، ومع هذا فقد انتصرت القضية.. تغير الرأى العام العالمى وخرجت الشعوب ترفض سياسة حكامها وتلعن العنصرية والإرهاب والإبادة والمجزرة التى مارسها الكيان ضد الشعب الفلسطينى.. جيل جديد يرى كذب وخداع ونفاق الإعلام الإسرائيلى ومن يواليه، تلك السردية الكاذبة الخادعة من مظلومية السامية.. جيل جديد يؤكد أحقية الشعب الفلسطينى فى الحرية وفى دولة مستقلة وفى غروب شمس المحتل.. جيل يبحث عن منظمات دولية أكثر فاعلية جيل يقاضى العدو الإرهابى ويفرق بين المقاومة والإرهاب.. حكام غربيون لديهم الشجاعة للوقوف مع الحق وحكام عرب يستعيدون قوتهم ومكانتهم لنصرة أهلهم وإعادة الحق لأصحابه... إنها عودة الطنطوره ولفلسطين بإذن الله.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السلاح الإسرائيلي الأسر الفلسطينية الشعب الفلسطيني

إقرأ أيضاً:

رحيل جارح

اهتم بقضايا الوطن ولم يغفل المهمشينتلك هى المرأة التى أدهشتهمُنعت بعض قصائده فى الستينيات ونشرت بعد الانفتاحلم يكتب سيرته كاملة واكتفى بشعره

 

وكأنى ما عشت حياتى

لقد حلقت فوقها

كما يحوم طائر فوق غابة تحترق

وها هو المساء يوشك!

هكذا تطرق كلماته آذاننا وكأنها إنذار بقرب الرحيل، ليأتى غياب جسده المفاجئ والصادم مدويا، ثقيلا، جارحا.. 

صحونا ذات صباح جريح على خبر رحيل الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة، عن عمر يناهز 87 عاما، ليلحق بكل الكبار الذين غادرونا بعد أن ملأوا قلوبنا إبداعا وسحرا.

ويعد «أبوسنة» من أبرز شعراء جيل الستينيات، وأحد أهم رواد المدرسة الحداثية فى الشعر، تعبر قصائده عن مشكلات الواقع الذاتى والموضوعى ومصدر هذا الشعور الدائم بالقلق والوجع والبحث عن الخلاص، القصيدة لديه متحررة من مكان يأسر وزمان يفيض.

*بروفايل

ولد الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة عام 1937 فى قرية «الودى» التابعة لمركز الصف بالجيزة، وتخرج فى كلية الدراسات العربية عام 1964، وعُين محررًا فى الهيئة العامة للاستعلامات، ثم مشرفًا على البرامج الإذاعية والنقدية بإذاعة القاهرة، وتدرج فى وظائفه إلى أن صار مديرا لإذاعة البرنامج الثقافى، قبل الإحالة إلى المعاش.

من دواوينه: «قلبى وغازلة الثوب الأزرق»، «حديقة الشتاء»، «الصراخ فى الآبار القديمة»، «أجراس المساء»، «تأملات فى المدن الحجرية»، «البحر موعدنا»، «مرايا النهار البعيدة»، «رماد الأسئلة الخضراء»، «رقصات نيلية»، «شجر الكلام»، «أغانى الماء»، ومسرحيتا «حصار القلعة» و«حمزة العرب». وعشر دراسات نقدية.

حصل «أبوسنة» على عدة جوائز منها: جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1984، وجائزة كفافيس 1990، وجائزة الدولة للتفوق عام 2001.

تمنى «أبوسنة» فى حداثة سنه أن يكون سكرتيرا عاما للأمم المتحدة بسبب إعجابه الشديد بـ«داج همرشولد» أمين عام الأمم المتحدة الذى تولى المسئولية فى خمسينيات القرن الماضى، قدم أبو سنة عددا من البرامج الإذاعية مثل ألوان من الشعر وبرنامج مع النقاد وبرنامج قصيدة وشاعر وبرنامج حدائق الأوراق.

* الطرقة الأولى للشعر

عن أول ما سكن أذنيه وقلبه من شعر، قال أبوسنة فى حوار صحفى سابق له، هو بيتان للمدرس الأوليّ، كان يُدرس له فى مدرسة «الودى»، وقد هجاه لأنه كان طفلًا مشاغبًا.

*المرأة التى أدهشته

مثلت المرأة لدى أبوسنة مساحة واضحة فى تجربته الشعرية، خاصة فى ديوانه الأول «قلبى وغازلة الثوب الأزرق»، قصيدة: «لا تسألى»، وقد عبر أبوسنة عن افتتانه بالمرأة الريفية فى بداية حياته، فكانت هذه المرأة تُلهمه من خلال صورةٍ لها علاقة بالخيال أكثر مما لها علاقة بالواقع، وربما أثرت وفاة والدته وهو فى سن السابعة فى اهتمامه بالمرأة،

فكانت تجربته العاطفية متأثرةً بهذا الوجع الذى أصابه فى الطفولة، ففتن بالمرأة التى تتصف بالحنان والقدرة على الاحتواء والسمو.

واستوقفه الشعر العذرى لـ«جميل بن معمر»، مجنون ليلى قيس بن الملوح، كثير بن عبدالرحمن (كثير عزة)، كما فتن بشعر عمر بن أبى ربيعة، واعتبره أكثر جرأة وعصرية من سابقيه.

* نازك الملائكة مفجرة تجربته الحداثية:

دائما ما كان يؤكد تأثير نازك الملائكة فى تجربته، وأنها هى التى ألهمته الكتابة بهذا الشكل الجديد فى القصيدة الحديثة، فقد طالع ديوانها الذى صدر فى نهاية الخمسينيات والذى حمل عنوان: «قرارة الموجة»، فكان ذلك النوع من الشعر مدخله إلى مدرسة الشعر الحديث.

** القصيدة السياسية وعلاقته بناصر

يتجلى اعجاب أبوسنة بـ«عبدالناصر»؛ فقد نشأت وتشكلت ثقافته ووجدانه فى إطار الرؤية القومية الوحدوية الإنسانية.

واتسمت قصائده خاصة تلك التى كتبها فى بداية الستينيات بمحاورة فكرة الحرب والسلام والتحولات الاجتماعية الكبرى والوجود الاجتماعى، ربما وصفها هو بـ«القصائد الوطنية القومية الإنسانية».

وهناك تفجرات فى تجربته الشعرية مثل ديوانه «تأملات فى المدن الحجرية»، هذه التفجرّات تلامس الواقع والأحداث سواء كانت حربًا أو سلامًا، وتلامس ملامح لشخصياتٍ كانت تعيش فى هذه المرحلة مثل الرئيس جمال عبدالناصر، وتلك قصيدته عن «السد العالى»، امتزج فيها البعد التاريخى والواقعى والإنسانى والوطنى والقومى، وعلى الرغم من أنها قصيدة قصيرة إلا أنها تجمع كل هذه الخيوط لتقدم رؤيةً للإرادة المصرية التى كانت وراء بناء هذا المشروع العملاق، أيضًا هناك قصيدة «أغنية لعبدالناصر» فى ديوان «حديقة الشتاء»، وكذلك قصيدة بعد وفاته، لكن ملامح جمال عبدالناصر تشيع فى عدد من القصائد فى تلك المرحلة. 

* المهمشون فى شعره

ورغم اهتمامه بالقضايا الكبرى، إلا أنه كان مهموما بالمهمشين، فكتب قصيدته الشهيرة «غريب من قِنا « 1960 عن عامل بناء مجهول، واحد من هؤلاء الفقراء المهمشين الجياع، الذين يبنون المدن ويسكنون القبور…

وتسأل سيدة فى الطريق/ ومن ذا القتيل؟

ويهمس صوت جليل/ (غريب أتى من قنا)

ويعمل بين رجال البناء/ هوت رِجله ثم زلت وحم القضاء.

 * قصائد ممنوعة ونشرت فى عهد السادات

فى حوار صحفى سابق له مع جريدة الاهرام أكد أبوسنة أن هناك قصائد لم يستطع نشرها فى الستينيات، وهى قصائد موجودة فى ديوانه «حديقة الشتاء»، وفى مرحلة الرئيس محمد أنور السادات، تم نشرها فى ديوانه «تأملات فى المدن الحجرية»، وهو ديوان كان فى غاية الأهمية والخطورة، مؤكدا أنه لم يتصور أن ينشر، ولكنه نُشر عن الهيئة العامة للكتاب.

* النقد فى كتاباته:

ساهم فى رصد تراث شعراء الستينيات والكتابة عن هذا الجيل فى كتابه «آفاق شعرية» الذى تحدث فيه عن الموجات المختلفة لـ«جيل الستينيات»، كما يعد أول من التفت إلى شعراء السبعينيات، وقدمهم من خلال مجلة «الكاتب» التى كان يرأس تحريرها الشاعر صلاح عبدالصبور، وكذلك كتب عنهم فى كتابه: «دراسات فى الشعر العربى».

ولم تقف كتاباته النقدية عند الشعراء والكتاب المصريين، بل امتد بصره لآخر التخوم العربية فى الشعر، فراح يعدد الشعراء والكتاب العرب فى تجاربه النقدية، مثيرا العديد من القضايا الأدبية المهمة التى كانت تجلب عليه غبار المعارك العربية خاصة من جيل السبعينيات.

** سيرة ذاتية لم تكتمل

لم يمِل لكتابة سيرته كاملة، ربما لمحنا بعضا منها فى كتابه: «أصوات وأصداء»، وكذلك فى مقدمة ديوانه «تعالى إلى نزهة الربيع»، وأيضًا فى مجلة «فصول».

هكذا يرحل عنقود العظماء حبة وراء حبة، ليخلفوا لنا وجعا لا يهدأ، وشعورا بالمسئولية يتعاظم تجاه إبداعهم، وربما كل ما نملك أن نطالب بإعادة نشر أعمال الراحل محمد إبراهيم أبوسنة، بعد أن نفدت كل الطبعات من منافذ الهيئة، حتى يظل إبداعه وارفًا فى صحراء حياتنا.

مقالات مشابهة

  • عودة الحياة الأدبية إلى ساحل حضرموت بعد توقف طويل
  • رحيل جارح
  • عودة سوبر دونالد
  • عودة الي تغيير العملة !
  • ‎سرّ فشل عودة راموس لريال مدريد
  • وزبر في قمة الرياض
  • «الدولة الفلسطينية» فى مهب الريح!
  • أحمد علام يتحدث عن عودة سلمان الفرج وغياب سالم الدوسري
  • الكشف عن موعد عودة بن ناصر إلى الميادين
  • الحل فى الصندوق «١»