خبراء إسرائيليون: خيارات تل أبيب بعد هدنة غزة رهينة بيد السنوار
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
القدس المحتلة- بدت الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية الإسرائيلية بعد انتهاء الهدنة المؤقتة رهينة لدى رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار الذي أبدى استعداده لتمديد وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك في وقت تصر فيه قيادة الجيش الإسرائيلي على استئناف الحرب على القطاع وتوسيع التوغل البري في الجنوب، لتفكيك قدرة حماس العسكرية وتحرير المحتجزين.
كما تأتي هذه الخيارات وسط تحديات داخلية تواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ظل تصاعد ضغوط عائلات المحتجزين لمواصلة عملية تبادل الأسرى التي تتحقق بوقف إطلاق النار، إلى جانب تعالي الدعوات في أوروبا وأميركا لتكون هذه الهدنة منطلقا لوقف الحرب والتوجه نحو مبادرة سياسية.
نتنياهو خلال جولته التفقدية للجنود في غزة من دون مرافقة رئيس الأركان أو أعضاء كابينت الحرب (الأناضول) صدمة جماعيةيعي نتنياهو ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي أن الوعي السائد بين الجمهور الإسرائيلي بشأن استمرار الحرب على غزة هو نتيجة للصدمة الجماعية التي حدثت جراء معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- على مستوطنات "غلاف غزة"، وبلدات إسرائيلية بالجنوب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورجّح تقدير موقف صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" التابع لجامعة تل أبيب أن حالة الحرب مع غزة قد تستمر لفترة طويلة، وربما لأشهر عديدة، وبدرجات متفاوتة من الشدة، وذلك حسب الظروف، وقد تحدث أعطال جسيمة وصعود وهبوط في الإنجازات والأضرار.
وشكلت معركة "طوفان الأقصى" شعورا بالتهديد الوجودي، ومن ثم شكلت إجماعا واسعا على أن إسرائيل تخوض حربا فُرضت عليها، وهذا هو أساس التأييد الشعبي الواسع للغاية لأهداف الحرب وللجيش الإسرائيلي.
بيد أن الحرب الطويلة إذا توسعت إلى جبهات إضافية أو أصبحت معقدة، حسب معهد الأبحاث الإسرائيلي، ستشكل تحديا كبيرا لقدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود، مما قد يقوض الالتفاف الجماهيري ويؤدي إلى تآكل محتمل للدعم الشعبي للمجهود الحربي.
وستكون لذلك أيضا، وفق الباحثين في معهد أبحاث الأمن القومي مائير ألران وأرئيل هايمان، آثار على المزاج الوطني للإسرائيليين، الذي سيتأثر بحجم الخسائر في صفوف الجنود وباستعادة أكبر عدد من المحتجزين الإسرائيليين.
وأكد الباحثان أن أصداء الصدمة الجماعية التي حدثت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ستكون ثانوية كلما طال أمد الحرب، وستكون الإنجازات العسكرية على الأرض هي المعيار للحفاظ على الدعم الشعبي لاستمرار الحرب على غزة، والعكس صحيح في حالة الخسائر وعدم تحقيق أهدافها.
فخ وضغوطات
ويرى مراسل شؤون الجيش والأمن في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع أن مراوغة حماس مع إسرائيل خلال الهدنة ومراحل صفقة التبادل تعكس الفخ الذي نصبه السنوار للجيش المتوغل في القطاع، وسط ضغوطات الشارع الإسرائيلي لتحرير جميع المحتجزين.
وأوضح أن خيار المستوى السياسي والجيش في إسرائيل بقبول الهدنة ووقف إطلاق النار المؤقت مقابل عودة عدد محدود من المختطفين لا يحسّن قوة الردع الإسرائيلية، إذ يأتي بالضبط بعد أن تعافى الجيش الإسرائيلي من الضربة التي تعرض لها خلال "طوفان الأقصى".
ويعتقد أن إصرار القيادة العسكرية على استئناف الحرب على القطاع وتوسيعها يعكس الفهم المتزايد في قيادة هيئة الأركان بأن التوغل البري كان يجب أن يتجه نحو عمق رفح وإحكام الحصار على حماس هناك، لإطلاق سراح جميع المحتجزين في صفقة واحدة، والتهديد بتحويل غزة إلى مخيم كبير للاجئين.
من جهته، يرى الباحث في الشؤون الأمنية والشرق الأوسط في جامعة تل أبيب إيال زيسر أن خيارات المستوى السياسي هي قبول خطة المستوى العسكري واستمرار القتال والمعارك البرية نحو الجنوب، "وذلك إذا ما أرادت إسرائيل تحقيق أي إنجاز يفضي إلى تقويض حكم حماس بالقطاع عسكريا وسياسيا".
وأوضح زيسر -في مقال له بصحيفة "إسرائيل اليوم"- أن هاليفي والمتحدثين باسم الحكومة صرحوا ووعدوا بأن الجيش الإسرائيلي سيستمر أيضا في القتال والمعارك البرية في جنوب غزة عند انتهاء الهدنة، وأنه عندما يحدث ذلك سيتم القضاء على قدرة حماس على العمل كقوة عسكرية منظمة، كما أن أنظمة حكمها التي تسيطر بها على القطاع ستنهار.
ولكن في ظل الضغوطات الدولية لتمديد الهدنة وإتمام مراحل جديدة من صفقة التبادل، يقول زيسر إن المخاوف تتزايد من احتمال تعليق قرار استمرار المعارك البرية وإمكانية الحسم.
ولفت إلى أن البعض يرى في الحرب على غزة "حرب استقلال ووجود" لتحديد مصير إسرائيل ومستقبلها في الشرق الأوسط على مدى 75 عاما مقبلة.
سيناريوهات
ولهذا السبب بالتحديد، يقول الباحث في الشؤون الأمنية والشرق الأوسط إنه "يُحظر على الجيش الإسرائيلي وقف النار والانسحاب من غزة قبل الحسم وتحقيق أهداف الحرب، فالحسم في غزة وحده هو الذي سيضمن الأمن لإسرائيل وسيعيدها إلى طريق المُلك الذي كانت عليه مساء السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
وعن الخيارات المطروحة أمام القيادة السياسية الإسرائيلية، تقول محللة الشؤون السياسية في صحيفة "إسرائيل اليوم" سريت أفتيان كوهين إن التأخير لمدة يوم واحد في إعادة المحتجزين من الدفعة الثانية أظهر أن "إسرائيل القوية ذات السيادة المستقلة رهينة في أيدي يحيى السنوار".
وتضيف كوهين أنه "رغم الضربات القاسية التي تلقتها حماس في ساحة المعركة، فقد تمكنت من التوصل إلى صفقة وفق معاييرها، وأصبحت إسرائيل وقيادتها السياسية مضطرة إلى الموافقة على كل مطلب إضافي حتى لا تضيع فرصة العودة الآمنة للأطفال والنساء، وأصبح تحديد سير الحرب منوطا ببقاء محتجزين لدى حماس وبقرار السنوار".
وأمام تعقيدات سيناريوهات وخيارات تمديد الهدنة أو استئناف جولات القتال وتحديات ملف المحتجزين، تقول كوهين إن "إسرائيل تواجه الضغوطات الدولية الداعية إلى وقف الحرب".
وأوضحت المحللة السياسية أن الجيش الإسرائيلي شكل "خلية الشرعية" -التي مقرها في وزارة الأمن في تل أبيب- وتتمثل مهمتها في رصد معدل الشرعية الدولية لإسرائيل بالحرب على غزة.
ورأت أنه مع بدء الهدنة المؤقتة وإتمام صفقة التبادل، فإن هذه الشرعية تفقد بشكل متدرج الاهتمام بملف المحتجزين الإسرائيليين، ويزداد اهتمامها بالدمار الشامل على قطاع غزة، وسط تعالي الأصوات الداعية إلى إنهاء الحرب في ظل التعاطف العظيم مع الفلسطينيين.
وقالت إنه مع غياب أي أفق سياسي لحكومة نتنياهو يتعلق بمستقبل غزة بعد الحرب و"من سيملأ الفراغ فيها غداة حماس"، فإن المجتمع الدولي -ومن ضمنهم أصدقاء إسرائيل في أوروبا وأميركا- يريدون استئناف مفاوضات حل الدولتين. وبذلك، تقول كوهين، "سيكتمل انتصار حماس التي لن تتفكك ولن تختفي بعد أن تضع الحرب أوزارها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الحرب على غزة تل أبیب
إقرأ أيضاً:
مسؤولون إسرائيليون: تفاؤل حذر بشأن إمكانية التوصل لاتفاق مع حماس الأسابيع المقبلة
نقلت صحيفة "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين كبار أن هناك تفاؤلاً بحذر بشأن إمكانية سد الفجوات مع حركة حماس وإبرام اتفاق في الأسابيع المقبلة، يأتي هذا التفاؤل في وقت تسعى فيه الأطراف المعنية إلى التوصل إلى حل يوقف التصعيد القائم ويوفر أفقًا لتحرير الاسرى.
بينما يسود التفاؤل الحذر، تسعى الوساطات الدولية ممثلة في قطر ومصر، بالإضافة إلى بعض أعضاء فريق الرئيس الأمريكي جو بايدن، للضغط على الطرفين لإحراز تقدم في المفاوضات، ويعكف الوسطاء على تقديم مقترحات تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتنازعين، مع التركيز على القضايا الإنسانية العالقة.
في خطوة مهمة نحو التوصل إلى اتفاق، سلمت تل أبيب قائمة تضم 34 مختطفًا تطالب إسرائيل بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، ومع ذلك، تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن بعض الأشخاص المدرجين في القائمة قد لا يكونون على قيد الحياة، مما يثير تساؤلات بشأن مصير هؤلاء الاسرى.
أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن الهدف الرئيس لإسرائيل من هذه المفاوضات هو إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الاسرى الأحياء المدرجين في القائمة، مع التأكيد على أهمية ضمان صحتهم وسلامتهم، ويبدو أن إسرائيل تدفع بقوة لإتمام الصفقة بسرعة لتخفيف الضغط الشعبي والسياسي.
ورغم التفاؤل، يظل هناك الكثير من العقبات التي تواجه سير المفاوضات، وأكد المسؤولون الإسرائيليون أن عملية التفاوض تسير ببطء شديد، ومن غير المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في وقت قريب، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون بالإمكان معرفة إمكانية سد الفجوات بين الطرفين بشكل أكبر في الأسبوع المقبل.
مع دخول المفاوضات مراحل حساسة، يتطلع المجتمع الدولي إلى نتائج ملموسة في الأسابيع المقبلة، خاصة في ظل الضغوط السياسية والإنسانية، ومن المرجح أن تظل مسألة إطلاق سراح الاسرى، وتحقيق وقف طويل الأمد لإطلاق النار، من أبرز الأولويات التي ستحدد مسار المفاوضات في الفترة المقبلة.
كيربي: إسرائيل ألحقت أضرارًا كبيرة بقدرات حماس العسكرية لكنها ما زالت تمثل تهديدًا حقيقيًا
صرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، في تصريحات نقلتها صحف عبرية، أن إسرائيل تمكنت من إلحاق أضرار كبيرة بقدرات حركة حماس العسكرية خلال العمليات الأخيرة، ومع ذلك، أكد كيربي أن الحركة لا تزال قائمة كتهديد حقيقي للمنطقة.
وأشار كيربي إلى أن هناك فرصة حقيقية أمام حماس للتوقيع على اتفاق جديد يشمل إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، وأضاف: "حماس هي التي بدأت هذه الحرب، وبإمكانها وضع حد لها من خلال التوقيع على اتفاق جديد يضع حدًا للعنف".
وفيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر، قال كيربي: "سنواصل تنفيذ هجماتنا على قدرات اليمن العسكرية إذا استمر تهديد إسرائيل أو سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر"، يأتي هذا التصريح بعد تصاعد الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثيين ضد أهداف إسرائيلية وأخرى بحرية في المنطقة.
على صعيد آخر، تطرق كيربي إلى الوضع في لبنان، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار في البلاد ساهم في إنقاذ العديد من الأرواح، وقال: "نحن ملتزمون بهذا الاتفاق، ونعتبره خطوة ضرورية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
كما شدد على أهمية اختيار رئيس للجمهورية اللبنانية، قائلًا: "من المهم للشعب اللبناني أن يختار رئيسًا ليكون صوتًا يمثله، هذا أمر أساسي للحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد".