أوضح فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن المسلمين آمنوا بالمطلق واعترفوا بالنسبي، ويسهل ملاحظة ذلك للمتأمل في الفكر الإسلامي، إذ يتمثل إيمان المسلمين بالمطلق في الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى كان قبل الزمان والمكان وحتى الأشخاص والأحوال، مشيرًا إلى أن السابق ذكرهم هم الجهات الأربعة التي تحكم الواقع المعيشي، والتي ينسب إليها، ولذلك نسمي هذا المتغير بالنسبي، نسبي في الزمان أو نسبي في المكان، أو نسبي في الأشخاص أو نسبي في الأحوال، ولكن الله سبحانه وتعالى هو المطلق الفرد الذي لا يحده شيء من ذلك كله.


 


قيم العقل المسلم 
 

وأضاف فضيلة المفتي أن العقل المسلم أيضًا أمن بإطلاقيه القيم في جميع الجهات الأربعة، فالعدل عدل والظلم ظلم، والرحمة هي الرحمة، والقسوة قسوة بدورها، مدللًا بالآية الثامنة من سورة المائدة  بالقرآن الكريم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) 

وأيضًا قوله تعالي في سورة الأنعام الآية 152: (وَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) 

موضحًا الدكتور علي جمعة أن الإيمان بالمطلق بهذا المعنى يعد أحد أركان الإسلام، كما هو المكون الأساسي للعقل المسلم، لأنه النموذج المعرفي الذي يواجه ويفسر ويفهم به المسلم الواقع ويتعامل على أساسه.

 


العلمانية والإيمان بالمطلق
 

وعلى الجانب الأخر عرفَ فضيلته العلمانية  بأنها تؤمن النسبية المطلقة، وهذا ما وصفه الدكتور عبد الوهاب المسيري (بالعلمانية الشاملة) ولهذا ينكر أصحاب ذلك المعتقد وجود الله، كما تتحول لديهم مسألة الإيمان بالله إلى مسألة شخصية جانبية، لا تتعدى كونها قضية هامشية في الحياة وليست وجودية.

كما حذر الدكتور على جمعة أن هذه النسبية المطلقة تؤثر كثيرا في التفسيرات اللغوية، وتجعل الكون لا حقيقة له في نفسه، بل إنه كما يراه الراصد، وكما يراه كل إنسان على حدة، وتحرم الأشياء من حقيقتها الثابتة.

وهو ما ينقلنا بطبيعة الحال إلى مذهب السفسطائية القدماء- وهى مذهب فكري فلسفي ظهر في اليونان- وإلى مذهب الغموصية الحلولية - وهى حركة فلسفية عقائدية نشأت في القرن الأول الميلادي، والتي يتصور الإنسان فيها الله جل جلاله داخل الكون، وليس مفارقا له.

 

وهو التيار الذي شاع في أواسط حركة مع بعد الحداثة، وكاد يتحكم في التيار العام للفكر الغربي في العصر الحديث. وعليه يمكن لنا أن نطبق هذا المدخل على تفصيلات تزيده وضوحا في كيفية التعامل بواسطته مع النصوص الشرعية ومع الواقع المعيشي.
 

علي جمعة: الكثير من الكتاب والمؤرخين أسهبوا في تناول مدينة القدس والقضية الفلسطينية علي جمعة: القدس كلمة تعني الطهارة والنزاهة والتشريف علي جمعة: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حي في قبره

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على جمعة عضو هيئة كبار العلماء المطلق النسبية المطلقة العلمانية علی جمعة نسبی فی

إقرأ أيضاً:

هل كان صحابة سيدنا النبي يخطئون؟.. علي جمعة يوضح

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا رسول الله ﷺ كان يُرَبِّى بالنظرة، قال ابن حجر : "من رآه النبي ﷺ - وليس من رأى النبي لأنه قد يكونُ ضريراً كابن أم مكتوم -أَحْدَثَت النظرةُ منه ﷺ مَا اسْتَوْجَبَ تَعْدِيلَه" أي أن النبي ﷺ إذا نظر لإنسان مؤمن به يُحْدِث فيه شيئاً يجعل اسمه صحابياً، وصحابي أي عَدْل، وَعَدْل أي لا نستطيع أن نقدح فيه، فالصحابة كلهم عدول، ويأتي من يقول أليسوا بشر ويصدر منهم الخطأ أو الخطيئة؟ نعم بشر يصدر منهم الخطأ والخطيئة، منهم من سرق ومنهم من زنى ومنهم مَن كذا وكذا، إذن فهم بشر لا يوجد عِصْمَة، فلماذا هذا الفضل الكبير للصحابة ؟ لأن النبي سيد البشر ﷺ نظر إليهم فأحدث فيهم ما أوجب عدالتهم، اتغسلوا من الداخل بنظر النبي ﷺ .

 وقد وَرَّثَ سيدنا رسول الله ﷺ هذا الميراث لأمته عن طريقِ الأولياءِ وكبارِ أهلِ الله؛ يَرِثُونَ عنه من بركتهِ شيئاً فشيئاً. لا يجتمعُ في وَلِىٍّ منهم ما اجتمعَ في رسول الله ﷺ إنما هو كالشمس شُعَاعُها يَصِلُ إلى الأقطارِ كُلِّهَا؛ فكل شعاع منه صدر منه إلى ولى من أولياء الأمة ومربيها ومرشديها ووارثيها المحمديين. فأخذوا منه ﷺ ما تستقيمُ به الأحوال؛ منهم من أخذ بعض الكرامات من معجزاته، ومنهم من أخذ التربية بالنظرة ، الحال ، الخواطر ، السُّلُوك ، الْجَذْبَة إلى الله تعالى. فكلُّ ذلك كان في رسول الله ﷺ لأنه الإنسان الكامل؛ وهذا هو الذى جعله خاتِمًا للمرسلين، وسيداً للنبيين، وإماماً للغُرِّ المُحَجَّلين، ومصطفى الرحمنِ سبحانه وتعالى، ومُجْتَبَى الرَّبِ سبحانه وتعالى، والكلمة الأخيرة للبشرية.

ومما أوتي هذا الحال -التربية بالنظرة- السيد أحمد البدوي، كان يربي بالنظرة، لا يتكلم كثيرا ، ينظر للمريد فيجد روحه اتغيَّرت، فيأتي من يقول وهل هذا في الكتاب والسنة؟ هذا ليس مكانه الكتاب والسنة؛ هذا مكانه الوجود.

فالوجود مصدر من مصادر المعرفة غفل كثير من الناس عنه؛ وجُل الاعتراضات اللي تجدها كلها راجعة إلى فَقْد فَهْمِهِم أن الوجود مصدر.

مقالات مشابهة

  • فضل وأهمية صلاة الفجر في حياة المسلم
  • كيفية الغسل من الجنابة للرجال والنساء .. خطواته وشروط صحته
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 4-11-2024 في محافظة قنا 
  • عالم بالأوقاف: يجب على المسلم الانتصاف للآخرين من نفسه
  • رمضان عبد المعز: سورة الأنعام تعزز الإيمان في القلوب وتثبت العقيدة
  • الدعاء: نافذة الروح نحو السماء
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 3-11-2024 في محافظة قنا   
  • دعاء قضاء الحاجة بعد الصلاة.. كلمات تفتح الأبواب المغلقة
  • رمضان عبد المعز: "الإيمان أعظم نعمة وربنا لو مكتبش المعونة النفس تغرق"
  • هل كان صحابة سيدنا النبي يخطئون؟.. علي جمعة يوضح