عربي21:
2025-02-01@00:02:20 GMT

‏عالم ما بعد الإعلام

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

‏تحدث الكثيرون سابقا عن عالم ما بعد الحداثة، لنجد آخرين اليوم قد بدأوا بالحديث عن عالم ما بعد الإعلام، عززته الحرب الأوكرانية، والحرب الصهيونية على غزة، ووقوع الإعلام وأدواته كضحية من ضحايا هذه الحروب. فتضحية الإعلام الغربي بمصداقية بناها عبر عقود دفعت الكثير من المشاهدين والمتابعين لهذه الوسائل للانفضاض عنها والتخلي عنها، في حين برزت وسائل التواصل الاجتماعي كبديل عن التقليدي، إلّا أنها لم تحظَ بتلك المصداقية التي كان يحظى بها الإعلام التقليدي سابقا، والذي خسرها اليوم بشكل كبير في ظل ما جرى ويجري وتداعيات المجريات عليه وعلى الواقع المعاش بشكل عام.

فقد أظهرت استطلاعات الرأي في أمريكا لمعهد جالوب أن 37 في المائة من المستطلعة أراؤهم لا يثقون بالإعلام بعد الحرب على غزة، بينما قالت 7 في المائة فقط إنهم يثقون بوسائل الإعلام، وتوزعت النسبة الباقية على مستويات متعددة ومختلفة في الثقة بالإعلام من عدمها.

‏إن تراجع المهنية والاحترافية لدى وسائل الإعلام الغربية خلال فترة الحرب على غزة، والتي تجاهلت حق الفلسطينيين، حيث لم تعاملهم كبشر وفقا لرسالة صحافيي بي بي سي، وحتى وصل الأمر إلى مضايقة الصحافيين العاملين حتى في وسائل الإعلام الغربية لمجرد تعبيرهم عن مواقفهم إزاء ما يجري على منصات تواصلهم الاجتماعي، عبر انتقاد البلطجة الصهيونية، فكانت النتيجة طرد البعض منهم.. كل ذلك يشكل انتحارا أو نحرا لوسائل الإعلام التقليدية الغربية، التي بدأت تفقد الكثير من شعبيتها ومصداقيتها أمام المتابعين والمشاهدين.

‏السردية والرواية التي كان ينبغي أن تنتشر وتصل إلى القارئ والمتابع حوربت بكل قوة ووحشية، بل ووصل ذلك إلى عمليات تصفية جسدية، حيث دفع الإعلام ربما أكبر فاتورة له في فترة زمنية قصيرة ومحدودة، حين قتل العدوان الصهيوني أكثر من خمسين صحافيا، 45 من بينهم فلسطينيون، وخمسة فقط من غير الفلسطينيين، لتقتل إسرائيل بذلك وخلال أيام أكثر مما قُتل في العالم كله خلال عام 2021، فضلا عن ممارستها القوة في منع بث أخبار تدينها، حيث قطعت الإنترنت عن الصحافيين وهددت عائلاتهم، فقتلت مثلا عائلة الزميل وائل الدحدوح؛ مراسل الجزيرة في غزة.

‏لقد كانت الاستراتيجية الصهيونية إزاء الإعلام واضحة، بل وحظيت بدعم وتواطؤ غربي وأمريكي تحديدا وبشكل كبير وفج، حين سعت تل أبيب إلى سياسة التعتيم والكتم، ومنع وصول الصورة والخبر الدقيق للرأي العام، وفرضت قيودا على صحافيين يعملون لوسائل إعلام أجنبية كالأسوشييتد برس، بحجة أنهم علموا بموعد عملية طوفان الأقصى كما تزعم تل أبيب، ولم يُبلغوا الحكومة الإسرائيلية، بمعنى أن الصحافي ينبغي أن يعمل جاسوسا لها.

‏إن المرحلة الإعلامية الجديدة بحاجة إلى خريطة إعلامية جديدة، وعلى الإعلاميين أن يتنادوا بعيدا عن سطوة الحكومات وعاديات المال والسلطة من أجل أن يختطوا خريطة طريق لأنفسهم في ظل هذه التداعيات الضخمة والهائلة التي ستلقي بظلالها على مستقبل الإعلام بشكل عام، وستلقي بظلالها على العلاقة التي ستنشأ بعد هذه الحروب بين المرسل والمستقبل.

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام من الحشد والمناصرة وتعبئة الرأي العام العربي والغربي إزاء الحرب في غزة، إلاّ أن تداعيات المصداقية والثقة ستظل تدفع الثمن، وبالتالي على الإعلاميين ووسائل الإعلام الجادة البحث في أسباب وتداعيات ذلك كله، وسبل حله ومواجهته، وإلّا فإن المهنة في خطر، وعملية بحث المشاهد والمتابع عن بديل لهذا الإعلام ستتواصل.. وقد يجدها، وقد وجدها بالفعل؛ إن كان من خلال منصات وسائل الإعلام الجديدة على الرغم من سلبياتها عليه وعلى المشاهد والمستخدم، بالإضافة إلى اقتحام الذكاء الاصطناعي الساحة، مما سيؤثر كله على مستقبل المهنة، ومستقبل العلاقة بين المرسل والمستقبل، فتتأثر عملية صناعة الرأي العام برمتها.

‏لقد تحدث كثير من الخبراء بأن الرأي العام في حرب غزة لعب دورا كبيرا في وقف هذه الحرب، وهذا الرأي العام جاء نتيجة عملية تراكمية لوسائل الإعلام والنخب، وهو أمر ينبغي تعظيمه وعدم تجاهله أو تحاشيه والتقليل منه، فتجاهله يعني تجاهل أدواته، وخسارة الأدوات ستلقي بتداعيات كبيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية على المرسل بشكل عام، وهو أمر معني به بشكل أساسي وفعلي واستراتيجي؛ الإعلامي والمؤسسات الإعلامية الجادة التي كانت على الدوام أمينة وحارسة لهذه المهنة المهمة في صناعة الرأي العام، وتشكيل وصياغة القناعات والتوجهات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإعلام غزة الفلسطينيين إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة الإعلام انحياز مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وسائل الإعلام الرأی العام

إقرأ أيضاً:

تفاصيل السماح لمؤثري السوشيال ميديا بتغطية مؤتمرات ترامب.. ماذا يحدث في البيت الأبيض؟

قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السماح للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بحضور المؤتمرات الصحفية لتغطية نشاطات البيت الأبيض، بحسب ما جاء في شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية؛ إذ أعلنت السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض كارولين ليفات، وفي أول إحاطة صحفية لها السماح للمدونين والمؤثرين بتقديم طلبات للحصول على تصاريح التغطية.

ماذا جاء في قرار ترامب؟ 

وأوضحت السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض، التي تبلغ من العمر 27 عامًا، أن الإدارة ستفتح الباب أمام مجموعة أوسع من الأشخاص للتقديم على تصاريح صحفية تشمل الصحفيين المستقلين، المدونين، المؤثرين، ومنشئي المحتوى، متابعة أن تلك التغييرات تم إجراؤها لتتماشى مع النهج الإعلامي الثوري للرئيس ترامب؛  تهدف إلى توفير التمثيل للمجموعات التي لم يكن لها حضور في غرفة المؤتمرات الصحفية من قبل، بحسب ما جاء في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. 

وتابعت «ليفات» التي تعد أصغر شخص في تاريخ الولايات المتحدة يتولى منصب السكرتير الصحفي: «طالما أنك تنشئ محتوى إخباري وأنك صحفي مستقل شرعي، فأنت مرحب بك لتغطية البيت الأبيض»، مشيرة إلى أنَّ ملايين الأمريكيين وخاصة الشباب، ابتعدوا عن التلفزيون التقليدي والصحف لاستهلاك الأخبار من خلال البث الصوتي والمدونات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات المستقلة.

امتيازات جديدة للصحافة

وتأتي هذه التغييرات بعد أن رفض ترامب عددًا من وسائل الإعلام الرئيسية خلال حملته الانتخابية، واختار بدلاً من ذلك إجراء مقابلات مع عدد من مقدمي البرامج الصوتية ومنشئي المحتوى وأصحاب النفوذ على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتأكّيدًا لفكرة النهج الثوري في عهد «ترامب»، أكّدت السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض أنَّ البيت الأبيض سيتحدث إلى جميع وسائل الإعلام والشخصيات، وليس فقط مع الإعلام التقليدي، مشيرة إلى أنَّ استطلاعات الرأي تظهر انخفاضًا في الثقة بوسائل الإعلام الأمريكية، خاصة بين الشباب.

وأكّدت «ليفات» أيضًا أنَّ البيت الأبيض سيعيد أيضًا امتيازات الصحافة لعشرات المنافذ الإعلامية التي ألغتها الإدارة السابقة في إشارة إلى إدارة «بايدن»، بما في ذلك ما يقرب من 440 صحفيًا.

مقالات مشابهة

  • ما الصلاة التي يجوز فيها ترك القبلة؟ عالم أزهري: في هذه «الصلوات فقط»
  • إيران تراقب إدارة ترامب عن كثب
  • زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأمريكية
  • عباس شومان: الفتوى صناعة صعبة وخطرة.. وليس كل من تخرج في الأزهر قادر على الإفتاء
  • برلماني: الهجوم الإسرائيلي على مصر يؤكد صدق موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين
  • أسباب خصم رصيد من عداد الكهرباء الكارت بشكل مفاجئ.. والإجراءات التي يجب اتباعها
  • البزري: الرأي العام يتوقع حكومة ترضي طموحات اللبنانيين
  • مفتي الجمهورية: وسائل الإعلام تلعب دورا مهما في التصدي للشائعات والأفكار المتطرفة
  • تفاصيل السماح لمؤثري السوشيال ميديا بتغطية مؤتمرات ترامب.. ماذا يحدث في البيت الأبيض؟
  • ترامب يعيد تنظيم الوصول الإعلامي للبيت الأبيض