لعل من أكثر المواضيع التي يتم بحثها في الآثار المصرية القديمة هو موضوع خروج بنى إسرائيل من مصر وقد نشرت بالفعل آلاف الأبحاث والمؤلفات حول تاريخ خروج بنى إسرائيل من مصر والطريق الذي سلكه موسى عليه السلام وقومه هربًا من فرعون مصر والمدة الزمنية التي استغرقها هذا الخروج بل وتدور المناقشات حول من هو فرعون الخروج.

وفى حديثنا من قبل أشرنا إلى أنه لايزال من غير الممكن أثريًا معرفة من هو فرعون الخروج وإن كانت معظم الآراء تشير (دون أى دليل علمى) إلى أنه رمسيس ثالث ملوك الأسرة التاسعة عشرة من الدولة الحديثة بل هو أشهر ملوك الفراعنة، ولعل شهرته هذه هي التي جعلته الفرعون المفضل لدى علماء اليهود وصناع السينما بهوليوود باعتباره هو الفرعون الذي حارب موسى وقومه فى مصر على الرغم من عدم وجود أى أدلة أثرية تؤيد هذا الظن.

وأعتقد أن موضوع الخروج سيظل لغزًا وسيستمر البحث فيه عشرات بل ومئات السنين وذلك لأنه وحتى الآن لا توجد كما قلنا أدلة أثرية تعطى معلومات عن الخروج على الرغم من أن الكتب السماوية تجمع على وجود بني إسرائيل فى أرض ما "ربما" سيناء" يجوبونها تائهين عن الأرض التي أمرهم المولى عز وجل دخولها والعيش بها، وقد قامت إسرائيل خلال فترة احتلالها لسيناء بتكليف بعثات أثرية يهودية بعمل الحفائر فى سيناء بحثًا عن أي أدلة على وجود بنى إسرائيل بها أو أى دليل على سلوكهم طريق معین أثناء خروجهم من مصر وعلى الرغم من ذلك لم تكتشف هذه البعثات أى دليل يشير إلى الخروج وكان من أكثرها عملًا في سيناء أثناء فترة الاحتلال بعثة اليعازر أورين والذى نشر أعمال حفائره واكتشافاته فى سيناء وكلها لم تخرج بأى دليل يشير إلى خروج بنى إسرائيل من مصر بل على العكس تمامًا قام بالكشف عن جزء من الطريق الفرعوني الشهير المعروف بـ"طريق حورس الحربى"، وهو الطريق الذي سلكته الجيوش المصرية فى مختلف العصور القديمة لإحلال الأمن بين الدويلات المتصارعة في الشرق الأدنى القديم بمنطقة فلسطين ولبنان وسوريا وكذلك سلكت البعثات المصرية هذا الطريق كطريق تجارى لتبادل التجارة بين مصر والشرق الأدنى القديم وأصبح بالتالى معبرًا ثقافيًا يربط بين حضارات مختلفة حضارة الجنوب ونتاجها الثقافى والذى نقله المصريون إلى أسيا عبر هذا الطريق إضافة إلى طريق آخر بحرى مواز له ينتهى عند موانئ لبنان القديمة كميناء جبيل. وهو نفس الطريق الذى سلكه الإسكندر الأكبر وجيوشه لفتح آسيا الصغرى واستمر معبرًا لجيوش الرومان حتى الفتح الإسلامى لمصر عندما سلكه عمرو بن العاص وجيشه لفتح مصر وسار على دربه جيش نابليون بونابرت، وعلى امتداد هذا الطريق أقام الفراعنة خلال العصور الفرعونية عددًا من القلاع لاستقبال وإقامة الوفود والجيوش المصرية عبر رحلتها من وإلى مصر خاصة خلال عصر الدولة الحديثة عندما تحولت إلى مصر إلى إمبراطورية عظمية تحكم الشرقي الأدني القديم كله، وتم تجديد هذه القلاع والإضافة إليها خلال العصر الروماني. ولكن أهم دليل لدينا لوجود بني اسرائيل في مصر هو لوحة النصر أو لوحة بني إسرائيل والتي تعود إلي عصر الملك مرنبتاح ابن الملك رمسيس الثاني وفيها "رعجد" شاعر الملك ويقول في النهاية إن "شعب إسرائيل انتهت بذرتهم فى مصر" ونحن نعرف أن الشاعر رعجد كان دائمًا بجانب الملك وكان مرنبتاح ملكًا في ذلك الوقت ونعرف أن فرعون موسي قد غرق.. لذلك فمن المؤكد أن فرعون الخروج هو ملك قبل مرنبتاح ولكن ليس لدينا أدلة علي معرفة هذا الاسم.

زاهي حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يكتب عن حكاية خروج اليهود من مصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور زاهي حواس يهود مصر شعب إسرائيل الآثار المصرية القديمة بنى إسرائیل من مصر

إقرأ أيضاً:

د. أحمد محسن قاسم يكتب: قانون اللاجئين خطوة في مسار التنمية البشرية والاقتصادية

في تشكيل حكومة الدكتور مصطفي مدبولي الثانية تبنت الدولة مفهومًا جديدًا على سياسات التعامل مع القضية او الأزمة السكانية وهو إعادة النظر في الثروة الشرية وتحولها من النظرة السلبية باعتبارها عبئا إلى إعتبارها فرصة ومورد يستدعي التنمية من خلال تبني مفهوم التنمية البشرية و تعيين نائباً لمجلس الوزراء لإدارة ذلك الملف أسوة بالدول كثيفة السكان.

ويأتي  قانون تنظيم شئون اللاجئين معبرًا عن إستراتيجية الدولة في التنمية البشرية و ذلك بإدخال هؤلاء الأخوة و الضيوف في النظام الرسمي للدولة ، ليكون ذلك الإدخال و الدمج تحويل وجودهم من عبء الي فرص للتنمية الاقتصادية فضلاً عن التأكيد علي ثقل مصر الإقليمي في ملف اللاجئين ، و ما يستدعيه ذلك من تلقي الدعم من المؤسسات الدولية و الإتحاد الأوروبي . 

ويجيء توقيت مناقشة القانون متزامنًا مع تحركات محلية طاردة للاجئين العرب داخل الدولة تــــــركـــــــيا التي جلبت إستثمارات بلغت في بعض التقديرات 10 مليارات دولار من اللاجئين السوريين فقط منذ عام 2011 حتى الآن. 

وبمطالعة توجهات القانون من حيث تيسيره للإندماج داخل المجتمع للاجئين انه قد أتاح الإلتحاق بالتعليم و في الرعاية الصحية و تأسيس الشركات او الإنضمام للشركات القائمة أسوة بالمواطنين المصريين . 
ولما كان ذلك التقنين من شأنه أن يساهم في الدفع بمعدلات التنمية الاقتصادية و زيادة الدخل المصري من العملة الصعبة سواء من رسوم التقنين او من حصيلة الإستثمارات المباشرة بالقطاعات المختلفة و من تحويلات مواطن اللاجئين من الخارج الي داخل مصر او من خلال المؤهلين تعليمياً او الموهوبين الذين يعملون بأعمال و مجالات التعهيد التي تدر للداخل المصري تحويلات بالعملات الأجنبية ، فضلا عن الدفع بمعدلات ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة . 
لذلك نأمل ان يخرج القانون متدرجاً في الشروط و القيود لتقنين أوضاع اللاجئين في مصر علي حسب تصنيفات و المؤهلات العلمية و الخبرات المهنية و التجارية و الإستثمارية لهم . 
وعلي صعيد آخر يجب أن يضع القانون حوافز مُتمثلة في تحقيق شروط التقنين في خالة شراء عقارات في المُجتمعات العمرانية الجديدة أو المجتمعات الزراعية  أو الصناعية لتسريع  عجلة الإمتداد العمراني في تلك المناطق. 

وأما بالنسبة للجانب الفكري والثقافي للمصريين ، فيجب ان تقوم هيئة شئون اللاجئين التي سينشئها القانون ان يكون من ضمن اختصاصتها العمل على دمج اللاجئين في النسيج المصري من خلال التوعية والتثقيف خصوصا الديني سواء من خلال وزارة الأوقاف او الكنيسة المصرية .
 

أما بالنسبة لمعالجة الجوانب السلبية لمسألة اللاجئين مثل المشكلات الأمنية الداخلية او المرتبطة بمسائل الامن القومي، فنرى انه يجب ان يتضمن القانون حظرا على الإقامة بالمناطق الحدودية على سبيل المثال، وتغليظ العقوبات على إقامة تنظيمات السياسية أو النقابية أو العرقية ، مع استحداث فروعا أمنية يكون من دورها مكافحة أي نشاط تنظيمي سياسي داخلي على أساس الجنسية او العرق. 

وكذلك يجب أن يتضمن القانون على توسيع شروط الترحيل لمن يقوم بأي نشاط إجرامي أو مخل بالأمن الاجتماعي واتخاذ آليات صارمة لضمان حسن التطبيق وعدم إساءة استغلال مزايا هذا القانون، الذي يؤكد على دور مصر التاريخي والرائد في المنطقة العربية والافريقية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: غارات إسرائيل على تدمر "الأكثر فتكاً"
  • بحضور زاهي حواس.. انتهاء أعمال ترميم مقبرة TT 39 بمنطقة الخوخة بالأقصر
  • سورة البقرة.. المرأة في الإسلام بعد سجن الجاهلية وتطرف اليهود
  • التفرقة والوحدة: دروسٌ من توحد اليهود وصراعات الأُمَّــة
  • البلدة التي لم أحدثك عنها.. اغنية جديدة لغسان زقطان
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين
  • يديعوت أحرونوت: دلائل على أن إسرائيل لا تنوي الخروج من غزة
  • زاهي حواس يشارك في حفل مؤسسة مجدي يعقوب بالمتحف المصري الكبير
  • د. أحمد محسن قاسم يكتب: قانون اللاجئين خطوة في مسار التنمية البشرية والاقتصادية
  • كل اليهود لإسرائيل جنود / الجزء الثالث