انتشار ظاهرة بيع شعر النساء في سوريا بعد تفشي الفقر والغلاء.. كيف يتم التسعير؟
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
تجبر الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها غالبية السوريين على اختلاف مناطق السيطرة، سوريات على بيع شعرهن لصالونات التجميل للاستخدام كوصلات للتجميل، وذلك رغم تعارض هذه الظاهرة مع العرف السائد في البلاد.
ونقلت تقارير إخبارية نشرتها وسائل إعلام موالية للنظام شهادة لامرأة في العقد الرابع، قتل زوجها عندما كان يقاتل في الجيش، أكدت فيها أنها باعت شعر ابنتها الصغيرة حتى تؤمن لأولادها الخمسة ثمن لوازم المدرسة.
وقالت: "كان قرارا صعبا بالنسبة لي"، وأضافت الأربعينية: "بالرغم من حبي للشعر الطويل إلا أن الاعتماد على راتب زوجي التعويضي وراتبي لم يعد كافيا، بسبب غلاء المعيشة الكبير وازدياد حاجيات الأولاد كلما زاد عمرهم".
وحصلت المرأة على مبلغ 70 ألف ليرة سورية (50 دولارا أمريكيا)، وهو ما يعادل نحو 4 أضعاف راتب موظف حكومي.
وبين موقع "تلفزيون الخبر" أن تجارة الشعر باتت رائجة في المدن السورية، بحيث يتم تسعير الشعر بحسب طوله ووزنه ولونه، بحيث يتراوح سعر مبيع وصلات الشعر بين 250 ألف و4 ملايين ليرة سورية.
وقبل الثورة الشعبية على النظام كانت صالونات التجميل تستورد الشعر الطبيعي من الأسواق الخارجية، وذلك بسبب امتناع النساء السوريات عن بيع شعرهن، لتعارض ذلك مع فتاوى تحريم بيع الشعر، فضلاً عن الرفض المجتمعي لهذه التجارة.
تجارة ليست جديدة
وبحسب خبيرة تجميل تعمل في مدينة حلب، فإن تجارة الشعر للتجميل ليست ظاهرة جديدة في سوريا، مشيرة في حديثها لـ"عربي21" إلى اكتظاظ وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلانات عن بيع وشراء الشعر.
وأضافت الخبيرة مفضلة عدم الكشف عن هويتها، أن وصلات الشعر تستخدم في الغالب لتجهيز العرائس، بحيث يتم تكثيف الشعر الخفيف لحفل الزفاف.
وتابعت، بأنها تشتري وصلات الشعر عند اللزوم من خلال بعض الصالونات المتخصصة، بعد أن تطلب منها زبونة وصل شعرها.
وتشرح خبيرة التجميل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجبر النساء على بيع شعرهن، وتقول: "مع دوام الحال الاقتصادي الصعب، شريحة واسعة لم تعد قادرة على تأمين مصروفها، فلم تعد هناك مجوهرات أو ممتلكات لبيعها، وهو ما يضطرها إلى بيع الشعر، رغم تواضع الثمن مقارنة بالغلاء"، على حد تعبيرها.
وتقدر مراكز بحثية متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أفراد في سوريا بنحو 10 ملايين ليرة سورية، في حين أن متوسط الرواتب عند 200 ألف ليرة سورية.
حلول لتدبر المعيشة
من جانبه، يصنف الباحث والخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، بيع الشعر ضمن الحلول التي يلجأ إليها السوريون في سبيل تدبر المعيشة.
وقال لـ"عربي21" إن بيع الشعر في سوريا كان يمارس على نطاق ضيق قبل الثورة، لكن بعد ذلك انتشر وبات ظاهرة، وخاصة بعد ارتفاع سعر الشعر المستورد، على خلفية تدهور قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.
وتابع الكريم أن "بيع الشعر لم يرق لأن يصبح تجارة بعد في سوريا، وخاصة أن المداخيل المالية لعمليات البيع متواضعة".
تسليع المرأة
وتكمن خطورة هذه الظاهرة، وفق الكريم، كونها تسهم في تسليع المرأة السورية، وتغيير العرف المجتمعي، مبيناً أن "الظاهرة لم تعد تقابل باستهجان ورفض مجتمعي كما كان عليه الحال سابقاً"، وعزا ذلك إلى الظروف الاقتصادية الصعبة.
ويرى الباحث بالشأن السوري فواز المفلح، أن ظاهرة بيع الشعر تجسد الفروقات الطبقية في المجتمع السوري.
وقال لـ"عربي21": "البائع والمشتري من السوريين، وهذا يؤكد بشكل قاطع كيف أثرت سنوات الحرب في فرز المجتمع السوري إلى طبقتين فقيرة تشكل الأغلبية، وغنية محدودة، لكنها موجودة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النظام سوريا سوريا الأسد دمشق النظام سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لیرة سوریة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
مسؤول بريطاني سابق: تفشي وباء جديد مسألة وقت
تم الإعلان عن حالة إصابة بمرض جدري القرود (أو إمبوكس) هذا الأسبوع، في شرق ساسكس، وهي الحالة السادسة في المملكة المتحدة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، كما تم اكتشاف حالات جديدة مؤخراً في فرنسا وألمانيا وبلجيكا والسويد وكندا والولايات المتحدة مع انتشار جدري القرود خارج أفريقيا.
الجهود المنسقة عبر الحدود نجحت في القضاء على الجدري
وأكد رئيس تنزانيا تفشي فيروس ماربورغ، وهو فيروس يشبه الإيبولا، هذا الأسبوع أيضاً، وهو ما نفاه وزير الصحة في البلاد سابقاً، فور ما أبلغت منظمة الصحة العالمية بشكل مستقل عن تفشي 9 حالات مشتبه بها و8 وفيات. لا معنى لانسحاب أمريكا وتؤكد هذه التقارير حول الأمراض المعدية، السبب وراء الضرورة التي دعت لإنشاء منظمة الصحة العالمية من أجل تحديد الأمراض المعدية ومكافحة انتشارها في جميع أنحاء العالم.ولأن الأمراض المعدية التي تهددنا الآن ما تزال تشتمل على متحورات جديدة من كوفيد، يرى غوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، في مقاله بموقع صحيفة غارديان" البريطانية، أنه لا معنى لإعلان الرئيس ترامب عن أمر تنفيذي في اليوم الأول من توليه للانسحاب من المنظمة الوحيدة التي تعالج مثل هذه الطوارئ الصحية على مستوى العالم؛ منظمة الصحة العالمية.
عندما تم إنشاء منظمة الصحة العالمية الحالية في عام 1948 تحت مظلة الأمم المتحدة، كانت هناك منظمة صحية عالمية دولية منذ أكثر من 170 عاماً بدءاً من عام 1851، التي أُنشئت بغرض التعامل مع مرض الكوليرا الذي انتشر في البداية دون اكتشافه ثم دون معالجته في جميع أنحاء العالم. ترامب أخطأ في الحقائق
وقال براون: يريد الرئيس ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، بحجة أن الولايات المتحدة تتحمل الكثير من عبء نفقاتها بينما تتحكم فيها الصين. وحجة ترامب "أنهم يدفعون 39 مليون دولار، ونحن ندفع 500 مليون دولار. هل تعتقدون بأن هذه صفقة جيدة؟".
It's strongly against US interests to withdraw from @WHO -that decision should be reconsidered and reversed. Leaving WHO would hurt the US in many ways and communicate that we dont care about the work of improving health in other parts of the world. https://t.co/MWYvtAIqDu 1/x
— Tom Inglesby, MD (@T_Inglesby) January 22, 2025لكن ترامب أخطأ في الحقائق بحسب براون. في الواقع، تدفع الولايات المتحدة 130 مليون دولار في شكل مساهمات مقررة وتدفع الصين 88 مليون دولار.
ومضى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق (2007-2010) يقول: بصفتي شخصاً قدم المشورة لمنظمة الصحة العالمية بشأن التمويل، فأنا أعلم أن التمويل يتم تخصيصه وفقاً لصيغة مجربة ومختبرة تستند في المقام الأول إلى حجم اقتصاد الدولة، وهو ما يشبه الصيغة المستخدمة لدفع تكاليف حفظ السلام التابع للأمم المتحدة والمساهمات في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
تمثل الولايات المتحدة أكثر من ربع الاقتصاد العالمي (حالياً 27٪) لكن في الواقع، تبلغ مساهمة الولايات المتحدة المقررة لمنظمة الصحة العالمية أقل من هذا الرقم، وتقتصر على 22٪ من إجمالي المساهمات المقررة العالمية.
Memo to President Trump: you are wrong to leave the World Health Organization. You should think again
(A handy account of how much the USA and other countries actually contribute to the WHO, the WHO's vital role in addressing health issues, etc.)https://t.co/Ima3w1ezSC
ونظراً لأن المساهمات المقررة لا تمثل سوى ربع إنفاق منظمة الصحة العالمية، فإن معظم دخلها يأتي من المساهمات الطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء والمؤسسات الخيرية الخاصة مثل مؤسسة غيتس.
18% فقط تمويل أمريكا للمنظمةوتقدم الإدارة الأمريكية 368 مليون دولار في شكل مساهمات طوعية. لذا، فإذا أخذنا جميع المساهمات المقررة والطوعية معاً، فإن الولايات المتحدة تقدم حوالي 18% من إجمالي تمويل منظمة الصحة العالمية، وهو مبلغ ليس مفرطاً مقارنة بحصتها البالغة 27% من الاقتصاد العالمي.
الاتهام الآخر الذي وجهته إدارة ترامب السابقة عندما أصدرت في عام 2020 إشعاراً بالانسحاب لأول مرة، وهي الخطوة التي أبطلها جو بايدن، هو أن منظمة الصحة العالمية كانت متأثرة بشكل مفرط بالصين خلال المراحل المبكرة من الوباء وأن الصين لم تكن صادقة أبداً بشأن مصدر الوباء.
لكن رئيس منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، دعا الصين مراراً وتكراراً إلى التحقيق بشكل كافٍ والكشف السريع عن المعلومات حول أصول فيروس كوفيد-19 الذي ظهر في ووهان قبل خمس سنوات. والواقع أن تيدروس أثار غضب بكين العام لإصراره على أن تظل جميع الفرضيات حول أسباب الوباء على الطاولة حتى تتعاون الصين.
تحديد الشركاء الموثوقينفي أمره التنفيذي الجديد، لم يوجه الرئيس الوكالات فقط إلى "إيقاف التحويل المستقبلي لأي أموال أو دعم أو موارد من حكومة الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية"، بل وأيضاً إلى "تحديد شركاء الولايات المتحدة والدول الموثوقين والشفافين للقيام بالأنشطة الضرورية التي قامت بها منظمة الصحة العالمية في وقت سابق".
ومع ذلك، لا توجد هيئة مماثلة لمنظمة الصحة العالمية مستعدة لتحل محل هيئة تضم 194 دولة عضواً، ولا توجد أي دولة كبرى خارجها، ويمكنها التعامل مع الأمراض المعدية فضلاً عن حالات الطوارئ الصحية في مناطق الصراع والمناطق المتأثرة بالمناخ، في حين تعمل على الحد من انتشار السرطان وغيره من الأمراض في جميع أنحاء العالم.
وقال براون: إن منظمة الصحة العالمية محقة في دعوتها الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها، لأنه من السهل للغاية أن ننسى أن الجهود المنسقة عبر الحدود نجحت في القضاء على الجدري، وجعلت مرض السل وشلل الأطفال أقرب إلى القضاء، وخفضت الوفيات المرتبطة بالإيدز بنحو 70٪ على مدى 20 عاماً، ومنذ عام 2010، قضت على "مرض استوائي مهمل" واحد على الأقل في 54 دولة.
ومع زيادة السفر الجماعي، وارتفاع عدد السكان في المناطق الحضرية، والتعدي البشري على الحياة البرية، فإن مسألة تفشي وباء جديد لا تتعلق بما إذا كان سيحدث وإنما متى سيحدث. ودون تمويل منظمة الصحة العالمية بشكل صحيح، فإننا بذلك نضع أنفسنا موضع غير المستعدين.