المسلة:
2024-12-17@02:27:01 GMT

من النهر الى البحر

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

من النهر الى البحر

27 نوفمبر، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

ابراهيم العبادي

كان من مضاعفات الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني ،تكثيف المراقبة وتشديد المحاسبة على اصحاب الرأي الذين وقفوا الى جانب الحق الفلسطيني وتبنوا الشعار الذي ترفعه القوى الاسلامية عادة (من النهر الى البحر ).

في الولايات المتحدة الامريكية وفي دول غربية اخرى صار ترديد هذا الشعار في وسائل التواصل الاجتماعي ،يمثل موقفا معاديا للسامية ،وكل موقف صريح ضد السلوك الاسرائيلي تاريخيا اوحاضرا يصنف غربيا بانه (ضد السامية) يستدعي محاسبة مطلقه وربما فصله من عمله او اعتقاله .

عمليا تفسر السلطات في الغرب ترديد شعار من النهر الى البحر ،بأنه تكرار لموقف عربي قديم ، كان يرفض اي شكل من اشكال التعامل او الاعتراف بوجود الدولة العبرية ، ويصر على تحرير ارض فلسطين كلها من حدود نهر الاردن شرقا الى البحر المتوسط غربا .كان ذلك في ذروة الصعود القومي العروبي ،وكان من يتجرأ خلاف هذا التفكير يلاقي صنوفا من الرفض والتخوين والشتائم السياسية ،فالعرب عامة والفلسطينيون خاصة، رفضوا مبدئيا قرار التقسيم الذي اصدرته الامم المتحدة وتمسكوا بحق عودة اللاجئين ،ورفض الكثير منهم خطاب الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عام 1965 في مدينة اريحا الفلسطينية الذي دعا فيه الى القبول بقرار التقسيم واقامة الدولة الفلسطينية على الجزء الذي بقي من ارض فلسطين .

بعد هزيمة حزيران العربية عام 1967 وافول نجم التيار القومي واقرار النظام السياسي العربي باستحالة تحرير فلسطين كلها ،حل التيار الاسلامي محل التيار القومي بالمطالبة بأزالة (اسرائيل )من الوجود , وعدم القبول بمعادلة الامر الواقع التي قبل بها النظام السياسي العربي ، و جعل محور سياساته تقوم على مبدأ ( الارض مقابل السلام) ،بمعنى اعادة الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967 الى اهلها ، مقابل الاعتراف باسرائيل واقامة السلام وتطبيع العلاقات معها .الاسرائيليون هم من رفضوا اعادة الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بموجب القرار الدولي 242 ،ومهدوا بهذا الموقف لانقسام سياسي حاد بين قوى اسلامية ترفض القبول بوجود اسرائيل ،وقوى غير اسلامية (قومية ووطنية )قبلت بهذا الوجود على امل اقامة دولة فلسطينية تنهي مأساة الشعب الفلسطيني ،المائز بين الرؤيتين الدينية ومقابلها ،ان الاولى جعلت الارض مركزا لايديولوجيتها في مقابل من جعل الانسان الفلسطيني مركزا لايديولوجيته السياسية ،الاولى ترى الصبر والانتظار والمقاومة لحين انهيار معادلات القوة الراهنة ومن ثم انهيار الكيان الصهيوني ،وهذه الرؤية ترتبط بتفسير للتاريخ وللخطاب القرأني والمستقبل الموعود ب (ظهور المهدي ونزول المسيح عيسى )، ولم يكن مستغربا ان يربط قادة عسكريون وخطباء دينيون وارباب خطاب اعلامي ، ماحدث في المعركة الاخيرة (طوفان الاقصى ) وبين تصورهم لنهاية التدافع السياسي والعسكري والمفاهيمي الجاري في منطقتنا ،فهنا معسكر للمقاومة يتبنى رؤية دينية -سياسية ،لاتعبأ بالمعادلات السياسية القائمة ولا تلقي بالا لما تفرضه العلاقات الدولية والاقليمية المستندة الى منطق القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ،معسكر المقاومة يتبنى ستراتيجية (وحدة الساحات ) في مقابل مايسميه وحدة المعسكر المقابل ،ويدعو الى مراكمة النتائج تدريجيا والصبر على اشاعة ثقافة المقاومة اعلاميا وفكريا وتثوير الساحات الداخلية في الدول القائمة وتهديد المصالح الغربية خاصة الامريكية ومشاغلتها في عموم مساحات انتشارها لاسيما في العراق وسوريا والبحر الاحمر والخليج ،لاتتحدث الفصائل الاسلامية عن الاشكاليات التي تحدث في ساحاتها الداخلية ،حينما تتعارض افكارها وشعاراتها وايديولوجيتها مع الانظمة السياسية القائمة والتزاماتها القانونية وعلاقاتها الدولية ،ولاتريد الخوض في اشكاليات خطيرة مثل من (يملك قرار الحرب والسلام) ،في الدول القائمة ،فتخرج عن الموقف الرسمي وتتصرف بمفردها بناء على تفسيرها للوقائع والاحداث دونما حساب لارتدادات هذا الموقف على مصالح الشعوب والدول القائمة ،فالقضية عندها تتلخص في الشعار التاريخي (لاصوت يعلو فوق صوت المعركة )والمعركة في عرف وتفسير معسكر المقاومة هي المواجهة المستمرة .يمكن ملاحظة الجدل السياسي القائم حاليا في ايران والعراق ولبنان وداخل الساحة الفلسطينية وعموم المنطقة العربية للتأكد من اختلاف التصورات بين الرؤيتين ،رؤية معسكر المقاومة وبين الرؤية الموازية التي ترى ان الصراع في المنطقة الذي امتد لاربعة اجيال لم يقترب من الحسم،وان ادارة الصراع ماتزال موزعة بين اتجاهات عديدة لايحتكرها التيار الاسلامي وحده ،وان ستراتيجية وحدة الساحات تواجه تحديات جدية ،فالجمهورية الاسلامية الايرانية مثلا وجدت ان مصلحتها تقتضي عدم الانجرار وراء دعوات المشاركة في الحرب القائمة ،فيما ضبط حزب الله في لبنان مشاركته ضمن قواعد اشتباك لاتصل الى مستوى الحرب الشاملة .

ورغم اصرار القوى الاسلامية على شعارها الاثير (من النهر الى البحر ) لكن المساحة تضيق عمليا على من ينادي بذلك بعدما غدا حل الدولتين مورد توافق دولي ،وبدون هذا التوافق لن يكون للقضية الفلسطينية افق سياسي معقول في ظروف الصراع القائمة ،فالقوة المسلحة وحدها لن تحسم الصراع في ظل الواقع الدولي القائم على الدفاع المستميت عن (حق اسرائيل في الوجود !! )،مااعاق هذا الحل حتى الان هو التيارات الدينية المتطرفة واليمين الاسرائيلي الذي يرفع شعار من النهر الى البحر معكوسا ،فهذه التيارات ترفض وجود حق للشعب الفلسطيني على ارضه، وترى ان الحل يكمن باقتلاع الفلسطينيين من ارضهم وتهويدها بدعوى انها ارض اسرائيل التاريخية !!!!؟؟؟؟.وتنظر هذه القوى المتطرفة الى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة بانها خطر داهم ،في مقابل هذه الرؤى المتشددة ،كانت هناك رؤية ترى ان حل الدولتين لن ينهي الصراع لاسباب دينية وهوياتية رغم امكانية تحققه عمليا ، بسبب الرفض الاسرائيلي والضعف العربي والانحياز الدولي الذي يمنع الضغط الفعال لانجازه عمليا ، وان الحل هو في قيام دولة علمانية يتعايش فيها اليهود والفلسطينيون على ارض فلسطين بحيث تتساوى فيها حقوق المواطنة والمشاركة في ادارة الدولة ،وهذا هو الحل الوحيد برأي دعاته للخلاص من هذا الصراع المستعصي .غير ان هذه الرؤية لم تنضج ولن تنضج قريبا حتى يقتنع الصهاينة والفلسطينيون بهذا الخيار الذي يحاربه الدينيون والمتطرفون واليمينيون على الجانبين .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: من النهر الى البحر

إقرأ أيضاً:

«ترامب»: زيلينسكي يجب أن يستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، اليوم الاثنين، أنه يعمل بنشاط على إنهاء الصراع الأوكراني، مشيرا إلى أنه يتعين على فلاديمير زيلينسكي الاستعداد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

وقال ترامب متحدثًا من مقر إقامته في مارالاجو «نحاول وقف الحرب، تلك الحرب الرهيبة المروعة التي تدور رحاها في أوكرانيا».

وتابع: نحن نعمل بجد لوقف الصراع إنها مهمة صعبة، لكننا نحرز بعض التقدم.

ولفت ترامب إلى أن زيلينسكي يجب أن يستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا.

وزعم ترامب أنه تلقى إشارات من كييف بشأن الرغبة في التوصل إلى تسوية للصراع مع روسيا.

وأشار ترامب إلى أن فريقه كان ينوي الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفلاديمير زيلينسكي لإنهاء الصراع الأوكراني.

وفي وقت سابق، أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي القادم للبيت الأبيض، مايكل والتز، أن فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سينظر في اقتراح وقف إطلاق النار في أوكرانيا الذي قدمه رئيس وزراء المجري.

اقرأ أيضاًترامب قد لا يستطيع إلغاء حق الجنسية بالولادة.. ولكن

إريك ترامب: العالم يخوض ثورة رقمية.. والبيتكوين يمكن أن يصل سعرها إلى 200 ألف دولار

«ترامب»: الحرب مع إيران يمكن حدوثها ومشكلة الشرق الأوسط معقدة لكن يمكن حلها

مقالات مشابهة

  • سوريا.. فرحة حاضرة وتفتيت منتظر
  • «ترامب»: زيلينسكي يجب أن يستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا
  • مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح"
  • «غزة على مفترق طرق».. هل تتجه نحو الاستقرار أم الصراع؟
  • رفضها في البداية.. قصة "نديم قلب الأسد" مع نبيل الحلفاوي
  • الأمم المتحدة: 2426 مدرسة تضررت جراء الصراع في اليمن
  • الصراع على الثور الأبيض
  • بطريرك اللاتين بالقدس: نهاية العنف في غزة تقترب
  • نجم البحر الهش.. أعجوبة الخلق الذي يملك قوى خارقة للطبيعة
  • منى أحمد تكتب: القنديل بين الأصالة والحداثة