جنوب السُّودان.. ماضيه وصيرورته (6 من 21)
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
shurkiano@yahoo.co.uk
مهما يكن من أمر، فإنَّ هذا الغلو في العروبة أخذ في الانحسار نوعاً ما في النصف الثاني من القرن العشرين لعدة عوامل. أولاً، انفتاح النخبة الشماليَّة المستعربة على العالم الخارجي، بما فيه الدول العربيَّة. هذا الانفتاح جعلهم يدركون الملامح الواضحة في الخلطة التي نجد فيها العنصر الإفريقي بارزاً بحيث لا تخطئه عين رأت.
أما العامل الثالث فهو استظهار إفريقيا في العالم، وبزوغ جيل جديد من القادة الأفارقة، الذين أعادوا احترام وحب الذات للقادة الإفريقيَّة، وذلك بعد قرون من الإذلال الاستعماري، وآفة الاسترقاق، والتفرقة العنصريَّة. في وقت ما كان الشخص يُوصف بسوء السلوك إذا لم يتماهى مع شخوص من أمثال: كوامي نكروما في غانا، وأحمدو سيكو توري في غينيا-كونكري، وجوليوس نايريري في تنزانيا، وولتر سيسولو في جنوب إفريقيا، وموديبو كيتا في مالي، وباتريس لوممبا في جمهوريَّة الكونغو. كذلك – وهذا هو المدهش في الأمر – إنَّ تقهقر النخبة السُّودانيَّة ذات الاعتقاد المتطرِّف في المركزيَّة العروبيَّة، وتماهيهم مع إفريقيا لاحقاً، قد تأثَّرت بموقف الرئيس المصري جمال عبد الناصر نحو إفريقيا. كان عبد الناصر منذ الأيَّام الأولى للثورة المصريَّة في 23 تموز (يوليو) 1953م قد أكَّد مراراً فخره واعتزازه بالإستراتيجيَّة الدوليَّة نحو التحرُّر الإفريقي من الاستعمار، والسعي الحثيث نحو الوحدة الإفريقيَّة. ثم كان ذلك الاستدراك قد أتى على الطبقة الشماليَّة المستعربة حين طاف المؤرِّخ البريطاني أرنولد توينبي في عدد من الدول العربيَّة والإفريقيَّة، بما فيها السُّودان، الذي وصفه بأنَّه عالم مصغَّر لإفريقيا.
في العودة إلى مبحث الدكتور العلي، فإنَّ الورقة في حصيلتها الأوليَّة والنهائيَّة حبلى بأخطاء تاريخية متعمدة، وتفسيرات مغرضة، ومحاولات إلباس الباطل على الحق، وقد لا تسعفنا الصفحات القلائل في هذه العُجالة من الأمر في تعريتها كلها. قد خاب مسعاه حين ظنَّ أنَّه يصنع كتاباً يبقى له ذكراً على غابر الدهر. إذ لم يبد الدكتور العلي أي موقف أكثر اتساقاً مع القضية التي بحث فيها. حين ذكر الوقائع التاريخيَّة – أو ما زعم أنَّه وقائع تاريخيَّة – لم يكن موفقاً في ذلك، لأنَّ التاريخ هو العلم بأخبار الماضي الإنساني من خلال دراسة الوثائق والآثار، فضلاً عن ذلك فإنَّ على المؤرِّخ أن يكون ملمَّاً بالجغرافيا (البشريَّة) والطبوغرافيا للمنطقة التي يؤرِّخ عنها، وهو الشرط الذي لم يتوفِّر لدي الدكتور العلي. كما أنَّ البحث العلمي يتطلَّب التجرُّد من العواطف النفسيَّة والانتماءات الإثنيَّة والأيديولوجيَّة الدينيَّة أو الحزبيَّة، وقد حذَّر الفلاسفة والمؤرِّخون الجهابذة من ذلك.
للمقال بقايا باقيات،،،
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير الإسكان يعرض على نظيرته من جنوب إفريقيا التجربة العمرانية المصرية
التقى المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ماملوكو كوباي، وزيرة المستوطنات البشرية بجمهورية جنوب إفريقيا، وسفير جنوب أفريقيا بالقاهرة، والوفد المرافق لهما، لعرض التجربة العمرانية المصرية، وبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، وذلك على هامش فعاليات اليوم الثالث للمنتدى الحضرى العالمى فى نسخته الـ12.
ورحب وزير الإسكان بنظيرته من جمهورية جنوب أفريقيا، وسفير جنوب أفريقيا بالقاهرة، والوفد المرافق لهما، فى بلدهم الثاني مصر، وبمشاركتهم فى فعاليات النسخة الـ12 للمنتدى الحضرى العالمى، والذى يعود لأفريقيا بعد أكثر من 20 عاماً مؤكداً أن الدولة المصرية ممثلة فى وزارة الإسكان مستعدة لمشاركة خبراتها ونقل تجربتها للأشقاء فى دولة جنوب أفريقيا، وجميع الدول الأفريقية.
وأكد الشربيني، أن شركات المقاولات المصرية، والمكاتب الاستشارية، والمطورين العقاريين، لديهم خبرة واسعة فى تنفيذ مختلف مشروعات التنمية العمرانية، كما أن شركات المقاولات المصرية لها تواجد قوي في الساحة الأفريقية والشرق أوسطية، ومستعدة لتنفيذ مختلف المشروعات فى أى مكان بالعالم، مقترحاً تنظيم ورش عمل مشتركة بين الجانبين لوضع أطر التعاون المشترك.
ومن جانبها، أشادت ماملوكو كوباي، وزيرة المستوطنات البشرية بجمهورية جنوب أفريقيا، بالطفرة الكبيرة التي حققتها الدولة المصرية في مجال التنمية العمرانية، معبرة عن تطلع بلادها لتعزيز وتعميق التعاون مع الدولة المصرية في مجالات التنمية العمرانية المتنوعة.