أكدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، أن التجارب المختلفة أظهرت أن القضاء على الفقر وتطبيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يقتصر فقط على الجهود الحكومية، حتى لو أضيف إليها الجهود الأهلية، وأن إنفاذ وممارسة حقوق الإنسان تمتد لجميع مؤسسات وكيانات الدولة، كما أن عوائد الاستثمار الذي يتم على كافة المستويات لا يمكن أن يتم اختزاله على الجانب المالي فقط، ولكن تمتد آثاره للفرد وللمجتمع والبيئة.

وقالت «القباج»، خلال افتتاحها فعاليات مؤتمر «الاستثمار المجتمعي المؤثر والشراكات الفعالة»، إنّ هناك معتقدات خاطئة تتمثل في أن العمل الاجتماعي لا يستوجب الفكر الاستثماري والمادي، وأن كبار المستثمرين لا يهتمون بالتنمية الاجتماعية أو البيئية، مؤكدة أن هذا غير صحيح وتشهد على ذلك مليارات من الأموال المحلية والدولية التي تم ضخها في مناحي تنموية عديدة، إلا أن مؤشرات التنمية تتحرك ببطء، وهناك فئات عديدة نراها لا تشارك بفعالية في العملية التنموية، وتنتظر فقط حظها من عوائد التنمية البسيطة، والتي قد يكون الكثير منها غير محسوب بشكل تكاملي بين الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، ومن هنا، بدأ البحث عن طرق فعًّالة وجديدة ليكون هناك مصادر آمنة ومستقرة ومتجددة للتمويل، للمساهمة في توفير حلول للقضايا الاجتماعية والاقتصادية المعقدة.

مصر عرفت الوقف الخيري منذ أمد

وأوضحت الوزير، أن فكرة الاستثمار الاجتماعي تتطور، أو كما أطلق عليها البعض «الاستثمار الأخلاقي» و«المسؤول اجتماعيا»، وهذا الفكر لم يكن ببعيد عن المجتمع المصري، فعرفت مصر منذ أمد الوقف الخيري، ثم امتدت للتمويل الملائكي، وللاستثمار التكافؤي، والمضاربة والمشاركة، وريادة الأعمال الاجتماعية، حتى وصلت إلى الصناديق الاستثمارية وأشكال متنوعة من الاستثمار الاجتماعي، مما دفع الكثير ينادي بتخصيص نسب مئوية مختلفة من صافي الأرباح لمبادرات الاستثمار الاجتماعي، مشيرة إلى أن الاستثمار الاجتماعي هو تحديث جوهري لفكر التنمية التقليدية إلى التنمية المستدامة والعادلة والدامجة، وانتقالها من الرعاية إلى الاستثمار الاجتماعي، ومن الدعاية إلى الأثر، ومن الفرد إلى المجتمع بأكمله.

وأشارت إلى أن المسؤولية المجتمعية ليست تمويلا أو مساهمة نقدية أو عينية فحسب، وإنما هي دراسة متأنية لكفاءة استخدام الموارد التي تم ضخها، واحتساب الفرص الضائعة، وتقصي عناصر الاستدامة والأثر المجتمعي والتنموي المتحقق من خلال التمويل.

العوامل الأساسية للرؤية التنموية

وأشارت القباج إلى أن أحد العوامل الأساسية التي تُظهر الرؤية التنموية، والمسئولية والمصداقية للعاملين في مجال التنمية، هو عدم الاعتماد على التبرعات وعلى التمويل الخارجي والداخلي فقط، وإنما السعي الدؤوب لبناء علاقات قوية مع المستثمرين وأصحاب الأعمال والأموال، ولا سيما الناجحين منهم، لإيجاد فرص متجددة للاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لدعم البرامج والمشروعات التي تستهدف قطاعات واسعة.

وقد شهد الاستثمار الاجتماعي تطورات متلاحقة في عصرنا الراهن في رحلة تحوله من السمة الخيرية التطوعية إلى الآلية المؤسساتية المنظّمة التي تؤتي آثاراً تنموية موسعة تؤتي بثمارها على قطاعات عديدة وفئات متنوعة مما يزيد من فرص تحقيق الاستدامة، ومن هنا جاءت فكرة السندات الاجتماعية كنوع من أدوات التمويل الابتكاري، الذي يجمع بين الهدف الربحي والمادي والغاية الاجتماعية، بشكل يحول المشكلة الاجتماعية إلى فرص قابلة للاستثمار، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تحقيق وفورات ومكاسب، وإلى تشغيل فئات معطلة، بما يحفز المستثمرين على استكمال عمليات الاستثمار.

العلاقة بين الاستثمار الاجتماعي وحقوق الإنسان

وأكدت أن هناك ثمة علاقة وطيدة بين الاستثمار الاجتماعي وبين حقوق الإنسان، فنرى تقاطع قوي بين مبادئ الاستثمار الاجتماعي وحقوق الإنسان، في إقرار كلاهما بالعمل على تحسين الخدمات الأساسية وإتاحتها للجميع، ومنع عمالة الأطفال، ودعم التعليم الدامج، ونشر التكنولوجيا وتداول المعرفة، وتعزيز حقوق العمل والحماية الاجتماعية، وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، وتكافؤ الفرص والدمج لكافة الفئات، وتنمية المجتمع، والاستدامة البيئية.

كما تتمسك وزارة التضامن الاجتماعي برسالتها بقوة، وتعمل على الوفاء بحق المستهدفين من خدماتها والاستثمار فيهم، وتحافظ على الشركاء العاملين معها والمتخصصين، إلا أنه كما هو الحال بالمؤسسات العضوية التي تتميز بالحيوية والمرونة، وتوافقاً مع المتغيرات التي نراها في المحيط العالمي والمحلي والمجتمعي، تمر الوزارة بمرحلة من إعادة الميلاد، ومن تطوير الهوية مع الاحتفاظ بأصل نشأتها، ومن تغيير الصورة الذهنية، وبالتالي إعادة تصميم برامجها واستراتيجية تسويقها للخدمات والعلاقات الاجتماعية، فيتم موازة التضامن الاجتماعي مع الاستثمار الاجتماعي.. ومن المساعدات المادية إلى الحماية الاجتماعية والتأمينية والصحية، وإضافة التنمية الاقتصادية إلى الاجتماعية، وإعلاء القوة الناعمة للوعي والإعلام الاجتماعي، ومن الشراكة مع المنظمات الأهلية والحكومية فقط، إلى مد جسور التواصل مع القطاع الخاص والعام والمستثمرين وأصحاب الأعمال.

كما أن لدى الوزارة بنك ناصر الاجتماعي كذراع اقتصادي للوزارة، وهناك تطوير لصندوق تنمية الصناعات الريفية والبيئية، وصندوق دعم مشروعات منظمات العمل الأهلي، والمؤسسة القومية للأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى تطوير منصة للمشروعات متناهية الصغر التي سنطلقها سوياً، وبتطوير إدارة مركزية للاستثمار وتنمية الموارد، وأخرى للحوكمة والرقابة الداخلية، وأخرى للمشروعات، والبحوث والدراسات، وأيضاً بتنوع شراكتنا مع المستثمرين الناجحين والذين نستبشر ببدء الشراكة معهم ونوقع بروتوكولا يمثل باكورة هذه الرؤية الجديدة والواعدة.

وأوضحت أن وزارة الاجتماعي باتت تتبنى فكر الاستثمار الاجتماعي فأصبحت تنتهجه عند تنفيذها لكثير من برامجها، أو في تطوير شراكاتها؛ وهذه ليست سياسة وزارة فحسب، ولكنه توجه بناء الدولة الذي تؤكد عليه القيادة السياسية وتكرار رئيس الجمهورية لخطابات عدة يشدد فيها أن عمليات التمكين الاجتماعي والاقتصادي هو جزء لا يتجزأ، من الأولويات الوطنية؛ وأن الاستثمار الاجتماعي واستثمار رأس المال البشري، والفكر الحر والإبداع هو السبيل الذي سيؤدي بنا إلى الارتقاء بحياة المواطنين كفاعلين منتجين مشاركين، وهم أيضًا مسئولين.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التضامن وزارة التضامن التنمية المستدامة حقوق الإنسان الاستثمار الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

أمانة التضامن بـ«حماة الوطن»: دعوة مصر لتأسيس مركز عالمي على أراضيها تعزز الإمداد الغذائي

قالت الدكتورة مها الأنصاري، أمين أمانة التضامن الاجتماعي بحزب حماة الوطن، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة، سلطت الضوء على رؤية مصر الواضحة لمواجهة التحديات العالمية الراهنة، لا سيما في مجالات الشمول الاجتماعي ومكافحة الفقر والجوع، إذ ركزت على القضايا الملحة التي تواجه الاقتصاد العالمي، وأبرزت احتياجات الدول النامية والاقتصادات الناشئة.

مواجهة التحديات الراهنة

وأضافت في بيان لها اليوم، أن خطاب الرئيس السيسي تجسد فيه الدور الريادي لمصر كداعم محوري في المنظومة الدولية، مشيرة إلى انضمام مصر الرسمي إلى التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع، يعكس التزام مصر العميق بقيم التعاون الدولي لمواجهة التحديات الراهنة، ويؤكد ضرورة تضافر الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تأسيس مركز عالمي على أراضيها

وأكدت أن تجديد مصر دعوتها لتأسيس مركز عالمي على أراضيها، لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية يعد خطوة استراتيجية بالغة الأهمية لضمان الأمن الغذائي وتعزيز سلاسل الإمداد الغذائي في وقت الأزمات العالمية.

وشددت على أن هذه القمة بمثابة منصة مهمة لإعادة تقييم السياسات الدولية وتحديث التزامات الدول الكبرى تجاه الدول النامية، خاصة في ما يتعلق بتوفير التمويل الميسر لتحقيق أهداف التنمية الشاملة.

وأشارت إلى أن كلمة الرئيس خارطة طريق ورؤية استراتيجية دقيقة تهدف إلى خلق بيئة مواتية لتحقيق الأمن الغذائي ومكافحة الفقر والجوع على مستوى العالم، مؤكدة أن هذه المسؤولية تعد مسؤولية جماعية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التعاون الوثيق بين جميع الدول للحفاظ على مستقبل الأجيال المقبلة.

 

مقالات مشابهة

  • المجلس الاقتصادي الاجتماعي: 8,5 ملايين مواطن لم يستفيدوا من الحماية الاجتماعية
  • أمانة التضامن بـ«حماة الوطن»: دعوة مصر لتأسيس مركز عالمي على أراضيها تعزز الإمداد الغذائي
  • البصري والحسان يبحثان دور البعثة الأممية في دعم الجهود الحكومية لإعادة النازحين من مخيم الهول
  • «حماة الوطن»: انضمام مصر للتحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع يعزز الشمول الاجتماعي العالمي
  • وزيرة التضامن تؤكد أهمية توحيد الجهود والتكامل بين مؤسسات الدولة
  • وزيرة التضامن الاجتماعي تستقبل سفير دولة قطر بالقاهرة ووفد من هيئة تنظيم الأعمال الخيرية
  • تعزيز التعاون بين مصر وقطر في المجالات التنموية والرعاية الاجتماعية
  • ماذا فعل القضاء الإيراني مع الطالبة التي خلعت ملابسها بجامعة طهران؟
  • وزيرة التنمية المحلية تعرض أمام النواب أولويات العمل لمواجهة التحديات التي تواجه المحليات
  • نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تشارك في "مبادرة باكو للتنمية البشرية من أجل التكيف مع تغير المناخ"