ظهور الصين والهند والعودة العدوانية لروسيا وطموحات تركيا والبرازيل ودول أخرى تعلن نهاية "اللحظة الغربية"، تلك الفترة القصيرة التي شهدت منذ انهيار الكتلة الشيوعية غربا متحدا بقيادة الولايات المتحدة يملي قانونه على بقية العالم، وهو ما يجب أن يمثل منبها لما يكرر دائما بأننا نعيش "انهيار الإمبراطورية الأميركية".

بهذه المقدمة بدأ جيرار أرو مقاله في مجلة لوبوان الفرنسية، مؤكدا أن الغرب لم يكد يدرك هذه اللحظة لأن تفوقه بدا له طبيعيا ومفيدا في "عالم قائم على القواعد" و"انتشار حقوق الإنسان والديمقراطية" دون أن ينتبه إلى أن أفعاله كثيرا ما تناقض أقواله، مما يثير الاستياء والمرارة من حوله.

أما الآن -كما يرى الكاتب- فإن العالم بدأ يتحرر من وصاية الغرب، وهو ما يتجلى في جرأته على إعلان نهاية لحظة الغرب وعلى انتقاد الديمقراطية التي ظل الغرب يلزم كل أحد بعبادتها علنا إذا لم يبدُ متحمسا لها، ليتساءل: هل سيجرف هذا الانهيار الحتمي الجميع، أميركيين وأوروبيين؟ وهل أوروبا محكوم عليها أن تصبح مقصدا سياحيا أو دارا للمسنين؟

لكن يبدو أن الكاتب غير مقتنع بقرب هذه النهاية، على الأقل في ما يتعلق بالولايات المتحدة التي تحتفظ بمزاياها التقليدية، حيث المركز المالي العالمي في نيويورك والجامعات الممتازة ومراكز الأبحاث الاستثنائية وروح المبادرة المستمرة، مما يوفر للمستثمرين سوقا كبيرة وطاقة وفيرة وغير مكلفة وأمنا قانونيا وماليا مطلقا، خاصة أن جهود إسقاط سيادة الدولار باءت كلها بالفشل حتى الآن.


نبوءة أوباما

لكن هذه القضية تبدو أكثر صعوبة بالنسبة لأوروبا كما تنبأ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2016 عندما قال إن مستقبل العالم سيتم تحديده بين نيودلهي ولوس أنجلوس، وتبقى أوروبا بالنسبة للأميركيين والآسيويين منطقة غنية بالتأكيد، ولكنها تهمش تدريجيا بسبب عودة آسيا التي كانت لآلاف السنين أغنى منطقة في العالم.

وأشار الكاتب إلى أن قرن المحيط الهادي سيأتي بعد قرن المحيط الأطلسي، خاصة أن النمو المتواضع في أوروبا وقبله النقص المتزايد في التركيبة السكانية ينذران بقارة تشيخ وتغفو في راحة ديمقراطيتها الاجتماعية وذكريات عظمتها، وستكون وجهة سياحية أكثر منها مركزا للإبداع والمغامرة.

ومع ذلك، تستطيع أوروبا قبل أن تصبح معسكرا للعطلات ودارا للمسنين تجربة أيام طيبة على هامش التاريخ رغم عداوة روسيا وخطر وجود تركيا القوية التي تريد استعادة مكانتها، وقبل كل شيء وجود أفريقيا ذات التركيبة السكانية الفتية على أبواب قارة غنية ومتقدمة في السن.

ولئن كانت أوروبا أثبتت قدرتها على الصمود مرات عديدة فإنها تحتاج اليوم إلى كل ميزاتها لتجنب تحولها إلى ضحية لتاريخ كتبته بنفسها منذ فترة طويلة، ولكنها منقسمة إلى كانتونات في عالم أكثر ما تحتاج فيه إلى الوحدة والرؤية والشباب.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

زكي القاضي: مصر أكثر دراية بالواقع الفلسطيني من أي طرف آخر في العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد زكي القاضي، الكاتب الصحفي، أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأكاديمية العسكرية المصرية، مشيرًا إلى أنها تمثل نوعًا من إشراك الشعب المصري في كافة التفاصيل المتعلقة بالمرحلة الحالية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتهديدات المتعلقة بمخططات التوسع التي يدعو إليها الرئيس الأمريكي وبعض أعضاء اليمين المتطرف في إسرائيل.

وأضاف القاضي، عبر مداخلة لقناة "إكسترا نيوز"، أن الرئيس السيسي تناول في حديثه مع الطلاب في الأكاديمية العسكرية ضرورة رفع الوعي بالمخططات التي تستهدف الدولة المصرية في هذه الفترة، مشيرًا إلى أن مصر كانت حاضرة بقوة في القمة العربية الطارئة، حيث عرضت رؤيتها الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتي نالت دعم الأشقاء العرب.

وأشار إلى أن الرسالة التي وجهها الرئيس السيسي واضحة ومباشرة، وهي ضرورة أن يكون الجميع على نفس مستوى الوعي تجاه المخططات التي يتم ترويجها ضد مصر والمنطقة، مضيفًا أن مصر أكثر دراية بالواقع الفلسطيني من أي طرف آخر في العالم.

ونوه، أن الرئيس السيسي كان قد شدد في أكثر من مناسبة على أن الاصطفاف الوطني في الأزمات ليس أمرًا جديدًا على المصريين، لكن في ظل الأحداث الأخيرة، خاصة بعد 7 أكتوبر 2023، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الاصطفاف والوعي الوطني.

وأوضح، أن هذا الاصطفاف يتطلب وعيًا أكثر من جميع فئات الشعب المصري، مشيرًا إلى أن ما يحدث في غزة والمخططات التي يتم تداولها في الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلب يقظة أكبر من الجميع.

ونوه القاضي، إلى أن هذا التوجه الاستراتيجي هو ما يحرص عليه الرئيس السيسي، حيث يستوعب تمامًا أهمية توحيد الجهود الوطنية في هذه اللحظة الاستثنائية التي تمر بها مصر والمنطقة.

مقالات مشابهة

  • قانون جديد في أوروبا أكثر صرامة بشأن اللجوء والعودة
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • سجواني: المملكة والإمارات من الدول المتقدمة في مراكز البيانات أكثر من أوروبا.. فيديو
  • أكثر الأدوية المزورة التي يتناولها الملايين
  • روسيا : الغرب يسعى لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا حتى آخر جندي أوكراني
  • العربي للدراسات السياسية: ما يحدث في الضفة الغربية أكثر خطورة من غزة
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم
  • لتقليص الإنفاق الحكومي | ترامب يعتزم إغلاق عشرات القنصليات وتسريح موظفي البعثات الدبلوماسية في أوروبا الغربية.. ومراقبون: سيترك فراغ خطير قد تملؤه الصين وروسيا
  • زكي القاضي: مصر أكثر دراية بالواقع الفلسطيني من أي طرف آخر في العالم