هل لحم الإبل ينقض الوضوء.. اعرف الإجابة
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
تعدّدت آراء الفقهاء في حكم الوضوء بعد أكل المسلم للحم الإبل، فذهب الحنابلة إلى أنَّ أكل لحم الإبل من نواقض الوضوء، بينما ذهب جمهور الفقهاء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنفيّة إلى أنّه لا ينقض الوضوء، وإنما يُستحب الوضوء منه.
أحكام أصحاب الأعذار في الوضوء والصلاةوأمّا من قال بنقض لحوم الإبل للوضوء فقال إنّ الحكمة من الوضوء بعده هو أنّ أكله يُعطي طاقة شيطانيّة، لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تصَلُّوا في مبارِكِ الإبِلِ؛ فإنَّها من الشياطينِ)، والماء يُطفئ هذه الطاقة، لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الغضبَ منَ الشيطانِ، وإنَّ الشيطانَ خُلِقَ منَ النارِ، وإنما تُطْفَأُ النارُ بالماءِ، فإذا غَضِبَ أحدُكُم فلْيَتَوَضَأْ)، فالوضوء لازمٌ لزوال أثر أكل لحم الإبل عن الإنسان.
وتلمّس ابن تيمية -رحمه الله- الحكمة من ذلك أيضاً، فقال إنَّ الوضوء بعد أكل لحمها يدفع عن المؤمن ما يُصيب المدمنين عليها من قسوة القلب والشّدّة، بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الفَخْرُ والخُيَلاءُ في أصْحابِ الإبِلِ، والسَّكِينَةُ والوَقارُ في أهْلِ الغَنَمِ)، وقال العديد من الفقهاء إنّ الأمر الوارد بالوضوء بعد أكل لحم الإبل أمرٌ تعبّدي؛ أي لا يعلم الحكمة منه إلا الله -سبحانه-، وهو قول الأكثرين في هذا الباب؛ فقالوا الله أعلم بالحكمة في ذلك الأمر، ولا دليل واضح يدلّ على الحكمة من ذلك والعلّة منه، والمسلم يمتثل أمر الله -تعالى- حتى وإن لم يعلم الحكمة منه.
حكم الوضوء من أكل لحوم الإبلتعدّدت آراء العلماء في حكم الوضوء عند الأكل من لحم الإبل -الْجَزُورِ-، ونذكرها فيما يأتي: عدم وجوب الوضوء على مَنْ أَكَل لحم الإبل، لِما رواه جابر -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ آخِرُ الأمرَينِ مِن رسولِ اللَّهِ تَرْكَ الوضوءِ مِمَّا مسَّتِ النَّارُ، ولأنّه طعامٌ كباقي الأطعمة المباحة، وهذا رأي جمهور الفقهاء من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، وكذلك الثوريّ ومجموعة من السّلف.
وجوب الوضوء على من أَكَل من لحم الإبل المطبوخ والنّيِّئ أيضاً، سواء كان من أكله عالماً بهذا الحكم، أو جاهلاً به، وذلك لأنّ رجلاً سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أأَتَوَضَّأُ مِن لُحُومِ الغَنَمِ؟ قالَ: إنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وإنْ شِئْتَ فلا تَوَضَّأْ، قالَ: أتَوَضَّأُ مِن لُحُومِ الإبِلِ؟ قالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِن لُحُومِ الإبِلِ، قالَ: أُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أُصَلِّي في مَبَارِكِ الإبِلِ؟ قالَ: لَا)، وهذا رأيّ الحنابلة.
حكم الوضوء مِن شرب لبن ومرق لحم الإبل لا يُعتبر لبن ومرق لحوم الإبل من نواقض الوضوء، وكذلك الطّعام المطهوُّ معها في ذات القدر والمرق، فكلّها لا تنقض الوضوء، ولكن يُستحبّ الوضوء عند شُرب ألبان الإبل، لِما في قصّة العُرَنيِّينَ أنَّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (أمرهم أَنْ يَشْرَبُوا مِن أبْوَالِهَا وأَلْبَانِهَا).
ولم يأمرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضّؤوا من ألبانها، وفي هذا دليلٌ على استحباب الوضوء لا وجوبه.
وكذلك لا يجب الوضوء على مَنْ شَرِب مَرَق لحم الإبل، أو أكل الكبد، أو الطحال، أوالكرش، أو السّنام، لأنّ الحديث جاء في ذكر اللّحم فقط؛ والحكم هنا تَعَبُّديٌ لا نعقل معناه وحكمته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفقهاء الوضوء اراء الفقهاء حکم الوضوء الحکمة من أکل لحم الإب ل
إقرأ أيضاً:
«نمط جديد للعلاقات الدولية» كتاب عن بيت الحكمة يناقش مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صدر حديثًا عن بيت الحكمة للثقافة كتاب "نمط جديد للعلاقات الدولية" للدكتور أحمد السعيد، والأستاذ عماد الأزرق، وهو كتاب يتناول شرح وتفسير مفهوم "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية".
ويقع الكتاب في 241 صفحة من القطع الكبير، ويحوي الكتاب خمسة أبواب تضم ستة عشر فصلا تتناول التأصيل العلمي والتاريخي للمفاهيم الصينية التي طرحتها الصين خلال العقد الأخير، والرؤى الصينية الحالية لماهية المستقبل، والتهديدات التي تشهدها الساحة العالمية على المستوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك أثر ونتائج هذه المفاهيم وصداها الدولي، وآليات تنفيذها والدور العربي وشكل مستقبل التعاون العربي الصيني.
في هذا الكتاب يناقش الباحثان المختصان في الشأن الصيني، طبيعة هذا التوجه الجديد للعلاقات الدولية وخلفيته الأيديولوجية والتاريخية، في محاولة للإجابة عن: هل سيسهم هذا التوجه في إخماد ما يشهده العالم من صراعات، وكيف سيواجه الغرب هذا التغيُّر، وما الدور العربي المنتظر؟ وفي سبيل ذلك يقدم تحليلات سياسية وقراءة واعية في المشهد العالمي، ويفسر الكثير عن الدبلوماسية الصينية تجاه العالم الجديد، ونواياها تجاه مستقبل البشرية، حيث يشهد العالم تغيرات وصراعات وتقلبات لم يحدث لها مثيل منذ أكثر من مائة عام، وتوشك موازين القوى العالمية على تحويل العالم من أحادية القطب إلى تعدده، وأصبحت الصين الآن لاعبًا دوليًّا له ثقل كبير، بل صارت تمثل للعديد من شعوب العالم، الأمل في إحداث توازن يعيد للعالم سكينته وهدوءه.
وقد اعتمد الباحثان في هذا العمل على كم كبير من المراجع والوثائق الصينية والعالمية، وتحليلات دولية وعربية في علم السياسية الدولية والدراسات المتخصصة عن الصين والعالم، وكذلك الكثير من المراجع الصينية الحديثة التي لم تترجم من قبل، وذلك حتى يأتي العمل ملبيا لتطلعات القارئ العربي، وحتى يعتمد في طرحه على الوقائع والحقائق وليس الكلمات والنظريات فقط.
كما يضم الكتاب تحليلات مقارنة بين الوضع العالمي الحالي الذي بنته أمريكا ووضعت قواعده بكل ما فيه من عوار وغياب للعدالة، وبين ما تدعو إليه الصين لحالة مغايرة تمامًا للطرح الأمريكي، حيث تقدم الصين نموذجًا مغايرًا للنموذج الغربي الذي يحتل موقع الصدارة منذ الحرب العالمية الثانية، فهي تركز على مبادرات دولية معنية بالتنمية المشتركة، ونبذ النزاعات والصراعات، وتغليب حالة السلم على الحرب، وتأتي مبادرتها الكبرى "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية" التي تعني بالعمل الجماعي والتعاون والتقارب بين شعوب الأرض من أجل غد أفضل، لتلقى قبولًا دوليًّا منقطع النظير، وقد نجحت مبادرات الصين الدولية كافة، حتى الآن في إحداث حالة جديدة للعلاقات الدولية، تتسم بالتكافؤ والاحترام المتبادل وتنشيط التعاون الاقتصادي والتنمية وتوحيد الأهداف المستقبلية للأمم.
ويرى المؤلفان -وفق ما جاء في مقدمة الكتاب- أنه يجب تفسير التأصيل التاريخي والأيديولوجي لأسباب ما تقدمه الصين في الآونة الأخيرة من مبادرات حول التعايش السلمي ومجتمع المستقبل المشترك للبشرية، والخيارات والظروف التي كانت متاحة قبله، حيث يسعى لوضع تصور للغد في ظل دعوة الصين لمجتمع يحكمه تشارك المستقبل بالعمل والتنمية، بما يعني ألا تكون الصين عباءة جديدة يمكن استبدالها بالعباءة الأمريكية القديمة، بل معينا على الخروج من كل سيطرة وهيمنة وأن تتبنى كل دولة طريقها الخاص للتنمية وأن تستكشف لنفسها نمطا يناسب ظروفها ولا تكون تابعا لأحد في عالم سيشهد فرصا جديدة للعلاقات الدولية وسط هذا الظهور الصيني المؤثر.
يذكر أن الدكتور أحمد السعيد خبير في الشأن الصيني وكاتب ومترجم، مؤسس ورئيس مجموعة بيت الحكمة للثقافة، أستاذ زائر بجامعة الاتصالات الصينية. حاصل على جائزة الدولة الصينية للإسهام المتميز في مجال الكتاب، وجائزة الصداقة الصينية من نينغشيا، وهو مستشار وخبير مشروع الحكومة الصينية لترويج الكتاب الصيني في العالم، دكتوراه في علم الأعراق البشرية، وخبير في دراسات علم سياسات القوى الناعمة الدولية. له العديد من المؤلفات بالصينية والعربية والترجمات عن الصينية والمقالات والأبحاث المنشورة.
أما عماد الأزرق فهو خبير وكاتب متخصص في الشئون الصينية والعلاقات الدولية، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، وهو أول مركز متخصص في الدراسات الصينية بالمنطقة العربية، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية- عضو الاتحاد العالمي للصينولوجيا وعضو مؤسس للمجلس المصري للصينولوجيا وصحفي بوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) منذ 18 عاما، وعضو جمعية الصداقة المصرية الصينية، صدر له العديد من الدراسات والأبحاث المنشورة، وشارك في العديد من المؤتمرات والمحافل العلمية.