جريدة الوطن:
2025-03-31@01:57:59 GMT

صفعة الموت.. ومواجهتها فـي النهاية!

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

صفعة الموت.. ومواجهتها فـي النهاية!

تمرُّ على الإنسان فترات وهو يشاهد لحظات المريض الأخيرة، فلا يستطيع تقديم أكثر ممَّا قَدْ قدَّم له من عناية طبيَّة. وهنا اللحظة، الَّتي يدرك فيها الشخص المحتضر لأوَّل مرَّة، أنَّ الموت قريب. ولعلِّي هنا أقول ـ يا إلهي ـ أليست تلك هي الصفعة الوجوديَّة، خصوصًا وأنَّ العادة المعتادة، أن نسمحَ لأفكار الموت بالبقاء في مكان ما بعيد عن عقولنا، باتَتِ الآن مستحيلة؟!.

. وبهدوء موقن ندرك هنا أنَّه لَمْ يَعُدْ من الممكن إنكار الموت!
وعَلَيْه، وبشكلٍ مقارب، يجِبُ أن لا ننسى أنَّ هذا الوعي قَدْ يؤدِّي أيضًا إلى حدوث أزمة شخصيَّة بالنسبة للعديد من المرضى الَّذين يعانون من أمراض مزمنة خطيرة، خصوصًا وأنَّ أزمة معرفة الموت ستكُونُ ربَّما نقطة تحوُّل وجوديَّة أو محنة وجوديَّة نتيجة الإصابة بمَرض عضال وتبعاته. وهنا مُعْظم النَّاس يدركون على المستوى الفكري، أنَّ الموت أمْرٌ لا مفرَّ مِنْه، وقَدْ تسمع ذلك ـ على سبيل المثال ـ من مَرضى السرطان عِندما تتغيَّر حياتهم على الفور، في اللحظة الَّتي يقول فيها الطبيب إنَّه مُصاب بالسرطان، مع العِلم أنَّ دِيننا الحنيف أوصانا بالصبر والاحتساب عِند البلاء ولكن حتمًا تلك هي الطبيعة البَشَريَّة.
مع ذلك يجِبُ أن أشيرَ إلى أنَّ صدمة مواجهة الفناء الخاصِّ بك لا يجِبُ أن تحدُثَ في تلك اللحظة. ربَّما تنظر إلى نَفْسِك في المرآة وتدرك فجأة مدى نحافتك، أو تلاحظ أنَّ ملابسك لَمْ تَعُدْ مناسبة لك. بل ـ أستطيع القول ـ بأنَّها ليست بالضرورة لفظيَّة أو بالضرورة، ما قَدْ يخبرك به الآخرون… لعلَّها روحك الَّتي ستخبرك، أو ربَّما تخبرك عيون الآخرين!
بطبيعة الحال وفي عصرنا هذا، كُلُّنا نعيش مع احتمال الموت في أيِّ لحظة. وكُلُّ واحدٍ يعرض لنَفْسِه مسارًا معيَّنًا لحياته، فيتوقع فترة حياة معيَّنة يرتب فيها أنشطته ويُخطِّط لحياته، ولكن بعد ذلك قَدْ يواجه الفرد فجأة أزمة، أكانت بسبب المرض أو الصدفة، وبالتَّالي هنا مسار ذلك الإنسان من المحتمل أن يتغيرَ فجأة!
وبلا شك، وفي هذه الأزمة، يشعر البعض بالاكتئاب أو اليأس أو الغضب، أو الثلاثة معًا. فيحزنون، ويتصارعون مع فقدان المعنى. كيف لا؟ وكُلُّ جانب من جوانب حياة ذلك الفرد سيكُونُ مهدّدًا بالتغيُّرات الَّتي يفرضها المَرض ـ أجارنا الله وإيَّاكم، وشفى مرضانا ـ. وحتمًا لعددٍ قليل من المرضى، تلك الأزمة قَدْ تثير أو تخلق مشاكل نَفْسيَّة دائمة. بالمقابل فإنَّ عددًا من النَّاس يواجهون الأزمة، ثمَّ يعودون إلى حالة الإنكار، ثمَّ يعودون مرَّة أخرى إلى الأزمة، وربَّما أكثر من مرَّة تمرُّ عليهم هكذا لحظات.
ومهما يكُنْ، فهنا يبرز الإيمان بالله، وإدراك معنى الابتلاء والصبر عَلَيْه، حينها يعيش ذلك المريض بوعي بالموت، وفي الوقت نَفْسه توازنه مع البقاء منخرطًا في الحياة. إنَّها ـ إن استطعت القول ـ القدرة على الاحتفاظ بالازدواجيَّة. وهنا سواء كان النَّاس قادرين على إيجاد هذا التوازن أم لا، فإنَّ الأزمة الوجوديَّة لَنْ تدومَ، فلا يُمكِن للمَرضى البقاء لفترة طويلة في حالة من القلق الحادِّ. فالأجدى معايشة الابتلاء ومحاولة العيش بقدر من القوَّة والصبر، خصوصًا إذا كان من حَوْلَه، مُحبِّين وصادقين في دعمه.
طبعًا بالنسبة لمُعْظم الأشخاص، فإنَّ معرفة كيفيَّة التكيُّف مع العيش مع مرض يهدِّد الحياة هي عمليَّة معرفيَّة صعبة ولكنَّها ضروريَّة. فعِندما يظهر المَرضى على الجانب الآخر من الأزمة الوجوديَّة، تجد أنَّ العديد مِنْهم أصبحوا أفضل حالًا بسبب هذه الأزمة. بل ومن المرجَّح أن يكُونَ لدى هؤلاء المَرضى تعاطف أعمق مع الآخرين وتقدير أكبر للحياة المتبقية!
ختامًا، يجِبُ أن يعيَ ذلك المَريض (المُبتلَى بذلك الدَّاء العضال ) ويواجه حقيقة أنَّه سيموت يومًا. فإذا كان شخصًا متجنبًا للحقيقة، ولا يحبُ التفكير في هذه الأشياء، فهو ـ للأسف ـ ملزم بالواقع الَّذي لا يسمح بذلك. كمحاولة التظاهر بأنَّك لا تحتاج إلى مظلَّة مع زخَّات المطر، ولكن عِندما يكُونُ الطقس بشكلٍ حقيقي ممطرًا… في النِّهاية عَلَيْك أن تتعايشَ مع المطر!

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

سجّانو الموت الحوثيون

في زنازين الظلم الحوثية حيث يُدفن الأحياء تحت التعذيب يقف الإرهابيون عبدالقادر المرتضى وعبدالرب جرفان وعبدالحكيم الخيواني وعبدالقادر الشامي وفواز نشوان كرموز للقهر والظلم والاستبداد.

فالمرتضى المشرف العام على السجون الحوثية لا يكتفي بإدارة المعتقلات بل يدير أيضًا سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء. أما جرفان الذي انتحل صفة رئيس جهاز الأمن القومي فقد انتقل لاحقًا لمسؤول حماية زعيم الميليشيا الإرهابي عبدالملك الحوثي ليحل محله فواز نشوان رئيساً للامن القومي وحالياً  أصبح وكيلاً للخيواني الذي يقود اليوم جهاز الأمن والمخابرات بعد دمج الحوثيين للجهازين السياسي والقومي في جهاز واحد، اما الشامي الذي كان ينتحل منصب رئيس جهاز الأمن السياسي قبل الدمج اصبح الآن نائبًا للخيواني في الجهاز الجديد.

لم يكونوا سوى سجّانين مجرمين متعطشين للدماء وحوش تجردت من الإنسانية واتخذت القمع والتنكيل بالشعب اليمني عقيدة ومنهجًا. لقد حوّلوا السجون إلى مقابر جماعية حيث الموت البطيء هو القاعدة والتعذيب الممنهج هو العقيدة والسياسة الرسمية. تقطيع الأجساد، والصعق بالكهرباء وتكسير العظام واقتلاع الأظافر والتجويع والإذلال وترك المختطفين الأبرياء ينزفون حتى الموت—كل ذلك وغيرها من أساليب التعذيب الوحشية كانت تجري بمشاركتهم وتحت إشرافهم المباشر وكانت جزءاً من عقيدة مترسخة تهدف إلى قهر كل صوت حر وإرهاب كل من يرفض فكرهم الطائفي العنصري.

لقد رأيتُ أنا وزملائي الصحفيين هذه الفظائع بأعيننا. لم نكن فقط شهوداً بل ضحايا تجرعنا مرارة العذاب وذاقت اجسادانا اهوال سجونهم . رأينا بأعيننا كيف يُقتل الإنسان ببطء وكيف يُمحى وجوده دون أن يرفّ للجلادين جفن. كانت صرخات الآلاف من المختطفين تُقابل بالضحكات وأجسادهم الممزقة تُدفن تحت سياط الجلادين بلا رحمة.

إننا نطالب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى الضغط على ميليشيات الحوثي من أجل الإفراج عن المختطفين والأسرى وفتح تحقيق عاجل في جرائم التعذيب والقتل داخل سجونها وملاحقة الجناة كمجرمي حرب.

كما نحثّ كل يمني حرّ على توثيق هذه الجرائم ورفع الصوت ضدها فالصمت مشاركة في الجريمة، والعدالة قادمة لا محالة.

ان دعاوانا ومطالبنا عهد لا رجعة فيه والتزام ثابت بأن حرية المختطفين مسؤوليتنا ونضالهم أمانة في أعناقنا ولن نتراجع عن معركتنا حتى تحريرهم ومعاقبة الجناة. وان كل الجرائم التي ارتكبت ضدهم لن تمر دون عقاب ولن يفلت مرتكبوها من قبضة العدالة مهما طال الزمن ،فالتاريخ لا ينسى والعدالة لا ترحم.

اليوم أو غداً أنتم أيها المجرمون وزعيمكم الإرهابي عبدالملك الحوثي ستدفعون ثمن جرائمكم كما دفعه الطغاة من قبلكم.

لن تحميكم ميليشياتكم ولن تنقذكم أجهزتكم القمعية فالأرض التي رويتموها بدماء الأبرياء ستبتلعكم وستظل أرواح الضحايا تطاردكم حتى تتحقق العدالة. نهايتكم لن تكون مجرد حدث عابر بل محطة فاصلة تؤكد أن المجرمين لا يفلتون من العقاب وأن العدالة حين تحين ساعتها لن ترحم من تلطخت يداه بدم الأبرياء.

وستخضعون جميعًا للمحاسبة القضائية العادلة فجرائمكم لن تسقط بالتقادم وستنالون الجزاء الذي تستحقونه وفق القانون لتكونوا عبرة لكل من تجرأ على المختطفين وظن أن بطشه سيحميه وأن الظلم يدوم.

مقالات مشابهة

  • 3 جولات على النهاية.. صراع الدحيل والسد يتواصل
  • عربية النواب: بيان العامة للاستعلامات صفعة على وجه دولة الاحتلال
  • سجّانو الموت الحوثيون
  • اندماج هوندا ونيسان صفعة قوية لـ تويوتا .. ما القصة؟
  • ويل سميث يلمح إلي صفعة الأوسكار الشهيرة بألبومه الجديد
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تستأنف الحرب حتى النهاية ولن تتوقف
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل ستواصل الحرب حتى النهاية ولن تتوقف
  • أب يعذب طفليه حتى الموت
  • مبني على قصة حقيقية.. ويل سميث يتناول صفعة الأوسكار الشهيرة في ألبومه الجديد
  • صفعة قائد تمارة تفجر جدلاً حول الشواهد الطبية.. محامون : تؤثر على ميزان العدالة