لوبوان: انتهاء اللحظة الغربية وأوروبا تتحول لدار للمسنين
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
ظهور الصين والهند والعودة العدوانية لروسيا وطموحات تركيا والبرازيل ودول أخرى تعلن نهاية "اللحظة الغربية"، تلك الفترة القصيرة التي شهدت منذ انهيار الكتلة الشيوعية غربا متحدا بقيادة الولايات المتحدة يملي قانونه على بقية العالم، وهو ما يجب أن يمثل منبها لما يكرر دائما بأننا نعيش "انهيار الإمبراطورية الأميركية".
بهذه المقدمة بدأ جيرار أرو مقاله في مجلة لوبوان الفرنسية، مؤكدا أن الغرب لم يكد يدرك هذه اللحظة لأن تفوقه بدا له طبيعيا ومفيدا في "عالم قائم على القواعد" و"انتشار حقوق الإنسان والديمقراطية" دون أن ينتبه إلى أن أفعاله كثيرا ما تناقض أقواله، مما يثير الاستياء والمرارة من حوله.
أما الآن -كما يرى الكاتب- فإن العالم بدأ يتحرر من وصاية الغرب، وهو ما يتجلى في جرأته على إعلان نهاية لحظة الغرب وعلى انتقاد الديمقراطية التي ظل الغرب يلزم كل أحد بعبادتها علنا إذا لم يبدُ متحمسا لها، ليتساءل: هل سيجرف هذا الانهيار الحتمي الجميع، أميركيين وأوروبيين؟ وهل أوروبا محكوم عليها أن تصبح مقصدا سياحيا أو دارا للمسنين؟
لكن يبدو أن الكاتب غير مقتنع بقرب هذه النهاية، على الأقل في ما يتعلق بالولايات المتحدة التي تحتفظ بمزاياها التقليدية، حيث المركز المالي العالمي في نيويورك والجامعات الممتازة ومراكز الأبحاث الاستثنائية وروح المبادرة المستمرة، مما يوفر للمستثمرين سوقا كبيرة وطاقة وفيرة وغير مكلفة وأمنا قانونيا وماليا مطلقا، خاصة أن جهود إسقاط سيادة الدولار باءت كلها بالفشل حتى الآن.
نبوءة أوباما
لكن هذه القضية تبدو أكثر صعوبة بالنسبة لأوروبا كما تنبأ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2016 عندما قال إن مستقبل العالم سيتم تحديده بين نيودلهي ولوس أنجلوس، وتبقى أوروبا بالنسبة للأميركيين والآسيويين منطقة غنية بالتأكيد، ولكنها تهمش تدريجيا بسبب عودة آسيا التي كانت لآلاف السنين أغنى منطقة في العالم.
وأشار الكاتب إلى أن قرن المحيط الهادي سيأتي بعد قرن المحيط الأطلسي، خاصة أن النمو المتواضع في أوروبا وقبله النقص المتزايد في التركيبة السكانية ينذران بقارة تشيخ وتغفو في راحة ديمقراطيتها الاجتماعية وذكريات عظمتها، وستكون وجهة سياحية أكثر منها مركزا للإبداع والمغامرة.
ومع ذلك، تستطيع أوروبا قبل أن تصبح معسكرا للعطلات ودارا للمسنين تجربة أيام طيبة على هامش التاريخ رغم عداوة روسيا وخطر وجود تركيا القوية التي تريد استعادة مكانتها، وقبل كل شيء وجود أفريقيا ذات التركيبة السكانية الفتية على أبواب قارة غنية ومتقدمة في السن.
ولئن كانت أوروبا أثبتت قدرتها على الصمود مرات عديدة فإنها تحتاج اليوم إلى كل ميزاتها لتجنب تحولها إلى ضحية لتاريخ كتبته بنفسها منذ فترة طويلة، ولكنها منقسمة إلى كانتونات في عالم أكثر ما تحتاج فيه إلى الوحدة والرؤية والشباب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بوتين يحذّر: هناك صراع لتشكيل نظام عالمي جديد
انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، ما قال إنها مساع لإلحاق هزيمة استراتيجية ببلاده في أوكرانيا، مؤكدا وجود صراع لتشكيل نظام عالمي جديد مع تداعي عصر ما بعد الحرب الباردة .
وأضاف بوتين في "منتدى فالداي للحوار" المنعقد في منتجع سوتشي على البحر الأسود، بعد يوم من فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، "وصلنا إلى حد خطير"، مؤكدا أن "البنية السابقة للعالم تختفي بشكل لا رجعة فيه، بوسعنا القول إنها اختفت بالفعل، ويدور صراع جدي لا رجعة فيه لتشكيل بنية جديدة".
ومضى قائلا إن "دعوات الغرب لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، الدولة التي تمتلك أكبر ترسانة من الأسلحة النووية، تظهر نزعة مفرطة للمغامرة".
وقال إن الغرب سعى إلى تصوير روسيا كقوة مهزومة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، ووصف حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأنه عفا عليه الزمن.
وأضاف أن روسيا لا تعتبر الحضارة الغربية عدوا رغم محاولات عزل موسكو.
وتابع أن العالم يتغير على أي حال وأن العديد من الدول القوية لا تريد عزل روسيا.
وأكد أن "العالم يحتاج إلى روسيا ولا يمكن لأي قرارات من قادة في واشنطن أو بروكسل أن تغير ذلك".
وأوضح الرئيس الروسي أنه لا جدوى من محاولات الضغط على روسيا لكن موسكو مستعدة دائما للتفاوض.
وأضاف بوتين "لا جدوى من الضغط علينا. لكننا مستعدون دائما للتفاوض مع مراعاة المصالح المشروعة المتبادلة. لقد دعونا إلى هذا وندعو كل الأطراف لذلك".
ومضى قائلا إن البعض في الغرب يحلمون بعالم بدون روسيا لأنهم يسعون إلى الهيمنة على العالم لكن روسيا أوقفت مرارا أولئك الذين سعوا إلى الهيمنة العالمية.