بوابة الوفد:
2025-01-16@21:52:53 GMT

عودة الطنطورية

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

فى روايتها الرائعة «الطنطورية» والتى صدرت عام 2010 للأديبة والأستاذة رضوى عاشور رصدت الكاتبة ملحمة ذاتية لامرأة فلسطينية من «الطنطورة بفلسطين» ورحلتها من النكبة الأولى عام 1948 إلى مخيمات صيدا بلبنان إلى حرب بيروت 1982 وخروجها إلى الإمارات مع ابنها صادق المهندس رجل الأعمال ثم إلى الإسكندرية مع ابنتها مريم لدراسة الطب عروجًا إلى بيروت مرة أخرى، وقد تجاوزت السبعين، وخلال تلك الرحلة والكفاح تحكى عن القضية الفلسطينية ومعاناة جيل كامل للتهجير والاحتلال والرفض والقهر والموت والشتات، فأبنائها أحدهم فى الإمارات والثانى حسن فى أوروبا غير قادر على دخول الأراضى الفلسطينية والثالث عابد مجاهد ومحام فى أحد المخيمات والأخيرة مريم تدرس فى فرنسا للحصول على دكتوراه الطب وهى امرأة مسنة وحيدة فى لبنان ومع هذا مازالت تحمل مفتاح دارهم فى الطنطورة والذى تعلقه فى رقبتها بسلسلة فضية وحبل أعطته إياها أمها قبل أن تموت فى المخيم وأوصتها أن تحتفظ به لحين عودتهم جميعًا إلى ديارهم فى فلسطين! وتنتهى الحكاية بأن تمنح رقية المفتاح إلى حفيدتها الصغيرة وتعلقه فى جيدها الصغير عبر الأسلاك الشائكة التى تفصل الأراضى اللبنانية عن فلسطين المحتلة حين زيارة الأهل والأقارب تحت تهديد السلاح الإسرائيلى المحتل.

.

تلك الملحمة الروائية هى دفتر حال آلاف من الأسر الفلسطينية الذين كانت نكبتهم مستمرة وحاضرة تحت مرأى ومسمع العالم الغربى والعربى بل إنهم فى أحيان كثيرة اتهموا بالخديعة والخيانة والعنف غير المبرر وإنهم سبب خراب تلك الدول التى آوتهم فى مخيمات.. مثلما حدث فى لبنان والأردن وتونس... وبعد 75 عامًا عادت «الطنطورة» لتصبح «غزة» ونكبة جديدة فى أكتوبر 2023م وتهجير ونزوح ودمار حوالى ٢٠ ألف قتيل، 8000 طفل شهيد و3000 من النساء وأنقاض وركام وأكثر من نصف مليون وحدة سكنية مدمرة فى غزة و80% من المستشفيات والقطاع الطبى وموانئ غزة ودير البلح وقوارب الصيادين البسطاء ومراكب التجار ومحلات ومحطات كهرباء وتحلية المياه والاتصالات، نعم نكبة مادية وبشرية هى الأكبر والأعنف فى القرن الحالى فى 50 يومًا ضربت قوات الكيان المحتل بمعاونة الشيطان الأكبر وبعض من حلفائه الغربيين ضربوا بالقنابل المحرمة والطائرات المسيرة شعبًا أعزل لا يملك سفنًا حربية ولا أساطيل ولا طائرات ولا مركبات مدججة ولا أجهزة للاستخبارات، ضربوا هذا الشعب بالقنابل الفسفورية دون رحمة ولا هوادة وقطعوا عنه الماء والهواء والعلاج.. ضربوا الأطفال والنساء والعمائر والأطباء والصحفيين والمرضى فى المستشفيات والرضع والخدع، حرقوا الزرع والشجر وحرقوا الأرض.. فاتورة لا يتحملها بشر ولا حجر نكبة للإنسانية وخزى وعار على البشرية، ومع هذا فقد انتصرت القضية.. تغير الرأى العام العالمى وخرجت الشعوب ترفض سياسة حكامها وتلعن العنصرية والإرهاب والإبادة والمجزرة التى مارسها الكيان ضد الشعب الفلسطينى.. جيل جديد يرى كذب وخداع ونفاق الإعلام الإسرائيلى ومن يواليه، تلك السردية الكاذبة الخادعة من مظلومية السامية.. جيل جديد يؤكد أحقية الشعب الفلسطينى فى الحرية وفى دولة مستقلة وفى غروب شمس المحتل.. جيل يبحث عن منظمات دولية أكثر فاعلية جيل يقاضى العدو الإرهابى ويفرق بين المقاومة والإرهاب.. حكام غربيون لديهم الشجاعة للوقوف مع الحق وحكام عرب يستعيدون قوتهم ومكانتهم لنصرة أهلهم وإعادة الحق لأصحابه... إنها عودة الطنطوره ولفلسطين بإذن الله.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السلاح الإسرائيلي الأسر الفلسطينية الشعب الفلسطيني

إقرأ أيضاً:

الأمن القومى.. وضريبة الاستقرار

ضريبة كبيرة دفعتها وما زالت تدفعها الدولة المصرية من أجل ترسيخ الاستقرار على أرضها وفى مجتمعها، والاستمرار فى خططها التنموية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية، برغم كل التحديات والضغوط الهائلة فى محيطها الإقليمى، الذى بات يشكل قنابل موقوتة على شتى الاتجاهات من الحدود المباشرة لمصر، ولا تقف هذه المخاطر على تهديد الأمن القومى لمصر فحسب، وإنما تمتد لتهديد الاستقرار المجتمعى المصرى الذى يتعرض لحملات ممنهجة من تيارات الإسلام السياسى فى حملات متكررة وبائسة لإعادة انتاج دورات جديدة من الفوضى وعودة الإرهاب إلى المجتمع المصرى على غرار ما حدث فى 28 فبراير عام 2011 وما بعدها وتسبب فى ضرب الدولة المصرية فى مقتل على شتى المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية بعد أن تعرض الاقتصاد للشلل، وخسرت مصر مئات المليارات من الدولارات وانتشرت الفوضى والإرهاب، وتعرض الأمن القومى لأكثر من تهديد، ولم يكن قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة إلا نتيجة لانشغال مصر بوضعها الداخلى والحفاظ على الدولة من السقوط إلى مستنقع الصراع والاقتتال الداخلى على غرار ما يحدث فى كل الدول المحيطة.

لا شك أن هناك نشاطاً واضحاً لتيار الاسلام السياسى منذ عدة أسابيع على وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا وبعض الفضائيات الممولة خارجيًا، تستهدف المجتمع المصرى، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التى شهدتها سوريا، ومنحت بعض الإرهابيين الفرصة للظهور الإعلامى، مثل الإرهابى المصرى أحمد المنصور الذى ينتمى إلى جبهة النصرة وغيره من المنتمين للجماعات الإرهابية الذين خرجوا ببعض التصريحات التحريضية ضد مصر وتلقفتها اللجان الإلكترونية للجماعة الإرهابية التى تجيد لعبة بث سمومها إلى الشرائح البسيطة.. إلا أن المفاجأة جاءت على عكس ما توقعته الجماعة الإرهابية، بعد أن استفزت هذه التصريحات مشاعر عامة المصريين ليس فقط لوعى المصريين بكل ما يحاك للدولة المصرية ولكن أيضًا لأسباب بسيطة وموضوعية، وهى أن فترة حكم الجماعة الإرهابية كان قبل سنوات قليلة وعايشها المصريون بكل مرارتها على شتى المستويات من فوضى وإرهاب وغياب أمن واستقرار، وانعدام الخدمات واختفاء السلع وطوابير ممتدة على المخابز ومحطات الوقود وغيرها من مشاهد العار، ولا مجال لمقارنتها بالنهضة والتطور التى تشهده مصر، ولا حتى بأى فترة أخرى مرت بها مصر.. الأمر الآخر الذى يعيه المصريون جيدًا، أن كل الدول التى تسيطر عليها هذه الجماعات تعيش تحت وطأة سلاح هذه الميليشيات، وطلب المساعدات الإنسانية لشعوبها، ولا تملك حتى الدفاع عن ترابها الوطنى.

مؤكد أن مصر قد حققت خلال العشر سنوات الماضية ما يشبه الإعجاز، عندما عملت فى مسارات متعددة ومتوازية فى آن واحد، وهى مواجهة ودحر الإرهاب وإعادة وترسيخ الأمن والاستقرار فى كل ربوع مصر، وفى ذات الوقت كان الانطلاق نحو التنمية والحداثة والتطور من خلال مشروعات عملاقة على شتى المستويات الخدمية والاقتصادية لم تشهدها مصر منذ عقود طويلة، وأدت إلى مضاعفة المساحة المستغلة من أرض مصر التى كانت تشكل حوالى 8٪ ووصلت إلى 15٪ الآن، كما انطلقت مصر إلى العالم الخارجى واستطاعت بدبلوماسيتها العريقة أن تحتل مكانتها من جديد فى القارة الإفريقية، والانضمام إلى مجموعة بريكس الواعدة، وتوقيع اتفاق العلاقات الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى فى خطوة تشكل نقلة غير مسبوقة وتحقق عوائد اقتصادية وسياسية هامة، إضافة إلى استعادة وترسيخ العلاقات مع عشرات الدول والقوى الكبرى فى العالم.. ثم حققت مصر نقلة نوعية جديدة فى نظرية فرض التوازن الاستراتيجى بالمنطقة وحماية أمنها القومى من خارج حدودها وذلك من خلال امتلاكها لأحدث وسائل الردع بعد تنويع وتحديث مصادر السلاح لقواتها المسلحة لتصبح أكبر قوة فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وتدعم القرار المصرى فى حماية أمنه القومى على حدود غزة وفى ليبيا والسودان والقرن الإفريقى.

حفظ الله مصر

مقالات مشابهة

  • الملكية الأردنية تُعلن عودة رحلاتها الأسبوعية إلى دمشق دون توقف
  • بعد إعلان وقف إطلاق النار.. عودة تدريجية للحياة في قطاع غزة
  • البديوي: أتمنى أن يسهم وقف إطلاق النار في عودة الأمن إلى غزة
  • النصر يحدد موعد عودة الثنائي للتدريبات
  • الأمن القومى.. وضريبة الاستقرار
  • مستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية مع عودة ترامب
  • عودة الكتاتيب والإعلام العجيب
  • عودة بريك بلك الشرق الأوسط إلى دبي مع توقع زخم غير مسبوق
  • تفاصيل عودة فتاة أسيوط المتغيبة إلى أسرتها
  • موقف نجولو كانتي من مباراة الرائد