«دمار ودم.. خراب وقتل»، سحابة سوداء تحجب النور عن نحو مليونى شخص، أرواح تُزهق وأحلام تُحطم، وآثار عاشت قبل أن تولد أمم بأكثر من ألف سنة، حالة الدمار التى أحدثها جيش الاحتلال الإسرائيلى بغزة لم تقتصر على القتل والتهجير القسرى واستهداف المدارس والمستشفيات، بل شملت التاريخ بأسره، متمثلاً فى آثار دينية يصل عمر بعضها إلى نحو 1400 سنة، قبل الهدنة التى توصلت إليها مصر مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وأوقفت كل ذلك.

تلال وقصور يزيد عمرها عن عمر دولة الاحتلال الإسرائيلية بمئات السنين، تدمرها طائرات الاحتلال بضغطة زر، ظنا منهم أن أهلها سينسون ماضيهم ويزهدون فى مستقبلهم.

جيش الاحتلال الإسرائيلي يدمر آثار غزة

مساجد وكنائس أثرية، قصور من العصور البيزنطية، ومواقع أخرى تعود للحقبة المملوكية، ومكتبة تضم كتباً حجرية ومخطوطات تاريخية حُرقت بالكامل وأصبحت غير قابلة للترميم، بحسب تقرير رصده الدكتور محمد الكحلاوى، رئيس اتحاد الأثريين العرب، لـ«الوطن».

60 أثراً هو مجموع الآثار المدمَّرة نتيجة القصف الأخير، من بينها 6 مساجد أثرية، وهى الجامع العمرى بـ«جباليا»، طراز مملوكى، لكن يُرجَّح أن تأسيسه قد كان فى عام 15 هجرياً، وقد تم تدميره بشكل كامل بتاريخ 19 أكتوبر الماضي، والأسوأ من ذلك أن المسجد أصبح غير قابل للترميم أو استعادته مرة أخرى.

فى منطقة «بيت لاهيا» دمر الاحتلال جامع الشيخ سليم أبو مسلم، وفيه مقام هذا الشيخ، بُنى منذ نحو خمسة قرون، وأصبح لا يمكن ترميمه مرة أخرى، كذلك جامع الشيخ سعد فى المنطقة نفسها، أصابه تدمير جزئى، ولكن يمكن ترميمه واستعادته.

جامع كاتب الولاية بغزة، المميز بطرازه المملوكى العثمانى، شُيد من قبَل المماليك البرجية فى عام 1432م، وجرى تدميره جزئياً 17 أكتوبر الماضى، والمسجد العمرى الكبير الذى يبلغ عمر مئذنته 1400 عام، تم بناؤه قبل الفتح الإسلامى، وكان يُستخدم كمعبد كنعانى، ثم كنيسة بيزنطية، تعرَّض للضرر من قوات الاحتلال فى نوفمبر الجارى، وأيضاً تضرر جزئياً مسجد السيد هاشم، ويضم قبر جد الرسول هاشم بن عبد مناف.

تدمير مساجد وكنائس تاريخية 

وكذلك الكنائس الأثرية لم يتركها الاحتلال وشأنها، أقدم كنيسة فى غزة، كنيسة القديس بروفيرويس التى شُيدت فى عام 406م، تعرضت للأذى من الاحتلال فجرى تدمير مبنى مجلس وكلاء الكنيسة بشكل كلى، واستشهد داخلها أكثر من 20 شهيدا من العائلات المسيحية التى لجأت لها هرباً من القصف الإسرائيلى، فى 19 أكتوبر الماضى.

وكنيسة العائلة المقدسة للاتين، التى أسسها «الأب جان موريتان» فى غزة عام 1869، دُمرت بشكل جزئى بسبب قصف غير مباشر أدى لتشققات فى الجدران والنوافذ، وقد لجأ إليها أهل غزة خلال عدوان أكتوبر الماضي.

ينقسم الضرر إلى كلى وجزئى، ومن المواقع الأثرية التى تضررت بشكل غير مباشر بأضرار جزئية وما زالت مهددة مقبرة الإنجليز، التى يعود تاريخ إنشائها لعام 1904، ومبنى بلدية غزة الذى يعود لعام 1893، وكذلك «حمام السمرة» وهو طراز عثمانى مملوكى، وتم تأسيسه قبل 8 قرون.

تل رفح، وهو موقع أثرى يعود للفترتين اليونانية والرومانية، تضرر رفقة قصر «الباشا» الذى يعود للعصر المملوكى 1260 ميلادياً، كما تضرر «بيت الغصين»، وتم بناء المنزل من قبَل عائلة الغصين الثرية فى القرن الثامن عشر، وهو واحد من العديد من المبانى التاريخية فى غزة التى أصبحت فى حالة سيئة، وتدهور بسبب الأزمة المستمرة.

المؤرخ الفلسطينى عبدالحميد أبوالنصر، ممثل فلسطين فى اتحاد المؤرخين العرب، يروى لـ«الوطن»، أن تلك الاعتداءات لم تكن فى غزة وحدها، ولكنها فى كل فلسطين، مضيفاً أن الاعتداءات الإسرائيلية كانت على مواقع مسجلة على قائمة التراث العالمى، فى ظل غياب اليونيسكو، وعدم التدخل لحمايتها، وفقاً لمواثيقها المعلنة.

وأشار إلى أن الاحتلال دمر عدداً كبيراً من المتاحف فى قطاع غزة، من بينها «متحف العقاد»، وكان يضم 3200 قطعة أثرية، وكذلك متحف التراث «شهوان»، الذى كان يضم أكثر من 10 آلاف قطعة أثرية وتاريخية، ودُمرت أيضاً أجزاء من «متحف خان يونس»، وتهشمت عشرات القطع به، ومتحف الخضرى، الذى يضم آلاف القطع الأثرية الفريدة، خلال عملية الهجوم البرى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أثار غزة الاحتلال الإسرئيلي قطاع غزة قطع أثرية فى غزة

إقرأ أيضاً:

غارات إسرائيلية تدمر مسجد عماد عقل بحي الزيتون بغزة.. تعرّف عليه

قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلى، أمس السبت، مسجد عماد عقل، المتواجد بقلب حي الزيتون في مدينة غزة، ودمّرته بالكامل، ما تسبّب كذلك بدمار واسع بالمنازل المحيطة به، وذلك وفقا لوزارة الداخلية والأمن الوطنى الفلسطيني.

أظهرت المشاهد المصوّرة، التي جابت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، لحظة قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت، للمسجد الواقع بالضبط في شارع "وادي العرايس" بحي الزيتون في غزة، بصاروخ واحد على الأقل.

لا يتوقف المجرم عن استهداف المساجد في شهر رمضان
استهدف اليوم مسجد عماد عقل في منطقة الزيتون شرق مدينة غزة
هل رأيتم إجرامًا وحقدًا أكبر من قبل؟ pic.twitter.com/Ys3i0rDAUz — Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) March 22, 2025
كذلك، أبرزت جُملة من الصور ومقاطع فيديو، نشرت على نطاق واسع، حجم الدّمار الواسع الذي لحق بمسجد عماد عقل، إثر استهدافه ضمن قصف مكثف لمناطق مختلفة في شمال قطاع غزة.

وتسببت سلسلة غارات قوات الاحتلال، التي تواصل عدوانها الوحشي على قطاع غزة، منذ أن استأنفته منذ نحو 6 أيام، في استشهاد قرابة الـ20 شهيدا وعشرات الجرحى، في أعقاب استهداف منازل مأهولة وخيام للنازحين في أجزاء واسعة من خانيونس ورفح جنوب القطاع.

غارة إسرائيلية على مسجد عماد عقل في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة ????ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها????????????⭕الوشق المصري #تشاد عمر الساعي حرس الحدود محمد شاهين جنود ربك مصطفي محمد محمد سامي صدام حسين #اردوغان pic.twitter.com/i5S7wn1wQI — طارق الجنِدي טארק אל-ג'ונדי !TG (@sokarat06) March 22, 2025
تدمير مسجد.. ما الذي نعرفه؟
بين الهدم والتدمير للمساجد في قطاع غزة المحاصر، والاقتحامات والتدنيس لمساجد أخرى وكنائس بالضفة الغربية، ناهيك عن القيود على أداء العبادة والاعتداء على المصلين، مسلمين ومسيحيين، توالت اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، لأكثر من عام كامل ونصف.

وأمس السبت، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسجد عماد عقل، المتواجد بقلب حي الزيتون في غزة، في ضرب صارخ جديد، للقوانين الدولية الإنسانية، والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان. ما يعتبر جزءا من حرب الإبادة الجماعية التي يستمر عليها الاحتلال الإسرائيلي بكامل قطاع غزة المحاصر، أمام مرأى العالم، وأحيانا كثيرة، بتقنية البث المباشر.



ووفقا لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين، قبل ما يناهز شهر، فإنّ الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة، دمّر 815 مسجدا تدميرا كليا، و151 مسجدا بشكل جزئي. مبرزة أنه: دمّر أيضا 19 مقبرة بشكل كامل، وانتهك قدسيتها من خلال الاعتداء عليها ونبش قبورها وإخراج الجثث، واستهدف ودمَّر 3 كنائس في مدينة غزة.

وزارة الأوقاف في تقريرها، أبرزت أيضا، أن الاحتلال الإسرائيلي قد اعتدى على المسجد الأقصى، من خلال سماحه لعصابات المستعمرين باقتحامه وتدنيس ساحاته ومصاطبه، وذلك بـ256 اقتحاما خلال العام الماضي.


اسم المسجد.. من هو عماد عقل؟
أيادي المحتل الإسرائيلي لم ترحم لا بشرا ولا حجرا، على مدار أكثر من عام ونصف مُتواصل، على قطاع غزة المحاصر، حيث لم تتهاون في محاولة البطش بهم، حتى وهُم في قلب الأماكن المقدّسة والمحمية أساسا بموجب القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.

والمسجد الذي وصلته أيادي الاحتلال الإسرائيلي، يوم أمس، هو مسجد "عماد عقل"، الحامل لاسم أحد القادة التاريخيين لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ومن أبرز مؤسسي جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام؛ وُصف بأوصاف كثيرة، منها: "الملثم ذو الأرواح السبعة" ومهندس الاشتباك من "نقطة صفر"، و"مرعب الصهاينة"، حيث كان كابوسا يقض مضجع الاحتلال الإسرائيلي. 

 ولد عماد حسن إبراهيم عقل، الملقب بـ"أبو حسين"، بتاريخ 19 حزيران/ يونيو 1971، بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، الذي هاجر إليه أهله عقب حرب 1948 من قرية برعير القريبة من المجدل.

واختار له والده، الذي كان مؤذنا في مسجد الشهداء بمخيم جباليا، اسم عماد تيمُّنا بعماد الدين زنكي، وهو القائد المسلم الذي قهر الصليبيين في القرن السادس الهجري/ الـ12 الميلادي.



إلى ذلك، بدأ عماد، مسار المقاومة، وهو طالب في الثانوية بالمشاركة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 "انتفاضة الحجارة التي تزامنت مع انطلاق حركة حماس يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر 1987"، وخط الشعارات المناهضة للاحتلال على الجدران وشارك في المظاهرات والمسيرات وفعاليات الانتفاضة.

واستطاعت مجموعة الشهداء، بقيادة عماد عقل، من تنفيذ عمليات عسكرية ضد دوريات قوات الاحتلال الإسرائيلية، وجها لوجه من مسافة الصفر، كما استهدفت المتعاونين مع تلك القوات وغنمت منهم السلاح لاستعماله في عملياتها، غير أنّ قوات الاحتلال قد تعرّفت على أسماء أعضاء هذه المجموعة، بعد اعتقالها عضوين يحاولان عبور الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر قرب مدينة رفح يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر 1991، وعذبتهما. 

وعماد، الذي كان المطلوب الأول لمخابرات الاحتلال الإسرائيلي ووحداتها الخاصة، قد أتقن التخفّي، وتمكّن من الانتقال من معبر إيريز من القطاع إلى الضفة المحتلة بتاريخ 22 أيار/ مايو 1992، ليستقر بمدينة القدس، إذ لحق به أعضاء مجموعته، وشكّل مجموعات أخرى لكتائب القسام بالضفة الغربية، وأعلن عنها في تشرين الأول/ أكتوبر 1992 بعملية ضد سيارة عسكرية في محافظة الخليل.

العملية ذاتها، أصابت ضابطا و3 جنود من قوات الاحتلال، وعملية أخرى بعد 4 أيام استهدفت معسكرا لجيش الاحتلال الإسرائيلي قرب المسجد الإبراهيمي، فقتلت جنديا وأصابت آخر بجراح بليغة. ومن بين عملياته -التي تجاوز عددها 40 عملية- ضد قوات الاحتلال، قتل عماد يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992ببندقيته في حي الشجاعية بمدينة غزة 3 جنود بينهم ضابط كبير، وأعاد الأمر ذاته في آذار/ مارس 1993 في جباليا وغرب حي الشيخ رضوان، حيث استهدف ثلاثة وأرداهم قتلى.


وفجر يوم 12 أيلول/ سبتمبر 1993، قاد عماد عملية مسجد مصعب بن عمير، قتل فيها أيضا 3 جنود بينهم ضابط، وغنم سلاحهم. وكانت هذه هي: أوّل عملية توثقها كتائب القسام بالكاميرا، وعلّق عليها رابين بقوله "أتمنى لو أستيقظ من نومي فأجد غزة وقد ابتلعها البحر".

وبعد مطاردة عماد لأكثر من عامين من قوات الاحتلال، وإفلاته من قبضتها وحواجزها لمرّات عديدة، حاصرته وعدد من رفاقه قوات مكونة من 60 مدرعة صباح الأربعاء 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993 بمنزل في حي الشجاعية. ولم يستسلم المحاصَرون وتبادلوا إطلاق النار مع قوات الاحتلال، واستشهد عماد ومن كان معه بعد إصابته في وجهه بقذيفة مضادة للدروع.

مقالات مشابهة

  • ملك الأردن يؤكد ضرورة تكثيف الجهود لوقف الهجمات الإسرائيلية على غزة بشكل فوري
  • وسط مخاوف الفلسطينيين من الضم.. ازدياد المواقع الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
  • البيت الأبيض: محادثات السعودية بشأن روسيا وأوكرانيا تسير بشكل جيد للغاية
  • يستغلون شعار الهامش ولا يعرفون الهامش او اهل الهامش (1)
  • د. عمرو عبد المنعم يكتب: عقل الإخوان فى زنزانة 65 بعنبر قناة مكملين.. استحضار العمل لتاريخ تنظيم سيد قطب.. ومساحات المظلومية ما زالت تعكس واقعًا مأزومًا لدى الجماعة
  • ثمن الحرب: 7 أكتوبر ثلاثية وثائقية تكشف أزمة إسرائيل الوجودية من الداخل
  • الجزيرة 360 تطلق وثائقيا بعنوان ثمن الحرب.. الرواية الإسرائيلية لأزمة الاحتلال (شاهد)
  • الملكة المتوجة
  • غارات إسرائيلية تدمر مسجد عماد عقل بحي الزيتون بغزة.. تعرّف عليه
  • الدفاع الإسرائيلية: عدد جرحى الجيش بلغ 78 ألفا منذ 7 أكتوبر