رغم التهديدات الروسية.. صادرات أوكرانيا من الحبوب عبر الممر الجديد في البحر الأسود تتزايد
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
سمح الممر الأوكراني الجديد الخاضع لحماية الجيش، بـ "تخفيف الضغط عن المستودعات وزيادة النشاط".
تتكدس الحبوب داخل عربات السكك الحديدية وتتحرك الشاحنات الممتلئة حول منشأة لتخزين الحبوب في وسط أوكرانيا، الملجأ الأخير لعشرات الشركات التي تكافح لتأمين الغذاء إلى الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
وتتكثف الجهود في المكان لتفريغ الحبوب من الصوامع الممتلئة وتوجيهها إلى الموانئ في البحر الأسود، لتوريدها عبر ممر بحري جديد تم إعتماده بعد انسحاب روسيا هذا الصيف من اتفاق لتصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي توسطت فيه الأمم المتحدة.
يقول رومان أندريكيف، المدير العام للمنشأة عن نهاية صفقة الحبوب التي حرمت أوكرانيا من استغلال منفذ حيوي لتصدير منتجاتها الزراعية بأمان خلال وقت الحرب، إن "الأمر كان صعبا مع الممر الجديد، لكننا واصلنا العمل... سعينا لتأمين المنتجات التي يحتاجها شركاؤنا".
ويسمح الممر الأوكراني الجديد الخاضع لحماية الجيش، بـ "تخفيف الضغط عن المستودعات وزيادة النشاط".
وتتجه أعداد متزايدة من السفن نحو موانئ أوكرانيا على البحر الأسود وتغادر محملة بالحبوب والمعادن وغيرها من البضائع على الرغم من التهديدات الروسية المستمرة، مما قد يوفر دفعة للاقتصاد الأوكراني المعتمد على الزراعة ويعيد مصدرا رئيسيا للقمح والذرة والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الغذائية بأسعار معقولة لأجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا حيث ارتفعت الأسعار المحلية وتفاقم انعدام الأمن الغذائي.
ويقول منرو أندرسون، رئيس العمليات في شركة تأمين مخاطر الحرب المتخصصة "فيسل بروتيكت" Vessel Protect: "نرى ثقة متجددة بين العملاء التجاريين الراغبين في نقل شحنات الحبوب الأوكرانية".
وقال إيهور أوسماتشكو، المدير العام لمجموعة "أغروبروسبريس"، إحدى أكبر الشركات المنتجة والمصدرة للمنتجات الزراعية في أوكرانيا، إنه "أكثر تفاؤلاً مما كان عليه قبل شهرين"، مضيفا "في ذلك الوقت، لم تكن لدينا أدنى فكرة على الإطلاق عن كيفية البقاء على قيد الحياة".
ونجحت السفينة الأولى التابعة للشركة في منتصف سبتمبر/آيلول، بشحن أكثر من 300 ألف طن من الحبوب إلى مصر وإسبانيا والصين وبنغلاديش وهولندا وتونس وتركيا.
وقالت الحكومة البريطانية حينها، إن روسيا استهدفت موانئ أوكرانية على البحر الأسود بعد انتهاء العمل باتفاقية تصدير الحبوب التي أبرمت خلال العام الماضي ورعتها الأمم المتحدة وتركيا، في يوليو/تموز أوكرانيا، وألحقت أضراراً بالبنية التحتية للتخزين.
وتعرضت موسكو لانتقادات عدة بعد أن أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الحيوب، وأجبر خروجها من الاتفاقية على استخدام طرق أكثر تعقيدا وتكلفة لشحن المحصول إلى الخارج.
وذكر تقرير لـ"بلومبرغ"، أن مرور السفن إلى أوكرانيا محفوف بالمخاطر بعد أن أعلنت روسيا أنها ستتعامل مع أي سفن متجهة إلى الموانئ الأوكرانية على أنها حاملات لأسلحة محتملة.
وكانت البحرية الروسية قد أطلقت النار في أغسطس/آب على سفينة شحن لإجبارها على التوقف للتفتيش.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده تحتاج مزيداً من الدفاعات الجوية من أجل "حماية صادرات الحبوب" والمناطق المتاخمة لروسيا.
وشدد زيلينسكي، خلال القمة الدولية حول الأمن الغذائي في كييف بحضور عدد من المسؤولين الأوروبيين، على أن هناك عجزاً في الدفاع الجوي، مردفاً: "وهذا ليس سراً".
وأفاد الرئيس الأوكراني بأن "الشركاء الأجانب سيزودون كييف بسفن لمرافقة قوافل سفن الشحن من الموانئ الأوكرانية لضمان أمنها".
ولفت مسؤولون أوكرانيون، إلى أن الهجمات الصاروخية الروسية على الساحل الأوكراني على البحر الأسود، دمرت 60 ألف طن من الحبوب.
بعد حصاد قياسي يقدّر ب100 مليون طن.. روسيا على رأس قائمة مصدري الحبوب في العالمإرسال أول شحنة روسية من الحبوب إلى إفريقيا بعد تعهد بوتين تأمين 200 ألف طنسفن البحر الأسود التي تحمل الحبوب تصطدم بعقبة التأمينتغطية مخاطر الحربوتوصلت أوكرانيا إلى اتفاق مع شركات التأمين العالمية لتوفير غطاء بأسعار معقولة للسفن التي تحمل الحبوب وغيرها من الإمدادات الغذائية الحيوية من موانئها على البحر الأسود، جاء ذلك بعد أن استهدف الجيش الروسي سفينة شحن كانت تبحر تحت العلم الليبيري بالقرب من ميناء أوديسا في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتقرر تقديم ما يصل إلى 50 مليون دولار للتأمين على هيكل السفينة والمسؤولية من شركات لويدز في لندن للسفن التي تحمل السلع الزراعية، مما يوفر ما يسمى بتغطية مخاطر الحرب في حالة الخسائر الناجمة عن الصراع.
ورغم الهجمات الروسية، نجحت أوكرانيا في تصدير أكثر من 5.6 مليون طن من الحبوب والمنتجات الأخرى عبر الممر الجديد، حسبما غردت السفيرة الأمريكية لدى أوكرانيا بريدجيت برينك يوم الجمعة.
وقالت كبيرة محللي الأبحاث في شركة Gro Intelligence، وهي شركة للتحليلات الزراعية: "إن الطريقة التي يتم نقل الحبوب من خلالها الآن هي أكثر تكلفة وتستغرق وقتًا أطول".
هذا ويواجه المزارعون أيضًا مشكلة تدني أسعار حبوبهم، مما يجعل إرسال الشاحنات إلى ميناء أوديسا الذي يتعرض للهجوم في كثير من الأحيان لا يستحق المخاطرة بالنسبة لشركة زراعية قريبة من خط المواجهة.
وبدلاً من ذلك، اختارت "سلافهورود"، المتواجدة بالقرب من الحدود مع روسيا في مقاطعة سومي التي تواجه ضربات يومية، تخزين البازلاء والقمح وفول الصويا وعباد الشمس والذرة في المستودعات.
ومن المتوقع أن يكون العمل واستمرار تشغيل المزرعة التي تبلغ مساحتها 3500 هكتار (8650 فدانًا) صعبا للغاية، خاصة بعد التحذير من وجود ألغام متفجرة بالقرب من المكان الذي يقصده العمال لقطف الذرة في حقل يقع على بعد 3 كيلومترات من روسيا.
وتعليقا على هذا الوضع المحفوف بالمخاطر، قال أولكسندر كوبراكوف، كبير المهندسين الزراعيين في "سلافهورود"، "هذا هو المورد الوحيد الذي يجلب بعض الدخل للبلاد".
واعتبر أنه "خلال هذه العام الحماس أقل، بسبب تدهورأسعار الحبوب والخطر الدائم الذي يحدق بشحنات الحبوب، قد تتعرض للقصف في أي وقت"، معتبرا أنها "مخاطرة كبيرة."
ومنذ بداية الحرب، كافحت أوكرانيا لتوصيل إمداداتها إلى البلدان المحتاجة.
وحتى خلال مذكرة التفاهم مع روسيا والتي استمرت لمدة عام، تمكنت أوكرانيا من شحن ما يقرب من 33 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية وسمحت لبرنامج الأغذية العالمي بنقل 725 ألف طن متري من القمح للمساعدات الإنسانية لدول منها أفغانستان والصومال.
واتُهمت روسيا بالإبطاء المتعمد لعمليات التفتيش وتعطيل عشرات السفن.
وقال ميكولا غورباتشوف، رئيس جمعية الحبوب الأوكرانية (UGA): "لقد عمل هذا الممر بشكل غير متوقع بالنسبة لنا".
ويشير أوسماتشكو من مجموعة "أغروبروسبريس"، إلى أنه قبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، كان المصدر يدفع مبلغ 50 دولارًا للطن لشحن الحبوب عبر البحر الأسود.
إلا أن البدائل المقترحة منذ الحرب، بما في ذلك الطرق النهرية عبر أوروبا، كلفت الشركة ما يقرب من ثلاثة أضعاف ذلك المبلغ. وبموجب الممر الأوكراني الجديد، تدفع الشركة ما بين 70 و80 دولارًا للطن.
واعتبر أندرسون من "فيسل بروتيكت"، أن الممرات الجديدة تسمح للسفن بتجاوز بعض المناطق الخطرة والتعرض للتفتيش والذي يستغرق أحيانا الكثير من الوقت.
ولم تعد مجموعة "أغروبروسبريس" بحاجة إلى دفع تكاليف انتظار السفن. وكانت تأخيرات التفتيش قد كلفت الشركة 30 مليون دولار من الخسائر خلال صفقة الحبوب التي دامت عامًا، وفقًا لما ذكره أوسماتشكو.
وعلى الرغم من غياب التفتيش إلا أن المخاطر لم تنته بشكل كامل، وقد تتعرض السفن للضرب بأي لحظة، منوها إلى أن "ليس كل شركات التأمين مستعدة لتحمل هذه المخاطرة".
وقال وزير الزراعة الأوكراني، ميكولا سولسكي، إنه يجب تصدير ما لا يقل عن 6 ملايين طن من الحبوب شهريا عبر الممر الجديد، مشيرا إلى أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحقيق هذه الهدف.
وأضاف سولسكي "نحن نحافظ على تفاؤل حذر، استنادا إلى أننا قاتلنا من قبل وسنواصل القتال أكثر".
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سويسرا توافق على تصدير دبابات "ليوبارد 2" إلى ألمانيا التي تعهدت بعدم نقلها لأوكرانيا موسكو تقول إنها أرسلت طائراتها لاعتراض مسيّرات فوق البحر الأسود وأوكرانيا تعلن التصدي لمسيّرات روسية ألمانيا تتعهد تقديم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1,3 مليار يورو فولوديمير زيلينسكي حبوب روسيا أوكرانيا الأمن الغذائيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: فولوديمير زيلينسكي حبوب روسيا أوكرانيا الأمن الغذائي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة إسرائيل طوفان الأقصى هدنة قطاع غزة الضفة الغربية بريطانيا بنيامين نتنياهو تركيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس غزة إسرائيل طوفان الأقصى هدنة على البحر الأسود الأمن الغذائی الممر الجدید طن من الحبوب یعرض الآن Next ألف طن إلى أن
إقرأ أيضاً:
من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
في المحاضرة الرمضانية الـ 12 للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أشار إلى حقيقة صارخة لا يمكن إنكارها: الفرق الشاسع بين الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وبين تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية، هذه المقارنة تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول طبيعة المواقف السياسية، ومعايير “الإنسانية” التي تُستخدم بمكيالين في القضايا الدولية.
أوروبا وأوكرانيا.. دعم غير محدود
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الدول الأوروبية، مدعومةً من الولايات المتحدة، إلى تقديم كل أشكال الدعم لكييف، سواء عبر المساعدات العسكرية، الاقتصادية، أو حتى التغطية السياسية والإعلامية الواسعة، ولا تكاد تخلو أي قمة أوروبية من قرارات بزيادة الدعم لأوكرانيا، سواء عبر شحنات الأسلحة المتطورة أو المساعدات المالية الضخمة التي تُقدَّم بلا شروط.
كل ذلك يتم تحت شعار “الدفاع عن السيادة والحق في مواجهة الاحتلال”، وهو الشعار الذي يُنتهك يوميًا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين دون أن يواجه أي ضغط حقيقي من الغرب، بل على العكس، يحظى بدعم سياسي وعسكري غير محدود.
العرب وفلسطين.. عجز وتخاذل
في المقابل، تعيش فلسطين مأساة ممتدة لأكثر من 75 عامًا، ومع ذلك، لم تحظَ بدعم عربي يقترب حتى من مستوى ما قُدِّم لأوكرانيا خلال عامين فقط، فالأنظمة العربية تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، فيما تواصل بعضها خطوات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض صارخ مع كل الشعارات القومية والإسلامية.
لم تُستخدم الثروات العربية كما استُخدمت الأموال الغربية لدعم أوكرانيا، ولم تُقدَّم الأسلحة للمقاومة الفلسطينية كما تُقدَّم لكييف، ولم تُفرض عقوبات على إسرائيل كما فُرضت على روسيا، بل على العكس، أصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني سياسة علنية لدى بعض العواصم، وتحول الصمت العربي إلى مشاركة غير مباشرة في استمرار الاحتلال الصهيوني وجرائمه.
المقاومة.. الخيار الوحيد أمام هذه المعادلة الظالمة
في ظل هذا الواقع، يتجلى الحل الوحيد أمام الفلسطينيين، كما أكّد السيد القائد عبدالملك الحوثي، في التمسك بخيار المقاومة، التي أثبتت وحدها أنها قادرة على فرض معادلات جديدة، فمن دون دعم رسمي، ومن دون مساعدات عسكرية أو اقتصادية، استطاعت المقاومة أن تُحرج الاحتلال وتُغيّر قواعد الاشتباك، وتجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء.
وإن كانت أوكرانيا قد حصلت على دعم الغرب بلا حدود، فإن الفلسطينيين لا خيار لهم سوى الاعتماد على إرادتهم الذاتية، واحتضان محور المقاومة كبديل عن الدعم العربي المفقود، ولقد أثبتت الأحداث أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحداث تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بينما لم يحقق التفاوض والتطبيع سوى المزيد من التراجع والخسائر.
خاتمة
عندما تُقاس المواقف بالأفعال لا بالشعارات، تنكشف الحقائق الصادمة: فلسطين تُترك وحيدة، بينما تُغدق أوروبا الدعم على أوكرانيا بلا حساب، وهذه هي المعادلة الظالمة التي كشفها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حيث يتجلى التخاذل العربي بأبشع صوره، ما بين متواطئ بصمته، ومتآمر بتطبيعه، وعاجز عن اتخاذ موقف يليق بحجم القضية.
إن ازدواجية المعايير لم تعد مجرد سياسة خفية، بل باتت نهجًا مُعلنًا، تُباع فيه المبادئ على طاولات المصالح، بينما يُترك الفلسطيني تحت القصف والحصار. وكما أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي، فإن المقاومة وحدها هي القادرة على إعادة التوازن لهذه المعادلة المختلة، مهما تعاظم التواطؤ، ومهما خفتت الأصوات الصادقة.