حرب دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل.. وبلدان عربيان يدعمان عمان في معركة الغاز
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
تشهد العلاقات بين الأردن وإسرائيل أزمة دبلوماسية كبيرة، بسبب رفض الأردن المخططات الإسرائيلية المسمومة في المنطقة، ومن بينها فكرة نقل سكان الضفة إلى الأردن، وتفريغ الأراضي الفلسطينية.
وهناك مجموعة من الدلالات التي تؤكد وجود أزمة دبلوماسية بين الدولتين، خاصة بعد الأحداث التي شهدها قطاع غزة، رفضها الأردن بشكل كامل ووصف ما يحدث في القطاع بالمذبـ.
ـحة، "نصف سكان البلد الشقيق من أصول فلسطينية".
وكان الأردن من أولى الدول التي طالبت بهدنة في قطاع غزة، وصرح أن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر الجاري، من أجل أن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار في غزة، ويريد الأردن، أن تتحول الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار ونهاية كاملة لهذا العدوان.
الأردن والغاز الإسرائيليويعتبر تهجير الفلسطينيين "خط أحمر" بالنسبة للأردن، حيث وضع البلد العربي الشقيق محددات منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي "الغاشم" على غزة، وخصوصا في ظل وجود دعوات بتحرك سكان وأهل غزة إلى خارج القطاع باتجاه مصر.
وأكد الأردن أنه لا سبيل للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا بحل الدولتين، وهذا الحل لا يمكن القفز عليه، إضافة إلى أنه يرفض تصفية القضية الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، أعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الأحد، أن بلاده تبحث عن بدائل لإمدادات الغاز الطبيعي من إسرائيل، وسط مخاوف من احتمال انقطاعها، على خلفية تطورات الأحداث الأخيرة وموقف المملكة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأضاف الخصاونة- خلال تصريحات إعلامية، أن الأردن تحدث مع دولتين في الخليج أبدتا استعدادهما لتلبية احتياجات البلاد من الغاز إذا لزم الأمر، وسط مخاوف من احتمال انقطاع الغاز القادم من حقل ليفياثان في البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من أن صفقة الغاز بين شركة نوبل الأمريكية وشركة الكهرباء الوطنية والتي يحصل بموجبها الأردن على الغاز الإسرائيلي "ليست مطروحة للإلغاء"، بحسب الخصاونة، الذي قال إن الأردن يخطط لسيناريوهات واحتمالات مختلفة وسط الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وتابع: "أحد هذه البدائل سيكلف 45 مليون دينار (63 مليون دولار) شهريًا إذا تحول الأردن إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال وسيكلف بديلا آخر 115 مليون دينار شهرياً إذا تحول الأردن إلى الديزل".
وقبل نحو 10 أيام، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن الأردن لن يوقع اتفاقا لتبادل الطاقة والمياه مع إسرائيل والذي كان من المقرر توقيعه الشهر الماضي.
وفي إشارة إلى الحرب بين إسرائيل وحماس، قال الصفدي: "كان هناك حوار إقليمي حول مشاريع إقليمية، أعتقد أن هذا كله الحرب أثبتت عدم المضي به، وكان هناك حديث عن توقيع (اتفاقية) تبادل الطاقة والمياه، وكان يجب أن توقع الشهر الماضي، لن نوقعها".
وأضاف أن "كل علاقات الأردن توظف من أجل وقف الهمجية الانتقامية التي تقوم بها إسرائيل" في قطاع غزة الذي تديره حماس.
وقال الصفدي إن الأردن لن يدخل أبدا في حوار حول من يدير غزة بعد الحرب، معتبرا أن مثل هذه الخطوة الآن يمكن أن تعتبر بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل لتفعل ما تريد.
وأوضح "لن نقبل أن ندخل في أي حوار على من يدير غزة بعد الحرب وكأننا نقول لهم (لإسرائيل) اذهبي وافعلي ما شئت".
اتفاقيات الأردن وإسرائيلودعا رئيس مجلس النواب الأردني، أحمد الصفدي، يوم 13 نوفمبر الجاري، اللجنة القانونية في المجلس إلى مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها من أجل تقديمها للحكومة.
وبعدما وصف خلال جلسة للمجلس ما يجري في قطاع غزة بأنه "عار وألف عار على المجتمع الدولي"، قال الصفدي: "أدعو باسمكم اللجنة القانونية إلى مراجعة الاتفاقيات الموقعة" مع إسرائيل، و"تقديم التوصيات اللازمة بشأنها من أجل تقديمها للحكومة، لتكون مرهونة بوقف العدوان على غزة"، وهو ما صوت عليه المجلس بالموافقة بالإجماع.
ووقع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1994، لكن الشعب الذي يتحدر نحو نصفه من أصول فلسطينية، رفض تطبيع العلاقات بشكل عام.
ووقعت المملكة في 24 نوفمبر 2021 في دبي إعلان نوايا مع إسرائيل برعاية أميركية للتعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه، وبدأت دراسات جدوى المشروع العام الماضي.
وينص اتفاق النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما ستعمل الأخيرة على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من خطر الجفاف، كما نص على أن تقوم شركة إماراتية ببناء محطة طاقة شمسية في الأردن لتوليد الكهرباء. ولم تكشف الأطراف المعنية عن تكلفة المشروع.
وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، مختار غباشي، إنه بالتأكيد المشاكل بين الأردن وإسرائيل فيما يخص الصراع داخل قطاع غزة أو التعدي الإسرائيلي على القطاع واضحة، والأردن صرح أنه قد يوقف أي اتفاقيات مرتبطة بالغاز أو بالطاقة، مشددا على أن التهجير القسري خط أحمر وبمثابة إعلان حرب.
وأضاف غباشي_ خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الملاسنات الدبلوماسية بين الدولتين قائمة، ما يجعل آليات التعامل والعلاقات بين الدولتين متوترة، وسوف تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية لإصلاح هذه العلاقات، حيث إنه ليس من مصلحتها أن تتوتر تلك العلاقات.
وأشار غباشي، إلى أنه من الطبيعي حرص الولايات المتحدة الأمريكية على هذه المعاملة، وتلك المشاكل الدبلوماسية من الممكن أن تنتهي حال توقف إسرائيل حدة ضرباتها ومطارداتها أهالي قطاع غزة.
والجدير بالذكر، أنه منذ السابع من أكتوبر، يشهد الأردن وبشكل شبه يومي تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين للمطالبة بإلغاء معاهدة السلام الموقعة بينه وبين إسرائيل وإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان.
واستدعى الأردن في الثاني من الشهر الحالي سفيره لدى إسرائيل، منددا بـ"الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة التي تقتل الأبرياء وتسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة"، كما أعلم إسرائيل بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.
توتر تاريخي في العلاقاتفيما قال الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، جهاد الحرازين، إن هناك حالة من الفتور في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، خاصة بعد اعتداءات إسرائيل على قطاع غزة، مما اضطرت المملكة الأردنية أن تتخذ بعض المواقف.
وأشار الحرازين_ خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، إلى التحذيرات والتصريحات التي خرجت من قبل القيادة الأردنية، بأن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن بمثابة إعلان حرب على المملكة.
وأشار الحرازين، إلى أن هناك العديد من الاتفاقيات التي يتم مراجعتها خاصة بعد تصريحات بعد الوزراء الإسرائيليين، بأنه لن يكون هناك اتفاقيات تتعلق بالمياه إلى الأردن مقابل الكهرباء، مما أدى إلى خروج تصريحات من المملكة الأردنية بتحول تلك الاتفاقيات إلى مجرد حبر على ورق، لذلك يقوم الأردن باستكشاف بدائل أخرى للغاز والمياه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأردن إسرائيل غزة تهجير الفلسطينيين الغاز الطبيعى بین الأردن وإسرائیل مع إسرائیل قطاع غزة من أجل
إقرأ أيضاً:
معركة الكرامة من استراتيجية الصمود نحو استراتيجية النصر الشامل
كانت في البداية استراتيجية مليشيا الدعم السريع هجوما كاسحا سريع الحركة من أجل السيطرة، ومع وصول هذا الهجوم لنقطة الصد والمقاومة التي لم تمكنه من تحقيق الهدف، تحولت الحرب عندهم لاستراتيجية سيطرة وانتشار واسع والضغط لاستلام السلطة، ومع الفشل في تحقيق الهدف تحولوا لحرب عصابات واسعة مدفوعة برغبة في السرقة وحيازة ثروات المواطنين، فتحولت حرب عصابتهم لنمط إجرامي وتهديد أمني دون غاية سياسية. واستخدمت المليشيا ترسانة عقيدة عرقية وعنصرية وكراهية من أجل منح قواتهم التماسك وساعدتهم في ذلك الآيدلوجيا الرثة للسودان الجديد.
مع تلك المراحل كان الجيش السوداني وبداية من نقطة الصد والمقاومة الأساسية والتي كانت أشبه لاستجابة تلقائية غير شاملة، فتطورت تكتيكاته للدفاع التام والحفاظ على التماسك والعمل للاستنزاف وتأمين خطوط الإمداد وإعادة هيكلة وضعية القوات وتمركزها وتسليحها، هذه مهام كثيرة كانت تتم في وضع صعب من كافة النواحي ومع ما ظهر أنه تقدم للمليشيا كانت لاستجابة الصبر والتماسك ميزة استراتيجية كبيرة ظهرت لاحقا.
لكن الاستجابة الحقيقية كانت استجابة تشبه (تشاركية أمنية) بين الجيش والشعب، فتحول الحرب لحرب على الشعب استنفر المجتمع، ووطد العلاقة مع الجيش ليبدأ شكل تعاونيات أمنية في الحرب لتأمين المناطق، والتنظيم المشترك تحت استراتيجية الجيش للتحرير، كل ذلك دون تهديد وجود مؤسسة الجيش وتنظيمه خصوصا أن عقيدة الجيش تختلف في كل قيمها عن المليشيا، عقيدة وطنية استيعابية مع تقاليد قوية راسخة.
بتلك الاستراتيجية والعمل المستمر تمكن السودانيون وجيشهم من حسم الجزء الأول من الحرب، وهو جزء بقاء الدولة وكسر شوكة التمرد، وبقاء الدولة يستدعي على الأقل تحرير مركزها وقلب سلطتها. لكن المرحلة الثانية من الحرب تحتاج لاستراتيجيات تستوعب طبيعة التحول القادم.
أهم متغير جديد هو فهم وتوقع التحول الذي سيطرأ على مليشيا التمرد نفسها، فالمرجح أنها ستتحول لحركة تمرد مناطقي في هامش واسع غرب البلاد، تحاول أن تمنح نفسها مشروعية لحرب الدولة، وبالتالي تستمر في توظيف الدعم الخارجي من أجل تمرد طويل مثل الحركة الشعبية قديما العام ١٩٨٣م، هذه هي الاستراتيجية التي بدأت عمليا من خلال تحالف نيروبي مع حركة الحلو.
إذن من المهم لتحقيق النصر في المرحلة القادمة فهم التحول الذي سيحدث في المليشيا وبالتالي فإن العمل سيمضي نحو الاتجاهات التالية:
أولا: تأمين المناطق التي تحررت بشكل تام.
ثانيا: تواصل مباشر وآمن وربما سري مع المجتمعات التي توجد في دارفور فعليا، فهم مخاوفها وإيجاد وكلاء جدد عنها، وكلاء ذوو شوكة وحضور وليس مستبعدا أن يكونوا ممن كان من ضمن تشكيلات الدعم السريع، نموذج (كيكل) يجب أن يوجد هناك من جديد وعلى عدة أصعدة، هذه المهمة ممكنة التحقق فهناك فرق بنيوي بين طبيعة تمرد الحركة الشعبية قديما وصلتها بمحتمعات الجنوب وبين هذه المليشيا الجديدة، حتى في طبيعة الانحياز الخارجي هناك فرق كبير يطول شرحه.
ثالثا: التركيز في خطاب الحرب الذي يحكي عن عقيدة الجيش على البعد القومي والوطني، هذه مهمة للدولة وقياداتها لكنها أيضا معركة أساسية في الرأي العام وأوساط المثقفين والنخب، مع التركيز على (تصفية الحساب التام) وبلا مساومة مع القوى السياسية التي دعمت التمرد وتسببت في الحرب.
رابعا: خلق صيغة لإدارة الاقتصاد السياسي الكلي للدولة في اتجاه يدعم استعادة التوازن والاستقرار، وهذه مهمة صعبة حاليا بالمؤشرات الاقتصادية البحتة لكنها ممكنة من خلال مفاهيم الاقتصاد السياسي، بما يؤثر على سوق الحرب وإدارة الأعمال السياسية أثناء الحرب. هذه المسألة هدفها ببساطة ربط المجتمعات ووكلاؤها بالسلطة من خلال صيغة تشاركية أمنية وطنية على رأسها الجيش الوطني، وهدفها إنهاء حالة التمرد وربط المصير (الخاص) بالدولة (العام).
خامسا: التقدم العسكري تدريجيا نحو التحرير بكل طاقة البلاد، وتوظيف هذه الهبة للتأمين والتقدم لكن بإدارة سليمة واستراتيجية، ودون استعجال لأن نتائج إيجابية متوقعة إذا أحسن السودانيون تحقيق النقاط الأربع الأولى.
هذه الاتجاهات تعمل متوازية ولا تتعارض فيما بينها ولا تترتب بالتقديم والتأخير، لكن من المهم التفكير والتخطيط قبل المرحلة الثانية لتحرير البلاد، وهذا ما نتوقعه من نتائج تخلق الوعي الجمعي شديد الوطنية.
هشام عثمان الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتساب