كانت تحاول الانتحار.. وهذا ما حلّ بها (فيديو)
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
تمكن عناصر الدفاع المدني مركز صور وجمعية كشافة الرسالة الإسلامية عين بعال من إقناع عاملة أجنبية بالعودة عن قرارها بالإنتحار من على سطح أحد الشقق القريبة من مدينة صور، بحسب ما أفادت مندوبة "لبنان 24"، مشيرة الى ان التحقيقات بدأت معها بعد أن تمت اعادتها الى المكتب الذي استقدمت منه.
كانت تحاول الانتحار pic.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
العُمانيون.. والوعي بالزمن ومخاطره
د. عبدالله باحجاج
قدر بلادنا أن يكون لديها الوعي بالزمن مُرتفعًا وفي أطواره الثلاثة، مستبقًا للأحداث، أو متزامنًا معها، أو بعدها، وقدرها اعتبار هذا الوعي كفاعل مُنتِج للأحداث، وليس كمحتوى أو إطار تقع فيه الأحداث التي مصدرها البشر (أفعال- أقوال- حركات) من خيرٍ وشرٍ.
ومن حيث المبدأ، يفترض أن يكون لدينا هذا الوعي الثلاثي يُميِّزُنا عن غيرنا، فلدينا حضارة عميقة استثنائية تُوَرِّثُ أبناءَها عبر الأجيال، هذا الوعي الذي نُدرك به الأحداث إلهامًا وتوجيهًا للسلوك والأفعال؛ فالحضارة كيانٌ حيٌ ومتوارثٌ، وليس مادة جامدة ومنقطعة، وهذا ما نلمسه في حياتنا المعاصرة من خلال حياة العُمانيين وعاداتهم وتقاليدهم والتمسك بها، ومن حيث كيفية التعبير عن مشاعرهم وأحكامهم وعلاقتهم بوطنهم على الصعيدين الوطني والمناطقي، وقد سبقت كل الأشكال السياسية الحديثة.
لكن، لا يمكن الرهان على الوعي المُتوَارَث لوحده، في ظل ما اصطبغت به مرحلتنا الوطنية في إطارها الجيوسياسي من مُتغيرات وتحولات تسير بوتيرة مُتسارعة وشاملة، تُحتِّم التناغم بين الوعي الاجتماعي ونظيره السياسي، مع أهمية ضمانة صناعة الوعي بمجموع المخاطر المحدقة بالبلاد؛ وذلك من خلال مسارين، الأول: تأطيرات تربوية وروحية مُتجدِّدة ومؤسساتية عبر المدارس والجامعات والجوامع والمساجد، بحيث تتماهى مع روح العصر ومستجداته. والثاني: زيادة التثقيف والتكوين السُلطوي.
وفي كل الأحوال، ستظل الرهانات قائمة على الوعي السُلطوي المُستبق للأحداث، وفق الإدراك بالتاريخ والثقافة العُمانية المتجذرة في الإنسان والأرض. وهذا يجعلنا لا نتماهى مع سياسات واستراتيجيات الآخرين، ما لم ندرس مدى انسجامها مع شأننا الداخلي.
وقد تولَّد لدينا الرهان على الوعي وفق مستوياته الثلاثة سالفة الذكر، بعد فشل دعوة من الخارج لمظاهرات في يوم الجمعة 11 أبريل، فقد أخفق أصحاب الدعوة في استغلال قضايا داخلية كالباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم، وإخفاقهم ليس بسبب العامل الأمني وحده، وإنما بفضل الوعي المُجتمعي الذي لم يقبل تسييره من الخارج. وقد كان هذا الوعي مرتفعًا بخلفيات أصحاب الدعوات، وأساليب بعضهم اللاأخلاقية. ولأنَّ دعوتهم محفوفة بمخاطر مرتبطة بالتوقيت الزمني للدعوة على الصعيدين الداخلي والجيوسياسي. وحسب متابعتنا الاجتماعية من تموقعنا الجغرافي، فقد رصدنا الرفض الاجتماعي للأسباب المُتخوَّف منها والمشار إليها سابقًا؛ كون الدعوة جاءت من خارج البلاد، ومن قبل أشخاص خرجوا عن السمت العُماني ومنظومتنا القيمية والأخلاقية- تفكيرًا ومنهجًا وممارسة- فلم نسمع قديمًا ولا حديثًا عُمانيًا تطاول على منظومة قيم أهله ووطنه أو قذف وسَبَّ أي شخصية معنوية عامة عُمانية أو غير عُمانية، مهما كانت ملاحظاته الخاصة والعامة.
تلكم من المُحرَّمات شرعًا، ويرفضها السمت والمنظومة القيمية والأخلاقية العُمانية، كما إن ما قاموا به لا يمُت لحرية الرأي والتعبير بصلة؛ لذلك كان الرفض الاجتماعي التام، رغم محاولتهم تلبُّس قضايا داخلية هي حديث الساعة. وهنا وعي اجتماعي مُقدَّر، ينبغي استنطاقه حتى لا يُفهم أن وراء الفشل بُعدًا أمنيًا وحسب. ورغم ما يُعانيه الكثير من فئات المجتمع من تعقيدات معيشية زادتها قضايا مثل الباحثين والمُسرَّحين، إلَّا أنهم كانوا واعين بالمآلات والخلفيات، ولو انساق المجتمع- وخاصة الشباب- مع الدعوة تحت جنوح حاجتهم للوظيفة، لكان ذلك بمثابة تشكيل قوة تأثير خارجية في شأننا الداخلي، سيظهر من خلالها أصحاب الدعوة كمتحدثين ومُمثِّلين من الخارج باسم المجتمع! وربما سيُشكِّلون كيانًا جاذبًا للهجرة إليهم، وستتقاطع معهم الأجندات الأجنبية، وسيشكلون حالة صُداع سياسية دائمة، ولن يكون لهم الخيار فيه، فمن يكون خارج وطنه، لن يكون حُرًا، فكيف يكون كذلك، وإقامته ومعيشته- وقل أو لا تقل- مدفوعة الثمن من غيره!!
كما إن من يكون وسيلته السب والقذف والمساس بمنظومات القيم والأخلاق المُجمَع عليها، سيكون مردودًا عليه يقينًا، وقد سقط أو سقطوا اجتماعيًا وإنسانيًا. وهنا لا نُعمِّم على الكل، وإنما نُخصِّص الذين اغتالوا قيمنا ومبادئنا وسمتنا العُماني، فمن عنده مبدأ يدافع عنه، مهما اتفق الناس معه أو اختلفوا، ومهما كانت مزاعمه تجاه بعض الجهات التنفيذية، فسيتخذ وسيلةً يكسب بها المجتمع لا لأن يقف ضده. لذلك سقطوا، وهذا السقوط يعكس في المقابل حالة الاغتراب وظروفه القاسية عليهم.. إلخ.
في المقابل، لسنا مع بعض النُخب من الداخل التي مسَّت حياتهم الشخصية، فذلك أيضًا خروجًا عن السمت العُماني المُؤسَّس على شهادة رسول البشرية وخاتم الأنبياء- عليه وعليهم أفضل الصلاة السلام- في أهل عُمان، في الحديث الشريف "لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك". من هنا نقول، ليس من أهل عُمان من يلجأ للسب والقذف والضرب بحكم هذا الحديث الشريف المشهور. وعندما نستحضر الحديث التالي "إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد، جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوءة"، فإن المنزلة الاستثنائية لأهل عُمان تتضح بمنطوق هذا الحديث الشريف، عندما نربطه بالحديث السابق. وهذا من أهم الضوابط الحاكمة للفعل وردة الفعل عند أهل عُمان، وينبغي أن يُدرَّس لتشكيل ذهنيات جيلنا الجديد، ويُناقَش إعلاميًا عبر برامج حوارية هادفة.
لذلك.. كل من يخرج عن السمت العُماني- تفكيرًا وقيمًا وأخلاقًا وعادات وتقاليد- لا ينبغي أن يُقابل بردة فعل مُساوِية له في القوة، ومُعاكِسة في الاتجاه، لو احتكمنا لهذه القاعدة الفيزيائية، والتي تُطبِّقُها الشعوب الأخرى كقاعدة حياة كذلك، سنكون كغيرنا، وسنفقد التميُّز البشري/ الإنساني، ولأننا جزء من أمتنا الإسلامية بمزايا تفاضلية في القيم والأخلاق والسمت بشهادة رسول الأمة الإسلامية، فلا ينبغي أن يخرج من بيننا من ينزل إلى مستوى المساس بالحياة الشخصية لكل من نختلف معه من داخلنا أو خارجنا، وهذا لا يعني عدم الرد، وإنما يكون الرد في مستوى السمت العُماني، والمنظومة القيمية والأخلاقية التفاضلية للعُمانيين.
كما إن تبنِّي ردة فعل مُساوية للفعل في القوة، ومعاكسة في الاتجاه، أو حتى مُساوية له في القوة فقط، ستصنع ثقافةً راديكاليةً جديدةً لجيلنا الجديد، وهذا ما ينبغي لفت الانتباه إليه، وكل مُتطاوِل سيسقط في مُستنقع تطاوُله سريعًا، والردود عليه ينبغي أن تنطلق من سمتنا العُماني؛ فهناك من في مصلحته أن يدخل داخلنا في ردود فعل مُساوية مع الفعل، لكي يُغرقنا في هذا المُستنقع، فلا نُمكِّنه من ذلك، كما إنَّ الوعي المُسبق بالزمن ومخاطره يُحتِّم على السُلط التنفيذية الاستعجال بتحقيق الأجندات الوطنية والتوجيهات السامية في القضايا الداخلية التي قد تُستغَل من الخارج، كقضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين. وقد طالبنا- في مقال سابق معنون باسم "السياقات الستة الحاكمة للتفكير الوطني العام والخاص"- بالإسراع في تطبيق الآجال الزمنية للوظائف المُعلَن عنها، فهذا التأخير نلمس منه وعيًا يُغرِّد خارج سياقات الوعي بكل صوره، ونستدل في ذلك على ما نُشر مؤخرًا حول حصة معظم المحافظات في البلاد من وظائف شركة كبرى بالتنسيق مع وزارة العمل، دون بعض المحافظات الأخرى كظفار، لماذا؟!
يُشكِّل ذلك جدلًا اجتماعيًا، وكان بالإمكان تجنُّبه من خلال الوعي المُسبق، ومهما كانت المُسوِّغات، فإنَّ الوعي بالزمن وإكراهاته يستوجب من السُلطة المركزية أن تحرص على الإعلان عن حصص كل المحافظات في وقتٍ واحدٍ، والإسراع بآجالها الزمنية، علمًا بأن حصص المحافظات الأخرى ستُعلن، لكنها ليست ضمن سياقات الوعي بالزمن وإكراهاته، ولو كان هناك وعيٌ مُسبق في التطبيق، لكان نشر حصص كل المحافظات في وقتٍ واحدٍ، ولشكَّل الجانب الإعلامي في إعلان الحصص، واستحقاقاتها من قبل الباحثين والمُسرَّحين، حدثًا يشغل به الفراغ الذي قد تدخل فيه النوايا غير الحسنة.
رابط مختصر