استشهد في غزة في ٥٠ يوما ضعف الضحايا المدنيين في الحرب الأوكرانية الروسية في عامين... لم يُقتل من الصحفيين والأطباء والعاملين في مؤسسات الأمم المتحدة ما قتل في خمسين يوما في غزة، لا في حرب فيتنام ولا في احتلال العراق!

سيتحدث الخبراء العسكريون الغربيون طويلا، عن نوع القنابل الضخمة الموجهة من الأقمار الصناعية مستهدفة مسجدا هنا وكنيسة أو شبه مكان إيواء.

ألا تتطلب "صداقتهم" لشركات صناعة الأسلحة ذلك؟

ما يقوم به وزير الأمن الإسرائيلي إيتامار بن غفير، الملاحق قضائيا في خمسين قضية عنصرية أمام القضاء الإسرائيلي، لم يقم به الفاشيون في إيطاليا، يجاهر بضرورة "الإرهاب اليهودي" تجاه الفلسطينيين ومع ذلك، لا يجرؤ مسؤول أوربي واحد على قبول تصنيفه لنفسه "إرهابيا"!!! يعربد بن غفير في السجون وينكل بالسجناء الفلسطينيين ويستبيح القدس وجنين ونابلس وطولكرم...، وما من صوت لمحاكمته في هذا "العالم الحر"؟

يطالبنا بعض "الزملاء" من الحقوقيين الغربيين بتقديم ورقة  "حسن سلوك" بأن نصنف معهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حركة إرهابية، وينتقدنا بعض وزراء الخارجية الغربيين لأننا التقينا يوما "إسماعيل هنية". بل وصل الأمر بأحدهم الأسبوع الماضي للقول: "حتى ترفعون عنكم الشبهات من الضروري إدانة عملية ٧ أكتوبر الإرهابية والمطالبة بإطلاق سراح كل الرهائن".... قلت له غاضبا: "ارفعوا الشبهات عن أنفسكم، أليس من المخجل لأوربة أن نرى أورسولا فاندر لاين وإيتامار بن غفير في معسكر واحد؟"

 سمعت الرئيس السابق للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرئيس السابق للرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان باتريك بودوان يتباكى على الرهائن ويعتبر الخطف جريمة جسيمة بكل المعايير، لم أسمعه منذ ربع قرن ناقدا لاغتيال الأجهزة الإسرائيلية لألفي مناضل فلسطيني خلال تلك الفترة، أو مطالبا بالإفراج عن 5000 آلاف أسير وأسيرة في السجون الإسرائيلية، صاروا 8000 آلاف في خمسين يوما! أو الإشارة الخجولة إلى أن الخطف والاغتيال صناعة إسرائيلية مسجلة.

أصبح اليوم مطلوبا أكثر من أي وقت مضى قيام "حركة دولية لحقوق الإنسان" بمبادرة جنوبية.. فقد أصبح واضحا للعيان أن المنظمات الغربية (الأسيرة لمموليها من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأمريكية) غير قادرة على أن تدافع عن كل الحقوق للجميع..في لحظة انهدم فيه قرابة نصف من المساكن والمشافي والمدارس في غزة وقتل أكثر من 6000 طفل وأكثر من أربعة آلاف امرأة.. يُطبق الأوربيون في إعلامهم السياسة ذاتها التي طبقت في الحرب في أوكرانيا: حجب وسائل الإعلام المخالفة لسياسة الناتو، إبعاد أي شخص لديه وجهة نظر ناقدة، اتهام كل من ينتقد تصعيد العسكرة وهوس العقوبات الأحادية بالعمالة لروسيا. مع فارق هذه المرة، كل من يطالب بوقف إطلاق النار متواطئ مع حماس. حتى "الخبراء" العسكريين يجري اختيارهم بدقة فائقة ليخبرونا بأن الحرب هي الحرب وما يحدث في غزة حدث في سراييفو فلماذا ننتقد "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"!!! ينسى، أو يتناسى هؤلاء الأذكياء جدا، أن ما حدث في سبرينيتشا وساراييفو استدعى تشكيل أول محكمة جنائية دولية في التاريخ المعاصر "المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة"، وأن قادة المجازر الجماعية انتهى الأمر بهم للملاحقة والاعتقال؟ في حين أنهم يوجهون الدعوة حصرا للمتحدث باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي" لينقل لنا صورة ما يحدث في غزة.

ما يبعث على التفاؤل في وسط هذه التراجيديا السوداء، وقفة المجتمع المدني العالمي إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه، من إندونيسيا إلى لندن وواشنطن، والفرز الذي يجري بين من يعيش من حقوق الإنسان وبين من يعيش من أجل حقوق الإنسان. فقد أسقطت غزة كل الأقنعة، ووضعت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان وقوائم الاتحاد الأوربي "للمنظمات الإرهابية" أمام فضائحهم.

من الضروري أيضا إيقاظ المحكمة الجنائية الدولية، من حالة السبات القصدية التي كُلّف المدعي العام البريطاني بتعزيزها. فلن تكون هذه المحكمة دولية إن عجزت عن فتح ملفات كبار المجرمين، بغض النظر عن جنسياتهم وولاءاتهم. ونحن نشهد اليوم، تحرك مئات المنظمات غير الحكومية وقرابة 300 محام من مختلف البلدان، وأربع دول جنوبية للمطالبة بمحاسبة نظام الأبارتايد الإسرائيلي على جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

أصبح اليوم مطلوبا أكثر من أي وقت مضى قيام "حركة دولية لحقوق الإنسان" بمبادرة جنوبية.. فقد أصبح واضحا للعيان أن المنظمات الغربية (الأسيرة لمموليها من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأمريكية) غير قادرة على أن تدافع عن كل الحقوق للجميع.. بدون انتقائية وتمييز، وأبناء ست وأبناء جارية، بحيث لا يختلف بعضها في ازدواجية المعايير، عن أسوأ السياسيين الغربيين. لقد أظهرت إدارة التوحش لنظام الأبارتايد، عورات مؤسسات طالما حدثتنا في بناء السلام والحقوق الإنسانية، وأظهرت بوضوح، أن من الصعب على معظمها الدفاع عن الحقوق الفلسطينية وفق الشرائع التي تعتبرها مرجعية لها.

*مفكر وناشط حقوقي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير احتلال الفلسطينيين احتلال فلسطين مواقف عدوان رأي أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لحقوق الإنسان فی غزة

إقرأ أيضاً:

محافظ أسيوط يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان

استقبل اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة الدكتور محمد ممدوح، رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس، لبحث جهود المحافظة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية.

جاء ذلك في إطار متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ورؤية مصر 2030.

وأكد "ممدوح"، خلال اللقاء، أن زيارة الوفد تأتي ضمن خطة المجلس لرصد حالة حقوق الإنسان في المحافظات، مع التركيز على الحقوق الاقتصادية باعتبارها أولوية محورية لتحسين جودة حياة المواطنين.

وأشار: “نعمل على تعزيز النهج التشاركي مع المحافظات لضمان تحقيق التنمية المستدامة التي تضع المواطن في قلب عملية صنع القرار”، مضيفاً أن اللقاء شهد استعراض الجهود المبذولة من محافظة أسيوط لتطوير القرى الأكثر احتياجًا، وتوفير فرص عمل لائقة، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأشاد "ممدوح" بمبادرة "القرى المنتجة”، التي تُعد نموذجًا مبتكرًا لتمكين المجتمعات المحلية من الاعتماد على مواردها الذاتية وتعزيز ثقافة العمل والإنتاج.

وأشار إلى أهمية تطوير آليات التشاور المجتمعي، فقد ناقش اللقاء الخطوات التي اتخذتها المحافظة لإشراك الفئات المستهدفة في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن تمكينًا حقيقيًا للفئات الأكثر احتياجًا.

من جانبه، استعرض اللواء هشام أبو النصر الجهود التي تبذلها المحافظة لتحسين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرًا إلى المبادرات الرائدة التي أطلقتها المحافظة لتحفيز الاستثمار المحلي، وتمكين الشباب، وتحسين الخدمات الأساسية في قطاعات التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية.

فيما أعلن "ممدوح" عن الاتفاق على عقد المؤتمر الأول لحقوق الإنسان بمحافظة أسيوط، بمشاركة السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومحافظ أسيوط، وقيادات تنفيذية وشعبية، بهدف استعراض التجارب الناجحة وتحديد التحديات وآليات تعزيز حقوق الإنسان على المستوى المحلي.

وأشار في ختام تصريحاته إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان ملتزم بتقديم الدعم الفني والحقوقي للمحافظات في تنفيذ مشروعاتها التنموية، بما يعزز من أثر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ويحقق تطلعات المواطن المصري في حياة كريمة وعادلة.

مقالات مشابهة

  • شرطة دبي تستعرض جهودها في ترسيخ العدالة والمساواة
  • محافظ أسيوط يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • التضامن الاجتماعي تشارك في ورشة عمل حول "دور المجتمع المدني"
  • ورشة عمل لوزارة المالية لتعزيز حقوق الإنسان بين العاملين بأسيوط
  • تصاعد جرائم السرقة بجماعة تامصلوحت: المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر
  • كيف يخنق الاحتلال الإسرائيلي الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
  • رئيس حزب الشعب الديمقراطي: الوضع حوالينا متفجر ووجودنا بقى مستهدف
  • النائب العام السوداني: 200 ألف مرتزق يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع
  • رئاسة كوردستان تؤكد دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني
  • "العربية لحقوق الإنسان" تدين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد مستشفى كمال عدوان شمال غزة