"هل هذا المنتج مقاطعة أم لا؟".. أصبح أكثر الأسئلة شيوعا في السوق المصري من قبل بعض المواطنين الذين حرصوا على المشاركة في مبادرة مقاطعة منتجات الشركات التي تؤيد وتدعم دولة أو جيش الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب العدوان على قطاع غزة.

مع دخول الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ قبل أيام، ارتفعت حصيلة الشهداء في القطاع جراء العدوان الإسرائيلي إلى 14 ألفا و532 شهيدا، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل و4 آلاف امرأة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وسط توقعات بزيادة هذه الأرقام بسبب وجود آلاف تحت الركام.



وأثارت مشاهد القتل والتدمير والخراب واستهداف الإنسان والجماد وكل مظاهر الحياة من مستشفيات ومراكز طبية ومدارس ومساجد وجامعات ومحطات مياه ومخابز والتي وصفت بأنها حرب إبادة، مشاعر الغضب العربي والعالمي.

ومع الأيام الأولى للعدوان ظهرت دعوات لمقاطعة الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية التي تؤيد وتدعم دولة الاحتلال وجيشها، خاصة مع ظهور منتجات تلك الشركات مع جنود الاحتلال خلال حربهم على قطاع غزة وقتل آلاف المدنيين.


وانتشرت دعوات المقاطعة بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم، ووفرت بعض المنصات قائمة بأسماء الشركات الداعمة للاحتلال على غرار كنتاكي وستاربكس وماكدونالد وحتى سوائل الغسيل وبعض أنواع الشكولاته وكل أنواع المشروبات الغازية الشهيرة، ودعت إلى استبدالها بمنتجات محلية وطنية بديلة لا تدعم الاحتلال الإسرائيلي.



أثر المقاطعة على الشركات الأجنبية
كشفت مواقع محلية عن أثر المقاطعة على بعض الشركات، وأشاروا إلى أن شركة "ستاربكس" أصبحت تمر بظروف استثنائية خلال الفترة الحالية، بسبب موقفها من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانخفضت مبيعاتها بشكل كبير.

ونقلت عن مصادر خاصة، أن إدارة "ستاربكس" أبلغت بعض موظفيها بالاستغناء عنهم بسبب التراجع الكبير في حجم مبيعاتها بفعل المقاطعة على خلفية اتهامها بدعم الكيان الصهيوني في حربه على القطاع المحاصر.

ونقلت وكالة رويترز عن موظف بمكاتب شركة ماكدونالدز في مصر، أنهم يكافحون لتغطية النفقات، مشيرا إلى أن مبيعات السلسلة خلال شهري تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/ نوفمبر انخفضت بنسبة 70 بالمئة على الأقل مقارنة بنفس الأشهر من العام الماضي.



مصائب قوم عند قوم فوائد
في المقابل استفادت الشركات المحلية من أثر المقاطعة وراجت منتجاتها بشكل كبير وحققت أرباحا أكثر من المعتاد، وشهدت إقبالا من قبل المواطنين الذين يسألون عن المنتجات البديلة التي يمكن أن تحل محل منتجات الشركات الأجنبية الداعمة للاحتلال.

خلال البحث عن بعض المنتجات المحلية للمنتجات الأجنبية في العاصمة المصرية القاهرة، قال أحد أصحاب المحلات التجارية بوسط البلد: "يسألني كل يوم العديد مثل هذا السؤال، وأدلتهم على المنتجات المحلية رغم أنها قد تكون أقل جودة ولكن لا أملك سوى مساعدتهم وفي جميع الأحوال سوف أبيع هذا المنتج أو ذاك، وقد ساعد ذلك بعض الشركات في رواج منتجاتها بالفعل".


وأوضح لـ"عربي21": "بسبب تراجع مبيعات بعض الشركات وعلى رأسها شركات المياه الغازية والبطاطس المقرمشة والشكولاتة إلى جانب شركات مسحوق غسيل الملابس والأدوات المنزلية وهي كثيرة في السوق المصري بحكم أن مصر أحد أكبر الأسواق لتلك الشركات، وتعرض الشركات على أصحاب المحلات حوافز و "بونص" من أجل عرض منتجاتها وزيادة مبيعاتها".

على الجانب الآخر، يقف بعض المشترين يقلبون في أنواع البضاعة التي يرغبون في شرائها من بينهم رجل بصحبة طفل صغير ركض تجاه أحد أنواع البطاطس التابع لإحدى الشركات المؤيدة للاحتلال لكنه نهره عن الإمساك بها قائلا: "لا ..تلمسه.. اتركه، هذا منتج مقاطعة"، فنظر الطفل في استغراب لا يفهم ما يعنيه والده الذي أردف: "سوف أشتري لك نوعا آخر أكبر.. هذا المنتج يدعم إسرائيل التي تقتل الأطفال في فلسطين".



كيف تحقق المقاطعة هدفها؟
بشأن نجاح دعوات المقاطعة، يقول منسق تجمع اتحرّك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع، محمد العبسي، "ظهرت حركة المقاطعة لمنتجات الشركات الأجنبية خلال العقدين الماضيين في العديد من المناسبات السياسية والدينية وفي أعقاب اندلاع حروب في المنطقة العربية مثل الحرب في العراق عام 2003، وحرب تموز 2006 في لبنان، والحروب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة منذ عام 2008".

مضيفا لـ"عربي21": "إلا أن هذه الدعوة تعد الأكثر انتشارا وشملت الكثير من بلدان الوطن العربي والعالم، ولم تقتصر على الدول العربية بسبب حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة المحاصر، وزاد التجاوب الشعبي مع الدعوات بشكل أكبر من المتوقع جعل بعض الشركات تراجع مواقفها، سلام المقاطعة يجب أن يكون ضمن ثقافة المواطن العربي".

ولفت العبسي إلى أن "الشركات الداعمة للاحتلال تفاجأت بانتشار الدعوة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب واتسع حجم خسائرها، وبعض هذه الشركات أعلن صراحة أنه يزود جيش الاحتلال بمنتجاته بشكل دوري أو يومي ما أثار حفيظة الشعوب المتحررة".

وبشأن الهدف من المقاطعة، أوضح العبسي أن "الخسائر المادية وحدها ليست هي الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه إلى تلك الشركات مع أنه مطلوب ومهم لتحقيق الغاية المنشودة وهي توقف تلك الشركات والمؤسسات عن دعم وإعلان مساندة الاحتلال ضد شعب أعزل، وهذه المرة كان الدرس قاسيا ولا يزال ولا أتوقع أن يكون الدعم للاحتلال بهذا الشكل السافر".








المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري غزة المقاطعة فلسطين مصر فلسطين غزة المقاطعة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرکات الأجنبیة المقاطعة على على قطاع غزة بعض الشرکات

إقرأ أيضاً:

شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة

القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.

سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.

واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.

فحماوي: لمسنا نياتٍ مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين (الجزيرة) شروط صادمة

منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.

"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".

يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".

إعلان

"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".

وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".

وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".

جبارين: حق العودة ليس مناسبة بل حياة كاملة نعيشها يوميا (الجزيرة) ذاكرة لا تموت

قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".

وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.

ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"

إعلان

"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.

حضور الأطفال كان بارزا في مسيرة العودة التقليدية التي تنظم سنويا عشية ذكرى النكبة (الجزيرة)

 

ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".

ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".

لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.

ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".

ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".

مقالات مشابهة

  • حملة "دوووس"..لعبة الحياة التي تُعيد القيم المفقودة للشباب المصري من طلاب إعلام عين شمس
  • ارتفاع عدد الشركات الإسرائيلية في الإمارات
  • احتجاج في مرسين بتركيا رفضا لسفينة تحمل معدات عسكرية للاحتلال (شاهد)
  • القدس في أبريل.. انتهاكات غير مسبوقة للاحتلال في المسجد الأقصى
  • مواجهات جنوبي نابلس وانفجار عبوة بدورية للاحتلال
  • خلال 24 ساعة.. ارتقاء روح 35 شهيدًا في أنحاء غزة بغارات للاحتلال
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • 16 شهيدًا في قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ الفجر
  • 164 شهيدا وجريحا في مجازر جديدة للاحتلال بغزة
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة