زعيم المجاهدين ومُلهم المقاومة الفلسطينية.. ماذا تعرف عن عز الدين القسام؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
عواصم - الوكالات
منذ انطلاق "طوفان الأقصى" في السابع من شهر أكتوبر 2023 تصدرت "كتائب عز الدين القسام" - الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس- محركات البحث والسوشيال ميديا ونشرات الأخبار ووسائل الإعلام حول العالم.
وعلى الرغم من وفاته قبل 88 عاماً، فإن اسم عز الدين القسام، المعروف أيضاً بـ"زعيم المجاهدين" عند الفلسطينيين، لا يزال يلمع في سماء العالم.
فمن هو عز الدين القسام؟
عز الدين القسام كان أحد أبرز المقاومين ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين. ولعب استشهاده دوراً كبيراً في إشعال الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وأصبح رمزاً للمقاومة الفلسطينية.
ومحمد عز الدين بن عبد القادر القسام، الملقَّب بعز الدين القسام، وُلد في بلدة جبلة السورية عام 1883، وقد هاجر جده من العراق إلى تلك البلدة.
قضى عز الدين القسام طفولته في جبلة، حيث تلقى تعليم القرآن والقراءة والكتابة والحساب في مدارس القرية. تلقى أيضاً تعليماً دينياً من والده، عبد القادر بن مصطفى بن يوسف بن محمد القسام، الذي كان من أعضاء الطريقة القادرية المرتبطة بالشيخ عبد القادر الجيلاني.
سافر القسام، وهو في سن 14 عاماً، مع شقيقه فخر الدين إلى الأزهر لدراسة العلوم الشرعية. وبعد سنوات من الدراسة، عاد بشهادة الأهلية. تركت هذه الفترة أثراً كبيراً على شخصية القسام، حيث تأثر بعلماء الأزهر مثل الشيخ محمد عبده، وكذلك بالحركة الوطنية النشطة التي كانت تناضل ضد الاحتلال البريطاني وكانت حاضرة في مصر بعد فشل الثورة العرابية.
بعد إتمام دراسته في الجامع الأزهر، قرر عز الدين القسام العودة إلى بلدته جبلة التي غادرها في عام 1896. وبعد وقت قصير من عودته، قرر السفر إلى إسطنبول، عاصمة الخلافة العثمانية، للاطلاع على أساليب تدريس الدروس المسجدية هناك. لكنه لم يمكث هناك طويلاً، وعاد مرة أخرى إلى جبلة في عام 1903، حيث قرر أن تكون نقطة انطلاقه.
وهناك بدأ عز الدين القسام بتدريس الأطفال في الصباح وتعليم الكبار في المساء، وأسّس مدرسة في عام 1912 لتعليم الأطفال والكبار على حد سواء. كما درس الحديث والتفسير في جامع إبراهيم بن أدهم، وبعد ذلك عُيّن موظفاً في شعبة التجنيد في جبلة. وعند انتهاء عمله، كان يعقد حلقات تعليمية في المساجد قدر الإمكان.
ثم عُيِّن عز الدين القسام خطيباً في جامع المنصوري، الذي كان واحداً من أبرز المساجد وسط المدينة. بفضل مهاراته وأسلوبه الجديد في خطابته، جذب الناس إلى المسجد من كل مكان. وشجعهم على التغيير، حيث كان مما قاله من على المنبر: "إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم، كونوا أعزةً كرماء، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، لا إيمان لمن رضي بالخنوع، واستكان للظلم، واستعذب العبودية للبشر". كان يدعو الناس لمحاربة الفقر والضعف والبؤس، ويحثهم على العمل والتعاون والمحبة والتضحية.
محاربة عز الدين القسام للاستعمار البريطاني والفرنسي
مقاومة الاستعمار الإيطالي في ليبيا والفرنسي في سوريا كانت من بين أهم التحديات التي واجهتها المنطقة في بداية القرن العشرين. ولعب عز الدين القسام دوراً بارزاً في هاتين المعارك.
بعد احتلال إيطاليا لليبيا عام 1911، خرج عز الدين القسام إلى الشوارع لجمع الناس وحثهم على الانضمام إلى صفوف المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي. قاد التظاهرات الشعبية الداعمة لليبيا في مدن مثل جبلة واللاذقية والساحل وقرى أخرى. تمكن عز الدين القسام من تجنيد مئات الشباب وجمع المال والمواد اللازمة للمقاتلين المتطوعين وعائلاتهم، ونجح في إقناع السلطات العثمانية بتوفير وسائل نقل لهم إلى ليبيا.
بعد ذلك، جاء الدور على مقاومة الاستعمار الفرنسي في سوريا. بعد احتلال فرنسا لسوريا في عام 1918، دعا عز الدين القسام إلى رفع السلاح والجهاد ضد المستعمر الفرنسي. عمل على نشر الوعي وحث الناس على المقاومة في خطبه ودروسه. اشترى أيضاً الأسلحة ودرّب المجاهدين.
في إحدى خطبه، أعلن القسام أن الإنجليز كانوا سبب البلاء، ودعا إلى مقاومتهم وطردهم من فلسطين قبل أن يحققوا وعدهم لليهود. حذّر الفلسطينيين من التساهل فيما يتعلق بالهجرة التي كان اليهود يقومون بها إلى فلسطين.
نضال عز الدين القسام من حيفا
فرّ الشيخ القسام إلى فلسطين عام 1921، مع بعض رفاقه، بعد فشله مع عمر البيطار في ثورة جبل صهيون السورية (1919-1920). وقد صدر بحقه حكم بالإعدام غيابياً من الاحتلال الفرنسي.
استقر عز الدين القسام في مسجد الاستقلال في الحي القديم بحيفا، حيث استقبل الفقراء الفلاحين الذين نزحوا من قراهم. نشط عز الدين القسام بينهم في محاولة لتعليمهم ومكافحة الأمية التي انتشرت بينهم. كان يقدم دروساً ليلية ويزورهم بانتظام، وكان يحظى بتقدير ودعم الناس.
انضم عز الدين القسام أيضاً إلى المدرسة الإسلامية في حيفا ثم جمعية الشبان المسلمين هناك، وأصبح رئيساً للجمعية في عام 1926. خلال تلك الفترة، دعا عز الدين القسام إلى التحضير والاستعداد للجهاد ضد الاستعمار البريطاني، ونشط في دعوته العامة بين الفلاحين في المساجد في شمال فلسطين.
منذ وصوله إلى فلسطين، أدرك عز الدين القسام خطورة التهديد الصهيوني والدور الذي تلعبه سلطات الانتداب البريطاني في تعزيزه. دعا في خطبه إلى مواجهة المستوطنين اليهود "كأعداء وليس كمهاجرين أو ضيوف"، وانتقد السماسرة الذين يبيعون الأراضي لليهود.
ووراء المنابر، كان عز الدين القسام يستعد لقيادة أعمال سرية أكثر أهمية وخطورة. وعلى ضوء تجربته في الثورة السورية، كان يدرك أهمية التخطيط والتنظيم المحكم، وضرورة السرية لتجنب أي هجمات مبكرة من الاستعمار.
تشكيل العصبة القسامية الجهادية
تشكلت العصبة القسامية الجهادية بواسطة الشيخ عز الدين القسام في عام 1921 بعد وصوله إلى حيفا. وبدأ الشيخ عز الدين القسام بتطوير هذه الفكرة بعد عودته من زيارته للأزهر الشريف، حيث درس الشعب وعقيدته، وكذلك مخططات اليهود والبريطانيين لفصل فلسطين عن العالم الإسلامي. وعزّز القسام روح الجهاد في الشعب وبناء القاعدة التي ستساعده على رفع تنظيمه واختيار الأعضاء المناسبين.
قام عز الدين القسام بكل هذا بشكل سري لتجنب الاكتشاف من السلطات البريطانية والعصابات اليهودية. بعد اختيار أعضاء فريقه واختبارهم جيداً، بدأ في تنفيذ عمليات جهادية فردية قبل أن يعلن خروجهم للجهاد.
وتمكن عز الدين القسام من تشكيل خلايا سرية مكونة من مجموعات صغيرة لا تتجاوز خمسة أفراد. في عام 1932، انضم عز الدين القسام إلى فرع حزب الاستقلال في حيفا وبدأ في جمع التبرعات من السكان لشراء الأسلحة.
تميزت مجموعات القسام بتنظيم دقيق، حيث كانت هناك وحدات متخصصة للدعوة إلى الجهاد والاتصالات السياسية والتجسس على الأعداء والتدريب العسكري.
في عام 1931، بدأت العصبة القسامية في تنفيذ عمليات فدائية مثل الهجمات على المستوطنات الصهيونية وإعداد كمائن للمستوطنين. كان الهدف الرئيسي هو وقف الهجرة اليهودية، وكذلك مطاردة العملاء الذين يتجسسون لصالح المخابرات البريطانية للانتقام منهم. ومع ذلك، توقفت نشاطات المجموعة بعد فترة قصيرة بسبب تسريب بعض أسرار التنظيم إلى البريطانيين، واستمرت هذه الحالة المجمدة حتى نهاية عام 1935.
إعلان الجهاد العلني للقسام
في نوفمبري 1935، اضطر القسام لإعلان الجهاد، على الرغم من عدم استكمال استعداداته العسكرية بشكل كامل. اضطر إلى ذلك بسبب زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين في ذلك الوقت وتوسعهم في الأراضي التي استولوا عليها.
فقد وصل عدد اليهود إلى فلسطين في عام 1935 إلى نحو 62000 يهودي، وامتلك اليهود في نفس العام مساحة تقدَّر بـ73000 دونم من الأراضي الفلسطينية. وجراء تشديد السلطات البريطانية الرقابة على تحركاته، قرر القسام الهرب إلى المناطق الريفية.
اغتيال عز الدين القسام
في 15 نوفمبر 1935، اكتشفت القوات البريطانية مكان اختباء عز الدين القسام في قرية البارد الريفية. ومع ذلك، تمكّن القسام و15 من أتباعه من الهروب إلى قرية الشيخ زايد. وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني، لاحقتهم القوات البريطانية، التي حاصرتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة. وطالبت القوات القسام ورفاقه بالاستسلام، لكنهم رفضوا ودخلوا في اشتباك معها.
خلال المواجهة، قتل القسام أكثر من 15 جندياً بريطانياً، ودارت معركة متواصلة لمدة ست ساعات بين الجانبين. في نهاية المعركة في 20 نوفمبر، استُشهد الشيخ عز الدين القسام وبعض رفاقه، وجُرح واعتُقل الباقون.
استشهاد عز الدين القسام كان له تأثير كبير في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936. وقد تحولت هذه الحادثة إلى نقطة تحول مهمة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية في ما بعد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: عز الدین القسام إلى عز الدین القسام فی إلى فلسطین فی عام
إقرأ أيضاً:
الرئاسة الفلسطينية: قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين
أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل عن "الرئاسة الفلسطينية" أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين.. والخطط الإسرائيلية بإنشاء منطقة عازلة في الشمال تخالف قرارات الشرعية الدولية.
قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن الأنباء التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول الحديث عما يسمى بإنشاء منطقة عازلة في شمال قطاع غزة وجباليا لتوزيع المساعدات في قطاع غزة عبر شركة خاصة أمريكية وبتمويل أجنبي، هي خطط مرفوضة وغير مقبولة بتاتاً، وتخالف جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، الذي يعتبر قطاع غزة جزءاً لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين المحتلة.
وأضاف أن أية خطط تتعلق بمستقبل قطاع غزة، أو توزيع المساعدات فيه، تتم فقط من خلال دولة فلسطين، وعبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والمنظمات الدولية الأخرى ذات الاختصاص.
وأشار أبو ردينة، إلى أن الرئيس محمود عباس أكد مراراً، وجوب تطبيق القرار الأممي رقم 2735 بشكل فوري، الذي يدعو إلى وقف العدوان على قطاع غزة بشكل فوري، وإدخال المساعدات بشكل عاجل إلى كامل القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.