اليوم 24:
2024-11-05@08:02:05 GMT

السيناريوهات الممكنة لحل أزمة الإضراب في التعليم

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

تستمر أزمة النظام الأساسي الجديد لرجال ونساء التعليم بعد شهرين من المصادقة على المرسوم الخاص به في المجلس الحكومي. ورغم الوضع المقلق الذي بلغته الأمور بسبب الإضرابات المتواصلة وتوقف الدراسة عمليا في المدرسة العمومية المغربية، فإن رد فعل الحكومة اتسم بالانتظارية طوال هذه المدة ولم يدعو رئيسها إلى الحوار سوى الخميس الماضي، على أن تجتمع النقابات به يوم الإثنين 27 نونبر.

فما هي السيناريوهات الممكنة لحل الأزمة وما هي حظوظ نجاح كل سيناريو؟
إن نجاح إصلاح التعليم لن يكتب له النجاح بدون مدرس مؤهل لممارسة مهامه النبيلة بعد استفادته من تكوين أساسي متين، وتنمية مهنية مستمرة، مع الحرص على مواكبة المدرسين الجدد لمساعدتهم على القيام بالمهام الصعبة التي تنتظرهم. إلى جانب ذلك يحتاج المدرس إلى أن تضمن له الدولة مسارا مهنيا مريحا يتميز بالجاذبية عند الولوج إلى المهنة، ويكون محفزا على مواصلة الطريق إلى نهايته، وإذا لم يشأ المعني بالأمر المواصلة أو عاقه عائق فينبغي أن نيسر له المغادرة إلى مسار مهني آخر مع الحفاظ على مكتسباته.
انطلاقا من هذه البديهيات قامت وزارة التربية الوطنية بإعداد النظام الأساسي الجديد المثير للجدل، غير أنه جاء مخيبا لآمال الفاعلين التربويين رغم تضمنه لعدد من المكتسبات بالنسبة لبعض الفئات. وإذا كانت عدة أسباب قد أدت إلى توحد الأغلبية، إن لم نقل الجميع، ضد هذا النظام الأساسي، فإن أهمها إجابته الناقصة عن الانتظارات خاصة ما تعلق بنمط التوظيف والزيادة في الأجور، وإخلاله بمبدأ الإنصاف في بعض القضايا مثل إقرار تعويضات فئوية، وإقصاء من هم فوق الثلاثين من مهنة التدريس، وإقصاء العاملين في التعليم الأولي، بالإضافة إلى هيمنة المقاربة السلوكية المستندة إلى توظيف ثنائية التحفيز والعقوبة من أجل الرفع من المردودية، وغياب هندسة جديدة للنظام الأساسي يشكل الإطار المرجعي للوظائف والكفايات مرجعا لها.
هذا النظام الأساسي كان نتيجة لصيرورة طويلة اتسمت مع الأسف بالوقوع في بعض الأخطاء الاستراتيجية والإجرائية التي أضرت بجودة المنتوج النهائي. ولعل أهم هذه الهفوات ما يلي:
1. تجاهل مرجعية القانون الإطار في الأحكام ذات الصلة بالنظام الأساسي: بحيث تم الاستغناء عن بلورة الإطار المرجعي للوظائف والكفايات، وعدم تجميع مكونات ما بعد البكالوريا في التعليم العالي، وعدم إدماج التعليم الاولي في التعليم الابتدائي، والتخلي عن تحفيز وتشجيع الأطر التربوية في المجال القروي والمناطق ذات الخصاص، إلى جانب عدم إعداد دلائل مرجعية لمعايير الجودة.
2. تجاهل مرجعية البرنامج الحكومي: بحيث لم يتضمن المرسوم الذي أثار كل هذا اللغط الزيادة في الأجور، والوضعية النظامية للمربيات والمربين في التعليم الأولي، وإلحاق المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالجامعات وهو ما كان يقتضي عدم إحداث إطار أستاذ باحث بقطاع التربية الوطنية.
3. تبني مقاربة تشاركية غير كاملة من خلال عدم إشراك جميع الهيئات التمثيلية لرجال ونساء التعليم، وفرض التكتم الشديد على جلسات الحوار، والاستفراد بالقرار من طرف الوزارة حسبما صرحت به النقابات الأربعة التي شاركت في الحوار.
4. هيمنة المقاربة التقنوية التي كان من أهم تجلياتها اتخاذ بعض القرارات المستفزة في عز الأزمة، والقيام ببعض الخرجات الإعلامية غير الحكيمة.
5. نهج سياسة الغموض في خطاب المسؤولين حول بعض القضايا الجوهرية في النظام الأساسي مثل الحديث المبهم عن إدماج أساتذة التعاقد، والسكوت عن إمكانية إضافة مهام أخرى بمجرد قرار وزاري، وعدم تحديد ساعات العمل، والتفسير الوردي لنظام العقوبات.
في خضم كل ذلك تجتمع النقابات مع رئيس الحكومة لإيجاد مخرج للأزمة المتفاقمة يوما بعد يوم. وإذا كان مستقبل المفاوضات مفتوح على كل الاحتمالات فإن التأمل في الوضع الحالي وتحليل العوامل المؤثرة فيه واستحضار رهانات كل طرف يسمح بطرح ثلاث سناريوهات ممكنة.
السيناريو الأول: التسويف والمماطلة، وهو على كل حال السيناريو الذي نعيشه منذ شهرين وينم عن رغبة في ربح الوقت والمراهنة على إنهاك المحتجين والمضربين مع إمكانية تفعيل المقاربة الأمنية إذا لزم الأمر. في المقابل يمكن أن تقوم الحكومة بإدخال بعض التعديلات الطفيفة على النظام الأساسي التي ليس لها أي وقع مالي. لكن هذا السيناريو يبقى مستبعدا أو على الأقل لم يعد مطروحا اليوم في ظل تشبث المحتجين بمطالبهم وإصرارهم على مواصلة الإضرابات رغم قرارات الاقتطاع من أجورهم. كما أن الكلفة الاجتماعية والأمنية لهذا الحل تدفع في اتجاه الاحتفاظ به ربما كحل احتياطي يمكن اللجوء إليه عند الضرورة القصوى.
السيناريو الثاني: المراجعة الانتهازية، أي استثمار الأزمة من أجل استعادة المبادرة من طرف الحكومة وتقديم بعض التنازلات التي تمكنها من استرجاع ثقة رجال ونساء التعليم فيها، وبالتالي نيل ثقة المواطنين والمواطنات. ويتسم هذا السيناريو بقيام الحكومة بالتفاوض مع نفس النقابات الأربع التي بنت معها النظام الأساسي وبنفس الشروط المتضمنة في اتفاق 14 يناير 2023، مع الزيادة في الأجور بما يتناسب مع الالتزام الحكومي أي زيادة 2500 درهم تصرف عبر ثلاث دفعات موزعة على ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ذلك قد يتم القيام ببعض التعديلات على المرسوم تشمل مثلا تخفيف نظام العقوبات أو ملاءمته مع النظام التأديبي للوظيفة العمومية، والتقليص من مهام المدرسين، وتحديد ساعات العمل. لكن في المقابل لا ينتظر أن يتم التراجع عن نظام التحفيز المرتبط بالمردودية وبمؤسسات الريادة، لأنه يشكل صلب المقاربة التدبيرية التي تعتمد عليها وزارة التربية الوطنية في خارطة الطريق. هذا السيناريو من المرتقب أن يكون هو الذي تفضله الحكومة لأنه سيعود عليها بمكتسبات مهمة وبكلفة مالية إضافية لا تتجاوز 4.2 مليار درهم، وهو المقابل المالي الذي ستدفعه مقابل الرفع من أجور 140 ألف من أطر الأكاديميات ب2500 درهم. النقابات الأربعة هي أيضا قد تجد في هذا السيناريو ضالتها لأنها ستستعيد مكانتها في الساحة التعليمية بعد أن تكون قد استطاعت أن تنتزع مكتسبات للأسرة التعليمية تستجيب لبعض مطالبها.
السيناريو الثالث: المراجعة الجذرية، وهو السيناريو الذي يستحضر عمق الإشكالات المطروحة من خلال العمل على بناء النظام الأساسي على أسس جديدة تتفادى كل السلبيات التي طبعت الصيرورة التي أنتجت المرسوم الذي أخرج الأطر التربوية والإدارية إلى الشوارع وشل المدرسة العمومية. وأول خطوة في هذا السيناريو هي سحب النظام الأساسي لأنه ليس من المعقول القيام بالمراجعة الجذرية لنص تنظيمي وهو ساري المفعول. وثاني خطوة هي الرجوع إلى الشرعية القانونية من خلال الاحتكام إلى القانون الإطار، ليس فقط في بناء النظام الأساسي الجديد، ولكن أيضا في كل ما يتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين. وثالث خطوة هي توسيع دائرة التشاور المؤسساتي بحيث تشمل ليس فقط النقابات الأكثر تمثيلية بما في ذلك الجامعة الوطنية للتعليم التي غادرت سفينة الحوار قبل اتفاق 14 يناير 2023، ولكن أيضا النقابات الأخرى، والتنسيقيات خاصة وأنها اليوم موحدة في إطار تنسيق وطني واحد. رابع خطوة هي وضع منهجية مضبوطة لبناء النظام الأساسي الجديد تستند إلى دلائل مرجعية للوظائف والكفايات يتم إعدادها بشكل تشاركي مع مختلف الأطراف المعنية، وتعتمد على المعرفة الدقيقة بالواقع، وتحتكم إلى معايير الجودة التي ينبغي إعدادها، بالإضافة إلى استشرافها للمستقبل واستئناسها بالمقاربة الدولية. أما خامس خطوة فهي عرض هذا المنتوج على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء الرأي فيه، ثم بعد الانتهاء من مشروع النظام الأساسي يعرض هو أيضا على المجلس من أجل توسيع التشاور بشأنه. وفي الأخير تجتمع اللجنة الوزارية لتتبع الإصلاح المنصوص عليها في القانون الإطار والتي لم تجتمع منذ أكثر من سنتين، من أجل مناقشة المشروع وتجويده قبل عرضه على المجلس الحكومي للمصادقة. من إيجابيات هذا السيناريو أنه يعيد النظر بشكل جذري وبطريقة علمية وتشاركية في النظام الأساسي، ويعيد طرح جميع قضاياه على طاولة النقاش بما في ذلك قضية إدماج الأساتذة المتعاقدين في الوظيفة العمومية. لكن كلفته المالية والوقت الطويل نوعا ما الذي يتطلبه تنفيذ جميع مراحله قد لا يجعله مقبولا من طرف الحكومة.
أيا كان السيناريو الذي سيحكم المفاوضات بين الحكومة والأطراف المعنية نتمنى أن تجد هذه الأزمة المقلقة طريقها إلى الانفراج.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: النظام الأساسی الجدید هذا السیناریو فی التعلیم من أجل

إقرأ أيضاً:

شبان أردنيون يدخلون في إضراب مفتوح عن الطعام نصرة لغزة

 

عمّان- أعلن عشرات الشبان والشابات الأردنيين عن دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام، ضمن حملة عالمية تحت شعار "ألقِ عصاك"، للمطالبة بكسر الحصار المفروض على شمال قطاع غزة، وإدخال المساعدات، وصد مخطط تهجير السكان منه.
ووفقا لبيانات الحملة فقد استلهمت اسمها من "روح المقاومة التي عبّر عنها الفلسطينيون، خاصة مشهد قائد حركة حماس يحيى السنوار، حينما رمى الطائرة الإسرائيلية المسيرة بعصاه وهو مصاب، ما يعكس الصمود والتحدي حتى الرمق الأخير".

 

View this post on Instagram

A post shared by مُضربون عن الطعام لأجل غـزة || Hunger Strikers For Gaza (@hungerstrike_gaza)

مبادرة

وكان الإضراب قد بدأ يوم الجمعة الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حيث تجمع الشبان والشابات قرب السفارة الأميركية في عمان ضمن مسيرة خرجت هناك، معلنين عن بدء الإضراب عن الطعام، وشاركوا في تظاهرة حملت شعارات تطالب بالحرية لغزة، وترفض سياسات الاحتلال التي تسعى لتهجير السكان، وفرض واقع إنساني قاسٍ على المدنيين في شمال القطاع.
وأعقب ذلك وقفة أمام مجمع النقابات المهنية، حيث أدى المضربون قَسَم الالتزام بالإضراب حتى تتحقق أهداف الحملة، كما نُظمت يوم السبت وقفة أخرى أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان، ضمن سلسلة من الفعاليات المخططة لتسليط الضوء على مطالب المضربين، ودعوة المنظمات الحقوقية للوقوف إلى جانبهم.
كما أعلن المضربون عن وقفة أخرى أمام مبنى الأمم المتحدة في عمّان مساء الأحد، في سياق فعالياتهم البديلة إلى حين توفير مكان إقامة دائم، وفقا لحديثهم للجزيرة نت.
وقالت لجين الفار، إحدى المشاركات في الإضراب، للجزيرة نت "إضرابنا هذا صرخة إنسانية لمناهضة الظلم الواقع على أهلنا في غزة".
وأضافت "نحلم بأن يكون هذا الجهد جزءا من حركة تضامن عالمية واسعة لإنهاء هذا الظلم، ونتوقع أن ينضم المزيد من الشبان والشابات لهذا الإضراب، حيث نرى أن هذا التضامن الشعبي الواسع هو وسيلة ضغط فعالة لتغيير السياسات، والدفع نحو وقف الحصار والإبادة والصمت السافر عليهما".

 

الأول من نوعه

وفي حديثها عن الإضراب المفتوح عن الطعام، قالت الحقوقية والمحامية ليلى عطا، للجزيرة نت، إن الشباب الأردني قرر خوض هذه الخطوة بعد استنفاد كافة الوسائل السلمية المتاحة لإيصال صوتهم.
وأوضحت عطا أن المشاركين في الإضراب فكروا مليا قبل اتخاذ هذا القرار، ورغم انشغالهم بأعمالهم فإن معاناة أهل غزة تحت الحصار جعلتهم يتجاوزون التفكير بمصالحهم الشخصية. ووصفت الإضراب بأنه "الأول من نوعه"، كونه يضم عددا كبيرا من المشاركين خارج السجون كما جرى العرف عن الإضرابات.
وأوضحت المحامية أن "لا أحد يمكنه الجزم بجدوى الإضراب، لكن هؤلاء الشباب توصلوا لقناعة بأن أي وسيلة متاحة لدعم أهل غزة يجب تبنيها وتجربتها"، وأضافت "عندما فكر الشبان في الإضراب، شعروا بأنهم ليس لديهم القدرة على تناول الطعام، في ظل ما يعيشه أهل غزة من جوع وحصار".
كما أشارت عطا إلى أهمية توفير الدعم للشبان المضربين، سواء من النقابات أو الأحزاب، من خلال توفير مكان آمن لهم للتجمع، خصوصا مع دخول الإضراب أيامه الأولى، ودعت إلى تأمين الطواقم الطبية لمراقبة حالة المضربين الصحية، مع توفير حماية من الاعتقال أو التضييق.
بدوره، قال المركز الوطني لحقوق الإنسان، للجزيرة نت، إنه تم التواصل مع رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان وإيصال مطالب الشبان المضربين، مشيرا إلى أن دور المركز ليس تنفيذيا، وبالتالي لا يمكنه القيام بمتابعة عملية تتعلق بتأمين مكان أو رعاية صحية للمضربين.
كما تواصلت الجزيرة نت مع وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، الذي رفض بدوره التعليق على الموضوع.

مقالات مشابهة

  • أعمال عنف ودبابات تقتحم مبنى الكابيتول.. أسوأ السيناريوهات المحتملة في الانتخابات الأمريكية 2024
  • المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة تشكر الرئيس السيسي وتثمّن الشراكة مع الحكومة المصرية
  • تصاعد قصف النظام السوري يفاقم أزمة النزوح بريف إدلب
  • «المركزي» يوافق على تعديل مواد النظام الأساسي للبنك الأهلي المصري
  • وزير التعليم : خفضنا كثافات الفصول وتم حل أزمة عجز المعلمين
  • شبان أردنيون يدخلون في إضراب مفتوح عن الطعام نصرة لغزة
  • الرئيس الصومالي: سنواجه الأطماع الإثيوبية في أراضينا بكل السبل الممكنة
  • مفتوحة على كل السيناريوهات..الغموض يهيمن على انتخابات الرئاسة الأمريكية إلى آخر لحظة
  • رابطة معلمي التعليم الأساسي: التأجيل اللوجستي والامتناع عن الحضور ريثما يصدر جدول بدل الإنتاجية
  • برلمانيون يتهمون النقابات بازدواجية الخطاب بخصوص قانون الإضراب ..