طائر العنقاء..كيف فاجأ سكان غزة والمقاومة العالم خلال الهدنة؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
كطائر العنقاء صدمت غزة العالم محبا لها وكارها على حد سواء، بعد أن نهضت بين الركام والأنقاض وكأنها طود شامخ لا ينحني، رغم اكتظاظ النائبات، فكانت هي غزة التي يعرفها الجميع وعلى رأسهم أعداؤها، فهي التي تحمل إرث النكبة والمقاومة معا، ليجتمع الإرث ظاهرا في أيام الهدنة حيث صمود السكان المصممين على البقاء الواقفين خلف مقاومتهم.
بعد 50 يوما من القصف التدميري وتوغل جيش الاحتلال في عدة مناطق من غزة، فاجأت كذلك المقاومة الفلسطينية الجميع خلال أيام الهدنة بمحافظتها على قوتها العسكرية وإدارتها لدفة الصراع وتفاصيل الهدنة.
وأسهب جيش الاحتلال طوال أيام الحرب بالإعلان يوميا عن استشهاد العشرات من قادة وعناصر المقاومة وعن تدمير أنفاق ومقار قيادة وبنية تحتية حتى يظن القارئ، أن المقاومة في غزة فقدت زمام المبادرة وباتت نهايتها حتمية.
ويناقض الاحتلال رواياته في ذات الوقت بالحديث عن حرب طويلة الأمد قد تمتد شهورا وربما سنوات نظرا لقتامة الوضع في غزة، ومع انقطاع الاتصالات وأجواء الحرب العنيفة باتت الأسئلة عن الوضع خصوصا في مناطق شمالي القطاع أكثر إلحاحا خصوصا أن جيش الاحتلال توغل هناك وتحدث عن سيطرة كاملة.
وبدت المقاومة الفلسطينية طوال المعركة محافظة على رباطة جأش الخطاب الإعلامي والعمل العسكري على الأرض، وبرز ذلك جليا في أيام الهدنة.
سيطرة لم تتزعزع
مع كل يوم تتم فيه صفقة تبادل للأسرى ترسل المقاومة رسائل بالغة الأهمية يفهمها أولا الاحتلال وداعميه من خلفه، ويطمئن بها الفلسطينيون ومن يناصرهم، فدقة توقيت وصول الأسرى للصليب الأحمر وإتقان القسام لكل تفاصيل العملية فضلا عن المعاملة الحسنة والصحة الجيدة التي ظهر بها الأسرى، كلها رسائل تؤكد أن المقاومة لم تتأثر على الإطلاق بالعدوان رغم شراسته.
وبدا الأمر أكثر وضوحا في اليوم الثاني عندما أخرت القسام تسليم دفعة من الأسرى لديها حتى التزام الاحتلال بالشروط، وهو ما دفع الأخير للرضوخ وتم العملية بسلاسة.
وجاء اليوم الثالث مساء الأحد، حاملا معه جملة رسائل من قلب مدينة غزة، التي أشاع الاحتلال أنها باتت خارج سيطرة حماس، إذ أتمت كتائب القسام، تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى وسط استعراض للقوة لم يكن ليتم بدون جهوزية أمنية وعسكرية عالية.
وبثت قناة الجزيرة صورا ومقاطع مصورة، لكتائب القسام في ساحة فلسطين وسط مدينة غزة، مترافق مع عرض عسكري لم يُعهد في اليومين الماضيين كما ظهر التفاف الغزاويين حول المقاومة بتجمع عفوي للسكان احتفاءا بكتائب القسام آلتي أثبتت قدرتها على سيطرتها على الميدان ومفاجأة الاحتلال.
صور حصرية للجزيرة لتسليم كتائب القسام الدفعة الثالثة من المحتجزين لديها في مدينة غزة#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/sWd6twHF2i — قناة الجزيرة (@AJArabic) November 26, 2023
وأفرجت الكتائب عن الأسرى بعد نقلهم من مناطق شمالي غزة التي توغل بها الاحتلال وزعم أنها باتت خارج سيطرته.
وتمثل ساحة فلسطين التي سلمت بها القسام الدفعة الثالثة من الأسرى، قلب مدينة غزة، التي وصلتها قوات الاحتلال عدة مرات ثم تراجعت نحو شارع الجلاء تحت ضربات المقاومة.
فوارق الهدنة
أبرزت الهدنة تفاوتا كبيرا بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال على عدة صعد، لعل أهمها الذي بدا جليا مصداقية فصائل المقاومة التي أكدت قبل الهدنة بساعات أنها تملك زمام المبادرة وتتحكم بمجريات المعركة، وبين انكشاف مغالطات جيش الاحتلال الذي كان يتحدث عن نجاح عمليته في تقويض قوة حماس داخل غزة المدينة.
كما ظهر خلال الهدنة التفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة رغم القصف والدمار الذي لحق بالقطاع وأعداد الشهداء الكبيرة، وعلى النقيض كانت الأوضاع في "تل أبيب" حيث طافت التظاهرات الشوارع منددة بفشل حكومة نتنياهو ومحملة إياه مسؤولية عدم الإفراج عن الأسرى كما طالبت بإبرام صفقة للإفراج عنهم.
حماس دفعت آلاف الإسرائيليين للخروج في تظاهرات حاشدة وغاضبة من حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تل أبيب ليشكلوا ضغطاً آخر على نتنياهو وفريقه!#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/Q0189LBxXy — نحو الحرية (@hureyaksa) November 26, 2023
شاب يقبّل رأس أحد مجاهدي كتائب القسام أثناء ظهورهم في شوارع مدينة غزة لتسليم الأسرى الصهاينة اليوم ضمن التهدئة الإنسانية وصفقة التبادل pic.twitter.com/bt5HP29hKg — رضوان الأخرس (@rdooan) November 26, 2023
وكان الفارق بين تعامل المقاومة مع أسرى الاحتلال الذين أقروا رغم التعتيم الإعلامي بتلقيهم معاملة حسنة بدت على وجوههم أمام الكاميرات، وبين ممارسات الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين المحررين وذويهم الذي منعهم حتى من الاحتفال هذا فضلا عن الانتهاكات التي ترتكب داخل السجون.
"إحتراف إعلامي رهيب تملكه كتائب القسام"
"القسام تبث مشاهد للحظة الإفراج عن الدفعة الثانية
من الأسرى وتسليمهم للصليب الأحمر الدولي" pic.twitter.com/AnQdLQAoOO — Dr.mehmet canbekli (@Mehmetcanbekli1) November 26, 2023
الاحتلال محبط
يقول المحلل السياسي "الإسرائيلي" ناحوم برنياع، في مقال بصحيفة يديعوت أحرنوت، "إن دراما تأخير إتمام الصفقة يوم السبت، تعطينا ثلاثة دروس، الأول: أن حماس لا تزال قوية في المنطقة والسنوار يتحكّم بها".
وأضاف، "أن الأحاديث عن انهيارها كانت سابقة لأوانها وعبّرت عن أمنية أكثر مما عبّرت عن رؤية واعية للواقع. قوتها تُترجَم إلى قوة مساومة حيال الوسطاء وحيال إسرائيل، وإلى مطالب لا تشمل فقط وسط القطاع وجنوبه، بل والشمال أيضا، ذلك الذي يخضع في معظمه لسيطرة الجيش الإسرائيلي، وفي أيام وقف إطلاق النار تعززت سيطرة حماس في الميدان".
أما الثاني، "أن الاتفاق ليس مغلقا حتى النهاية، ففي الأيام القريبة ستظهر المزيد من فجوات الفهم ومناورات الابتزاز، والتي ستصبح حالات دراماتيكية ممزقة للأعصاب على ظهر المخطوفين".
وأوضح، "المشكلة هي أنه لا توجد هنا فئة وسيطة يكن لها الطرفان ثقة مطلقة أو يأتمران بأمرها، وهذه الرزمة يجب أن يتمّ تغليفها كل يوم من جديد".
وبحسب برنياع، "فإن الدرس الثالث، أن من الصعب جدا على حكومة إسرائيل أن توقف صفقة كهذه بعد أن تعهّدت بها، فمن اللحظة التي تبدأ فيها الصفقة بالتنفيذ؛ تسيطر قوة المشاعر على الخطاب الجماهيري، وكل توقف يفسر كخيبة أمل، إحباط، فشل، كل الأوصاف التي تحذر الحكومات من الوقوع فيها".
وتطابق مقال برنياع مع حديث لمراسل القناة 12 العبرية للشؤون الفلسطينية، الذي أكد أن "من تعجّل في نعي حماس عليه النظر إلى هذا يوم الجمعة ليفهم أن هذا ليس هو الواقع، فبعد 49 يوم من القتال؛ أثبتت الحركة بأنها ما زالت قوية، وأنها ما تزال تسيطر على قطاع غزة".
وتابع، "لقد نجحت القسام في تطبيق وقف إطلاق النار على تلك الخلايا التي اعتقدنا أنها انفصلت عن القيادة، وتم الإفراج عن الأسرى كأي عملية عسكرية، لقد نجحوا في توصيل المختطفين إلى المستشفى في خانيونس".
وقالت القناة: "تمّ الإفراج عن المحتجزين في الوقت المحدّد؛ ما يدلّ على أن حماس تسيطر على حراسهم، وأن هناك اتصالات كاملة بينهم".
وأضافت: "حماس ما زالت قوية على الرغم من العملية الهائلة في القطاع، والحركة تسيطر وتدير الأمور على المستوى القيادي والإداري".
الهدنة "انتصار لحماس"
شكلت حالة الإحباط لدى الاحتلال من عدم تحقيق أي هدف من التي أعلنها قبيل الاجتياح البري لغزة دافعا للرضوخ لشروط المقاومة في الهدنة بالتوازي مع ضغط شعبي جارف يطالب بالإفراج عن الرهائن.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن "الفرحة التي انطلقت في إسرائيل في نهاية هذا الأسبوع بإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين من غزة خلقت معضلة لقادة إسرائيل".
وبينت الصحيفة، "أن أي تمديد للهدنة المؤقتة بين اسرائيل وحماس يسمح بإطلاق سراح المزيد من الرهائن، من شأنه أن يمنح المزيد من الراحة لهؤلاء الإسرائيليين الذين يعتبرون حرية الرهائن الأولوية القصوى لإسرائيل".
وأوضحت، "أن توقف الحرب مدة أطول سيعرض الهدف الأساسي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة للخطر والمتمثل، بتدمير وتفكيك حماس".
وأكدت الصحيفة، "أن الهدنة لفترة أطول من أربعة أيام، ستمكن حماس، من إعادة تنظيم صفوفها، مما يسمح لها بشن عملية دفاع أكثر شراسة عندما تستأنف إسرائيل حملتها العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن ألون بينكاس، المحلل السياسي الإسرائيلي والدبلوماسي السابق، قوله "بأن الحرب بالنسبة للقادة الإسرائيليين تدور حول القضاء على حماس لذا فإن أي شيء أقل من ذلك لا يعد نصرا إذا حافظت حماس على ما تبقى من السلطة السياسية واحتفظت بها، فإنه يمكن لها أن تزعم أنها انتصرت في الحرب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الهدنة الاحتلال الأسرى حماس حماس غزة الأسرى الاحتلال الهدنة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کتائب القسام جیش الاحتلال الإفراج عن من الأسرى مدینة غزة pic twitter com
إقرأ أيضاً:
القاهرة الإخبارية: اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال والمقاومة بجنوب لبنان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال أحمد سنجاب، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من «بيروت»، إن هناك سلسلة من الغارات الجوية العنيفة، التي نفذها طيران جيش الاحتلال الإسرائيلي و خصوصًا في مدينة صور وقضاء صور في الجنوب اللبناني، وتأتي هذه الغارات في إطار الغطاء الجوي الإسرائيلي لمحاولات التقدم برًا في القطاع الغربي، مؤكدًا أن هناك اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال والمقاومة في بلدة الخيام بالجنوب اللبناني.
وأضاف «سنجاب»، خلال رسالة على الهواء، أن هناك سلسلة من الغارات في القطاع الشرقي، لمحاولة توفير غطاء للتقدم برًا به، لافتًا إلى أن أبرز عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي هي محاولات توسيع العملية البرية، وتصدي المقاومة لهذه المحاولات، وخاصة في القطاع الغربي للجنوب اللبناني، وبالنسبة للقطاع الشرقي بات جيش الاحتلال على مشارف نهر الليطاني من ناحية دير ميماس.
وتابع: «حدث هذا بعدما تمكنت قوة من جيش الاحتلال من التوغل برًا، خروجًا من كفركلا والتوجه نحو دير ميماس، وأقام جيش الاحتلال تجمعًا لجنوده وبدباباته في تقاطع دير ميماس، وعزل بلدات قضاء مرجعيون عن بلدة النبطية، بعدما قام بغارات جوية قطعت الطريق، ثم قطع الطريق بدباباته وآلياته».