جريدة الوطن:
2025-02-23@09:46:50 GMT

صفعة الموت.. ومواجهتها فـي النهاية!

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

صفعة الموت.. ومواجهتها فـي النهاية!

تمرُّ على الإنسان فترات وهو يشاهد لحظات المريض الأخيرة، فلا يستطيع تقديم أكثر ممَّا قَدْ قدَّم له من عناية طبيَّة. وهنا اللحظة، الَّتي يدرك فيها الشخص المحتضر لأوَّل مرَّة، أنَّ الموت قريب. ولعلِّي هنا أقول ـ يا إلهي ـ أليست تلك هي الصفعة الوجوديَّة، خصوصًا وأنَّ العادة المعتادة، أن نسمحَ لأفكار الموت بالبقاء في مكان ما بعيد عن عقولنا، باتَتِ الآن مستحيلة؟!.

. وبهدوء موقن ندرك هنا أنَّه لَمْ يَعُدْ من الممكن إنكار الموت!
وعَلَيْه، وبشكلٍ مقارب، يجِبُ أن لا ننسى أنَّ هذا الوعي قَدْ يؤدِّي أيضًا إلى حدوث أزمة شخصيَّة بالنسبة للعديد من المرضى الَّذين يعانون من أمراض مزمنة خطيرة، خصوصًا وأنَّ أزمة معرفة الموت ستكُونُ ربَّما نقطة تحوُّل وجوديَّة أو محنة وجوديَّة نتيجة الإصابة بمَرض عضال وتبعاته. وهنا مُعْظم النَّاس يدركون على المستوى الفكري، أنَّ الموت أمْرٌ لا مفرَّ مِنْه، وقَدْ تسمع ذلك ـ على سبيل المثال ـ من مَرضى السرطان عِندما تتغيَّر حياتهم على الفور، في اللحظة الَّتي يقول فيها الطبيب إنَّه مُصاب بالسرطان، مع العِلم أنَّ دِيننا الحنيف أوصانا بالصبر والاحتساب عِند البلاء ولكن حتمًا تلك هي الطبيعة البَشَريَّة.
مع ذلك يجِبُ أن أشيرَ إلى أنَّ صدمة مواجهة الفناء الخاصِّ بك لا يجِبُ أن تحدُثَ في تلك اللحظة. ربَّما تنظر إلى نَفْسِك في المرآة وتدرك فجأة مدى نحافتك، أو تلاحظ أنَّ ملابسك لَمْ تَعُدْ مناسبة لك. بل ـ أستطيع القول ـ بأنَّها ليست بالضرورة لفظيَّة أو بالضرورة، ما قَدْ يخبرك به الآخرون… لعلَّها روحك الَّتي ستخبرك، أو ربَّما تخبرك عيون الآخرين!
بطبيعة الحال وفي عصرنا هذا، كُلُّنا نعيش مع احتمال الموت في أيِّ لحظة. وكُلُّ واحدٍ يعرض لنَفْسِه مسارًا معيَّنًا لحياته، فيتوقع فترة حياة معيَّنة يرتب فيها أنشطته ويُخطِّط لحياته، ولكن بعد ذلك قَدْ يواجه الفرد فجأة أزمة، أكانت بسبب المرض أو الصدفة، وبالتَّالي هنا مسار ذلك الإنسان من المحتمل أن يتغيرَ فجأة!
وبلا شك، وفي هذه الأزمة، يشعر البعض بالاكتئاب أو اليأس أو الغضب، أو الثلاثة معًا. فيحزنون، ويتصارعون مع فقدان المعنى. كيف لا؟ وكُلُّ جانب من جوانب حياة ذلك الفرد سيكُونُ مهدّدًا بالتغيُّرات الَّتي يفرضها المَرض ـ أجارنا الله وإيَّاكم، وشفى مرضانا ـ. وحتمًا لعددٍ قليل من المرضى، تلك الأزمة قَدْ تثير أو تخلق مشاكل نَفْسيَّة دائمة. بالمقابل فإنَّ عددًا من النَّاس يواجهون الأزمة، ثمَّ يعودون إلى حالة الإنكار، ثمَّ يعودون مرَّة أخرى إلى الأزمة، وربَّما أكثر من مرَّة تمرُّ عليهم هكذا لحظات.
ومهما يكُنْ، فهنا يبرز الإيمان بالله، وإدراك معنى الابتلاء والصبر عَلَيْه، حينها يعيش ذلك المريض بوعي بالموت، وفي الوقت نَفْسه توازنه مع البقاء منخرطًا في الحياة. إنَّها ـ إن استطعت القول ـ القدرة على الاحتفاظ بالازدواجيَّة. وهنا سواء كان النَّاس قادرين على إيجاد هذا التوازن أم لا، فإنَّ الأزمة الوجوديَّة لَنْ تدومَ، فلا يُمكِن للمَرضى البقاء لفترة طويلة في حالة من القلق الحادِّ. فالأجدى معايشة الابتلاء ومحاولة العيش بقدر من القوَّة والصبر، خصوصًا إذا كان من حَوْلَه، مُحبِّين وصادقين في دعمه.
طبعًا بالنسبة لمُعْظم الأشخاص، فإنَّ معرفة كيفيَّة التكيُّف مع العيش مع مرض يهدِّد الحياة هي عمليَّة معرفيَّة صعبة ولكنَّها ضروريَّة. فعِندما يظهر المَرضى على الجانب الآخر من الأزمة الوجوديَّة، تجد أنَّ العديد مِنْهم أصبحوا أفضل حالًا بسبب هذه الأزمة. بل ومن المرجَّح أن يكُونَ لدى هؤلاء المَرضى تعاطف أعمق مع الآخرين وتقدير أكبر للحياة المتبقية!
ختامًا، يجِبُ أن يعيَ ذلك المَريض (المُبتلَى بذلك الدَّاء العضال ) ويواجه حقيقة أنَّه سيموت يومًا. فإذا كان شخصًا متجنبًا للحقيقة، ولا يحبُ التفكير في هذه الأشياء، فهو ـ للأسف ـ ملزم بالواقع الَّذي لا يسمح بذلك. كمحاولة التظاهر بأنَّك لا تحتاج إلى مظلَّة مع زخَّات المطر، ولكن عِندما يكُونُ الطقس بشكلٍ حقيقي ممطرًا… في النِّهاية عَلَيْك أن تتعايشَ مع المطر!

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

اكتشاف مثير قد يفسّر تجارب الاقتراب من الموت!

لندن – توصل فريق من العلماء إلى اكتشاف مثير يشير إلى أن مادة كيميائية عصبية مخدرة قد تلعب دورا في تجارب الاقتراب من الموت.

تعد المادة، المعروفة باسم DMT (N,N-Dimethyltryptamine)، جزيئا طبيعيا موجودا في النباتات والحيوانات وربما في الدماغ البشري. وعند استهلاكها للرفاهية، تسبب هلوسات بصرية وسمعية قوية، ما دفع العلماء في إمبريال كوليدج لندن إلى دراسة احتمال أن يكون لها دور في التجارب الحية التي تحدث أثناء الاقتراب من الموت.

وأظهرت الأبحاث أن تجارب الاقتراب من الموت تحمل تشابها مذهلا مع تجارب الأشخاص الذين تناولوا DMT، ما يدعم فكرة أن الدماغ قد يطلق هذه المادة عند الموت.

ووجد العلماء أن الناجين من تجارب الاقتراب من الموت يصفون رؤى مثل رؤية نور أبيض أو الدخول إلى عالم آخر أو الشعور بالسلام المطلق، وهي تجارب تتقاطع مع تأثيرات DMT.

وأوضح ديفيد لوك، أستاذ علم النفس المساعد في جامعة غرينتش، أن هناك أدلة على أن الدماغ قد يطلق كميات كبيرة من DMT عند الموت، رغم أن هذه الظاهرة لم تثبت بعد لدى البشر.

وحتى الآن، أظهرت دراسات أجريت على الفئران أن أدمغتها تنتج وتفرز كميات كبيرة من هذه المادة قبل لحظات من الموت، ما قد يشير إلى حدوث الأمر نفسه لدى البشر.

ورغم التشابه الكبير بين تجارب DMT وتجارب الاقتراب من الموت، لاحظ العلماء وجود عناصر فريدة في تجارب الاقتراب من الموت لم تظهر لدى من تناولوا DMT، مثل: رؤية الأحباء المتوفين واستعراض شريط الحياة (مرور الذكريات أمام العين) ورؤية “العتبة” (مثل ضوء أبيض أو بوابة ترمز لنقطة اللاعودة بين الحياة والموت).

وهذه الاختلافات تشير إلى أن DMT قد يكون جزءا فقط من التجربة، لكنه ليس التفسير الكامل لها. ووفقا للوك، يمر الدماغ عند الاقتراب من الموت بتغيرات كيميائية معقدة تشمل ارتفاع مستويات السيروتونين والنورادرينالين، ما يؤثر على الحالة المزاجية والإدراك.

وما يزال العلماء يدرسون كيفية تأثير هذه المادة الكيميائية على الدماغ، وما إذا كانت تلعب دورا رئيسيا في قيادة البشر نحو تجربة روحية عند الموت. ورغم التقدم في هذا المجال، تظل العديد من الأسئلة دون إجابة، ما يستدعي مزيدا من البحث لفهم العلاقة بين الكيمياء العصبية والتجارب الغامضة.

المصدر: ديلي ميل

مقالات مشابهة

  • كاميرون هديسون: من المثير للاهتمام رؤية البيان الفاتر من الأمم المتحدة الذي يحذر من إنشاء الدعم السريع لحكومة موازية ولكن دون إدانته
  • سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!
  • نحن مع التغيير العادل، ولكن ضد التفريط في وحدة السودان
  • طبيب البابا فرنسيس: مازال في الخطر ولكن لا يواجه الموت
  • هل يمكن أن يكون الصندل عملا فنيّا؟ بيركنستوك تقول نعم ولكن محكمة ألمانية ترى غير ذلك
  • رجل آلي يشبه الإنسان وقد ينزف حتى الموت (فيديو)
  • اكتشاف مثير قد يفسّر تجارب الاقتراب من الموت!
  • شاب قتل زوجته ضرباً حتى الموت
  • خبير إستراتيجي: مصر دائما تتخذ المسار السلمي ولكن مع وجود قوى تحميه
  • الأغا: تسليم الجثامين في خان يونس صفعة لنتنياهو وفشل استخباراتي للاحتلال الإسرائيلي