◄ قراءاتي في تفكيك التراث الثقافي قادتني لخوض غمار "السيميائيات"

الرواية العُمانية تخلت عن "القولبة" ونجحت في تقديم أنماط سردية متعددة

دعم المُثقَّف لا يرتبط بعدد المؤسسات المعنية.. ولكن بمدى فاعليتها

"الاستراتيجية الثقافية" خطوة رائدة تتكامل مع "المختبرات"

◄ التكنولوجيا أوجدت فجوة ثقافية بين الأجيال لكنها تتلاشى منذ سنوات

الكتب الرقمية والمسموعة تُسهم في النمو المعرفي للمجتمع

عُمان تشهد نموًا معرفيًا وإنجازات ثقافية ملموسة

الكتاب العُمانيون تألقوا في المحافل الإقليمية والدولية

الرؤية- مدرين المكتومية

أكدت المكرمة الدكتورة عائشة بنت حمد الدرمكية عضوة مجلس الدولة والأستاذ المساعد المتخصص في السيميائيات اللسانية، أنَّ الساحة الفكرية في عُمان تشهد نموًا معرفيًا وثقافيًا في مختلف المجالات، وذلك في ظل تطور الأدوات المستخدمة واتباع أساليب حديثة في الكتابة، لافتة إلى أن الكتاب العُمانيين أثبتوا تميزهم في المسابقات العربية والخليجية والدولية.

وأضافت الدرمكية- في حوار لـ"الرؤية"- أنها شاركت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، من خلال ندوة "الواقعية السحرية"، وهي ندوة تمثل أهمية أدبية ونقدية، وتضمنت الحديث عن نشأة الواقعية السحرية، كيف بدأت كمفهوم وكفكرة، ومدى تأثر العرب بمفهوم الواقعية السحرية وتوظيفها، وتسليط الضوء على نموذج عُماني وهو "تغريبة القافر".

وإلى نص الحوار...

 

 

** هل من فجوة ثقافية بين جيل الآباء والأبناء؟ وكيف يمكن التعامل معها؟

نعم.. هناك فجوة بين الأجيال، وهذه الفجوة تتغير من فترة إلى أخرى؛ فالآباء يتغيرون وبالتالي يتغير الأبناء مع الوقت ومع تطورات الحياة، وربما في جيلنا والجيل الذي سبقنا كانت هناك فجوة أكبر خاصة مع ظهور التقنيات الحديثة في حياتنا، وغيابها تمامًا في حياة آبائنا، وهو ما أدى إلى اتساع هذه الفجوة.

لكن في نفس الوقت، بدأت الفجوة تتقلص بعد التقارب المعرفي والفكري لدى الجيلين، ولذلك نلاحظ أنَّه حتى على المستوى الثقافي والتعليمي هناك تقارب، والفجوة بين الأجيال وإن بدت ملامحها ظاهرة إلا أنها بدأت في التلاشي عند كثير من الأسر، وعندما نتابع منصات التواصل الاجتاعي نجد جميع أفراد الأسرة يتفاعلون على هذه المنصات ولديهم اهتمامات مشتركة، وهو ما أدى إلى التقارب الكبير بين الأجيال ثقافيا ومعرفيا.

 

 

** ما تأثير دراستك في المغرب على حياتك الشخصية والثقافية؟

بالطبع كانت رحلتي للمغرب للدراسة لها آثار كبيرة على المستوى الشخصي والثقافي، كما أنني حصلت على البكالوريوس في الكويت وكان لهذه الفترة أثرها على حياتي، وبعد ذلك كانت هناك مساحة من الوقت كبيرة بين مرحلة البكالوريوس والدكتوراه، ولذلك تأثري بالمغرب اختلف عن تأثري بالكويت.

وفي المغرب تجد الثقافة مختلفة والإطار الثقافي مختلف وإيقاع الحياة أيضًا مختلفاً، وكل ذلك كان له الأثر على المستوى الشخصي والمعرفي، فدول المغرب يتميزون بطريقة في تفكيك المصطلحات لتأثرهم بالمنهجيات الأوروبية والفرنسية بشكل خاص، ولذلك تغيرت قراءاتي ونظرتي للأشياء اختلفت وهو ما انعكس على توجهاتي الثقافية.

 

** حدثينا عن مصطلح "السيميائيات" وأنواعه، وأهميته المعرفية؟

السيميائيات كفكرة قرأت عنها وعملت عليها قبل ذهابي للمغرب، وذلك كوني مغرمة بالتراث الثقافي الذي قادني ووجهني للسيميائيات، والسيميائيات هي علم اجتماعي أكثر من كونه علمًا أدبيًا، وقد ظهر في الأنثربولوجيا والتراث وبعد ذلك انتقل للنص الأدبي، وقراءتي في تفكيك التراث الثقافي هي التي جعلتني أحب مجال السيميائيات، وبعد ذلك اخترت المغرب لأن لديها دراسات حديثة في السيميائيات، وقد تكون من الدول الرائدة على المستوى العربي في هذه الدراسات، وبعدها قمت بدراسة الدكتوراه السيميائية.

والسيميائية أنواعها كثيرة ولها منهجياتها، ومن بينها سيميائية التواصل وسيميائية الأدب وسيميائية الثقافة وغير ذلك.

** المثقف العربي مُتهم بالتقصير في نشر ثقافته.. كيف ترين ذلك؟

المثقف له دور كبير؛ سواءً في تسويق إنتاجه الثقافي وفكره أو في تسويق ثقافته بشكل عام، ولذلك فإنَّ المثقفين العرب يقوم كل شخص منهم بدروه، فلا يمكن للمثقف الواحد أن يحمل على عاتقه نشر الثقافة العربية ما لم يكن جزءا منها، ولا بد للمثقف أن يشعر بالانتماء إلى هذه الثقافة.

ومع ذلك، فإنَّ كثيرًا من المثقفين يواجهون تحديات عديدة في الوطن العربي وفي دول الخليج، فمثلاً لا يوجد لدينا في عُمان حاضنة حقيقية لتبني المثقف أو الكاتب، في حين أن الكثير من الدول والحكومات تساعد الكتاب في نشر إنتاجهم من خلال طباعة كتبهم وتسويقها.

والواقع يقول إن الكُتَّاب يضطرون إلى تحمُّل تكاليف الطباعة والنشر، وهي تكاليف مالية كبيرة، لكنه يتحمل ذلك لإيمانه بدوره وتأثيره في المجتمع، كما أنه يشارك في الكثير من المحافل والملتقيات المحلية والدولية، وهو دور فاعل في نشر الثقافة العربية.

ومن الأمثلة على حرص المثقفين على نشر الثقافة العربية، هو المشاركة الواسعة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، إذ يشارك الكثير من الكتّاب في هذا المحفل الثقافي الكبير، وهذا يدل على دور المثقف في نشر ثقافته، ولذلك ما أريد قوله هو أن الكتاب العرب يجتهدون لنشر ثقافتهم، ولا يعني هذا أن يقوم بنشر كل ما يتعلق بالثقافة العربية، لكن مجرد مشاركة الكتاب العرب بنشر مقال أو كتاب أو المشاركة في عمل مسرحي، كل ذلك من وسائل نشر الثقافة، وهي أدوار تكاملية بين الأفراد والمؤسسات والحكومات والمجتمع المدني.

** في ظل إيقاع الحياة المتسارع وضعف الاهتمام بالقراءة.. ما دور المثقف في تعزيز الوعي بأهمية القراءة والمعرفة؟

الثقافة اليوم هي ثقافة جماهيرية، لم تعد الثقافة مقتصرة على النخبة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وظهور التقنيات الحديثة، وبسبب الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يلعب دورا كبيرا أيضا، وبالتالي لم يصبح دور المثقف كما هو في السابق، ودورنا نحن كمجتمع أن نكشف عن ثقافتنا وأن نطور من أدواتنا بحسب تطورات الحياة وألا نظل ثابتين نستخدم نفس الأدوات القديمة حتى لا تتسع الفجوات، ولابُد أن نستخدم أدوات جديدة مثل المخطوطات الرقمية والكتب الرقمية، كما ظهرت أيضًا الكتب المسموعة.

لقد اختلفت وتيرة الحياة وأصبح بإمكانك الاستماع إلى كتاب في السيارة أو تستمع إلى رواية وأصبحت القراءة الآن أبسط بكثير من السابق، ولا يوجد الآن أي مُبرر لعدم القراءة والاطلاع، لأننا إذا لم نستطع القراءة فيمكننا الاستماع إلى الكتب، فنمط القراءة التقليدي يجب أن نتحرر منه حتى لا يكون مبررا للبعد عن القراءة والاطلاع.

** من وجهة نظرك.. كيف ترين المُنجز الثقافي العُماني؟

التقييم صعب جدًا، ولكن عُمان تمضي بنمط متصاعد في الإنجاز الثقافي، ليس فقط لأنَّ الكثير من الكتاب حصلوا على جوائز عالمية أو عربية أو خليجية أو عُمانية، ولكن لأننا نشهد نموًا معرفيًا في كافة المجالات الثقافية، فالرواية على سبيل المثال في عُمان لا تتطرق فقط إلى موضوعات مُقوْلَبة، وإنما تحررت من معالجة الموضوعات التراثية بطريقة بدائية وبطريقة إعادة كتابة الموروث، لتستخدم طرقاً تقنية جديدة، ولدينا مجموعة كبيرة من الكتاب لديهم القدرة على تقديم أنماط مختلفة.

ولقد كان النمو المعرفي في عُمان أحد أسباب تألق الكتاب العُمانيين على المستوى العربي والخليجي والعالمي، ولقد نمت المنجزات الثقافية العُمانية من حيث الجوهر والموضوع والتكنيك المستخدم.

وعلى الرغم من ذلك، يوجد لدينا عدد هائل من النصوص وبعضها لا يرتقي إلى أن يطلق عليه "عمل ثقافي أو أدبي"، لأنَّ الكثيرين يكتبون وهذا ليس خطأ، لكن من يمتلك الأدوات الحديثة هو من يبقى متربعًا على الصدارة؛ فالكاتب يكتب من أجل المجتمع، ومن لديه خبرة وتجربة حقيقية مميزة هو من يستمر، والقارئ قادر على التمييز بين الجيد وغير الجيد.

وفي عُمان لدينا الكثير من المؤسسات والجهات المنوطة بدعم المثقفين والكتاب، غير أن الأمر لا يتعلق بالعدد، ولكن بمدى فاعلية هذه المؤسسات والقيام بدورها.

وإذا ما تكاملت الجهود سنشهد نقلة نوعية في مجال الثقافة العُمانية؛ حيث إن وزارة الثقافة والرياضة والشباب تؤدي دورها في التخطيط ووضع الاستراتيجيات، وهنا أود القول إن الاستراتيجية الثقافية العُمانية تعد خطوة رائدة، كما إن تجربة المختبرات الثقافية أمر يحسب للوزارة، إضافة إلى أن النادي الثقافي أيضًا يقوم بدور وجمعية الكتاب والجمعيات الأخرى التخصصية تقوم بدورها، وإذا ما قام الجميع بدورهم وجلسوا على طاولة واحدة سنشهد تطورًا كبيرًا على مستوى التخطيط والتنفيذ، ونحن محظوظون بوجود أجيال ثقافية رائدة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الثقافة العربیة بین الأجیال على المستوى نشر الثقافة الثقافة الع الکتاب الع الع مانیة الکثیر من فی ع مان ع مانیة فی نشر

إقرأ أيضاً:

رحلة العمل الإنساني على أرض الكويت في جناح خاص بمعرض الكتاب الـ 47

يُسلّط جناح مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني (فنار)، في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ 47، الضوء على الأعمال الخيرية الكويتية في داخل البلاد وخارجها، ويقدم مؤلفات ونشرات متنوّعة ترصد وتؤرخ لمسيرة العمل الإنساني الذي عُرفت بها دولة الكويت على مدار أكثر من أربعة قرون مضت.

الجناح الذي زاره وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، في اليوم الأول للمعرض - حيث كان في استقباله الدكتور خالد يوسف الشطي رئيس ومؤسس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني فنار والسيد عبد العزيز البطي نائب رئيس المركز، والسيد مختار أبوالعلا المدير التنفيذي للمركز - استقطب عدداً كبيراً من الجمهور الراغب في الإطلاع على "ثقافة العمل الإنساني" والتجارب الكويتية الرائدة في هذا المجال، والتي جعلت من البلاد مركزاً للعمل الإنساني العالمي، وذلك وفق منظمة الأمم المتحدة التي منحت سمو الشيخ صباح الأحمد، أمير البلاد الراحل - رحمه الله - لقب "قائد العمل الإنساني"، وذلك بحسب وصف الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون.

وتعمل إصدارات المركز على توثيق رحلة العمل الإنساني الكويتي في الماضي والحاضر، وعلى مدار الأربعة قرون الماضية، وذلك من خلال فريق من الباحثين المتخصصين الذين يجمعون الوثائق ويبحثون في الأرشيف الكويتي عن الأعمال الخيرية والتطوعية التي قام بها الآباء والأجداد، ويتابعون ما تقوم به الجمعيات الخيرية الكويتية من جهود إنسانية في الكثير من البلدان حول العالم، وفي مناطق النزاعات والحروب والكوارث.

جناح مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني بمعرض الكويت الدولي للكتاب، يُقدم للزوّار مجموعة من الإصدارات التي توثق الدعم الكويتي الحكومي والشعبي للقضية الفلسطينية ولشعب فلسطين.

كما يُقدم المركز من خلال جناحه بالمعرض، مجموعة من الإصدارات المتميزة التي تدور في فلك العمل الإنساني، بينها: "حكام الكويت: مآثر خيرية وإنسانية"، "العمل التطوعي الكويتي في أربعة قرون"، "الأعمال الخيرية الكويتية قديما في المناسبات الموسمية"، "الأعمال الخيرية الكويتية في موسم الحج"، "من أوائل المؤسسات التطوعية والخيرية الكويتية: 1911 - 1961"، "مدرسة السعادة للأيتام ومؤسسها شملان بن علي آل سيف"، "الجودة الإدارية في المؤسسات الخيرية الكويتية"، "مبرة خير الكويت: مسيرة من الخير والعطاء"، "سُقيا الماء.. وجهود أبناء الكويت التطوعية قديما وحديثا"، "العمل التطوعي النسائي الكويتي: تاريخ وإنجازات"، "جمعية التكامل لرعاية السجناء: 20 عاما في خدمة السجناء والغارمين وأسرهم"، "ثلث عبد الله علي عبد الوهاب المطوع الخيري"، "الفرق التطوعية في دولة الكويت: نماذج شبابية ملهمة"، "المسؤولية الاجتماعية في دولة الكويت"، "مسيرة جمعية ملتقى الكويت الخيري"، "رؤية استشرافية لمستقبل العمل الخيري الإنساني الكويتي"، "جمعية السلام للأعمال الإنسانية والخيرية.. عشرة أعوام من العطاء"، و"جهود مبرة العوازم الخيرية، إضافة إلى إصدارات توثق العمل الخيري الكويتي في فلسطين واليمن وسوريا.

يُذكر أن مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني (فنار)، تأسس في عام 2016، ليكون شاهدا - من خلال إصداراته - على كل ما قدمته الكويت في مجال العمل التطوعي والخيري والإنساني محليا وخارجيا، كمنارة مشعة بالضوء حتى تبقى هذه الأعمال الجليلة والسامية خالدة في ذاكرة التاريخ تتناقلها الأجيال وتفتخر بها بين الأمم.

ويعمل "فنار" كمركز دراسات بحثية ومؤسسة متخصصة معنية بتوثيق العمل الإنساني والخيري والتطوعي في دولة الكويت، ويسعى المركز لتحقيق الريادة والتميز في توثيق العمل الإنساني الكويتي وإبراز دوره محلياً وعالمياً، إضافة إلى تشجيع ودعم الباحثين في تاريخ الكويت للعمل الإنساني.

مقالات مشابهة

  • افتتاح الأسبوع الثقافي الرابع ضمن المبادرة الرئاسية "بداية جديدة" بكفرالشيخ
  • افتتاح فعاليات الأسبوع الثقافي الرابع بكفر الشيخ ضمن مبادرة «بداية»
  • الإماراتية أسماء المطوّع مؤسسة "الملتقى الأدبي" في حوار ثقافي
  • محافظ كفر الشيخ: افتتاح فعاليات الأسبوع الثقافي الرابع
  • «الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر».. أولى جلسات مؤتمر الأدباء بجامعة المنيا
  • مؤتمر أدباء مصر يناقش "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر" في جلسة بحثية
  • مؤتمر الأدباء.. "الأمن الثقافي ومكتسبات أكتوبر" في أولى الجلسات بالمنيا
  • معرض الكتاب بالكويت يستعرض أسباب اختيارها عاصمة للثقافة العربية 2025
  • الثقافة تصدر «كل النهايات حزينة» لـ "عزمي عبد الوهاب" بهيئة الكتاب
  • رحلة العمل الإنساني على أرض الكويت في جناح خاص بمعرض الكتاب الـ 47