دبي:«الخليج»

أكد خبراء في قطاعات الذكاء الاصطناعي والأتمتة والتعلّم الآلي خلال مشاركتهم في «منتدى دبي للمستقبل 2023»، أكبر تجمع عالمي لخبراء ومصممي المستقبل، أن العمل ضمن إطار مبتكر من التعاون، سيمكن البشر من الاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي والتحكم الآلي، للمضي نحو المستقبل بخطى ثابتة وواثقة، وتحقيق هدف إعادة تصميم أشكال وأنظمة وأطر التعاون بين البشر في الجيل الواحد أو بين الأجيال المختلفة، وبين البشر والآلات، وبين الآلات نفسها.

وخلص المتحدثون في جلسات اليوم الأول، ضمن محور «علاقة الإنسان والآلة» أن التكامل بين الإنسان والآلة هو العلاقة المثالية التي تتطلع إليها المجتمعات حاضراً ومستقبلاً، للوصول إلى أفضل نتائج التحول الرقمي والذكي، وتعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي في مختلف مسارات التنمية ومناحي الحياة اليومية.

وناقشت جلسات المحور موضوعات «الاستعداد لعصر الذكاء الاصطناعي»، و«إمكانات محاسبة التكنولوجيا على قراراتها»، و«فرص تزويد التكنولوجيا القابلة للارتداء لنا بحاسة سادسة»، و«كيف يمكن للحكومات توظيف أدوات استشراف المستقبل؟»

باسكال فونج: علينا أن نتقدم بحذر ولكن بتفاؤل

وفي جلسة «الاستعداد لعصر الذكاء الاصطناعي، التي أدارها فيصل كاظم، من مركز الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، قالت البروفيسورة باسكال فونج، مديرة مركز الذكاء الاصطناعي في جامعة هونغ كونغ «نحن بحاجة إلى أن نكون واعين لما نطوّره، ولكن في نهاية المطاف، تطرح الأسئلة الأخلاقية في مرحلة التنفيذ، وليس التطوير. ومن ثم، علينا أن نتقدم بحذر، ولكن بتفاؤل».

ويرلي: نحتاج لموقف متوازن تجاه التكنولوجيا في العالم الحقيقي

وقال ويرلي، من شركة «سترينغ ووركس»، إننا نمر بلحظة مهمة من الزمن، مع وجود مدة وجيزة للتأثير في التكنولوجيا، داعياً إلى أخذ الأخلاقيات في الحسبان، مع مواصلة التطوير والتقدم. واستشهد بنهج اليابان المتساهل تجاه لوائح الذكاء الاصطناعي عندما دعا إلى اتخاذ موقف متوازن تجاه تنفيذ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في العالم الحقيقي.

هدى الخزيمي: تطبيق مبدأ السيادة في تطوير الذكاء الاصطناعي

وقالت البروفيسور هدى الخزيمي، من مركز «إماراتسيك للأبحاث»، إن الذكاء الاصطناعي كشف عن كثير من القضايا العالمية التي تحتاج إلى معالجة، مع وجود إرادة لدى الجميع كي يكونوا جزءاً من المشاركة في تطوير الحل. داعيةً إلى تطبيق مبدأ من الحلول التي تتمتع بالسيادة التكنولوجية، حيث تتماشى البنية التحتية لتكنولوجيا للمعلومات والاتصالات والتكنولوجيا مع قوانين ولوائح الدول.

أوليفييه ديسبي: الحياة مملوءة بالمخاطر والمستقبل ليس واحداً منها

وفي جلسة «هل يمكن محاسبة التكنولوجيا على قراراتها؟»، قال أوليفييه ديسبي من مجموعة «أكسا» إن الحياة مملوءة بالمخاطر ولكن المستقبل ينبغي أن لا يكون واحداً منها. لأن حوكمة قطاع التكنولوجيا من المخاطر العالمية. مؤكداً الحاجة إلى حلول عالمية.

جوون براونر: أنظمته مبنية على بيانات ينتجها البشر ويصنفونها

وقالت الدكتورة جوون براونر، من الجمعية الملكية «لا يوجد شيء مصطنع في الذكاء الاصطناعي. فأنظمته بشرية مبنية على البيانات التي ينتجها البشر ويجمعونها ويصنفونها. وهنا يتسلل التحيز. ويجب تبادل أفضل الممارسات بين الحكومات في هذا المجال الحيوي للمستقبل.

باول سويبودا: الأجهزة القابلة للارتداء تعزز حياة الإنسان

وضمن جلسة «هل تزوّدنا التكنولوجيا القابلة للارتداء بحاسة سادسة جديدة؟»، قال باول سويبودا، مؤسس شركة «نيوسنشوري»، إن الأجهزة القابلة للارتداء تشبه الرفاق، وهي أربع فئات تشمل الأجهزة القابلة للابتلاع، والأطراف الإلكترونية، والأجهزة القابلة للارتداء كما نعرفها، وأجهزة المرافقة الذكية خارج الجسم. لافتاً إلى أنهاليست هدفاً في حد ذاتها، بل هي تقنيات تعزز حياة الإنسان.

باولو داريو: وصلنا إلى 1.1 مليار جهاز قابل للارتداء عام 2022

وقال البروفيسور باولو داريو، كبير العلماء في «مختبرات دبي للمستقبل»، إن مفهوم الأجهزة القابلة للارتداء قائم على تحقيق الهدف منها وهو تحسين القدرات البشرية للتعامل مع التحديات. ومنافعها واستخداماتها المتزايدة أسهمت في دفع القطاع للوصول إلى 1.1 مليار جهاز قابل للارتداء عام 2022.

كين تشوا: للأجهزة القابلة للارتداء وظائف محددة بمختلف الفئات

والأنواع وقال كين تشوا، مؤسس ومدير إدارة شركة «ذيز أبيليتيز»، إن الحاجة تنمو إلى الأجهزة القابلة للارتداء، فهي تؤدي وظائف محددة، عبر مختلف الفئات والأنواع. ومن الضرورة اختبارها من المجتمع لضمان اعتمادها.

أراثي كريشنان: مخاطر المستقبل مترابطة

وفي ختام جلسات اليوم الأول التي حملت عنوان «كيف يمكن للحكومات توظيف أدوات استشراف المستقبل؟» أكدت أراثي كريشنان، خبيرة توقع المخاطر واستشراف المستقبل، أن أنظمتنا الحسية بشراً ومجتمعات، ليست مهيأة لفهم المخاطر الناشئة بشكل شمولي للتعاطي معها، لأنها تنظر إلى المخاطر في صوامع منفصلة، وتصنفها مخاطر اقتصادية وصحية وطبيعية وما إلى ذلك، في حين أنها مترابطة في الواقع.

شيريل تشونغ: تكامل مراحل سلسلة القيمة في منظومة استشراف

المستقبل وأكدت شيريل تشونغ، المتخصصة في استشراف مستقبل السياسات العامة، ضرورة التمييز بين استشراف المستقبل لمجرد الاستشراف واستخدام هذا الاستشراف من أجل التقدم البشري. داعية إلى تكامل كل مراحل سلسلة القيمة في منظومة استشراف المستقبل ومأسستها على مختلف المستويات لبناء المستقبل الذي نتطلع إليه.

ديميتري لورنزاني: الذكاء الجمعي يترجم إلى رؤى تبني المستقبل

وأكد ديميتري لورنزاني، من فريق عمل نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، أن الذكاء الجمعي يترجم الوعي العام إلى رؤى وطموحات قادرة على بناء المستقبل الذي تتطلع إليه المجتمعات البشرية. داعياً إلى التفاؤل والإيجابية في مقاربة تحديات المستقبل وتحويلها إلى فرص.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات دبي للمستقبل إمارة دبي الأجهزة القابلة للارتداء استشراف المستقبل الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني

ترجمة: نهى مصطفى -

خلال شهرين من إصدار شركة صينية غير معروفة تدعى DeepSeek نموذجًا جديدًا قويًا للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، بدأ هذا الاختراق بالفعل في تحويل سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.

يتميز DeepSeek-V3، كما يُطلق على نموذج اللغة الكبير المفتوح (LLM) الخاص بالشركة، بأداء ينافس أداء النماذج من أفضل المختبرات الأمريكية، مثل ChatGPT من OpenAI و Claude من Anthropic و Llama من Meta ، ولكن بجزء صغير من التكلفة. وقد أتاح هذا للمطورين والمستخدمين في جميع أنحاء العالم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي المتطور بأقل تكلفة.

في يناير، أصدرت الشركة نموذجًا ثانيًا، DeepSeek-R1، يُظهر قدرات مماثلة لنموذج o1 المتقدم من OpenAI مقابل خمسة بالمائة فقط من السعر. ونتيجة لذلك، يشكلDeepSeek تهديدًا لقيادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق للصين للحصول على مكانة عالمية مهيمنة على الرغم من جهود واشنطن للحد من وصول بكين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

يُبرز الصعود السريع لشركةDeepSeek حجم التحديات والمخاطر في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. فإلى جانب الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لهذه التقنية، ستتمتع الدولة التي تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، التي تشكّل العمود الفقري لتطبيقات وخدمات المستقبل، بنفوذ واسع النطاق. ولا يقتصر هذا النفوذ على المعايير والقيم المضمّنة في هذه النماذج فحسب، بل يمتد أيضًا إلى منظومة أشباه الموصلات، التي تعد الركيزة الأساسية والبنية التحتية التقنية والمعالجة الحسابية اللازمة لتشغيل وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتشمل الأجهزة والبرمجيات التي تمكّن الذكاء الاصطناعي من تنفيذ العمليات المعقدة بكفاءة. وتعكس القناعة الراسخة لدى كل من الصين والولايات المتحدة بأن هذه التقنيات قادرة على تحقيق تفوّق عسكري، الأهمية الاستراتيجية للريادة في هذا المجال وضرورة الحفاظ عليها على المدى الطويل.

ومع ذلك، فإن التركيز على أداء نموذج DeepSeek-V3 وتكاليف تشغيله المنخفضة قد يُغفل نقطة أكثر أهمية. فإحدى العوامل الرئيسة التي ساهمت في سرعة انتشار نماذج DeepSeek هي أنها مفتوحة المصدر، مما يتيح لأي شخص تنزيلها وتشغيلها ودراستها وتعديلها والبناء عليها، مع تحمّل تكلفة الطاقة الحاسوبية فقط. في المقابل، تكاد جميع نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية المماثلة أن تكون ملكية خاصة، مما يحدّ من استخدامها ويزيد من تكاليف تبنيها من قِبل المستخدمين.

بدأت شخصيات بارزة في مجتمع الذكاء الاصطناعي الأمريكي يدركون بشكل متزايد المشكلات الناجمة عن التركيز على النماذج المغلقة المصدر. ففي أواخر يناير، أقرّ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بأن الشركة ربما «أخطأت في قراءة التاريخ» بعدم تبنيها نهج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. وفي فبراير، توقّع إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Google، مستقبلًا يُهيمن فيه مزيج من النماذج المفتوحة والمغلقة على التطبيقات اليومية. من الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد كليًا على نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة التي تطورها الشركات الكبرى لمنافسة الصين، مما يستدعي من الحكومة الأمريكية تكثيف دعمها للنماذج مفتوحة المصدر، حتى مع استمرار جهودها في تقييد وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات وبيانات التدريب.

للحفاظ على هيمنتها، تحتاج الولايات المتحدة إلى وضع برنامج شامل لتطوير ونشر أفضل النماذج مفتوحة المصدر. لكن في الوقت ذاته، يجب عليها ضمان أن تظل الشركات الأمريكية الرائدة هي التي تبني أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة، والتي يُشار إليها أحيانًا باسم «أنظمة الحدود»، والتي غالبًا ما يتم تطويرها ضمن شركات خاصة ذات تمويل ضخم.

إلى جانب ذلك، ينبغي على واشنطن تبنّي أجندة سياسية أوسع تعزز مكانة الذكاء الاصطناعي الأمريكي مفتوح المصدر على الساحة الدولية، وتدعم بناء البنية التحتية الأساسية اللازمة للحفاظ على ريادتها في هذا المجال. ولا يقتصر ذلك على تحفيز تطوير النماذج مفتوحة المصدر داخل الولايات المتحدة، بل يشمل أيضًا تسهيل وصولها إلى المساهمين والمستخدمين في المجال الصناعي والأكاديمي والقطاع العام في الدول المتحالفة معها.

بدون هذه الخطوات الاستراتيجية، يُشير مشروع DeepSeek إلى مستقبل محتمل قد تستخدم فيه الصين نماذج مفتوحة المصدر قوية ومنخفضة التكلفة لتجاوز الولايات المتحدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية.

لطالما كان الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عاملًا رئيسيًا في التقدم التقني، رغم قلة الاهتمام السياسي به مقارنة بالأنظمة المغلقة. منذ ظهور ChatGPT عام 2022، بدأ يُنظر إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية على أنها بمثابة «نظام تشغيل» جديد، حيث تعمل كجسر بين اللغة البشرية والبيانات التي تعالجها الآلات. وكما استمر نظام Linux مفتوح المصدر بجانب أنظمة احتكارية مثل Windows، برزت نماذج مفتوحة مثل Llama إلى جانب ChatGPT، مما يمهّد لانتشار أوسع للذكاء الاصطناعي. هذا التطور دفع بعض الباحثين لوصف المرحلة الحالية بأنها «لحظة لينكس» في مجال الذكاء الاصطناعي.

على مرّ العقود، ازدهرت مشاريع البرمجيات مفتوحة المصدر، مثل لينكس، بفضل مساهمات المطورين حول العالم، وهو ما أدى إلى تطويرها بسرعة وتحسين أمنها، حيث يمكن لأفضل المهندسين اختبارها وتحسينها بشكل متواصل. كما أن كونها خاضعة لإدارة أمريكية وأوروبية جعلها أحد عوامل تفوّق الغرب في مجالات عدة، مثل: أنظمة التشغيل، متصفحات الويب، قواعد البيانات، التشفير، وحتى لغات البرمجة.

تُهيمن Nvidia على صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي بفضل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) وبرنامجها الحصري CUDA، مما يمنحها موقعًا متقدمًا في هذا المجال. ورغم القيود الأمريكية، استخدمت الصين رقائق Nvidia في تدريب نماذج DeepSeek، لكنها تسعى حاليًا للاعتماد على رقائق Ascend من هواوي، مما قد يُقلص الحاجة إلى الرقائق الأمريكية. إذا حققت النماذج الصينية انتشارًا واسعًا بدعم حكومي، فقد يُجبر المستخدمون عالميًا على التحول إلى شرائح هواوي، مما سيُضعف شركات مثل Nvidia و TSMC ويمنح الصين نفوذًا أكبر في صناعة الرقائق. هذا السيناريو يُشبه استحواذ الصين على سوق بطاريات الليثيوم، حيث قد تؤدي استراتيجيتها إلى إعادة تشكيل سلسلة التوريد العالمية، مُهددة الهيمنة الغربية في هذا القطاع. كيفية مواجهة هذا التهديد

لمواجهة النفوذ الصيني في الذكاء الاصطناعي، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز تطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، مع التركيز على دعم الجامعات والشركات والمختبرات الوطنية. رغم ارتفاع الاستثمارات في هذا المجال، لا تزال متواضعةً مقارنةً بالتمويل الإجمالي للذكاء الاصطناعي. لذا، يجب تقديم حوافز حكومية لدعم المشاريع المتوافقة مع الشرائح الغربية، وتوسيع البرامج البحثية الوطنية، والاستفادة من موارد وزارتي الطاقة والدفاع. كما ينبغي تعزيز التعاون مع مبادرات كبرى مثل Stargate، التي تخطط لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الأمريكي خلال السنوات القادمة.

يجب على واشنطن تعزيز النظام البيئي التكنولوجي الأمريكي لدعم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عبر تطوير نظام حوسبة متكامل يتيح للمطورين الاستفادة من أفضل الشرائح الغربية، مما يعزز الطلب عليها ويحد من المنافسة الصينية. وينبغي ترسيخ تفوق التقنيات الغربية، إلى جانب قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ورغم هيمنة بنية Transformer، فإن مناهج جديدة مثل Structured State Space Models ونماذج Inception diffusion تُظهر إمكانات مستقبلية واعدة، مما يستدعي دعمها لضمان الريادة الأمريكية في هذا المجال.

ينبغي على واشنطن تجنب فرض قيود واسعة على تصدير نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وبدلًا من ذلك، تقديم حوافز لضمان توافقها مع الشرائح الغربية. كما يجب على لجنة التجارة الفيدرالية مراعاة دور شركات التكنولوجيا الكبرى في تعزيز الريادة الأمريكية عند النظر في قضايا مكافحة الاحتكار. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التصدي لمحاولات الشركات الصينية خفض أسعار نماذج الذكاء الاصطناعي لإضعاف المنافسة، عبر دراسة فرض تدابير مكافحة الإغراق إذا تبيّن أن هذه الممارسات تهدف إلى إقصاء الشركات الأمريكية.

يجب على الولايات المتحدة تعزيز تنافسها مع الصين في الأسواق العالمية، حيث قد تستخدم بكين نماذج الذكاء الاصطناعي كأداة للنفوذ الاقتصادي. كما ينبغي لواشنطن التحقيق في إمكانية استخدام DeepSeek بيانات من GPT-4 دون تصريح، ودراسة تطبيق قاعدة «المنتج الأجنبي المباشر» على مخرجات الذكاء الاصطناعي، لمنع الشركات الصينية من الاستفادة من النماذج الأمريكية الرائدة، كما فعلت مع معدات تصنيع أشباه الموصلات.

ستكون هذه الإجراءات أكثر فاعلية إذا تبنتها دول أخرى. لذا، تحتاج واشنطن إلى تنسيق سياساتها مع شركائها في آسيا وأوروبا ومناطق أخرى لإنشاء كتلة دولية قادرة على إبطاء انتشار النماذج الصينية. ورغم ضخامة السوق الصينية، فإنها تظل صغيرة مقارنة بالسوق العالمية، وهو المجال الأكثر أهمية الذي يجب أن تركز عليه الولايات المتحدة لضمان هيمنة النظام البيئي الغربي للحوسبة والذكاء الاصطناعي في المستقبل.

ورغم أن القيود الأمريكية على تصدير الشرائح المتقدمة حدّت من قدرة الصين على الوصول إليها، فإن بكين ترى في الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، المبني على تقنيات أقل تقدمًا، مسارًا استراتيجيًا لاكتساب حصة سوقية أكبر. ومن المرجح أن تستمر النماذج الصينية في التحسن عبر الابتكار الخوارزمي، والتحسينات الهندسية، والتصنيع المحلي للرقائق، بالإضافة إلى أساليب غير مشروعة، مثل التدريب غير المصرح به على مخرجات النماذج الأمريكية، والتحايل على ضوابط التصدير. ومع استمرار الصين في تحسين أداء نماذجها وأسعارها، فإن الحاجة إلى استراتيجية أمريكية متماسكة تصبح أكثر إلحاحًا.

يجب على واشنطن أن تتبنى استراتيجية استباقية تضمن توفير بدائل أمريكية متفوقة فور إصدار الصين لنماذجها الجديدة، ما يعزز الريادة الأمريكية في الذكاء الاصطناعي. يتطلب ذلك تحسين الإطار التنظيمي، مثل ذلك الذي وضعته إدارة بايدن لضبط انتشار التكنولوجيا، إلى جانب تسخير الموارد الحكومية لدعم النماذج المتقدمة قبل إتاحتها للعامة. تقف إدارة ترامب المقبلة أمام «لحظة لينكس» حاسمة، حيث يمكنها إما ترسيخ الهيمنة الأمريكية على الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، أو المخاطرة بفقدان النفوذ لصالح الصين، التي قد تعيد توجيه السوق نحو تقنياتها الخاصة.

جاريد دانمون هو المستشار الأول للمبادرات الاستراتيجية في وحدة الابتكار الدفاعي (DIU)

نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
  • علي جمعة: الموت حقيقة متكررة.. والعاقل يبحث عن أسئلة سبب خلق الله لنا
  • الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • هل هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد؟.. مفتي الجمهورية يجيب| فيديو
  • الصين تدخل الذكاء الاصطناعي إلى مناهج الابتدائية
  • هل هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • الذكاء الاصطناعي و المستقبل.. ابتكارات ثورية في تحليل المشاعر ورعاية المسنين والطب