طهران – قال المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري إن معركة "طوفان الأقصى" أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة تطورات العالم من جديد، في حين كانت إسرائيل تعدّها قضية منسية حتى قبيل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتواصل تطبيع علاقاتها مع الدول الإسلامية.

وأكد أن المعركة الأخيرة فضحت الاحتلال و"إرهابه الرسمي وعمليات الإبادة التي يرتكبها بحق الفلسطينيين".

وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال أنصاري إن المقاومة الفلسطينية أفشلت المخططات الإسرائيلية باجتثاث حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي أرغمتها على القبول باتفاق الهدنة المؤقتة.

وأضاف أن الجانب الإسرائيلي أخفق في تحرير أي من أسراه رغم القصف الجنوني على قطاع غزة وتطبيقه سياسة الأرض المحروقة على مدى أكثر من 40 يوما، إلى جانب تراجعه عن شروطه التي سبق أن وضعها بشأن منع دخول الغذاء والماء والطاقة إلى قطاع غزة وخسارته الهائلة في عُدته وعتاده.


وحدة الشعب الفلسطيني

ورأى النائب السابق لوزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية أن تحرير عدد من أسرى القدس والضفة الغربية في إطار اتفاق الهدنة الجارية مؤشر على وحدة الشعب الفلسطيني وتلاحمه ونضاله المشترك لدحر الاحتلال والاستقلال، مؤكدا أن ذلك يتعارض مع السياسات الإسرائيلية الحثيثة الساعية إلى دق الإسفين بين الضفة وغزة.

واعتبر قبول إسرائيل بالهدنة الإنسانية، أو قبولها خلال المرحلة المقبلة بوقف إطلاق النار قبل تحقيقها الأهداف التي أعلنها قادة الاحتلال، فشلا إستراتيجيا لآلة الحرب الإسرائيلية، وتكريسا لنتائج عملية "طوفان الأقصى" وانتصارا للمقاومة.

ولدى إشارته إلى تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه أصدر تعليماته لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) "بالعمل ضد قادة حماس أينما كانوا"، قال أنصاري إن "المسؤولين الإسرائيليين يتوعدون الفلسطينيين بالاغتيال على مرأى ومسمع العالم ووسائل الإعلام، وهذا يؤكد حقيقة واضحة أن إسرائيل دولة إرهابية".

وطالب بتوظيف الجهود السياسية والقانونية والدبلوماسية في شتى المستويات الحكومية والإقليمية والدولية لتكريس حقيقة ما وصفه بالإرهاب الرسمي في إسرائيل والتمهيد لمحاسبتها. وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس منذ عقود طويلة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.


تطور إستراتيجي

ووصف أنصاري القصف الإسرائيلي الأخير على المدنيين في قطاع غزة بأنه "محرقة حقيقية شاهدها العالم على شاشات التلفزة بشكل مباشر"، منتقدا صمت المجتمع الدولي حيال المجازر الإسرائيلية في غزة.

ووصف المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية رد الاحتلال الإسرائيلي على عملية "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنه "جنوني"، وعزا السبب إلى أن ما حدث في هذا التاريخ شكّل تطورا إستراتيجيا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، قد لا تقل ارتداداته عن زلزال بقوة 10 درجات على مقياس ريختر استهدف المؤسسة العسكرية والسياسية والأجهزة الأمنية في كيان الاحتلال.

ولفت إلى أن الاحتلال دأب على تطبيق مبدأ المباغتة منذ تأسيسه وشن عمليات خاطفة لحسم المعارك خلال سويعات أو أيام معدودة، وشدد على أن عملية طوفان الأقصى هي الأولى في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أمسك الجانب الفلسطيني بخيوط المبادرة ونفذ العملية التي حققت أهدافا ثمينة داخل أراضي 1948 المحتلة.

وتابع أنصاري أن عملية طوفان الأقصى أثبتت للجانب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية أن إسرائيل "أوهن من بيت العنكبوت" خلافا للصورة التي قدمها الاحتلال الإسرائيلي خلال عقود عن قدرته الخيالية وأسطورة "جيشه الذي لا يقهر".


إستراتيجية جديدة

ورأى المسؤول السابق أن الجانبين الأميركي والإسرائيلي تفاجآ "بطوفان الأقصى" ولم يكونا جاهزين للرد على مثل هذه المعركة، ولهذا لم يتمكنا بعد من التحكم في مسارها، رغم أنهما رميا بكل ثقلهما لركوب موجة تطوراتها والتمسك بخيوطها واحتواء تداعياتها.

وأضاف أن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل لا تمتلكان خارطة طريق لمرحلة ما بعد "طوفان الأقصى" لأنهما وقعتا في موقف "ردة الفعل"، مؤكدا أن الجانب الذي هندس وأدار ملحمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لا شك بأنه قد فكّر وخطّط للمرحلة المقبلة وتطوراتها.

وخلال إشارته إلى أن مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لن تكون كما قبلها لا سيما على صعيد القضية الفلسطينية، واعتبر أن الموقف العربي الرسمي خلال المرحلة الراهنة أقوى بكثير عما كان عليه حيال السلوك الإسرائيلي.

وخلص أنصاري إلى أن معركة طوفان الأقصى فرضت موازنة إستراتيجية جديدة بالمنطقة، وأن ردة فعل الجانب الإسرائيلي لم تتمكن من زعزعتها بعد لأن العملية وضعته أمام الاختيار بين السيئ والأسوأ. وأوضح أن الاحتلال يخشى في المرحلة الراهنة إطالة أمد ما يعدّها هدنة إنسانية لأن ذلك سيكرس انتصار المقاومة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: طوفان الأقصى إلى أن

إقرأ أيضاً:

"طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة

نابلس - خــاص صفا

لم يكن السابع من أكتوبر 2023 يومًا عابرًا في تاريخ الضفة الغربية، مثلما هو الحال بالنسبة للمنطقة ككل؛ فما قبل يوم "طوفان الأقصى" ليس كما بعده، ومنذ ذلك التاريخ وطوال سنةٍ كاملة دخلت الضفة مرحلة جديدة وغير مسبوقة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.

ففي الوقت الذي كانت تُبثّ فيه المشاهد من غزة لاختراق السياج الفاصل وأسر جنود الاحتلال؛ كانت تلك اللقطات دافعًا استثنائيًا لشباب الضفة، واقتناعهم بجدوى المقاومة وحدها، وفشل ما سواها من حلول.

ورغم الأسلوب الدموي الذي اتبعه الاحتلال للقضاء على مقاومة الضفة، لكن ذلك لم يكن سوى صب لمزيدٍ من الزيت على النار المضرمة تحت الرماد، وفتحٍ للباب أمام انخراط فئاتٍ جديدة في العمل المقاوم، بشقيه المنظم والفردي.

وفي ظلال الذكرى السنوية الأولى للمعركة، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن "طوفان الأقصى" أعطى الحالة الوطنية والشعبية في الضفة زخمًا أكبر ودفعة للأمام.

وقال لوكالة "صفا" إن "الطوفان" أدى إلى تغذية الحالة الوطنية التي بدأت تتصاعد بالضفة في السنوات الأخيرة، مع ازدياد الرغبة بالثأر لما يجري من مجازر في قطاع غزة.

كما أن المقاومة في غزة بصمودها وأدائها الميداني المميز، وفق سمور، شكلت نموذجًا يحتذى للشباب المقاوم في الضفة في الإبداع، وأعطتهم الدافعية للاستمرار وعدم الإحباط، بل ومحاولة تقديم الإسناد لغزة. 

ووصل عدد الشهداء في الضفة منذ بداية الطوفان وحتى اليوم نحو 740 شهيدا، ونحو 6 آلاف جريح، وهو ما لم يسجل خلال نفس المدة الزمنية في أي من الانتفاضات والهبّات السابقة.

لكن سمور يرى أن تأثير الطوفان في الضفة كان بطيئًا، ويعزو ذلك لعدة أسباب موضوعية، يُجملها هنا بأن "الطوفان أثّر على كل العالم، ومن باب أولى أن تتأثر الضفة، ولكن لم يكن بالشكل المتوقع".

ويشير إلى أن ساحة الضفة متعبة ومرهقة منذ سنوات عديدة بفعل ما مارسه الاحتلال فيها من سياسات تهدف لمنع انخراطها بالعمل الوطني والشعبي.

وبين أن الاحتلال سارع منذ اليوم الأول للطوفان لاتخاذ إجراءات وقائية في الضفة، وأشغل الناس بالبحث عن الأمن ولقمة العيش، وفي الوقت نفسه عمل على إفراغ الساحة من قيادات ورموز العمل الوطني التي يمكن لها أن تقود الشارع، كما أنهك الضفة بالاجتياحات المتكررة خاصة للبؤر المشتعلة كما في طولكرم وجنين.

ويلفت إلى أنه في الأيام الأولى للطوفان، كانت المشاركة الشعبية بالمسيرات المساندة كبيرة، ثم أخذت الأعداد تتراجع إلى أدنى مستوىً، وهذا سببه عدم وجود قيادات فاعلة والتي تم اعتقالها وتغييبها.

وأوضح أن الحالة الثورية تركزت في شمال الضفة، رغم ظهور حالات محدودة في مناطق أخرى بالمنطقة، وحتى في شمال الضفة كان التركيز في طولكرم وجنين أكثر من غيرهما.

ورغم التأثير المحدود، لكن سمور لا يقلل من أهمية هذا الأثير، فهو مثل المياه التي تسقي الشجرة ولكن لا تظهر الثمار مباشرة، بل أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت فحسب.

الاعتماد على الذات

ويقول الكاتب ومدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة إن معركة "طوفان الأقصى -على مستوى الضفة الغربية- أعادت التأكيد على صورة العدو بوصفه احتلالاً استيطانيًا، إحلاليًا، فاشيًا، متطرفًا، دمويًا.

كما أعادت إلى الواجهة البرنامج السياسي والهدف الأساسي للاحتلال، وهو إنهاء الوجود والهوية الفلسطيني الفلسطينية، والتنكر للحقوق الوطنية، وهذا ما أفضى إلى قناعة بأنه لا أفق لحلول سياسية، ولا "حل الدولتين"، ولا تسوية يُمكن أن يدفع نحو حلٍ ما، وفق العطاونة.

وذكر أن المعركة دفعت للالتفات إلى ظاهرة الاستيطان في الضفة، إذ جاءت هذه الحرب بالتزامن مع زيادة تسليح المستوطنين حتى تحولوا إلى ميليشيات تهدد حياة الفلسطينيين، ولم يعد أمام الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما تبنّته الضفة الغربية وشبابها.

وأشار العطاونة في حديثه لوكالة "صفا" إلى أن هذه المعركة دفعت الفلسطينيين للاعتماد على الذات، ففي ظل التخاذل الدولي والإقليمي؛ حيث أدرك الفلسطينيون أنه من أجل إعادة الاعتبار لحقوقهم وقضيتهم ووضعها على سلم اهتمامات العالم؛ لا بد أن يكون هناك جهد فلسطيني خاص، والاعتماد على الذات في المواجهة مع الاحتلال.

واعتبر العطاونة أن من أهم انعكاسات الطوفان على الضفة، إعادة الاعتبار للمقاومة وإحيائها في الضفة رغم كل الظروف المعقدة الأمنية والميدانية، ورغم الجهد الطويل والكبير الذي بذل على الضفة بعد "السور الواقي" وانتفاضة الأقصى لثنيها عن المقاومة.

وأشار إلى أن الجيل المقاوم الجديد وُلد بعد الانتفاضة الثانية، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني هو صمام الأمان لقضيته، وهو الحامي لهذه القضية والحافظ لحقوق شعبه، وأنه مهما وضعت سياسات وإجراءات، ومهما تدخلت دول فإن هذا الشعب لا يمكن أن يفرط بحقوقه، وكلما جاء جيل جديد تبنى خيار المقاومة والمواجهة والتصدي للاحتلال، مما يبقي القضية حية. 

وأضاف أن الجيل الجديد أدرك واستلهم الحالة من قطاع غزة، ومما يراه ويشاهده من بطولات وصمود ومواجهة، وتأثر بها بشكل كبير، وسار على ذات الطريق، وهي طريق الصمود والمواجهة ومقاومة الاحتلال، ورفض الاستكانة والخنوع.

وأكد أن الشباب الفلسطيني في الضفة أدرك حقيقة أن هذا الاحتلال لا يمكن التعامل معه إلا بالصمود والمواجهة والمقاومة، ولهذا بدأت تتنامى ظاهرة المقاومة في الضفة. 

مقالات مشابهة

  • حماس بعد عام من طوفان الأقصى
  • الجارديان: متى تنتهي الفظائع الإسرائيلية رغم مرور عام على طوفان الأقصى؟
  • "طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة
  • مسؤول أميركي سابق يتوقع أهداف الرد الإسرائيلي على إيران
  • تطورات اليوم الـ365 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • "أوقفوا الإبادة" وسم تضامني مع اكتمال عام على "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ364 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ363 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • بالفيديو| إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت
  • دبلوماسي إيراني سابق: سننشر صورا للإصابات المحققة بالهجوم على إسرائيل