احتكار جديد بسوق الدواء المصري.. هل تسير إسعاف 24 على خطا 19011؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
لم يسلم قطاع الدواء المصري تلك السلعة الاستراتيجية الخطيرة المتعلقة بحياة أكثر من 105 ملايين نسمة، من التأثر بالسياسات الاقتصادية السلبية لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي، والتي دفعت بأسعاره إلى مستويات قياسية، وتسببت في نقص الكثير من أصنافه بالصيدليات والمستشفيات العامة.
تلك السياسيات التي ضاعفت من أعباء إنفاق المصريين على الصحة، ووضعت البلاد بالمركز 153 من بين 195 دولة في الأمن الصحي العالمي، وبالمركز الـ11 عربيا، لعام 2022، تتواصل بشكل مثير للجدل بحق صحة ملايين المصريين الذين يعاني نحو ثلثيهم من الفقر والفقر المدقع.
ووسط مخاوف من احتكار جديد بسوق الدواء يترتب عليه شحه بالأسواق ورفع أسعاره مجددا، افتتح رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأحد، 5 فروع لصيدليات "إسعاف 24"، في منطقتي رمسيس، والأميرية بالقاهرة، وفي المنصورة بدلتا مصر، وفي أسيوط بالصعيد، وبالإسكندرية شمال غرب البلاد، وسط حديث عن تعميم التجربة بجميع المحافظات.
"كعكة كبيرة وأزمات خطيرة"
وسوق الدواء في مصر كبيرة، لكن تتضارب الأرقام حول حقيقة حجم السوق، حيث أكد رئيس هيئة الدواء المصرية، تامر عصام، أمام مجلس الشيوخ في أيار/ مايو الماضي، أنه يبلغ نحو 170 مليار جنيه للمستحضرات البشرية فقط.
لكن، وفي تموز/ يوليو الماضي، أكد وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، بمداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى بفضائية "صدى البلد"، أن سوق الدواء في مصر يصل لأكثر من 300 مليار جنيه.
وبرغم وجود نحو 174 مصنعا، و47 مصنعا تحت الإنشاء، بحسب تصريح رئيس هيئة الدواء المصرية، إلا أن السوق المصري يشهد نقصا مقلقا للكثير من الأصناف المحلية والمستوردة، مع ارتفاع متواصل ومثير للمخاوف على صحة المصريين التي تتعرض بجانب ذلك إلى طرح أدوية مغشوشة ومجهولة المصدر، بحسب بيانات رسمية ورصد مراقبين للقطاع.
واعترف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر، الدكتور علي عوف، في آب/ أغسطس الماضي، أن سوق الدواء المصري شهد زيادة بأسعار ألفي صنف، بنسبة 15 بالمئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.
وعلى مستوى مدن وقرى مصر تنتشر نحو 85 ألف صيدلية، وفقا لتقديرات شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، الذي قدر عدد السلاسل بـ90 سلسلة تضم حوالي 3500 صيدلية، يديرها نحو 300 ألف صيدلي مسجلين بنقابة الصيادلة المصريين.
"مخاوف من الاحتكار"
المثير في ملف انتشار صيدليات (إسعاف 24) أنها تعد مملوكة لـ"لشركة المصرية للاستثمارات الطبية"، التي دشنتها الحكومة في تموز/ يوليو 2020، كشركة مساهمة تابعة لـ"هيئة الشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي"، التي يديرها اللواء بالقوات المسلحة بهاء الدين زيدان، بهدف توزيع وإدارة المخزون الاستراتيجي للمستحضرات بالمخازن العملاقة التي أقامتها الدولة.
وتتحكم الهيئة المصرية للشراء الموحد، دون غيرها، في إجراء عمليات الشراء للمستحضرات والمستلزمات الطبية البشرية لجميع الجهات والهيئات الحكومية، وذلك مقابل أداء رسم شراء لا يجاوز (7 بالمئة) من صافي قيمة ما تقوم الهيئة بشرائه للجهات والهيئات والشركات.
كما أنه ما زال عالقا في أذهان المصريين ما أحدثته سلسلة صيدليات "19011" التي أضرت بسوق الدواء المصري، وأفلست بعد إحداث أضرار بالغة، ما دفع البعض للتخوف من أن تكون سلسلة "إسعاف 24" نسخة جديدة لاحتكار سوق الدواء في مصر وتعطيش السوق والمضاربة في أسعاره، كسابقتها "19011".
واقتحمت سلسلة صيدليات "19011" سوق بيع الدواء المصري في كانون الثاني/ يناير 2018، بشكل مثير، وسيطرت على أكثر من 400 صيدلية بالقاهرة والمدن الكبرى، والاستحواذ على مجموعة صيدليات رشدي، والحصول على قروض بنكية، مع انتهاج سياسة حرق الأسعار ما أضر بالكثير من الصيادلة، لتبدأ خلال عامين موجة تعثر مع ديون تجاوزت 7.5 مليار جنيه.
ويعزز مخاوف البعض وفرضية الاحتكار لأدوية هامة وأخرى خاصة بأمراض خطيرة، قول مدير الرؤساء التنفيذيين بالشركة المصرية للاستثمارات الطبية الدكتور أحمد عفيفي، خلال افتتاح الصيدليات الخمس إن "إسعاف 24" تعمل على توفير "الأدوية الناقصة" بالسوق المصرية.
وكذلك قوله: وتقديم "الأدوية التي تؤثر إيجابا على الحالة النفسية للمريض"، والتي يتم صرفها بالتعاون مع هيئة الدواء المصرية، بجانب "جميع أنواع حليب الأطفال العادية والعلاجية"، و"الأنسولين" و"أدوية الأورام" التي يصعب العثور عليها في الصيدليات العادية.
وكذلك تأكيد عفيفي، العمل على تنفيذ خطة استراتيجية لتطوير وزيادة انتشار صيدليات الإسعاف على جميع محافظات الجمهورية.
"كانت الملاذ الأخير"
الدكتور مصطفى جاويش تحدث لـ"عربي21"، عن قصة "إسعاف 24" الوافد الجديد القديم بسوق بيع الدواء المصري، وعن توفيرها أدوية استراتيجية لأمراض خطيرة كالأورام والسكر وحليب الأطفال دون غيرها من الصيدليات، ومدى اعتبار ذلك احتكارا لسوق الدواء، وأيضا المخاوف من تكرار أزمة "19011".
المسؤول السابق بوزارة الصحة المصرية، قال إن "القانون رقم (151 لسنة 2019)، منح هيئة الشراء الموحد، صلاحيات غير محدودة في السيطرة على سوق الدواء المصري".
وكيل مديرية الصحة بدمياط سابقا، وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وكذلك التحكم بجانب حصرية الشراء في إدارة المخازن، وتحريك المخزون، وتقديم كافة خدمات التوزيع والصيانة".
وأوضح أن "لهيئة الشراء الموحد إجراء الربط الإليكتروني لمخزون المستحضرات والمستلزمات الطبية على مستوى الجمهورية بالمنظومة الخاصة بها، ولها حق تيسير عملية إعادة التوزيع للمنتجات بين الجهات بحالات الضرورة".
ويرى أن "قيام هيئة الشراء الموحد، بإنشاء شركة مساهمة باسم (الشركة المصرية للاستثمارات الطبية)، يعزز السيطرة على سوق الدواء، وفصله عن ولاية وزارة الصحة".
ويعتقد جاويش، أنه "لا يمكن فصل هذه الإجراءات عن السعي نحو عسكرة قطاع الدواء بالكامل لإحكام قبضة القوات المسلحة على سوق الدواء المصري ضمن السيطرة العامة على الاقتصاد الرسمي والخاص وسلب مقدرات مصر وشعبها".
ولفت إلى ناحية أخرى تمس ملايين الفقراء من المصريين، موضحا أن "صيدليات الإسعاف الحكومية، كانت الملاذ الأخير للمواطن للحصول على الأدوية النادرة أو النواقص بصورة عامة".
ويرى، أن "ما حدث الآن من تطوير لتلك الصيدليات تحت مسمى (إسعاف 24)، ونقل تبعيتها إلى هيئة الشراء الموحد برئاسة اللواء بهاء زيدان، يعني إحكام الحلقة الأخيرة من السيطرة العسكرية على المنفذ الوحيد كطوق نجاة لملايين المواطنين".
"مقدمة للبيع"
من جانبه، تطرق أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق الدكتور أحمد رامي، إلى نقاط أخرى في ملف الصيدليات الجديدة، متوقعا أن يكون إعادة توضيبها وتوسعة عملها وانتشار اسمها مقدمة لبيعها، في إطار توجه الحكومة المصرية لبيع الأصول العامة.
وقال لـ"عربي21"، إن افتتاح فروع لصيدليات (إسعاف 24)، وانتشارها مستقبلا بجميع المحافظات حتى نهاية 2014، "فيما يبدو لي أنه إجراء سابق لإجراء آخر بعرض سلاسل الصيدليات التي كانت تابعة للشركة المصرية لتجارة الأدوية، للبيع".
وأكد رامي، أن "هذا سلوك يراه دائم للنظام المصري حتى منذ عهد مبارك"، موضحا أنهم "دائما قبل بيع أي شركة أو أصل من الأصول العامة يقومون بفصله عن الشركة الأم، وهذا ما حدث للعديد من الشركات التي تم في مرحلة لا حقة عرضها للبيع".
وتوقع أن يكون هناك إقبال كبير على مثل تلك صفقة من قبل المستثمرين العرب، موضحا أن "ذلك يأتي خاصة وأن سوق الصيدليات في مصر محل إقبال ورغبة من قبل دوائر في الخليج العربي".
وفي المقابل أشاد مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد بالفكرة واعتبرها "خطوة جيدة ومتطورة من الحكومة لمبادئ الرعاية الصحية"، كونها صيدليات تفتح 24 ساعة للجمهور، وتوفر أدوية غير موجودة وأدوية السكر والأورام وأدوية الجدول.
"غضب الصيادلة"
لكن، وعبر موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك"، انتقد صيادلة كثيرون تعميم صيدليات "إسعاف 24"، بجميع المحافظات، وبينهم الصيدلي أحمد كابلان، الذي رأي في ذلك "تدمير لمهنة الصيدلة"، مؤكدا أن هذا التوسع يؤدي إلى "منافسة غير عادلة من الدولة للقطاع الخاص".
وأكد صيادلة آخرون أنه بذلك لم يعد للصيدليات الخاصة سوى بيع مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية، فيما شاركهم الرأي الصيدلي عماد الدين سمير، الذي قال عبر "فيسبوك"، إن "الدولة تنافس القطاع الخاص بشكل كبير".
وأضاف أن هناك نحو 70 ألف صيدلية تخضع للرقابة ويعمل بها نحو 350 ألف شخص، وتدفع ضرائب للدولة، وكانت الأدوية المهمة متوفرة للمواطن دون مشكلة، متسائلا: "ما الفائدة من تحميل الدولة تكاليف إنشاء صيدليات خاصة بالدولة والمنافسة غير العادلة مع القطاع الخاص والتسبب في انهياره".
وتوقع الصيدلي المصري أن "تتحول تلك الصيدليات لمنظومة حكومية تخضع لطريقة الدفتر والعجز، والمحصلة النهائية لن يجد المواطن صيدلية الدولة ولا صيدلية القطاع الخاص".
ودعا إلى "توفير العلاج الناقص للمواطن عبر صيدليات المستشفيات الحكومية التي يمكنها صرف وتوفر أدوية الجدول وكافة النواقص"، مؤكدا أن "فتح المزيد من صيدليات الإسعاف 24، قرار غير مدروس سيضر بالجميع".
وأكد الصيدلي المصري عبدالحميد محمدي، أنه بقرار هيئة الشراء الموحد المالك الجديد للشركة المصرية لتجارة الأدوية التي تمتلك صيدلية الإسعاف وصيدليات أخرى بالقاهرة والأقاليم إطلاق اسم "إسعاف 24" على جميع صيدليات الهيئة وإنشاء فروع للسلسلة بجميع المدن والمستشفيات الجامعية والحكومية لم يعد هناك "مستقبل للصيدليات" الخاصة.
"مافيا الدواء"
وتظل منظومة صناعة الدواء واستيراده وتوزيعه في مصر محل جدل، فيما تستحوذ قرابة 10 شركات كبرى أدوية على السوق الإنتاج المصري.
وتعرض الصيادلة على مدار الأعوام الماضية للعديد من الأزمات، كان آخرها أزمة "من يضرب الحقن للمصريين؟"، وما سبقها من أزمة الفاتورة الإليكترونية، وأزمة سلاسل صيدليات "19011"، و"العزبي"، إلى جانب تغول مافيا الدواء على السوق المصرية.
ومنذ تدشين "الصندوق السيادي" المصري ما يعرف باسم "صندوق مصر الفرعي للخدمات الصحية والصناعات الدوائية"، في آب/ أغسطس 2020، يسعى للسيطرة على سوق الدواء المصري ومواصلة استحواذه على أهم قطاعاته.
ومن مؤشرات الاحتكار المريب في سوق الدواء بحسب مراقبين، يأتي إعلان صندوق مصر السيادي، وشركة بي إنفستمنتس القابضة، في أيار/ مايو الماضي، إطلاق شركة "EZ International" بالشراكة مع صيدلية العزبي الرائدة في تجارة الأدوية لتقديم خدمات لوجستية وإدارية للمؤسسات الصيدلية وتوزيع وتجارة الأدوية.
المثير في الأمر، أن العزبي، صاحب فكرة أول سلاسل صيدليات في مصر، تعرض للعديد من الأزمات بداية من اتهامه في "قضية احتكار الدواء الكبرى"، عام 2016، لتحل محل إمبراطورية العزبي سلسلة صيدليات "19011"، التي احتكرت السوق أيضا ثم غادرته بعد خسائر كبيرة.
وشهد سوق الدواء المصري أزمات مالية، مع الظهور السريع لسلسلة صيدليات "19011"، عام 2018، بالاستحواذ على سلاسل صيدليات رشدي، و"الايمدج"، لتصبح السلسلة الأكبر بالبلاد بنحو 300 صيدلية، ثم الانهيار الأسرع لتلك الإمبراطورية في 2022.
ويسيطر الجيش على قطاع واسع من سوق الدواء، عبر "لجنة الشراء الموحد" التي تتحكم في استيراد الدواء الذي بلغ عام 2019 بـ 71 مليار جنيه، بحسب شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، في كانون الثاني/ يناير 2020.
في 31 آب/ أغسطس 2019، أصدر السيسي، القانون (151 لسنة 2019) بإنشاء "الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي"، برئاسة مدير "مجمع الجلاء الطبي" للقوات المسلحة.
"تفاقم أسعار مستمر"
وبرغم أن السيسي تبنى إنشاء "مدينة الدواء"، بمنطقة الخانكة شمال شرق القاهرة، لصناعة الأدوية التقليدية، وغير التقليدية، وبرغم أن هناك نحو 177 شركة دواء في مصر تعمل على تغطية حاجة السوق المحلي من الدواء، إلا أن أسعار الدواء في تفاقم مستمر مع اختفاء أصناف بعينها بشكل دائم.
ارتفاعات أسعار الدواء تعدت في بعض الأصناف نسب من 50 إلى 100 بالمئة خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث طالت الارتفاعات حوالي ألفي صنف دواء، متأثرة بأزمة البلاد مع سعر صرف العملات الأجنبية المرتفع من نحو 7 جنيهات قبل 10 سنوات لأكثر من 50 جنيها بالسوق السوداء في تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
ودأبت حكومات السيسي على رفع أسعار الدواء، ففي أيار/ مايو 2016، تم زيادة أسعار الدواء أقل من 30 جنيها بنسبة 20 بالمئة.
ثم في كانون الثاني/ يناير 2017، جرى رفع لأسعار أكثر من 3 آلاف صنف دوائي بنسبة 50 بالمئة للأدوية أقل من 50 جنيها، و40 بالمئة للأكثر من 50 جنيها، و30 بالمئة لمن يفوق سعره 100 جنيه.
وفي آب/ أغسطس 2017، رفعت الحكومة المصرية أسعار 4 آلاف صنف دوائي بنسبة 20 بالمئة للمحلي و25 بالمئة للمستورد.
وفي العام 2018، جرى رفع أسعار نحو 100 صنف بعضها تعدى نسبة 75 بالمئة.
وبعد تأسيس الهيئة المصرية للشراء الموحد عام 2019، لم تتوقف ارتفاعات أسعار الدواء في مصر بل زادت بشكل مثير للجدل.
الهيئة، أقرت في حزيران/ يونيو 2022، رفع أسعار 40 صنف من 20 إلى 30 بالمئة، ثم أقرت رفع وزارة قطاع الأعمال أسعار 400 صنف دواء في أيلول/ سبتمبر 2022، لتتواصل ذات السياسة طوال العام الجاري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدواء المصري السيسي الصحة مصر السيسي صحة طب دواء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة الشراء الموحد على سوق الدواء سلسلة صیدلیات الدواء فی مصر أسعار الدواء ملیار جنیه رفع أسعار إسعاف 24
إقرأ أيضاً:
في خطوة تتماشى مع التوقعات.. المركزي المصري يثبت الفائدة
الاقتصاد نيوز - متابعة
أبقت لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزي المصري على معدلات الفائدة دون تغيير، في خطوة تتماشى مع التوقعات.
وقرر البنك المركزي المصري، الخميس، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25 بالمئة و28.25 بالمئة و27.75 بالمئة على الترتيب.
كما قررت اللجنة أيضا الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75 بالمئة.
وبحسب بيان للمركزي المصري، فإن هذا القرار يأتي انعكاسا لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.
وقالت اللجنة إنه على الصعيد العالمي، فقد ساهمت السياسات النقدية التقييدية التي انتهجتها اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة في انخفاض التضخم عالميا، وعليه اتجهت بعض البنوك المركزية إلى خفض أسعار العائد تدريجيا، مع الإبقاء على المسار النزولي للتضخم للوصول به إلى مستوياته المستهدفة.
وأكدت أنه على الرغم من زيادة التوقعات بانخفاض الأسعار العالمية للسلع الأساسية، خاصة الطاقة، فإن المخاطر الصعودية المحيطة بالتضخم لا تزال قائمة، حيث تظل أسعار السلع الأساسية عُرضة لصدمات العرض مثل الاضطرابات العالمية وسوء أحوال الطقس.
وقال البنك: "على الجانب المحلي، توضح المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بوتيرة أسرع من 2.4 بالمئة المسجلة خلال الربع الثاني من العام نفسه".
وأضاف: "تشير توقعات النشاط الاقتصادي للربع الرابع من عام 2024 إلى استمرار اتجاهه الصعودي، وإن لم يحقق طاقته القصوى بعد، مما يدعم المسار النزولي للتضخم على المدى القصير، ومن المتوقع أن يتعافى بحلول السنة المالية 2024/2025".
وحول معدلات التضخم، قال المركزي المصري إن التضخم السنوي العام ظل مستقرا إلى حد كبير للشهر الثالث على التوالي، عند 26.5 بالمئة في أكتوبر 2024، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريا مثل غاز البترول المُسال (أسطوانات البوتاجاز) والأدوية.
وتشير التوقعات، بحسب البنك، إلى استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024 وإن كانت تحيط به بعض المخاطر الصعودية.
"ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس"، وفق البيان.
وأشارت اللجنة إلى أنها ستواصل اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي المناسبة، وذلك بناء على تقديرها لتوقعات التضخم وتطور معدلات التضخم الشهرية وفعالية آلية انتقال السياسة النقدية.
كما ستواصل متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها على التوقعات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لديها لكبح جماح التضخم.