هل تتجه إثيوبيا وإريتريا إلى حرب أخرى؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
قبل عام التقى مسؤولون من تيغراي وإثيوبيا في بريتوريا لتوقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية. كان يُفترض أن تنهي اتفاقيات بريتوريا حرب تيغراي التي أودت بنحو 600 ألف شخص. ومنذ ذلك الحين، استغلت الحكومات الإثيوبية والغربية والإفريقية اتفاقيات بريتوريا للترويج لفكرة أن حرب إثيوبيا انتهت وأن الدولة تتجه نحو إعادة الإعمار.
من الممكن أن تُغرق الحرب الحالية المنطقة بأسرها في أزمة
وكان هذا أساس تطبيع الاتحاد الأوروبيّ مع حكومة أبي أحمد وتقديم حزمة مِنَح بقيمة 600 مليون يورو. غير أن الواقع أن الحرب الأهلية الإقليمية في إثيوبيا تحوَّل مسارها لكنها لم تنته، وفق غويتوم غيبريلويل، باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في برنامج الدراسات الأمنية الدولية بجامعة ييل.
تمهيد الطريق لحرب جديدة
وقال الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية: كانت الغاية من اتفاقية بريتوريا الأساسية تغيير تركيبة التحالفات الإستراتيجية في القرن الإفريقي وتمهيد الطريق لحرب جديدة. وأدت التحالفات دوراً محورياً في الحرب الأهلية الإثيوبية منذ البداية. وكانت إحدى مهام أبي أحمد عندما تقلد منصبه عام 2018 صنع السلام مع إريتريا وكثير من جماعات المعارضة المحلية، والاحتفاء بذاك السلام بوصفه خطوة جريئة نحو الديمقراطية والمصالحة الإقليمية، حتى أنه فاز بجائزة نوبل للسلام تقديراً لدوره.
Why #Ethiopia and #Eritrea May be Heading for Another
Increased military mobilization and belligerent rhetoric are raising the temperature in the Horn of Africa.https://t.co/RTxvip1JVa
لكن أبي أحمد كان يؤسس تحالفاً إقليميّاً وحسب لتعزيز نموذج قومي مُحدد في شتى أنحاء القرن الإفريقي. ففي إثيوبيا، تحالف مع القوميين الإثيوبيين والأمهرة. وإقليميّاً، تحالف مع الرئيس الصومالي محمد عبد الله والرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
وأدت ولاية أمهرة الإقليمية وإريتريا دوراً حاسماً في المجهود الحربي. فقد قدَّمتا مئات الآلاف من الجنود، وجمعتا الأموال، وحشدتا سكانهما في الشتات للرد على الضغوط الدولية.
بعد 4 سنوات من الحرب في أوروميا وبنيشانغول وتيغراي، أمسى واضحاً أن جهود أبي أحمد في القضاء على القومية العرقية في إثيوبيا باءت بالفشل وأثرت على اقتصاد إثيوبيا والأجهزة الأمنية. كانت هناك معضلة تواجه أبي أحمد. فإما أن يصل لتسوية مؤقتة مع القوى العرقية القومية، وإما يرى بأم عينيه انهيار إثيوبيا. وقد قرر التنازل فحقق سلاماً تكتيكياً مع جماعات المعارضة الأساسية في أوروميا، وأطلق سراح قادة مثل جوار محمد وبيكيلي جيربا في يناير (كانون الثاني) 2022.
وذكر الكاتب أن المصالحة بين أبي أحمد ومنافسيه كانت تكتيكية ولم تسفر عن مصالحة صادقة، إذ نقض جميع العهود التي قطعها على نفسه لإريتريا والأمهرة والقوميين الإثيوبيين، بما في ذلك السماح للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالاستمرار حزباً سياسياً في إثيوبيا، والتنازل عن حل دستوري للنزاع الإقليمي على غرب تيغراي.
Increased military mobilization and belligerent rhetoric are raising the temperature in the Horn of Africa. https://t.co/iNyfvnGFsT
— CFTNI (@CFTNI) November 26, 2023
وضحَّت حكومة إريتريا والقوميون الأمهرة بعشرات الآلاف من القوات، وتراكمت عليهم تكاليف مالية جسيمة.
ورفضت ميليشات الأمهرة اتفاقية بريتوريا، وأبت أن تغادر غرب تيغراي، وواصلت تطهيرها العرقي. وسرعان ما شرع رئيس الوزاء الإثيوبي في اتخاذ تدابير لتحييد التهديد الجديد لسلطته. ففي أبريل (نيسان)، أعلن عن نزع سلاح جميع القوات الخاصة الإقليمية، فأشعل حرباً واسعة النطاق بين الجيش الإثيوبي وميليشيات الأمهرة التي تحسّنت قدراتها التنظيمية والقتالية منذ ذلك الحين، وصارت تسيطر على أجزاء شاسعة من الريف وكثير من المراكز الحضرية.
لم يُعلن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي معارضته لاتفاق بريتوريا، وإنما واصل تقويض اتفاق السلام وحكومة أبي أحمد باستمراره في احتلال جزء كبير من شمال تيغراي. ودرَّبَ أفورقي أيضاً ميليشيات الأمهرة في الماضي وسلّحها. وتعتقد الحكومة الإثيوبية أنه ما زال يفعل ذلك.
وقال الكاتب إن التقدُّم بمطالبات إقليمية تخص دولاً أخرى بناءً على حقوق تاريخية ينتهك القاعدة الأساسية لمنظمة الوحدة الإفريقية المتمثلة في الحفاظ على حدود الحقبة الاستعمارية. غير أن هذا كان جدول أعمال السياسة الخارجية الرئيسي للحكومات والأحزاب السياسية الإثيوبية المتعاقبة، باستثناء الجبهة الديموقراطية الثورية للشعب الإثيوبي التي دعمت وأشرفت على انفصال إريتريا عام 1933. لذلك، قد يجد آبي أحمد الكثير من التعاطف مع أجندته الوحدوية في المجتمع الإثيوبي.
عوامل الردع
وأشار الكاتب إلى أن هناك عدة عوامل قد تردع إثيوبيا وإريتريا عن تصعيد صراعهما إلى حرب واسعة النطاق. فالجيش الإثيوبي غارق في منطقة الأمهرة، ولا يزال يتعافى من حربه في تيغراي. وفقدَ الجيش الإريتري عدداً كبيراً من قواته في الحرب الأخيرة، ومن المستبعد أن يود مواجهة جيش إثيوبي مُسلح بموارد قوية بقيادة قادة تيغراي المخضرمين.
من ناحية أخرى، قد يؤدي التصعيد المتبادل إلى قيام أحد الطرفين بتوجيه ضربة استباقية تتفاقم إلى حرب شاملة. فضلاً عن ذلك، هناك مؤشرات على استعدادات عمليَّة للحرب. ويشمل ذلك زيادة شحنات الأسلحة الواردة من الخارج. وثمة تقارير أيضاً عن زيادة تعبئة القوات على جانبي الحدود.
عدم الاهتمام من المجتمع الدولي
في آخر حرب بين إثيوبيا وإريتريا، استمر الصراع عامين وأودى بحياة نحو 100 ألف شخص. ومن الممكن أن تُغرق الحرب الحالية المنطقة بأسرها في أزمة تؤدي إلى انهيار الدولتين. والحرب بين البلدين يمكن أن تُحفز الجهات الفاعلة الإقليمية من القرن الإفريقي والشرق الأوسط على دعم حلفائها. ورغم هذه الاتجاهات المثيرة للقلق، فإن إثيوبيا وإريتريا ومنطقة القرن الإفريقي لا تحظى باهتمام يُذكَر من المجتمع الدولي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل القرن الإفریقی فی إثیوبیا أبی أحمد
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي في بريتوريا.. الخلافات مع ترامب تجمع جنوب أفريقيا وأوكرانيا.. وروسيا تنهي الزيارة بقصف كييف | تقرير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أنهت الضربات الروسية على كييف زيارة الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، إلى جنوب أفريقيا مبكرا، حيث اضطر إلى قطع زيارته والعودة إلى بلاده فور لقائه بالرئيس سيريل رامافوزا.
زيارة زيلينسكي إلى جنوب أفريقيازيلينسكي في جنوب أفريقياوتعد زيارة زيلينسكي إلى جنوب أفريقيا، هي زيارة تاريخية تشير إلى تحسن كبير في العلاقات المتوترة سابقا بين بريتوريا وكييف، حيث مثلت الزيارة اختراقًا دبلوماسيًا للزعيم الأوكراني في جهوده لمواجهة النفوذ الروسي القوي والمتنامي في أفريقيا.
وخلال السنوات الثلاثة الماضية زادت البعثات الدبلوماسية الأوكرانية في أفريقيا من 10 إلى 20 بعثة في محاولة لإيجاد موطأ قدم في ملعب تتقن روسيا بناء علاقات جيدة على أرضيته المفتوحة أمام القوى الإقليمية والدولية.
وأدركت أوكرانيا بذلك الأهمية الدبلوماسية للدول الأفريقية، عندما رفض العديد منها - بما في ذلك القوة الإقليمية جنوب أفريقيا - إدانة الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وقال الزعيم الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إن الزيارة "أعادت التأكيد" على الروابط بين البلدين، مشيرًا إلى أن زيارة زيلينسكي هي الأولى لرئيس أوكراني منذ 33 عامًا.
باستثناء توقف قصير في الرأس الأخضر عام ٢٠٢٣ أثناء رحلته إلى الأرجنتين، كانت هذه أيضًا أول زيارة لزيلينسكي إلى أفريقيا منذ توليه رئاسة أوكرانيا عام ٢٠١٩.
الخلافات بين ترامب وجنوب أفريقيا وأوكرانياكانت زيارة زيلينسكي إلى جنوب أفريقيا في هذه المرحلة ذات أهمية خاصة، حيث توترت علاقة أوكرانيا بالولايات المتحدة - موردها الرئيسي للأسلحة - منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير.
أوقف المساعدات العسكرية لفترة وجيزة، وندد بزيلينسكي ووصفه بـ"الديكتاتور"، واتهم أوكرانيا بالمسؤولية عن الحرب.
بالنسبة لرئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، كانت الزيارة بالغة الأهمية، إذ كانت بلاده أيضًا تحت ضغط شديد من إدارة ترامب.
مبادرة أفريقية لإنهاء الحرب الأوكرانية رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزاحاول رامافوزا لأول مرة تولي دور صانع السلام في عام ٢٠٢٣ عندما قاد وفدًا من القادة الأفارقة إلى كل من كييف وموسكو في محاولة للتوسط لإنهاء الصراع.
جاءت هذه المبادرة في الوقت الذي واجهت فيه جنوب أفريقيا رد فعل عنيف من إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن، التي شككت في حيادها المعلن في الصراع بعد إجرائها مناورة بحرية مع روسيا والصين.
تدهورت العلاقات بعد أن اتهم سفير واشنطن آنذاك في بريتوريا جنوب أفريقيا بتزويد روسيا بالأسلحة والذخيرة.
عيّن رامافوزا لاحقًا لجنة تحقيق بقيادة قاضٍ للتحقيق في هذا الادعاء لم تجد اللجنة أي دليل يدعم ادعاء السفير، لكن العلاقات بين جنوب أفريقيا وإدارة بايدن ظلت متوترة.
لم تكن علاقات جنوب أفريقيا مع روسيا موضع خلاف بالنسبة لترامب، فهو أيضًا على وفاق مع بوتين، ويضغط على زيلينسكي لإبرام صفقة مع الزعيم الروسي.
ومع ذلك، وصلت علاقة ترامب مع جنوب أفريقيا إلى أدنى مستوياتها بسبب قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وبسبب ما وصفه بـ"الممارسات الجائرة وغير الأخلاقية" ضد الأقلية البيضاء الأفريكانية - وهو ادعاء تنفيه حكومة رامافوزا.
غضب روسياويشير الخبراء إلى أن زيارة زيلينسكي إلى جنوب أفريقيا، ربما تغضب روسيا لكنها لا تستطيع أن تفعل شيئا.
وأجرى رامافوزا محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل زيارة زيلينسكي.
وقال رئيس جنوب أفريقيا حول المحادثة مع نظيره الروسي في منشور على منصة إكس :أكدنا على متانة العلاقات الثنائية بين بلدينا، مضيفا "كما التزمنا بالعمل معًا من أجل حل سلمي للصراع الروسي الأوكراني".